تونس (رويترز) -قال التلفزيون الحكومي ان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أقال الحكومة يوم الجمعة ودعا الى اجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال ستة أشهر.
وقالت مصادر طبية وشهود عيان يوم الجمعة ان 12 شخصا قتلوا في اشتباكات مساء الخميس في العاصمة التونسية ومدينة راس الجبل في شمال شرق البلاد.
ودوت أصوات أعيرة نارية كما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع يوم الجمعة لتفريق محتجين يطالبون بتنحي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي يواجه أسوأ اضطرابات خلال فترة حكمه.
وقال مصدران من مستشفى شارل نيكول لرويترز ان عشرة من الضحايا قتلوا بعد اشتباكات في العاصمة تونس.
وقالت شاهدة من راس الجبل ذكرت ان اسمها نرجس “رأيت قتيلين بعيني بعدما اطلقت الشرطة النار على الشبان.”
ولم يتسن الوصول على الفور الى مسؤولين تونسيين للحصول على تعليق.
ولم يتضح على الفور ما اذا كان اطلاق النار حدث قبل ام بعد اصدار الرئيس التونسي اوامره للشرطة بوقف استخدام القوة القاتلة تجاه المتظاهرين.
وقال مراسل لرويترز ان نحو ثمانية الاف محتج تجمعوا خارج مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس مطالبين ابن علي بالتنحي.
وتراجعت حشود من الشبان قليلا عن المبنى وبدأوا في قذف الشرطة بالحجارة مما دفعها للرد باستخدام المزيد من قنابل الغاز المسيل للدموع.
وجاءت المظاهرة بعد ساعات من اعلان الرئيس (74 عاما) في خطاب تلفزيوني انه لن يسعى للبقاء لفترة رئاسية سادسة كما كان متوقعا في عام 2014.
وقدم ابن علي الذي تولى السلطة عام 1987 تنازلات كبيرة مساء الخميس وأمر الشرطة بوقف استخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين ووعد بحرية الصحافة وانهاء الرقابة على الانترنت. كما أعلن أيضا ان اسعار السكر والحليب والخبز ستخفض.
وقال وزير الخارجية التونسي كمال مرجان يوم الجمعة ان تونس ربما تشكل حكومة وحدة وطنية وتجري انتخابات تشريعية مبكرة بعد ما وصفه بأنه تصحيح واضح وكبير من جانب ابن علي.
لكن هذا لم يكن كافيا بالنسبة للمحتجين الذين هتفوا قائلين انهم لا يريدون الخبز وانما يريدونه أن يرحل.
واستمرت المظاهرات اليوم الجمعة في سيدي بوزيد البلدة التي بدأت فيها موجة الاضطرابات حين أشعل شاب النار في نفسه في ديسمبر كانون الاول احتجاجا على البطالة. وقال عدة شهود ان مسيرة تضم عدة الاف طالبت بتنحي الرئيس فورا.
وقال سليمان الرويسي النشط النقابي لرويترز في اتصال هاتفي ” هناك الاف منا هنا. جئنا بالالاف لنقول لابن علي ارحل.”
ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل لاضراب عام قال محللون انه سيكون أول اختبار لمدى نجاح الرئيس في تهدئة الغضب العام بخطابه.
ونصحت عدة بلدان منها الولايات المتحدة مواطنيها بالابتعاد الامر الذي قد يعرض للخطر السياحة شريان الحياة لاقتصاد تونس.
66 قتيلاً
وقالت شركة السياحة توماس كوك اليوم انها بدأت اجلاء نحو 4000 سائح ألماني وبريطاني وهولندي من تونس كما قالت شركة تي.يو.اي ترافل انها بدأت تدبير رحلات لمن يرغبون في العودة وانها بصدد الغاء رحلتها القادمة يوم الاحد.
وبلغ العدد الرسمي للقتلى بعد الاشتباكات التي استمرت عدة اسابيع مع الشرطة 23 شخصا لكن شهودا وجماعات لحقوق الانسان تقول ان العدد أعلى من هذا بكثير. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الانسان الذي يتخذ من باريس مقرا له ان لديه اسماء 66 قتيلا.
وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة ان المنظمة الدولية مستعدة للمساعدة في التحقيق في سقوط قتلى.
وقال في مؤتمر صحفي في جنيف “أوضحنا أننا نعتقد أنه ينبغي اجراء تحقيقات. قتل عدد كبير من الاشخاص. وهناك مزاعم خطيرة للغاية بشأن نمط أعمال القتل تلك.”
ويقول كثير من الذين شاركوا في الاحتجاجات انهم يشعرون باستياء شديد من تفشي البطالة وغياب الحرية وشدة ثراء النخبة في عهد ابن علي ويتوقعون أن يحاول تمديد حكمه لولاية أخرى سادسة.
لكن وزير الخارجية التونسي قال في حديث لاذاعة أوروبا1 ان ابن علي اعترف بوجود اخطاء وانه رجل يفي بكلمته.
وردا على سؤال بشأن تشكيل حكومة ائتلافية تضم زعماء المعارضة قال مرجان “أعتقد أن هذا ممكن وأنه سيكون طبيعيا تماما.”
ودعت فرنسا – التي انتقدت أمس الخميس أسلوب تعامل ابن علي مع المحتجين – والاتحاد الاوروبي الرئيس التونسي الى الوفاء بوعوده.
وفي حي لافايات -منطقة التسوق الرئيسية بالعاصمة- حيث اطلقت الشرطة النار قبل ساعات فأصابت محتجين تجاهل مئات من الناس حظر التجول ونزلوا الى الشوارع مساء الخميس بعد انتهاء كلمة بن علي.
وبعد كلمة ابن علي عادت مواقع على شبكة الانترنت كانت قد حجبت منذ اسابيع ومنها موقع يوتيوب وديلي موشن.
وارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة التونسية 2.2 في المئة في بداية التعاملات اليوم الجمعة بعد خسائر على مدى أربعة أيام دفعتها الى أدنى مستوى في 12 شهرا. لكن المؤشر تراجع حوالي 0.8 في المئة بعد استئناف الاحتجاجات وخسر 0.1 في المئة الساعة 1121 بتوقيت جرينتش.
ولم يطرأ تغير يذكر على تكلفة تأمين الديون التونسية من العجز عن السداد بعدما ارتفعت الخميس الى أعلى مستوى في 18 شهرا.
ولا يوجد خليفة واضح لابن علي الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس وهمش منافسيه منذ عام 1987 حين أمسك بالسلطة معلنا ان حالة زعيم الاستقلال الراحل الحبيب بورقيبة الصحية لا تمكنه من البقاء في منصب الرئيس.
وظهر ابن علي مساء الخميس في شاشات التلفزيون في نهاية يوم بدا فيه ان الاضطرابات بدأت تخرج عن نطاق سيطرة الحكومة.
وخلال كلمته التلفزيونية المشحونة بدا الرئيس نادما واوشك على البكاء احيانا. وتحدث باللهجة المحلية بدلا من اللغة العربية الفصحى للمرة الاولى. وقال مشيرا الى كبار المسؤولين انه خدع وانهم خدعوه.
وقال “أنا فهمتكم.. فهمت الجميع البطال والمحتاج والسياسي واللي طالب مزيد من الحريات فهمتكم فهمتكم الكل… حزني وألمي كبيران لاني مضيت أكثر من 50 سنة من عمرى في خدمة تونس في مختلف المواقع من الجيش الوطني الى المسؤوليات المختلفة و23 سنة على رأس الدولة.”
وقال زعيم المعارضة نجيب الشابي وهو من اشد منتقدي الرئيس في الداخل ويعتبره دبلوماسيون غربيون أكثر شخصيات المعارضة مصداقية ان ابن علي فعل الصواب.
وقال ان الناس تريد ان ترى كيف سينفذ هذا وطالب بتشكيل حكومة ائتلافية.