* حمزة القزاز – كاتب سعودي- جده
يعيش المجتمع السعودي في نطاق منظومة مشددة من القوانين والأنظمة الاجتماعية والدينية والأخلاقية والقيمية التي تهدف في المقام الأول إلى المحافظة على النسق الأخلاقي المرتبط بالتعاليم الدينية الموروثة. ولعل السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي انشأت شرطة دينية لهذا الغرض. وعلى مدى عشرات السنين، أطبقت التعاليم الدينية التي صاغتها المؤسسات الدينية الرسمية على حياة المجتمع السعودي، وأصبحت جزءاً من عاداته وتقاليده وقيمه وثقافته السائدة، يعاد إنتاجها من خلال نظام تعليمي وثقافي وإعلامي صارم، مطبق من خلال نظام إداري وقانوني حازم، والهدف النهائي منه هو الالتزام ألقسري بالدين السائد، باعتبار أن المملكة دولة دينية والمجتمع السعودي مجتمع مسلم. إلا انه، وعلى مدى أكثر من نصف قرن من تطبيق منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي، فان النتائج والمخرجات على الأرض تبدو متناقضة مع أهدافها الموضوعة، في بلد يوصف بأنه القلعة الحصينة للإسلام السلفي وأغنى بلاد العالم قاطبة، لما تحتويه أراضيه من موارد طبيعية ضخمة وموقع استراتيجي هام. إلا إن واقع التنمية البشرية والاقتصادية والمعطيات الاجتماعية المتعلقة بأسلمة المجتمع، من خلال المعطيات المتوفرة، تقل بكثير عن الشعارات المرفوعة وعن تصوير أجهزة الإعلام وعن الأهداف والغايات الكبرى التي انشات من اجلها هذه النظم، والتي تهدف إلى نهضة المجتمع وتطوره مع الالتزام التام بالتعاليم الدينية والقوانين الشرعية، باعتبارها الحق المطلق المتوافق مع إرادة السماء. إلا إن كلا الهدفين لم يتحققا على ارض الواقع. فلم يصبح المجتمع مجتمعاً دينياً ملتزماً بتعاليمه وقوانينه إلا في إطار نسبي، ولم يحقق أي تنمية فعلية يُعتدُّ بها، إذا ما قورن بالمجتمعات المجاورة له. وكل ذلك بسبب عدم القدرة على تنمية المجتمع بما يتلاءم مع المتطلبات الحقيقية والواقعية لاستثمار الثروات الطبيعية والبشرية والتي تتناقض مع بعض النظم الحاكمة وفي مقدمتها منظومة العفة والفضيلة والأخلاق والقيم الدينية. فبسبب هذه المنظومة المحكمة، التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ عشرات السنوات، حُرمت المرأة السعودية من دراسة العديد من التخصصات، وحُرمت من الالتحاق بسوق العمل، فأصبحت نسبتها في سوق العمل الكلي لا يتجاوز 5 بالمائة من قوة العمل البالغة 7.7 مليون سعودي وسعودية. ويؤكد المختصون أن هناك 3 ونصف مليون إلى- 5 مليون امرأة في المملكة قادرة على العمل، ويعانين من البطالة!! ورغم إن مخرجات المرأة في التعليم تشكل نسبة 60 في المائة من خريجي الجامعات السعودية، فإن عدد العاملات السعوديات لا يزيد عن 565 ألف سعودية من إجمالي تعداد الإناث الذي يبلغ حوالي 8.4 مليون!!
علاوة على ذلك، فان ظاهرة “العنوسة” في ازدياد. فقد وصل عدد النساء اللاتي بلغن سن ال35ـ ولم يتزوجن 1,529,418 فتاة في السعودية. ويقدر بعض الأكاديميون أن يصل عدد العوانس في السعودية إلى نحو 4 ملايين خلال الخمس السنوات المقبلة.
وعلى صعيد الطلاق أوضحت الإحصائيات أن المملكة تحتل المرتبة الثالثة عربيا، والأولى خليجيا! وتشير التقارير المنشورة أن نسبة الطلاق في المجتمع السعودي ارتفعت لتتجاوز 60 في المائة من معدلات الزواج وبالتحديد في أواخر العام 2007 م.(1) في مخالفة صريحة للتعاليم الدينية التي تعتبر الطلاق من ابغض الحلال، ورغم إن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات العربية تديّنا، إلا انه يحتل المرتبة الثالثة في مخالفته لهذا التعاليم في تناقض واضح ما بين الهدف والنتيجة.
إن كل هذه الإخفاقات في مضمار التنمية البشرية واستثمارها، وتحديدا في العنصر النسائي، الذي يمثل نصف المجتمع عددا ونسبة، يعود في المقام الأول إلى منظومة العفة والفضيلة التي حظرت على المرأة دراسة الكثير من التخصصات بحجة عدم قابلية المرأة لدراستها (!) وحرمة الاختلاط بالرجال، مما أضاع عليها آلاف الوظائف في القطاعين الحكومي والأهلي! فأُهدِرَت بذلك نسبة لا تقل عن 50% من الموارد البشرية المتحققة القابلة للاستثمار في التنمية والإنتاج، وأُهدرت ملايين الدولارات التي استُثمرت في تعليم المرأة من دون تحقيق أية عوائد حقيقية ونتائج ملموسة.
وساهم الفصل التام بين الجنسين في عدم قدرة الرجل والمرأة على الاختيار المباشر والطبيعي لشريك الحياة، ليصبح الزواج مبنيا على طرق شبه بدائية، حوّلت المرأة في المقام الأول إلى أشبه بسلعة يجب أن تتوافر فيها مواصفات معينة بغض النظر عن شخصيتها وكيانها الإنساني، فتم استبعاد آلاف النساء من منظومة الزواج. فكانت هذه النسبة الرهيبة في العنوسة، علاوة على الحواجز والعقد النفسية التي تولدت ما بين الجنسين، والتي ساهمت في زيادة معدلات الطلاق والعنوسة وقيدت حركة المرأة ونشاطها الإنساني والاجتماعي والاقتصادي وعطلت بشكل فعلي عمليات استثمار العنصر النسائي وإشراكه الفعلي في الإنتاج.
