هل ثار المصريون القدامى على الفرعون الذي حاول أن يسلب “الشعب” الحق في “الخلود بعد الموت” وحصره بنفسه؟ هذه يشبه قول معتصم في ميدان التحرير : “هذه ليست ثورة جياع… نريد الكرامة والحرية … أكبر حسنة قدمها النظام دون ان يقصد انه خلق مدينة فاضلة في ميدان التحرير.” “الخلود بعد الموت” أو “الكرامة والحرية” ميزة للجنس الإنساني، بدونها يفقد الإنسان (المواطن) إنسانيته!
قبل نشر هذا الموضوع، جاءنا التعليق التالي من “سيد القمني”، وهو ردّ على قراء مقاله الأخير، وما فيه يتّصل بما يقوله بعض المحتجين في ميدان الحرية بالقاهرة.
الشفاف
*
من سيّد القمني: ردّاً على رسائل القراء
قد اديت دوري عبر عمر طويل من الوحدة والعذاب وأصبحت رهين جسد عليل.
كانت أقصى أُمنياتي أن يهمس أحدهم في أذني وأنا أموت ان مصر التي نريدها قد بدأت
وبقدر وجعي على ضحايا السفاح من شباب مصر الطاهر
فقد قدر لي أن أعيش الأمنية تتحقق، فما اسعدني
دون مشاركة في لجان وأدوار يطالبني بها القراء فهذا ليس شأني
لأن له رجاله ولكل دوره، ولم يكن يوما ضمن خاطري
الآن مصر بيد شبابها وهم أُمناء عليها، ولا أشك في وعيهم لذلك لا تخيفني بعض وجوه الفاشية الدينية في وسطهم
والآن ولأول مرة أستطيع أن أفخر بمصريتي، وأن أهدأ نفسا وأنزل عن كاهلي اثقال زمن طويل من الصراع المرير
سيد القمني
*
“هذه ليست ثورة جياع…
في ميدان التحرير..أسر مصرية تكسر حاجز الخوف وتحتج لاول مرة
القاهرة (رويترز) – لم يكن لاسرة أيمن عطية المكونة من خمسة أفراد أي نشاط سياسي لا من قريب أو بعيد لكنها قررت فجأة النزول لميدان التحرير بوسط القاهرة تعبيرا عن تضامنها مع من سمتهم “ثوار التحرير”.
وبدأت قبل أسبوعين احتجاجات حاشدة لم يسبق لها مثيل تطالب باسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك الذي يحكم مصر منذ 30 عاما فضلا عن المطالبة باصلاحات سياسية واجتماعية.
ودفعت هذه الاحتجاجات مبارك الى اعلان عدم ترشحه لولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر أيلول وجعلت من فكرة ترشح نجله الاصغر جمال لخلافته أمرا محالا.
ورغم ذلك ما زال المحتجون الذين يتخذون من ميدان التحرير مركزا لهم يصرون على مواصلة اعتصامهم حتى يتنحى مبارك (82 عاما) عن السلطة.
ولا تقتصر احتجاجات الميدان على الشبان والرجال بل فيها نساء وأطفال ومن مختلف الاعمار والاطياف السياسية والاجتماعية.
وهناك أناس شجعتهم “ثورة النيل” على كسر حاجز الخوف والمشاركة في نشاط سياسي للمرة الاولى في حياتهم نظرا لما تحمله من “أهداف جماعية” بحسب ما يرى خبير في علم الاجتماع السياسي.
ويقول أيمن عطية الذي شارك وزوجته وأبناؤهما الثلاثة في اعتصام ميدان التحرير يوم الاثنين وهي المرة الاولى التي يقدمون فيها على فعل ذلك “لم يعد هناك أي خوف… لقد كسرنا حاجز الخوف الذي زرعته الحكومة في نفوسنا لعقود… عليهم الان تغيير الدستور وتنفيذ مطالبنا لان هذا هو السبيل الوحيد.”
وأضاف عطية وهو مهندس ميكانيكا (44 عاما) لرويترز “أردت أن يرى أطفالي هذه الوجوه الثائرة وأن يشاركوا ولو بشكل رمزي في التغيير الذي يحدث في بلدهم.”
وعين مبارك بعد اندلاع الاحتجاجات نائبا له للمرة الاولى منذ توليه الحكم وهو عمر سليمان رئيس المخابرات كما أقال حكومة أحمد نظيف الملقبة بحكومة “رجال الاعمال” وعين حكومة جديدة برئاسة الفريق أحمد شفيق وزير الطيران المدني وقائد القوات الجوية السابق.
