رسالة 14
عدد – 26 –
5 أياّر 2010
أوّلاً: حول المراحل التالية من الإنتخابات البلديّة:
1. في ما يتعلّق بانتخابات بيروت:
• كما صار معروفاً، فإنّ اللائحة الوحيدة في الميدان هي التي تضّم 14 آذار بجناحيه الإسلامي والمسيحيّ + “الجماعة الإسلاميّة” وحركة “أمل” و”حزب الطاشناق”.
• وكما صار معروفاً أيضاً، فقد أعلن ميشال عون مقاطعته الانتخابات البلديّة في مقابل الاستمرار في انتخابات المخاتير في الأحياء.
• واليوم، أعلن “حزب الله” رسمياً أنّه هو أيضاً سيقاطع الانتخابات البلديّة فيما يستمرّ في الانتخابات على مستوى المخاتير.
• مما لا شكّ فيه أنّ قرار عون “المقاطعة” إنّما هو هروب موصوف من خوض معركة. إذ كان أمامه خيار، لو لم يقررّ الهروب، أن يخوض معركة إثبات وجود مسيحياً، حتّى لو أنّ أيّ لائحة يشكّلها لمنافسة “لائحة وحدة بيروت” لا حظوظ لها في النجاح. لكنّه اختار مغادرة المعركة “تماماً”، وهذا ما أسهمت فيه نتائج بلديّات جبل لبنان. وحال عون هيّ: انهيار في وضعه المسيحي + علاّقة عداء بينه وبين البيئة الإسلامية.
• أما “حزب الله”، ففي البيان الذي أصدره اليوم متضّمناً قراره، فإنّه يتحدث عن تنكّر “تيّار المستقبل” وحلفائه لما يسمّيه “المعارضة السنية” وعنّ “التنكر للحجم الحقيقي الذي يمثّله التيار الوطني الحر” (العوني).
• إذا كان ما يقوله “حزب الله” عن “معارضة سنيّة” ذات حضور صحيحاً، وإذا كان كلامه عن “حجم التيار العونيّ” صحيحاً أيضاً فلماذا لم يقُد عملية تشكيل لائحة منافسة تضمّه وعون و”المعارضة السنيّة” ويستدعى إليها “الطاشناق” و”أمل”؟.
• الجواب الأكيد عن هذا السؤال هو أنّ “حزب الله” يعلم علم اليقين انهيار عون في البيئة المسيّحية ويعلم علم اليقين أن لا “معارضة سنيّة” حقيقية في بيروت خصوصاً لأنّ هذا المسمّى هو عدد من الأشخاص المرذولين الذين في “أحسن الأحوال” يشكّلون اختراقات أمنيّة لـ”حزب الله” في بعض أحياء بيروت.
• غير أنّ بيان “حزب الله” يتذّرع بـ”تحريض مذهبي” و”بدايات تجييش” ما أدّى إلى العزوف عن تشكيل لائحة ثمّ إلى المقاطعة.
• هذا القول هو في حد ذاته اعتراف بأنّ “حزب الله” مرفوض في بيروت، أو بالأدق هو عنوان ما تعتبره بيروت جراحاً ألحقها “حزب الله” في العاصمة، وعنوان للإساءات التي تعّرضت لها وأبناؤها .. وذلك من نتائج “7 أيّار” ومن نتائج التعالي على بيروت، ذلك أنّ العاصمة لا تأخذ موقفاً من الشيعة بل من “حزب الله”.
• على أيّ حال، يمكن القول إنّ المعركة في بيروت انتهت بالمعنى الانتخابيّ.
• لكن المعركة لم تنتهِ بما هي إثبات المشاركة الشعبيّة والحيوّية الأهليّة من جهة وبما هي تثبيت المناصفة الإسلاميّة – المسيّحية من جهة أخرى
2. في ما يتعلّق بانتخابات البقاع عموماً، وزحلة خصوصاً:
• إنّ الأهميّة السياسية لزحلة وانتخاباتها هي من زوايا عدّة.
• زاوية إعادة تأكيد أحقيتنا في الفوز الذي حققناه في الانتخابات النيابيّة في 7 حزيران 2009، عندما حسمت زحلة آنذاك الأكثريّة النيابية لـ14 آذار. وزاوية أنّ الفوز في زحلة هو تتّمة الفوز في جبل لبنان. وزاوية تأكيد أنّ المزاج الشعبيّ في هذه “المدينة المختلطة” إنّما هو مزاجٌ 14 آذاريّ.