*****
وبسبب الإنغلاق على الذات والعيش في بيئة اصطناعية ظاهرها الفضيلة المطلقة وباطنها الفضيلة النسبية، كأي مجتمع إنساني آخر، انتشرت في المجتمع السعودي المخالفات الصريحة لتعاليم منظومة الفضيلة، وزادت نسبة الجرائم بما يفوق المجتمعات الأخرى، وسجلت الإحصائيات جرائم مهولة في المجتمع السعودي، بحيث لم تحقق منظومة الفضيلة أي انجاز لها في مضمار تدني نسبة الجرائم في المدن والحواضر السعودية (2). كجريمة قتل أب لأبنائه الثلاثة أمام والدتهم في الطائف، وما أطلق عليه في حينه ” جريمة اغتصاب بنت القطيف” في عام 2008م، وقتل سعودي لزوجته دهسا بالسيارة، وقتل فتاتين سعوديتان لمُسنّة بدافع السرقة في الرياض، وقتل مواطن لإبنه في الطائف، وحرق شاب لمنزل عائلته في القطيف مما أدى إلى مقتل والده وإصابة والدته بحروق شديدة، واغتصاب ثلاثة شبان سيدة أمام طفليها انتقاما من زوجها، واغتصاب 13 سعودي لخادمة مصابة بالايدز، وغيرها من الحوادث الرهيبة التي حدثت في المملكة خلال العامين الماضيين. وان كانت دول الخليج الأخرى شهدت حوادث مماثلة أو اقل منها في المستوى، ففي كل الأحوال، لم تحقق منظومة الفضيلة أي انجاز في هذا المجال الحيوي، ولم يصبح المجتمع السعودي مجتمعا يسجل أدنى النسب المرصودة في أعداد وأنواع الجرائم في المنطقة.
وأظهرت إحصائيات عام 2005 م أن الجريمة بين الشباب السعودي العاطل عن العمل زادت بنسبة 320% بين العامين 1990 و1996، في حين كان يتوقع أن تزيد بنسبة 136% أخرى في عام 2005.
وقال احد الأطباء في مستشفى بالرياض انه كان منذ عامين يشهد حادثا أو حادثين لإطلاق النار كل شهر في المتوسط، وكان معظمها غير متعمد، إلا أنه أصبح يشهد حاليا سبعة حوادث طعن وإطلاق نار كل أسبوع.
وحسب إحصائيات نفس العام، ارتفع عدد الجرائم في السعودية ليصل إلى نحو 90 ألف جريمة جنائية بمعدل جريمة واحدة لكل 252 فرداً.
وفي عام 2008م زادت معدلات الجريمة بنسبة 14% عن عام 2007م. وأوضحت التقارير أن عدد الجرائم المسجلة بلغ (78737) منها (27888) جريمة اغتصاب ومضايقة جنسية، أي ما يعادل 35% من مجموع الجرائم الكلي! بينما في مملكة البحرين، وفقا لإحصائيات عام 2006 م، فان عدد الجرائم المسجلة بلغ 22480، منها 249 جريمة تحت بند “تمس الدين والأسرة” بنسبة اقل من 1%! وإذا ما ألحقنا الجرائم الجنسية بتصنيف “جرائم واقعة على الأشخاص” البالغة (6659) أي بنسبة 29%، وهي جرائم متعددة قد يكون من بينها جرائم جنسية، ففي كلا التصنيفين فان نسبة الجرائم الجنسية في البحرين لن تبلغ على نحو الإطلاق ما سجله المجتمع السعودي، بالرغم من تطبيقه لمنظومة فضيلة وعفة صارمة، بينما تسري في المجتمع البحريني القوانين المدنية والحياة الاجتماعية المفتوحة، بكل ما تحمله من مظاهر وأثار سلبية مخالفة للتعاليم الدينية.
وفي دراسة سعودية حديثة تبين إن أكثر من 70% من الملفات التي يتم تداولها بين المراهقين السعوديين عبر الهاتف المحمول تحوي مواد إباحية!!
وقال معد الدراسة البروفيسور عبد الله الرشيد “إن ذاكرة الهواتف المحمولة التي أخذت من مراهقين تظهر أن 70% من الملفات تحوي مواد إباحية و8.6 % لها علاقة بالعنف!
وفي احدث تقرير لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فان السعوديين يشكلون ما نسبته 56.8% من إجمالي المضبوطين في القضايا الأخلاقية! أما الأجانب فقد بلغوا نسبة 43،2 %، في تناقض واضح مع الأهداف السامية لمنظومة الفضيلة وواقع المجتمع الظاهري المتسم بالمحافظة والعفة. فالجرائم الجنائية والأخلاقية منتشرة كظواهر لا يمكن تجاوزها في مجتمع متدين حتى النخاع(!) ومن المفترض أن يكون نظامه الديني المحكم قد حماه منها، وأصبح قدوة المجتمعات الأخرى في تسجيل أدنى نسب الجرائم بأنواعها. ولكن منظومة الفضيلة الحاكمة لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف الرئيسي من إنشائها، وسجّل مجتمع الفضيلة نسباً تفوق بعض المجتمعات القريبة منه في معدلات الجرائم لا سيما الأخلاقية منها.