وتعهدت الحكومة الجديدة في أول اجتماع لها بعد الاحتجاجات بالابقاء على مخصصات الدعم بصورة كاملة وجذب الاستثمارات الاجنبية. كما أعلنت في بيان يوم الاثنين انها سترفع بعض الرواتب الحكومية والمعاشات بنسبة 15 بالمئة.
لكن كل هذا لم يمنع عطية من اصطحاب زوجته دعاء وأطفاله الثلاثة للمشاركة في الاحتجاجات التي انطلقت يوم 25 يناير كانون الثاني الذي يوافق عيد الشرطة.
وقالت دعاء وهي أيضا مهندسة لكن في مجال الهندسة المدنية “نريد أن نشارك هؤلاء الشباب كي نشعر أن لنا دورا فيما يحدث… بدأت اشعر بالامان لان ما حدث كان فضيحة للحكومة أمام العالم ولن تلجأ الحكومة لاستخدام العنف بعد ما حدث.”
وأضافت دعاء “لم نعد نخشى شيئا … مضى وقت الخوف وحان وقت التغيير.”
ووصف سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الامريكية في القاهرة ما شهدته مصر مؤخرا بأنه “ثورة شعبية اشتركت فيها كل الطبقات وكل مكونات المجتمع المصري.”
واعتبر صادق في تصريح لرويترز أن السبب الذي كسر حاجز الخوف لدى الكثير من الافراد والاسر الذين لم يسبق لهم المشاركة في أي عمل سياسي والذي دفعهم للمشاركة في الاحتجاجات الاخيرة هو أن “هذه الثورة لها أهداف جماعية وليست مجرد احتجاجات فئوية تعبر من مطالب طبقة أو فئة محددة.”
وتشير تقديرات الامم المتحدة الى أن المواجهات التي اندلعت بين الشرطة والمحتجين في الايام الاولى للاحتجاجات فضلا عن محاولات مؤيدي مبارك الاعتداء على المعتصمين في ميدان التحرير أسفرت عن سقوط 300 قتيل على الاقل حتى الان.
وقال حسن الغول (42 عاما) والذي قضى الليل في ميدان التحرير لرويترز يوم الثلاثاء “لم نشارك في اي نشاط سياسي او مظاهرات من قبل ولكن بعدما رأينا ما فعله هؤلاء الشباب زال عنا الخوف … هدفنا من المشاركة التغيير والعدالة الاجتماعية وحرية المواطن.”
واضاف الغول الذي يعمل محاسبا في القطاع الخاص “هذه ليست ثورة جياع… نريد الكرامة والحرية … أكبر حسنة قدمها النظام دون ان يقصد انه خلق مدينة فاضلة في ميدان التحرير.”
وقالت زوجته هويدا وهي ربة منزل من ميدان التحرير لرويترز “شاركت بعد أن كنت مغيبة من الاعلام الحكومي ولكن شاهدت الشباب واردت ان اشاركهم … لقد انتهى الخوف فانا لم اعد اخشى بطش النظام لانه فقد الشرعية.”
وشجعت مشاركة عطية وزوجته في الاحتجاجات أطفاله على ابداء رأيهم فيما تشهده البلاد.
وقالت ابنته هاجر (12 عاما) “عايزة الريس يمشي والبلد تتصلح علشان كده جيت المظاهرات.”
وحتى ابنته منة التي لم يتجاوز عمرها أربع سنوات كانت لها مطالب وقالت ” عايزة أروح كارفور (سلسلة متاجر كبيرة) عشان اشتري لعب من هناك بس كارفور اتسرق.. عايزة حسني مبارك يمشي علشان أروح كارفور.”
وكانت العديد من المحال التجارية الكبرى تعرضت لاعمال سلب ونهب على يد ” بلطجية” في أعقاب اختفاء أفراد الشرطة في رابع أيام الاحتجاجات والذي أطلق عليه “جمعة الغضب”.
وقال صادق ان الفضل يرجع كذلك في هذه المشاركة الواسعة في الاحتجاجات الى ” سياسات الحكومة وأخطاء الحكومة وبطئها وطريقة تعاملها المتكبرة” مع مظالم الشعب ومطالبه.
(شارك في التغطية محمود رضا مراد)
من محمد اليماني