يعيش اللبنانيون اليوم على وقع الاثارة التي سيحملها المؤتمر الصحفي لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عند الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم.
جنبلاط، وكما يجمع المراقبون في بيروت ليس في وضع يحسد عليه. فهو يرجح كفة الميزان بشأن تكليف رئيس جديد للحكومة، في ظل تمترس طرفي المعادلة قوى 14 آذار وقوى 8 آذار كل وراء مواقفه. وهذا ما تجلى في رد رئيس الحكومة سعد الحريري على محاولات حزب الله والعماد عون عزله بالاصرار على ترشحه لمنصب رئيس الوزراء محتكما الى الدستور اللبناني ومندرجاته.
جنبلاط كان اعلن عدم الخروج على الثوابت الوطنية والتوازنات الطائفية والسياسية والميثاقية التي تحكم البلاد، في تسمية رئيس الحكومة المقبل. وهذا يعني، وفق الحسابات اللبنانية، إعادة تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، الامر الذي فتح ابواب جهنم على اللقاء الديمقراطي. فتحركت ماكينات الضغط الحزب الهية والسورية، ما أعاد خلط الاوراق وفتح باب الاجتهادات وإعادة إحتساب اصوات النواب، على قاعدة ما إذا كان جنبلاط سيستسلم للضغوط ويجير أصوات اللقاء الديمقراطي او بعضا راجحا منها لصالح المعارضة أم أنه سيبقى متمسكا بالثوابت الميثاقية كما كان أعلن.
وفي ضوء موقف جنبلاط ستتضح صورة المرحلة المقبلة: الحريري رئيسا مكلفا ام عمر كرامي؟
مصادر لبنانية اعتبرت ان وجود كرامي في رئاسة الحكومة ليس امرا طبيعيا لا في سياق التوازنات النيابية ولا السياسية. فهو ليس حتى نائبا في المجلس، وليس لديه كتلة نيابية تحمي قراراته. لذلك سيكون رهينة في ايدي حزب الله وميشال عون، ويستطيع جماعة 8 آذار إقالته ساعة يشاؤون.
وتضيف المصادر ان رئيس حكومة أعزل سيكون لقمة سائغة في يد 8 آذار التي اوضحت مراميها من سعيها المحموم لاستلام السلطة، والمتمثل بأجندتين إثنتين:
الاولى، وهي الاجندة سورية- حزب الهية، والمتمثلة بإلغاء بروتوكلات الحكومة اللبنانية مع المحكمة ذات الطابع الدولي، فضلا عن وقف دفع حصة الحكومة اللبنانية في تمويل المحكمة والطلب الى القضاة اللبنانيين العودة الى لبنان. وهذا برأي الحزب كفيل بتقويض صدقية المحكمة الدولية وإلغاء المفاعيل المحلية لأي قرار اتهامي يصدر عنها.
الاجندة الثانية، عونية بامتياز، وتتمثل بموقف عون وكتلته من ما وصفه عون مؤخرا بـ”السنية السياسية”، مشيرا الى انه ليس بقادر على التعاطي معها ويفضل التعاطي مع الشيعة. كما ترجم عون مؤخرا موقفه الدفين من الرئيس الشهيد رفيق الحريري وخطته الاقتصادية ومشروعه للنهوض بالبلاد، بإتهام المرحلة السابقة بالفساد وبإعلان رغبته في محاكمة تلك الحقبة، مستخدما أدواته من صهره الوزير جبران باسيل والوزير شربل نحاس وفادي عبود وسواهم.
ويشير المراقبون الى ان الاجندة العونية ستتضمن حملة تطهير عرقي في الادارة العامة تشمل جميع الذين عملوا مع مشروع الحريري الاقتصادي منذ التسعينات، فضلا عن ملء الشواغر في الادارة العامة في جميع المؤسسات الامنية منها والديبلوماسية من لون واحد.
وفي سياق متصل يشير المراقبون الى ان الإنقلاب في حال حصوله سيتضمن ايضا تعيين اللواء جميل السيد وزيرا للداخلية، وهذا ما يخشاه الكثير من اللبنانيين. إذ أن السيناريو المرتقب الذي يتداوله اقطاب المعارضة يتضمن في اول خطوة إعتقال “المطلوبين” للقضاء السوري، وتسليمهم لعدالة دمشق، فضلا عن تنفيذ أجندة لائحة الوزير وئام وهاب الذي تحدث عن اربعين الى خمسين شخصية سيتم القاء القبض عليهم و”وضعهم في صناديق السيارات”، حسب تعبير وهاب.
والى ما سبق سيتم الامساك بلبنان أمنيا على الطريقة السورية بدعم واضح من أمن حزب الله ومخابرات الجيش، ما سيضفي شرعية شكلية على الخطوات التي ستقوم بها حكومة كرامي الإنقلابية فيما لو قيض لكرامي تأليف وتشكيل حكومة.