****
وانتشرت بين الشبان السعوديين ظاهرة الزواج السياحي في بعض الدول العربية والإسلامية، مما نتج عنه الكثير من المآسي الأسرية والاجتماعية، حيث شكل السعوديون الشريحة الأولى في هذا المضمار رغم قدومهم من مجتمع يعتبر من أكثر المجتمعات العربية تدينا وتبجيلا للأسرة واعتزازاً بالنسب والانتماء الأسري وتقديس الأعراض. فقد كشف عبد الله الحمود، رئيس مجلس إدارة “الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج” (إختصاراً: “أواصر”)، أن السعوديين أنفقوا على الزواج السياحي خلال عام 2007م، وحتى منتصف عام 2008م، نحو 100 مليون ريال على عشرة آلاف زيجة.
وقدر ما أنفقه الشخص الواحد على تكاليف زواجه بنحو 15 ألف ريال سعودي. وقال الحمود أن زواج السعوديين من عربيات تم في غالب الأمر في سبع دول هي مصر والمغرب وسورية واليمن واندونيسيا والهند والفلبين.
وانتقد زواج السعوديين من نساء من الخارج بطريقة الزواج السياحي، على اعتبار أنه زواج يقع في فترة زمنية محددة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر، وأضاف قائلا: “أن هذا النوع من الزواج هو في واقع الأمر هدر في مجمله ينتهي لأجل متعة مؤقتة وليس لأجل تكوين الأسرة وطلب الاستقرار”.
من جانب آخر حذرت السفارة السعودية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، من انتشار ظاهرة زواج السعوديين من إندونيسيات بنيّة الطلاق. وقال مدير قسم الرعايا بالسفارة، “خالد العراك”، إنه ما لم تصدر فتوى واضحة من هيئة كبار العلماء، سيزداد الأمر استفحالاً ليخرج عن نطاق السيطرة. وكشف المسئولون الإندونيسيون في جاكرتا أن أعداد السعوديين الذين يدخلون إندونيسيا بغرض الزواج المؤقت في ارتفاع كبير، وأن غالبية الأسر الفقيرة في إندونيسيا توافق على زواج بناتهم من سعوديين أو خليجيين أثرياء على أمل التخلص من الفقر وحياة البؤس. ومن ناحية أخرى أكّد “فراج الدوسري”، المسئول في”الجمعية الخيرية لرعاية الآسر السعودية” (أواصر) في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، تقريراً نُشر في وسائل الإعلام الإندونيسية بخصوص منح السلطات الإندونيسية الجنسية لأكثر من 600 طفل مجهول معظمهم لآباء سعوديين!
وذكرت إحصائيات رسمية يمنية حديثة أن حالات ما يعرف في اليمن بـ(الزواج السياحي) بلغت خلال العام 2006م 849 حالة، وفي العام 2005 كانت (785) حالة، سجل فيها السعوديون المرتبة الأولى، وجاء بعدهم الإماراتيون وأكثر من 50 جنسية من مختلف أنحاء العالم.
ونسبت أسبوعية (26 سبتمبر) الرسمية إلي رئيسة الاتحاد العام لنساء اليمن رمزية عباس الارياني قولها إنه وصلت إلي الإتحاد قضايا كثيرة جداً عن الزواج السياحي ومشاكله فيما بعد الزواج، وأوضحت انه يتم ترك الزوجة وهي في سن صغيرة جداً أي بين 15 ـ 18 سنة وهي حامل حيث تترك من قبل الزوج الأجنبي المجهول الهوية.
وجاء في صحيفة الوطن السعودية: “وفي المغرب التي يشغل السعوديون النسبة الأكبر من الزواج بمغربيات حسب إحصاء رسمي، واتخذت الحكومة المغربية إجراءات للقضاء على هذا النوع من الزواج والحفاظ على حقوق الزوجات، ومنها اشتراط موافقة الزوجة الأولى على زواج الخليجيين بمغربيات، وإجراءات أخرى جعلت مثل هذه الزيجات أكثر صعوبة.”
“ويفيد أحدث إحصاء أنجزه قسم قضاء الأسرة بالعاصمة الرباط حول الزواج المختلط بين مغربيات وأجانب، بأن هناك 334 حالة سجلت عام 2008م بالرباط فقط، تتوزع فيها جنسيات الأجانب على 34 دولة، منها 15 دولة عربية، تأتي السعودية في مقدمتها”.
*****
وانتشرت ظاهرة زواج القاصرات في المجتمع السعودي، دون المجتمعات الخليجية المجاورة له، حيث تزوج رجال سعوديون فتيات لم يتجاوزن العاشرة من أعمارهن، بينما بلغت أعمار بعضهم السبعين والثمانين من العمر ! والمعروف أن السعودية من الدول القلائل التي لا يحدد قانون الزواج فيها أدنى عمر للسماح بالزواج، وفي وقت سابق من عام 2008م أبطلت السلطات زواج طفلين لم يتجاوزا الـ11 من العمر، بعد انتشار خبر زواجهما في وسائل الأعلام واحدث ضجة واسعة النطاق، ومن الحالات التي شغلت الرأي العام زواج رجل في السبعين من ابنة ال11 عام، وزواج رجل في الخمسين من ابنة ال8 سنوات !!، وزواج رجل في الثمانين بابنة ال10 من العمر، ومعظم هذه الحالات لفتيات يعشن في اسر مشتتة، ووقعن ضحايا لعلاقات مشبوهة، وسارعت أمهات معظمهن لرفع قضايا تطالب بطلاق بناتهن، إلا إن المحاكم في اغلب الأحيان رفضت ذلك بسبب كون الزواج مبني على موافقة ولي الأمر.
