قيادة الجيش والشرطة تخلّت عن بن علي وانتقام القذّافي همّ التونسيين الأكبر

كيف سقط نظام بن علي؟ حسب جريدة “الفيغارو” الباريسية، في عدد اليوم الجمعة، أن “الجناح الإصلاحي في الحزب التونسي الحاكم هو الذي استلم السلطة بعد أن أرغم بن علي على مغادرة البلاد رغم تمسّك الجناح “المحافظ” به:,\

وتضيف مراسلة “الفيغارو” في تونس أن أبرز وجوه الجناح “الإصلاحي” هم رئيس الحكومة محمد الغنوشي، وهو “تكنوقراطي”؛ ووزير الخارجية، كمال مرجان؛ ورئيس أركان الجيش رشيد عمّار، وقائد “الامن الوطني” (أي الشرطة)، عادل طويري، وهو محامي عمره 48 سنة، وهو مدير سابق لجهاز الإستخبارات. إن الشرطة التي تضم 120 ألف رجل، أي 4 أضعاف تعداد الجيش، كانت الركيزة الأولى لنظام بن علي. وهي تظلّ القوة المسلحة الأولى في تونس قبل الجيش وقبل “الحرس الوطني” (أي “الدرك”، الذي يتبع لوزارة الداخلية) وقبل “الحرس الرئاسي” (5000 رجل),

وحسب مصادر مطّلع ةفي تونس، فقد توجّه قائد الشرطة، الجنرال طويري، إلى بلدة “سيدي بوزيد” بعد 3 أيام من حادث إحراق الشاب “محمد بوعزيزي” لنفسه. وعلى غرار قائد الجيش الجنرال رشيد عمّار، فقد أعطى أمراً لقوات الشرطة بعدم التدخّل لقمع المتظاهرين. وحسب نفس المصادر نفسها، فإن المسؤولين عن القمع الدموي كانوا قائد الحرس الرئاسي، الجنرال سرياتي، وقائد “الحرس الوطني”، محمد الأمين عابد”,

وتضيف “الفيغارو” أنه تمّ الآن عزل أو اعتقال عدد من “صقور” نظام بن علي، مثل وزير الداخلية السابق، رفيق حاج قاسم، وعلي سرياتي, وقد استقال زهير مضفر من الحكومة يوم أمس. أما مستشار بن علي السابق ذو السمعة السيئة، “عبد الوهاب عبدالله”، ومثله رئيس مجلس الشيخ “عبدالله قلال” (الذي تولّى قمع المعارضة في العام 1990)، فقد تواريا عن الأنظار.

موقف القذّافي يثير ارتياب التونسيين

وقد ركّزت “لوموند” الفرنسية على مخاوف شعب تونس بعد خطاب القذّافي الذي جاهر فيه بتأييده لبن علي، وبأنه ما يزال يعتبره الرئيس الشرعي لتونس:

“يافطة حملها أحد المتظاهرين في تونس، يوم الأربعاء في 19 يناير كانت تحمل شعار “تونس للتونسيين. لا للتدخّل الأجنبي”. هذا الشعار كان يمكن أن يكون موجّهاً ضد فرنسا التي راجت شائعة بأنها كانت تنوي إنزال قوات في “بيزرت” لدعم الرئيس السابق بن علي. ولكن المقصود بالشعار هو الرئيس الليبي معمر القذّافي الذي تثير تصريحاته (المويدة لبن علي) قلقاً جدياً في تونس”.

ويعتبر التونسيون أن خطاب القذافي كان تهديداً واضحاً لبلادهم. ويقول الإقتصادي التونسي “محمود بن رمضان”، وهو عضو في حزب “التجديد” (الحزب الشيوعي سابقاً)،: “قلق التونسيين في محله، فالقذّافي يمتلك إمكانات الضغط على تونس”.

ويعتقد كثير من التونسيين أن ردّ فعل العقيد الليبي قد لا يقتصر على الضغوط الإقتصادية، بل قد يتخذ شكل عمليات ثأرية مباشرة، مثل تهريب أسلحة ومرتزقة إلى تونس. وقد تحدّث “كمال جندوبي”، المعارض الذي عاد إلى بلاده في 17 يناير بعد 17 سنة في المنفى الفرنسي، في مطار تونس قائلاً أن “القذافي يمكن أن يستخدم كل إمكاناته لخلق الفوضى في تونس. علينا أن ننتبه جيداً لكي نقطع عليه الفرصة لزعزعة إستقرار البلاد”.

ويقول مصدر ديبلوماسي أميركي في تونس أنه “يكفي أن يقفل القذافي الحدود لكي يخلق مشكلة إقتصادية لتونس”. ويضيف مصدر ديبلوماسي غربي آخر: “لو كنت تونسياً، لكان همّي الأكبر هو ليبيا”!

ويقول “مزري حداد”، الذي كان سفير بن علي لدى “اليونسكو” حتى استقالته قبل ساعات من سقوط بن علي أن الرئيس السابق “طلب تدخّلاً ليبياً في تونس”.

وجاء اعتقال قائد الحرس الرئاسي، الجنرال علي سرياتي، على مقربة من الحدود مع ليبيا، ليعزّز مخاوف التونسيين الذين يندّدون بوجود أعداد كبيرة من أنصار بن علي في ليبيا، حيث يتمتّعون بملاذٍ آمن.

كم يبلغ عددهم؟ عدة مئات، حسب مصادر تونسية.

وتقول “سهير بلحسن”، رئيس “الإتحاد الدولي لحقوق الإنسان” أن “ما حدث في تونس يعادل سقوط حائط برلين في العالم العربي، وستكون له عواقب في كل المنطقة العربية”.

وكان أمين عام الجامعة العربية، عمرو موسى، قد علّق أثناء قمة شرم الشيخ الإقتصادية، يوم الأربعاء، على أحداث تونس قائلاً: “ليس ما يحدث في تونس من ثورة أمر بعيد عن موضوع هذه القمة اي التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودرجة توازنها وتصاعدها وشموليتها.” وأضاف أن “المواطن العربي وصل الى مرحلة من الغضب لم يسبق لها مثيل”.

وتضيف “سهير بلحسن” أن القلق الذي عبّر عنه عمرو موسى هو سيف ذو حدّين: “فهو يبيّن أن الثورة التونسية باتت أمراً واقعاً لا عودة عنه، ولكنها تكشف مدى الحقد الذي تثيره تلك الثورة وخصوصاً في ليبيا”. وهي تطالب أوروبا، وفرنسا خصوصاً بأن “تفتح أعينها إزاء الخطر الليبي”.