رسالة 14
عدد – 33 –
16 أياّر 2010
حولَ عدد من العناوين الإقليمية والداخليّة “الملحة”
1. في الموضوع الإيراني:
• اعتبرت القوى الدولية الرئيسية أن مفاوضات الرئيس البرازيلي مع القيادة الإيرانية في طهران اليوم بمثابة “الفرصة الأخيرة” للتوصل إلى “تسوية” في الملف النووي الإيراني.
• وأن تُعتبر “الفرصة الأخيرة”، فمعنى ذلك أن المجتمع الدولي ضاق ذرعاًً بالموقف والسلوك الإيرانيين، ومعناه أن المؤشرات إلى ليونة ما من جانب إيران في اللحظة الأخيرة، معدومة.
• واللافت في هذا الإطار موقفان: الموقف التركي من جهة والموقف الروسي من جهة ثانية.
• فامتناع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن مرافقة الرئيس البرازيلي إلى طهران، والاكتفاء بإيفاد وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو يشكّلان مؤشر تشاؤم تركي من إيران، وهذا ما قاله أردوغان أصلاً، إذ أكد تلكؤ إيران في التعاطي الإيجابي مع المجتمع الدولي. وعلى أي حال فقد أثار امتناع أردوغان عن السفر إلى إيران امتعاضاً إيرانياً.
• أما الموقف الثاني فهو الموقف الروسي حيث أكد الرئيس الروسي عدم تفاؤله بالتوصل إلى تسوية مع إيران.
• وفي معلومات موثوقة أن روسيا مقتنعة بعدم جدوى استمرار التفاوض الديبلوماسي مع إيران قبل إصدار العقوبات عليها، بحيث يتم التفاوض لاحقاً، إذا كان له أن يتم، على إيقاع العقوبات.
• وهذا ما يفيد أن لا انفصال روسياً عن الموقف الغربي، وأن ثمّة وحدة موقف دولي، وإن موعد التوقيع على العقوبات يقترب.
• وكذلك، تؤكد المعلومات المتوافرة أن لا تنافر أميركياً – روسياً على صعيد “أزمة الشرق الأوسط”، على خلفية زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى سوريا قبل أيام.
• الخلاصة، أن موعد المواجهة السياسية – الاقتصادية بين المجتمع الدولي وإيران صار سريعاً.
2. بالنسبة إلى لبنان والعقوبات على إيران:
• لبنان – كما هو معروف – هو عضو غير دائم في مجلس الأمن، لكن عليه أن يصوّت باتجاه معين في المجلس: إما مع العقوبات أو ضدّها أو الامتناع.
• وتحديد الموقف في واحد من الاتجاهات الثلاثة، صار قريباً جداً.
• وغني عن القول إن “حزب الله” بشكل خاص و”التحالف الإيراني – السوري” في لبنان عموماً سيضغطان داخل مجلس الوزراء من أجل أن يكون التصويت اللبناني في مجلس الأمن ضد العقوبات. وثمة معلومات تفيد أن هذا الضغط سيحصل.
• لكن بالإضافة إلى حقيقة أن لا مصلحة للبنان في الاختلاف إلى حدّ التناقض مع موقف غالبية المجتمع الدولي بفرض عقوبات، وحقيقة أن لا مصلحة للبنان في التمحور مع إيران، وحقيقة أن إيران طرف في المشكلة اللبنانية، مما يقتضي عدم ممالأة طهران.
• فإن لبنان يمثّل في مجلس الأمن المجموعة العربية التي ينبغي أن يكون لها موقف.
• ولما كان من غير المحتمل أن يكون الموقف العربي – في محصّلته – داعماً لفرض العقوبات أو معارضاً لها، فإنّ أغلب الظن أن ترجح المحصّلة العربية موقف الامتناع.
• وموقف الامتناع يمثّل الحد الأقصى لبنانياً أيضاً.
• على أننا إذ نتناول هذا الأمر، على مسافة أيام أو أسابيع قليلة من هذا الاستحقاق الإقليمي – الدولي، فإننا نرغب فعلياً في الإشارة إلى أن مرحلة ثانية من التوتر الداخلي على خلفية التوتر الإقليمي، تبدو في الأفق.
• أي أن لبنان يدخلُ اعتباراً من حزيران في دائرة التداعيات الإقليمية مباشرةً، وهذا ما ينبغي أخذُه في الحسبان.
3. في الجولة الخارجية لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري:
• من نافل القول إن هذه الجولة الجديدة تستكمل التحرك الخارجي الذي كان الحريري بدأه منذ أن تولى رئاسة الحكومة.