• ومع أنّنا – في 14 آذار – لا نواجه عون في زحلة، فإنّنا نواجهُ إدارة سياسيّة لمعركة الفريق الآخر استنفر لها فريقٌ من النظام السياسيّ – الأمنيّ السوري البائد: إلياس سكاف تحت إدارة جميل السيّد.
• وتبعاً لذلك كلّه، فإنّ المعركة سياسيّة بامتياز ونتائجها ذات معنى سياسي مباشر.
• ولا يسعنا في هذا المجال إلاّ أن “نستغرب” الأداء السيئ من جانب بعض 14 آذار، حيثُ لا جدال في أنّ “عبقريّة” البعض تفتّقت عن تشجيع تشكيل لائحة ثالثة بحجة أن هكذا لائحة تستطيع أن تأخذ من درب اللائحة المدعومة من سكاف. فإذا بها ليس فقط فاتحة على جميل السيّد و السورييّن، لكن تأخذ من درب 14 آذار.
• ينبغي بذل أقصى جهد لمعالجة هذه “الثغرة” الكبيرة.
3. في بعض الملاحظات السياسيّة على هامش البلديّات:
• ما سنطرحه اليوم في هذا الإطار نضيفُه بطبيعة الحال إلى ما أوردناه في رسالتَي اليومَين الماضييَن.
• لا يمكن تجاهل حقيقة أنّ ثمّة “أزمة فرفطة” داخل فريق 8 آذار.
• وهذا يتجلى في الآتي: أزمة انهيار “التيّار العوني” + الأزمة داخل التيّار نفسه + أزمة العلاقة الواضحة بين عون ونبيه بّري + أزمة “الثقة” بين عون و”حزب الله”.
• أي أنّ علينا الانتباه إلى هذا الموضوع.
• المعادلة هي الآتية: التوازن الشعبي – الوطنيّ – السياسيّ لصالح 14 آذار، في كل مرة يحصل فيها اختبار شعبيّ.
• غير أنّ هذا “التوازن” ممنوع من الصرف من جانب 8 آذار المحلّي والإقليمي لسببين : السلاح في الداخل الذي أنتج وضعاً غير طبيعي + الحدود الراهنة للإدارة العربيّة – الإقليميّة – الدوليّة للعلاقة مع سوريّا وإيران.
• ومع ذلك، يفترض بـ 14 آذار أن تستعيد حيّويتها ودينامّيتها.
ثانياً ـ حول بعض المستجدّات الإقليميّة:
1. في المحاولة السلميّة الأميركيّة الجديدة:
• انطلقت هذه المحاولة مجدّداً بـ”إدارة” المبعوث الأميركي جورج ميتشيل.
• تزامناً مع موقف سوريّ – إيرانيّ معترض على ما يبدو.
• يجسدّه موقف “حماس” .. و”فصائل دمشق”.
• مع تزايد التوتّر الفتحاويّ – الحمساويّ على خلفيّة عدم استعداد “حماس” للتوقيع على المصالحة بضغط إيرانيّ كما تقول “فتح”.
2. في المؤشّرات الإيرانيّة:
• نبرة التحديّ الإيراني للغرب والمجتمع الدولي لا تزال مرتفعة.
• إعلان أحمدي نجاد (صحف اليوم) أنّ إيران ستواصل “قطعاً” برنامجها النوويّ.
• معلناً بذلك أنّ الآفاق الديبلوماسّة مغلقة.
3. في هذه الأثناء، استمرار الضغوط السياسيّة – الإعلاميّة على سوريّا:
• في كلّ يوم موقف أميركيّ أو غربيّ.
• واليوم اتهام إسرائيليّ لسوريّا بتزويد “حزب الله” بـ”صواريخ بعيدة المدى من نوع إم 600 يصل مداها إلى 300 كلم”. بعد “السكود” صواريخ “إم 600”!.
• وذلك وسط “عودة” الاختلافات السوريّة – العربيّة.
• سواء في ما يتصّل بالعمليّة السلميّة أو بالعراق أو بإيران.
4. خلاصُة القول تكراراً إنّ التوتّر الإقليميّ عالٍ. لا يجادل اثنان في أنّ الانفجار هو الاحتمال الأرجح لكن السؤال متى؟
ملاحظة: في عيد الشهداء الذي يصادف غداً 6 أيّار، نستحضر ذكرى شهدائنا ونصليّ لهم ومن أجل استقرار لبنان. و”رسالة 14″ تحتجب غداً وتعود بعد غدٍ.