وسبب زواج القاصرات إشكالات واسعة وظلم اجتماعي كبير، وأكد الأطباء انه يسبب مشاكل صحية جسدية ونفسية للأطفال، لا سيما الفتيات، مما دفع بمنظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، علاوة على الناشطين الاجتماعيين والحقوقيين داخل المملكة إلى مطالبة السلطات السعودية بحظره، وقد صرح وزير العدل السعودي بالفعل أن وزارته بصدد إصدار قانون يقنن زواج القصر، إلا إن هذا القانون لم يصدر بعد، وما يزال هذا النوع من الزواج معمول به في المملكة فقط من بين دول الخليج العربية الأخرى، وتعتبر من الدول العربية النادرة التي ينتشر فيها زواج القاصرين، الذي تحظره كافة العهود والمواثيق الدولية، والذي أكد الطب الحديث على أضراره الصحية الجسيمة، وأكد الخبراء الاجتماعيون والنفسانيون على إحداثه لأثار سلبية لا حدود لها اجتماعيا ونفسيا.
*****
وظهرت قضايا عدم تكافئ النسب!! وبلغت أكثر من 10 قضايا، كان أخطرها التفريق بين الزوجين فاطمة ومنصور بالقوة والإكراه، وتمتد جذور هذه الظاهرة إلى ما قبل العصر النبوي، حيث إن الإسلام حارب التفاخر بالأنساب على حساب الانتماء للدين والدولة الإسلامية، وجمع الناس على الولاء للإسلام والنبي (ص)، مهما تعددت قبائلهم وأعراقهم، وجعل من المساواة والعدالة عنصرين أساسيين في قيم المجتمع العربي بعد الإسلام، إلا إن المجتمع السعودي من خلال أعرافه وقيمه الاجتماعية ومنظومة الفضيلة الحاكمة أعاد من حيث لا يدري إنتاج هذا العرف المخالف للإسلام، حيث إن قضايا النسب التي تعود في أصلها إلى جعل تباين المكانة الاجتماعية والقبلية عائقا أمام تكوين الأسرة، والترابط الايجابي بين أبناء المجتمع، بالرغم من وحدة الانتماء الديني والوطني والقومي، وتعد بذلك مخالفة صريحة للأسس البديهية في الدين والمواطنة في نفس الوقت، فالنبي (ص) يقول ” من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ألا تفعلوا ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” وجاء في القران الكريم ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللّه اتقاكم» (الحجرات: 13)، وقد انتشرت هذه الظاهرة في المجتمع السعودي دون غيره من المجتمعات الخليجية، بل ولربما العربية والإسلامية الأخرى، في نتيجة أخرى من النتائج السلبية لمنظومة الفضيلة، التي سلبت أي حق للمرأة في تقرير مصيرها، حتى وهي متزوجة بزواج شرعي موثق قانونا، حيث أتاحت هذه المنظومة لأي عضو في العائلة حق رفع قضية طلاق المرأة من زوجها، دون أدنى اعتبار لقرارها واردتها ورغبتها وحريتها الكاملة في استمرار ارتباطها بزوجها أو انفصالها عنه.
******
واستنادا لمنظومة العفة والفضيلة فقد حظرت الكثير من المطبوعات الثقافية والفكرية للعديد من الجهات والكتاب، ومن ضمنهم عشرات الكتاب السعوديون، وعلى رأسهم وزير العمل الدكتور غازي القصيبي ! فكان أن حرم القارئ السعودي من قراءة آلاف المصنفات الفكرية والثقافة والدينية، مما كان له الأثر السلبي على الحياة الثقافية والاجتماعية، حيث يسود المجتمع السعودي نظرة سيئة للآخر المخالف، وعدم القدرة على التعامل معه، علاوة على اعتبار كل من خالف الثقافة العامة خارجا عن الصواب والجادة، وهذا ما يجعل الإبداع والإنتاج الفكري والثقافي محدود وفي نطاق ضيق، ويسبب حالة مستحكمة من التخلف الفكري والمعرفي وعدم التطور في المجالات الإنسانية والإبداعية، لكثرة المحظورات والمحرومات التي لا يجب تناولها أو التفكير بها، مما يؤدي إلى جمود فكري وثقافي وبالتالي إنساني واجتماعي واسع النطاق، واستحكام المشاكل التي تعيق الحياة الطبيعية على مستوى الفرد والمجتمع، والتي لا يمكن إيجاد حلول واقعية لها بسبب عدم القدرة على ممارسة التغيير، جراء منع الاطلاع على الثقافات الأخرى، وقطعية الجزم بالثقافة السائدة، لتصبح الحالة العامة في المجتمع تخلفا واسع النطاق، وهذا ما تعاني منه المجتمعات العربية بشكل عام ومن ضمنهما المجتمع السعودي.
والمعروف انه يحظر في المملكة صالات السينما، والعروض المسرحية محدودة ومقيدة، ولا توجد مسارح على الحقيقة تابعة لوزارة الثقافة أو لمؤسسات فنية خاصة، ولا يوجد في البلاد معاهد عليا لدراسة الفنون بأقسامها المختلفة، ولا يسمح بالعروض المسرحية حتى من دول الخليج المجاورة، وكذلك العروض السينمائية محظورة تماما، وإقامة معارض الكتاب محدودة، في استناد تام لمنظومة الفضيلة أيضا، مما كان له الأثر السلبي على حركة الإبداع في المجتمع، وحول المجتمع السعودي رغم طاقاته الكبيرة إلى مجتمع من اقل المجتمعات إنتاجية وإبداع في مجالات الفنون والثقافة المختلفة، ويضطر العديد من الكتاب والمبدعين لنشر مطبوعاتهم وانتاجاتهم الإبداعية في مختلف المجالات خارج البلاد، وقد منح العديد منحهم جوائز تقديرية، ويقيم بعض المبدعين في خارج البلاد أيضا، وكل ذلك بسبب عدم تشجيع الجهات الرسمية والاجتماعية للفن والثقافة بسبب القيود التي تفرضها منظومة الفضيلة في المجتمع.
