من دون مقدمات أعلنت مذيعة برامج في إذاعة الشرق من بيروت “ريميال نعمه” إستقالتها من المحطة على الهواء بسبب ما وصفته ” ضيق مساحة الحرية في الإعلام العربي”.
وفور الإعلان تداخلت على الطريقة اللبنانية السياسة بالمهنية، وأصبح لأخصام تيار المستقبل الذي تعود ملكية الإذاعة له، مادة يتسلون بها، من صحيفة السفير الحريصة على الحريات الى سواها من وسائل إعلام أخرى.
نعمة، وحسب ما هو متداول، كانت تقدم برنامجا يفترض أن طابعه ثقافي عن حركة الاحتجاجات في مصر، ويبدو أن إدارة المحطة لم تستسغ تحول البرنامج من الثقافة الى العاطفة السياسية المنحازة بطريقة عمياء للمحتجين في ميدان التحرير في القاهرة، فطلبت من نعمه التخفيف من غلوائها على الهواء وأن تكون موضوعية ومهنية، الامر الذي لم تستحنسه نعمه فأعلنت إستقالتها، هذه هي الرواية المتداولة.
وشاءت الصدف ان استمع الى شذرات من برنامج الصحافية ريميال نعمة عبر اذاعة الشرق، ومن مساوئ الصدف أنني أعمل في مهنة الإعلام، وساءني ان يثار كل هذا الغبار حول الاستقالة الإعلانية للزميلة نعمه على الهواء، بسبب ما قالت إنه إفتقار لمساحة الحرية في الإعلام العربي.
بصراحة إنني أخالف الزميلة نعمة رأيها وأرى ان عليها ان تبتعد عن الإعلان الاعلامي، خصوصا وأن هناك من سيسعى للإفادة مما حصل معها لاسباب لا تمت الى المهنية ولا المهنة بصلة.
اولا وحسب ما أذكر فقد بدأت نعمة برنامجها، بطريقة عاطفية ولا تتسم بالمهنية بشيء فقالت متوجهة للشعب المصري :” الله معكم، الله مع كل الشعوب الثائرة، الله مع كل طالب للحرية للحياة، مع كل ثائر على الظلم وعلى الارتهان وعلى الفساد وعلى الانظمة المهترئة”.
يا زميلتي العزيزة كيف سمحتي لنفسك التحدث نيابة عن الله، ومن سمح لك مهنيا ان تعتبري النظام المصري مرتهن؟ وفاسد ومهتريء، فكيف لك ان تعرفي ان النظام المصري هو كذلك …..
وطبقا لما أذكر إنتقلت الزميلة نعمة الى سيل من الادعية والاستفاضة بدعم المحتجين في الميدان بالقلوب والافئدة، ومنها الى أغنية ” اصبح عندي الآن بندقية الى فلسطين خذوني معكم” وأذكر أيضا أنني استمعت الى أغنية “خلي السلاح صاحي” بس صاحي على مين ؟! .
وأذكر أيضا انها تحدثت باللهجة المصرية الى المخرج المصري خالد اليوسف وكانت مصابة بحالة من الهيجان وفيض المشاعر “أه أه عشنا وشفنا يا خالد ، خبرني يا خالد وكأن ما يحصل في مصر نهاية زمن الخيبات والهزائم …. “.
تختم مع خالد يوسف، ” كلنا معك قلوبنا تخفق معكم في هذه اللحظات هناك تحركات كتيرة في العالم العربي وانشالله هذه الثورة تحقق اهدافها”.
وأذكر ان المقطع المهني الوحيد في حديث نعمة كان مع السفير اللبناني في القاهرة خالد زيادة حيث لم تتجرأ على قول ما هو تأثير الثورة على اللبنانيين ، بل سألته ما هو تأثير ما يجري على اللبنانيين…..
وما لفتني ايضا في برنامج نعمة، الذي أقول إنه غير مهني، وصفها للرئيس المصري ب”الديكتاتور” فحسب ما أذكر ربطت بين ما جرى في تونس وما يجري في مصر واصفة الامر بكرة الثلج التي ستكبر وتدور على كل الممسكين بالسلطة وكل الديكتاتوريين، عشنا وشفنا يا مصر لنرى كثرة الثلج تكبر وتكبر اكثر …..
هذا غيض من فيض المشاعر التي قيض لي أن استمع اليها في برنامج نعمة والحق المهني ايتها الزميلة أنك لم تكوني مهنية إطلاقا، ومن باب الامانة المهنية لا يحق لك الانحياز في شأن مهني، اما ألاجندة الثورية التي تحملينها في ثناياك العاطفية والعقلية فهذا شأنك ولا يحق لك إملاء هكذا أجندة على المستمعين.
أرجو أن تتعظي بدلا من ان تمارسي دور الضحية، ولكي اكون امينا فالإعلان لبرنامجك على إذاعة الشرق جاء حسب ما أذكر على الشكل التالي “هل ولى عصر الهزئم ونشهد ولادة عصر الانتصارات وشيء عن فجر جديد وشرق اوسط جديد”.
وليس دفاعا عن الرئيس المصري ولا عن إذاعة الشرق فلكل منهما من يدافع عنه، اقول ان المحطة التي تسمح بهكذا إعلان للبرنامج مساحة الحرية فيها تتسع لمهنيين وليس لشخصانيين.