في نهاية المسلسل الأميركي الطويل، زفّ أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله “الخبر السعيد” لرئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط ومفاده: “سوريا مستعدة لاستقبالك”.
مما لا شك فيه أن زيارة جنبلاط لسوريا هي اليوم الحدث الأبرز على الصعيد الداخلي لما تمثله من اختتام لـ”تحوّل” سياسي بدأ في 2 آب الماضي، عندما قرر زعيم المختارة الخروج من “الخنادق والمحاور” معلناً انسحابه من قوى 14 آذار و”التموضع في الوسط”.
في المقبل من الأيام، يضع رئيس “التقدمي” الحجر الأساس في رحلة إعادة بناء ما انقطع في السنوات الخمسة الماضية مع دمشق. وهذا ما يفتح باب “الجدل الداخلي” حول ما سيكون عليه “اللقاء الديموقراطي” في السياسة الداخلية، التي تشهد في الآونة الأخيرة جملة من “التناقضات” التي تظهر في “14 آذار”، وتحاول “8 آذار” أن تستر ما يجري في داخلها دونما نجاح.
قد يكون من الصعب على رفاق الأمس أن يستسيغوا هذا التحول الجنبلاطي. فَهُم إلى اليوم يحاولون قدر الإمكان “التمسك” بقليل مما يقوله “زعيم المختارة” ليؤكدوا لأنفسهم، عن “وهم”، أن “الرفيق وليد” لا يزال يؤمن بمبادئ “ثورة الأرز”. قد يكون هذا صحيحاً، ولكن من غير المنطقي أن يبني البعض آماله على “وهم” عودة لن تحصل.
في قراءة واقعية لما حصل منذ 2 آب وحتى اليوم، لا بل منذ ما قبل هذا التاريخ، وتحديداً بعد أحداث 7 أيار المشؤوم والمشؤومة، يظهر بما لا يقبل الشك أن “البيك” كان يراهن على متغيّر ما في سياق حملته على النظام في سوريا، فتبيّن له بعد هذا التاريخ أن الرهان ليس في محلّه. والسبب بسيط: تُرِكَ يواجه “ترسانة” من السلاح منفرداً دون أن يكون هناك دعم أو حتى ردة فعل من المجتمع الدولي، أو على الأقل من الولايات المتحدة وفرنسا على اعتبار أنهم الأقرب إليه وإلى قوى الاستقلال في تلك الفترة.
كل ما حصل بعد ذلك أصبح مجرد تفاصيل. وضع وليد جنبلاط نصب عينيه مصلحة “الطائفة” التي ينتمي إليها، معتبراً أن “الأمان” الذي يبحث عنه، أي أن ما يحميه من “حزب الله” (الذي سيأتي اليوم الذي يبسط فيه سيطرته على لبنان)، هي سوريا، وكل ما كان يسمى نضالاً من قبل، انتهى. طويت الصفحة بالنسبة إليه. لا وجود لما يسمى انتفاضة بعد اليوم. المطلوب الآن هو العودة إلى “التقوقع” وحماية “الجبل”. تمهيداً لماذا؟ على الأقل لتسليم مقاليد الزعامة إلى نجله تيمور.
أوّل ما يُستشف من كل ذلك، أو بالأحرى ما يتم تأكيده، أن كل محاولات 14 آذار استمالة وليد جنبلاط لناحيتها باءت وستبوء بالفشل، والجهد في هذا السياق سيذهب هباء، كمن يبحث عن “قشة” في 10452 كلم2 من الأعشاب البريّة.
أفضل ما تفعله قوى الأكثرية اليوم هو انتظار ما سيكون عليه “زعيم المختارة” بعد عودته من دمشق لتَبني على الشيء مقتضاه.
ولكن قبل كل ذلك، عليها أن تعي جملة من النقاط، لعلّ أبرزها: الوسطية مع نظام الأسد لا تنفع. أن تكون حليفاً لدمشق ومؤمناً بأنها “العمق الاستراتيجي” للبنان، يعني أن ترسيم الحدود لم يعد ذا جدوى. العلاقات الديبلوماسية تفاصيل بالية. الندّية غير واردة تبعاً للمساحة وللنفوذ الذي يفرّق بيروت عن دمشق. السلاح ضروري. المواجهة هي الخيار الوحيد. لبنان ساحة، كان وسيبقى.
عسى رئيس “اللقاء الديموقراطي” يكذّب كل ذلك، بعد عودته الميمونة من عاصمة الأمويين.
ayman.sharrouf@gmail.com
14 آذار.. وتخطي “الوهم”!
يا عمي روحوا ما طالع منكم شي.. لا كبيركم ولا صغيركم.. والمهم رح نجركم واحد ورا التاني إلى دمشق العزة والعروبة لنعلمكم معنى أن تكونوا عرباً أقحاح.
تحية إلى السيد الرئيس بشار الذي علم كبيركم وصغيركم معنى السياسة.. وغداً في صيدنايا موعدكم قريب