إن التعدد الثقافي والاطلاع على ثقافات الآخرين، وتشجيع الإنتاج الثقافي والفني، يؤدي دون شك إلى توسع ايجابي في مناهج التفكير والأخلاق العامة والأنماط الاجتماعية، بما يساهم في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويمنح الفرد والمجتمع القدرة على حل مشاكله في ظل تفكير يقوم على النسبية والتجربة وقلة المحظورات واتساع آفاق القدرة على إيجاد الحلول وانسيابية تطبيقها، كما يجعل الحياة الاجتماعية متسمة بالرحابة والبهجة بما يساعد في تحقيق امن اجتماعي وجنائي متميز، وشيوع حالة مستمرة من النشاط والحركة الايجابية الخلاقة، بما ينعكس أثره على مسيرة التنمية في نهاية الأمر.
*******
ويلاحظ في مجتمع الفضيلة انتشار العنف الأسري بصورة واسعة، خاصة ضد النساء والأطفال،، إذ لم يتميز المجتمع السعودي عن غيره في تدني نسب العنف الأسري، بل سجل نسب متوازية مع غيره من المجتمعات وفاق بعضها، بالرغم من رغم منظومة الفضيلة الحاكمة، التي تحث على الاتهام بالمرأة باعتبارها العرض والشرف، والأطفال باعتبارهم العنصر الضعيف في الأسرة والذي يجب أن يحظى بالمراقبة والرعاية والاهتمام.
فقد أكدت دراسة صادرة من مركز مكافحة الجريمة في الرياض بأن 45% من الأطفال السعوديين يتعرضون لصورة من صور الإيذاء في حياتهم اليومية باعتبار أن 60% من سكان المملكة هم في سن الطفولة! وهي نسبة رهيبة دون شك، حيث يتعرض قرابة نصف أطفال البلاد لعنف شبه دائم سيؤثر حتما على سلوكهم وصحتهم النفسية ومدى فاعليتهم الإنتاجية.
وتفتقد المملكة لأرقام دقيقة حول ظاهرة العنف الأسري، إلا إن أكثر الحالات المسجلة عام 2008 شهدتها على التوالي مدينتي جدة والرياض، وأشارت نتائج استطلاع صحفي في السعودية، إلى إن الرجال مسئولون عن 90% من حوادث العنف الأسري، وأن 50% منها موجه للمرأة، وشهدت البلاد حوادث عنف اسري مميتة قل نظيرها في دول الجوار، من أبرزها مقتل الطفلة غضون (9 أعوام ) تعذيبا على يد والدها وزوجته، وأقدام سعودي في العقد الرابع من عمره على ضرب ابنته ذات الأحد عشر ربيعا حتى فارقت الحياة وذلك في حي السلام شرق العاصمة الرياض، ونحر أب سعودي ابنته البالغة من العمر 19 سنة في جريمة بشعة شهدها حي الفيصلية بجدة، وشهدت القطيف إقدام أب على حلق حواجب ابنته ذات أل 19 ربيع لرسوبها في الامتحان ! وقتل زوج يبلغ من العمر 26 لزوجته الشابة التي تبلغ 25 عاما في محافظة صبيا الجنوبية.
وفي تقرير عن أثار العنف الأسري في الرياض أشارت دراسة حديثة إلى تزايد عدد حالات العنف في الرياض لتصل إلى نحو 11.3 حالة في الشهر الواحد، فيما وصل عدد محاولات الانتحار إلى 16 حالة شهريا، وأرجعت الأخصائية الاجتماعية سلوى الخطيب أسباب العنف في المجتمع السعودي إلى “النظرة الدونية للمرأة التي تتسم بالمحافظة، إذ ينظر إليها البعض على أنها مخلوق ضعيف لا تستطيع اتخاذ القرارات السليمة ويرتبط ذلك بالمفهوم الخاطئ للقوامة بحيث تؤخذ على أنها تسلط وسيطرة من قبل الرجل على المرأة”.
وبسبب انتشار هذه الظاهرة أعلنت الحكومة أقامتها دور لإيواء ضحايا العنف الأسري من النساء والأطفال.
أما اضطهاد العاملات المنزليات وهضم حقوقهن فان المجتمع السعودي لم يستثن من ذلك من بين دول العالم وصدرت بحقه عشرات التقارير والأخبار المحلية ونشرت الصحف عشرات القضايا المؤلمة في هذا الشأن، بالرغم من تدين المجتمع وتمسكه الشامل بالعادات والتقاليد والتعاليم الدينية. ومن أهم هذه التقارير “كأني لست إنسانة” الصادر عن منظمة هيومن رايتش.
وفي عام 2008م أوقفت الحكومة الاندونيسية تصدير العاملات المنزليات للسعودية مطالبة بتصحيح القوانين والأنظمة المتعلقة بحقوقهن وامتيازاتهن الوظيفية.
وتشير التقارير المتاحة إلى إن عدد الشكاوى عن انتهاك حقوق الخادمات السريلانكيات يوميا في كل العالم العربي يبلغ 2400حالة، 50 منها في السعودية وحدها، من أصل 800 ألف خادمة يعملن في السعودية، أي بمعدل1500شكوى شهريا.
وتحدث المستشار القضائي الخاص للجمعية العالمية والصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط صالح بن سعد اللحيدان لـصحيفة ” الوطن” قائلا إن “وهن البيوت من حيث الأخلاق قد يعرض الخادمة إلى التحرش بها، سواء من رب البيت أو الأولاد البالغين بنسبة بلغت في بعض الدراسات إلى 40%!!!!!! وقال: هنا تكمن الخطورة “فقد تلقيت اتصالات كثيرة من نساء يعانين من هذه المشكلة”.
******
وبسبب النزعة الدوغماتية التي يقوم عليها الفكر الديني المحلي، فقد صدرت بعض الفتاوى والآراء التكفيرية ضد أتباع المذاهب الأخرى، كتكفير أمام الحرم المكي السابق الشيخ عادل الكلباني لمواطنيه الشيعة.