• بيدَ أن أهمية هذه الجولة الجديدة أنها تتم على مسافة قريبة من استحقاقات إقليمية لا شك أن آثارها ستنعكس على لبنان. ولذا، فإن الرئيس الحريري يضع تحركه تحت عنوان حماية لبنان، أي عملياً تحييده عن أي تطورات حربية.
• لكن الأهمية الفعلية لهذه الجولة، هي أنها تحصل على عدة تقاطعات مجدية للبنان.
• وحدة الموقف الدولي من العقوبات على إيران + الدور التركي “الوسطي” إذا جاز التعبير + الدور التركي – الروسي لـ”تحييد” سوريا في أي مواجهة مقبلة، وهو دور يحصل على إيقاع ضغوط غربية أميركية وفرنسية وأوروبية على سوريا + أن ثمة عدم تطابق بين أميركا وإسرائيل في المنطقة + أن الموقف العربي، موقف “النظام العربي” يملك إمكانية دينامية معينة الخ..
• أي أن إيران و”حزب الله” أكثر حشرة من ذي قبل، ولا نقول إنهما عديما الإمكانيات.
• ولذلك، علينا توقع المزيد من التوتر الداخلي، بعناوين مختلفة، لكن على خلفية إقليمية.
• ومن هنا تهديدات “البوق” وئام وهاب، وآخرها اليوم من على منبر لـ”حزب الله”، وهي تهديدات بعنوان إقليمي صريح اعتراضاً على زيارة الرئيس الحريري إلى واشنطن.
• وعلى كل حال، فإن ما ذكرناه عن تطورات مفيدة للبنان ومن بينها محاولات الاحتواء التركي – الروسي (والقطري) لسوريا من جهة والضغوط الغربية عليها من جهة ثانية، لا يعني – ما ذكرناه – أن سوريا ستُعطي إشارات باتجاه واحد، أي أن الموقف السوري سيبقى مربكاً لنا.. في أمد منظور.
• ولعل هذه نقطة من نقاط البحث في زيارة الحريري إلى دمشق بعد غد الثلاثاء.
• وعليه، سيكون على 14 آذار، لكن على رئيس الحكومة بالدرجة الأولى، التحكم بدفّة السياسة الخارجية، إذ لا يخفى أن “حزب الله” و8 آذار الإيراني – السوري يفرضان حيث يتمكنان سياسة أخرى: موقف علي الشامي في اجتماع لجنة المتابعة لمبادرة السلام العربية حيث اعترض على إعطاء فرصة للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية غير المباشرة، وموقف الشامي نفسه الذي أعلن أن القرار 1701 يسمح بإدخال “السكود” والصواريخ إلى “حزب الله”!.
4. في الانتخابات البلدية:
• دفعة واحدة، صارت الانتخابات البلدية في صيدا عنواناً سياسياً كبيراً.
• في “الصورة” أن أسامة سعد يتحالف في هذه الانتخابات مع “حزب الله” ومع مجموعة صغيرة منشقة عن “الجماعة الإسلامية.
• ولا يُحالفه الرئيس نبيه بري، وعبد الرحمن البزري هرب من مساندته.
• أي أن المعركة في صيدا تبدو قراراً اتخذه “حزب الله” بالدرجة الأولى.
• ولا نتحدث هنا عن فرص أسامة سعد بالنجاح لأن نجاحه – أو اختراقه – من سابع المستحيلات.
• أي لا نتحدث عن الفوز المحتوم للائحة المدعومة من “تيار المستقبل”.
• لكننا نلفت إلى قرار معركة في مدينة ذات غالبية سنية.
• أي إن “حزب الله” الذي اضطر إلى الانسحاب في بيروت ولم يكن مغطى بما يسمى “معارضة سنية” غير حقيقية في العاصمة.
• يعتبر على ما يبدو أن تلك المسماة “معارضة سنية” موجودة “بـ” أسامة سعد في صيدا. أي إن القرار لديه هو عدم التسليم حتى الآن بفشله سنياً حيثما كان.
• وعندما نقول إن المعركة في صيدا مدفوعة من “حزب الله”، فلا ننسى بطبيعة الحال أن لأسامة سعد جانباً سورياً، لكننا بتسليطنا الضوء على “الصورة”، صورة تحالفاته، نرجّح القرار الحزب اللهي.
• وبمعنى من المعاني، ستكون الانتخابات في صيدا اختباراً في المدن والبلدات السنية في محافظة الشمال.
• وستكون لها تأثيراتها على “التوافق” أو عدمه في الشمال.
رسالة 14 (عدد 32): استياء سوري من ثبات علاقة لبنان بأميركا فيما العلاقة الأميركية-السورية غير قائمة