كذلك صدرت فتاوى تكفير ضد بعض الكتاب السعوديين أمثال الكاتب العتيبا حجا، والدكتور تركي الحمد، وآخرين، علاوة على خطب تحريضية بقتلهم، كان آخرها التحريض على قتل مؤلف حلقة “تطوير التعليم” في المسلسل السعودي الشهير ” طاش ما طاش” الكاتب يحيى الأمير.
وما يزال مسلسل الآراء الشاذة والعدوانية ينطلق من البيئة الدينية في المجتمع السعودي، الأمر الذي يهدد الأمن الاجتماعي والوئام الوطني واللحمة الدينية والوطنية للمجتمع، ويجسد ثقافة العدوان والتضييق والتفكير، ويجعل من التعصب والإرهاب الفكري والنفسي والاجتماعي ثقافة مستحكمة في الواقع الاجتماعي، ويجسد رفض ثقافة التنوع والتعدد والاختلاف في إطار الولاء الوطني، وهذا ما تعاني منه المجتمعات العربية بشكل عام بتفاوت، ومن ضمنها المجتمع السعودي بنسبة ليست بالقليلة، بل إن المجتمعات الخليجية الأخرى يندر أن تخرج منها آراء عدوانية ضد شرائح أو أفراد في المجتمع، وتكاد هذه الظاهرة الخطيرة محصورة في المجتمع السعودي من بين مجتمعات الخليج المجاورة له (1) بدأت هذه الظاهرة الخطيرة في الانتشار أيضا في دولة الكويت، إلا إنها مجرمة قانونا، ويتخذ ضد مثيري فتاوى ودعاوى التكفير والقتل والفتن الطائفية إجراءات قانونية وقضائية صارمة. علاوة على ذلك فان مثل هذه المواقف العدوانية تتناقض تماما مع تعاليم الفضيلة التي تدعوا إلى التسامح والمحبة وحسن المعاملة، ويمكن القول إن منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي أخفقت إلى جانب إخفاقاتها الأخرى في تكوين مجتمع بعيد عن هذه الآراء والفتاوى الغير مسئولة، والتي تطل ما بين فترة وأخرى معلنة عن وجودها وتحولها إلى واقع فعلي، لعل من اخطر آثاره تسجيل الشبان السعوديين نسب متفوقة على معظم الشبان العرب الآخرين في الانتماء للمنظمات الخارجة على القانون، كمنظمة القاعدة، وبعض الجماعات الجهادية في بعض الدول العربية والإسلامية، وقد شكلوا خلاية مسلحة دخلت في مواجهات دامية مع قوى الأمن في المملكة، وقام بعضهم بأعمال وأنشطة إرهابية، كان آخرها محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي.
*****
وبسبب قوانين العفة والفضيلة المتشددة والصارمة، فقد توقفت منظومة التنمية الإنسانية والاقتصادية بمعناها الحقيقي والعلمي، حيث إن التنمية في جوهرها وعمقها تستند على مفهوم عميق في اللاوعي البشري، يقوم على نسبية القوانين والتعاليم والأنظمة والتشريعات المنظمة للحياة الإنسانية، وعدم وجود حقيقة مطلقة وإدراك مطلق للنصوص والمعتقدات المقدسة، وان ما توصل إليه الفكر البشري، سواء على صعيد المادي أو المعنوي، العلمي أو الإنساني، ليس سوى شي محدود لما تحتويه الطبيعية الكونية والبشرية من أسرار وعجائب ومبهمات لم يتوصل حتى ألان إلى حقيقتها وفك ألغازها، ومن ذلك العلوم الدينية والأنظمة الاجتماعية بكل ما تحتويه من أنظمة وتعاليم وقوانين متعلقة بالفرد أو المجتمع أو الدولة، فإذا ظن أي مجتمع أن فهمه لدينه وان ما يقوم عليه من نظام هو ثابت بالمطلق، وغير قابل للتغيير أو التصحيح أو التطوير فان منظومة التنمية بكل مفرداتها ومراحلها تتوقف وتصبح عديمة الجدوى، ولن يتمكن هذا المجتمع بعد ذلك من الاستفادة من معظم ما يمتلكه من مقدرات وإمكانيات، مادية ومعنوية، طبيعية وبشرية، وقد أدت هذه العقيدة الدوغماتية في المملكة وفي كثير من بلدان العالم الإسلامي إلى ضعف برامج التنمية البشرية وعمليات التطور الاجتماعي والإنساني.
من ناحية أخرى فان المملكة بحاجة إلى استثمارات خارجية ضخمة، وتطوير شامل للبنى التحتية، وانتقال الاقتصاد إلى مرحلة الدخل المتعدد واستثمار الموارد الغير نفطية والإنتاج الحقيقي، وصولا إلى مرحلة اقتصاد المعرفة، وهذا ما لا يمكن تحقيقه على نحو الإطلاق في ظل منظومة العفة والفضيلة التي تحظر على نصف المجتمع المشاركة في النهضة الاقتصادية، علاوة على تدخلها الشائك في منظومة التعليم والحركة الاقتصادية والتنمية بشكل عام، لضمان عدم معارضتها لتعاليمها وقوانينها، وفرضها نمطا اجتماعيا أحادي الجانب، لا يمكن للآلاف المستثمرين وذوي الكفاءات والمهارات وأصحاب التخصصات المهنية والعلمية التأقلم معه، مما جعل المملكة في ذيل قائمة الدول المرشحة للاستثمار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
****
ورغم تمتع المملكة بمقومات سياحية واسعة، إلا إنها لم تستثمر بسبب القيود الدينية والاجتماعية والثقافية، مما دفع بآلاف السعوديين لمغادرة بلدهم قاصدين دول الجوار والدول العربية والأسيوية الأخرى، وحتى في الإجازات القصيرة فإنها تشهد تدفق آلاف السعوديين للخارج، في عملية فسرها بعض المحللين بأنها هروبا من القوانين الدينية المتشددة التي تحكم الواقع الاجتماعي السعودي، في تناقض تام مع الثقافة الدينية الحاكمة التي ترى في بيئتها الاجتماعية الفضيلة والعفة والوجه الصحيح للمجتمع النموذجي، إلا إن المواطنين السعوديين يفرون في الإجازات من هذه البيئة لتجدهم من أوائل المقبلين على كافة الأنشطة السياحية في البلدان العربية والأجنبية على حد سواء (1) برغم ما يشوبها من كافة مظاهر الاختلاط وعدم ارتداء الحجاب الشرعي وتبرج وسفور النساء وعدم احترام أوقات الصلاة، كالحفلات الغنائية والسينما والمسارح وعروض السيرك ومهرجانات التسوق، وغيرها الكثير من الأنشطة والبرامج السياحية التي يقبل عليها السعوديين بكثافة في مواسم العطلات، والتي لا يجدونها إطلاقا في بلادهم، بسبب قوانين العفة والفضيلة السائدة، في هذا الصدد ذكرت صحيفة “ذي ناشونال” التي تصدر باللغة الانكليزية في ابوظبي في احد تقاريرها حول سفر السعوديين إلى البحرين ” “يتدفّق السعوديون إلى البحرين عبر جسر الملك فهد ما أن تبدأ العطلة الصيفية، في محاولة للتخلص من الكبت الاجتماعي المحاطين به في بلادهم… وفاقم تواجد السعوديين في البحرين مشكلة التحرش بالفتيات في المتاجر والأسواق، حيث يبدو مشهد النساء من دون حجاب مثيرا لنظر الشاب السعودي المكبوت في وطنه.
“دعوة البرلمان البحريني لمنع تعاطي الكحول قد توحي بأن السعوديين يتوقون إلى الكحول فقط في البحرين، لكن السعوديين يأتون ضمن عائلات إلى بلادنا، وهم محترمون”… يدافع محمود جابر، الذي يدير سلسلة قاعات للسينما في المنامة، مشيراً إلى أنهم “يتوقون إلى مشاهدة الأفلام في السينما وحضور الأمسيات الثقافية” أي باختصار إلى “الحرية” الاجتماعية، وما مشهد قيادة السعودية لسيارتها في البحرين سوى دليل على ذلك، والتعبير لسيدة سعودية تدرس في المنامة، تدعى دعاء منير (22 عاماً).
ولدى جابر أرقام تؤكد نظريته، ففي أيام العطلات “يعد السعوديون 90 في المائة من زبائنه”.
وقال هاورد سكوت، الذي يعمل في محلات لبيع الكتب أن السعوديين يقدمون إلى البحرين لشراء الكتب الممنوعة.
“ونسبة السعوديين من إجمالي السياح القادمين لزيارة مملكة البحرين يعادل ال60% ”
في إحصائية إن ما يعادل 73% من سكان المملكة زاروا البحرين خلال عام 2007م.
وفي عام 2003م قدر عدد السعوديين الذين زاروا مهرجان دبي للتسوق بمليون شخص، شكلوا 40% من زوار المهرجان، وأنفقوا قرابة ملياري ريال!!
وقدر عدد السعوديين الذين يقبلون على زيارة دبي سنويا أكثر من نصف مليون سائح،
في تحقيق لصحيفة الرياض – الجمعة 23 جمادى الآخرة 1426هـ – 29 يوليو 2005م – العدد 13549 تحت عنوان”السائحون السعوديون في الخارج.. باذخون وطيبون ومزعجون ومتفاخرون ومحبوبون”
جاء فيه “: في صيف العام الماضي تشير الإحصائيات أن هناك مايقارب الخمسة ملايين سعودي كانوا خارج البلاد ( أي ما يعادل (22)من عدد السكان تقريبا) وقاموا بصرف مايعادل 20 مليار ريال، يقول عبد الرحمن محمد (27 عاما): الجو هنا في الصيف لا يطاق والحرية شبه معدومة، هناك تجد جوا رائعا وحرية تشعر بوجودها حتى لو كنت نائما” كثير من الشبان يرددون مثل كلام عبد الرحمن لأنهم يشتكون دائما وفي كل مكان أنهم مقموعون بالداخل.
الانغماس في المتعة هو هدف السعوديين الأساسي من السفر، الانغماس في الطبيعة الخلابة والأسواق والحفلات والمهرجانات والحدائق والساحات العامة والمقاهي.
يقول أحد متعهدي الحفلات أن الجمهور السعودي هو أكثر جمهور عربي إقبالا على الحفلات الغنائية خصوصا للفنانين المشهورين وهو مستعد لدفع مبالغ كبيرة لمجرد حضور حفلة غنائية جميلة.
يقول بدر السويلم (25 عاما) الذي يذهب لأوروبا باستمرار إن السعوديين هناك يتسمون بسلوك ثابت واحد وهو: «التفاخر». ويضيف: التفاخر هو هدف الغالبية هناك، التفاخر يعني أن يشاهدوك كل الناس، في شارع الشانزلزية يجلسون في المقاهي من أولها وحتى آخرها. أصبح الناس يعرفون من يجلس هنا ومن يجلس هناك.
يقول بدر أن هذه الطبقة السياحية السعودية واضحة المعالم ويمكن أن تلاحظها بسرعة وهي تترك انطباع سيء لدى غيرهم ويضيف: هؤلاء السياح يخربون السياحة على السياح غيرهم وحتى السعوديين منهم، أنهم يرفعون الأسعار والعاملون يبحثون عن من يدفع لهم بقشيش أكثر، وساعات العمل ترتفع، لذا أنت بحاجة لدفع مبلغ كبير لتقوم بالجلوس بأحد مقاهي الشانزلزية، أصبحوا يحجزون الكراسي عن طريق إعطاء المشردين في الأنفاق في الشوارع بعض المال ليجلسوا مكانهم إلى حين موعد قدومهم.”
في جنيف يحدث ذات الشيء، يبدو وكأن أحد أحياء الرياض الراقية انتقل إلى هناك لمدة ثلاثة أشهر هي فترة الصيف، هناك استعراض في السيارات المنفوخة المثيرة والرائعة التي تحمل لوحات سعودية وفي القمصان والفساتين والساعات والمجوهرات، أصبحت الأماكن التي يتم فيها الاستعراض والتنافس بين الشبان والفتيات معروفة ويمكن لأحد خبير هناك في هذه المظاهر أن يخبرك عن أوقاتها وأين تتم، ضغط السعوديين دفع أحد القائمين على أحد المهرجانات الشهيرة في جنيف للاستمرار من أسبوعين إلى شهر!!. كان هناك غيوم من السعوديين تمطر نقودا ومن غير الحكمة تبديدها هكذا بسهولة.
يقول الشاب عبد الرحمن محمد الذي يسافر كل صيف إلى الخارج ( في تصريح في إطار تحقيق صحفي نشره موقع الكتروني خبري ) ” : الحرية هي السبب الرئيسي الذي يدفعني للهرب إلى الخارج كل عام، لا توجد سياحة داخلية وأنت تشعر أن هناك من يراقبك ويمكن أن يتدخل ويقلل من كرامتك وربما يعتقلك ويزجك في السجن”.
جاء في تقرير لصحيفة الوفاق الالكتروني هذا النص”وقد وجد الشباب السعودي ضالته في حالة الانفتاح “بلا حدود” خاصة في دبي وأبوطبي… ويتقاطر الشباب للحصول على التأشيرات، لقضاء بعض الأوقات هناك، ولعل القصص التي تروى عن دبي والانفتاح اللا محدود والمائة جنسية التي تتكدس هناك، يسيل لعاب الشباب، ويجعلهم يريدون الذهاب والتجريب، خاصة أن الأمر غير مكلف، والأجواء متشابهة، والتسهيلات الممنوحة مغرية.”
إن مخرجات منظومة الفضيلة تبدوا عبثية ومتناقضة بشكل مأساوي، فالتناقض واضح ما بين واقع المجتمع السعودي المفرط بالتدين والمتمسك بالتقاليد، وما بين اتجاهات النشاط السياحي للمواطنين السعوديين، الذي يغلب عليها الانفتاح الواسع النطاق والتمتع بأجواء المناطق السياحية الإنسانية والاجتماعية وخدماتها الترفيهية التي تخالف منظومة الفضيلة، علاوة على توجيهات رجال الدين التي تحث مواطنيهم على عدم السفر للدول السياحية التي لا تتبع القيم الدينية، وتشير الإحصائيات الصادرة في عام 2009م إلى إن أن السياح السعوديين إلى الخارج يزداد عددهم سنوياً، حيث وصل عدد السياح السعوديين المتجهين إلى الخارج العام الجاري بنحو 4 ملايين سائح أنفقوا ما يزيد على 50 مليار دولار، من خلال السفر إلى الخارج أو السياحة البينية.
وفي إحصائيات عام 1998م، أعدها مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودي أن 24% من الأسر السعودية تتجه إلى السياحة في الداخل، بينما تتجه 47% من الأسر السعودية للسياحة في دول غير عربية!! و29% في دول عربية.
وقد أشارت دراسات تناولت السياحة السعودية أن السائح السعودي يأتي في الترتيب الثاني عالمياً في حجم إنفاقه على السياحة الخارجية، وأوضحت الدراسات أن إنفاق السياح السعوديين على السياحة الخارجية بلغ نحو 31 مليار ريال عام 1997، أما ما أنفقه السعوديون على السياحة الداخلية فقد ذكرت بعض التقارير أنه في الفترة ذاتها لم يتجاوز إنفاق السعوديين على السياحة الداخلية أكثر من 5 مليارات من الريالات وهي نسبة ضئيلة جداً من حجم إنفاق السعوديين على السياحة.
******
وإذا ما القينا نظرة فاحصة فان الإحصائيات والتقارير تؤكد إن الكثير من المواطنين السعوديين يعيشون خارج البلاد، لأسباب غير معلنة، ولكن يرجح أن من بين أسبابها طبيعة النظام الاجتماعي السعودي القائم على العمل بمنظومة متزمتة من التعاليم والقيم الدينية والأخلاقية، والتي تقلص الفرص المتاحة أمام الفرد لإثبات وجوده وتحقيق طموحاته، ففي الإمارات مثلا تعيش أكثر من 3000 مواطنة سعودية في دبي والشارقة وابوظبي، ويعملن في مجالات مختلفة، وذكرت الدكتورة نادية باعشن في مقابلة على قناة العربية أنها اكتشفت أن بعض السعوديات الحاصلات على شهادات في الحقوق يمتلكن 10 مكاتب محاماة في الكويت و3 في البحرين، بينما لا يمكن للمرأة السعودية ممارسة المهنة داخل بلادها نظرا للحظر المفروض عليها من قبل السلطات الدينية، وكلنا يعرف العالمة السعودية المشهورة الدكتور حياة سندي، التي تعيش في بريطانيا، والكثير من المبدعات السعوديات يعشن في دول الجوار، من سيدات أعمال وإعلاميات، جاء في مقال للكاتبة وفاء الضويان ” أعلم بالضبط عدد السعوديين الذين استوطنوا بعض دول الخليج (إمارة دبي الشارقة على وجه الخصوص)، ولكن المؤكد أن أعدادهم هناك ليست بالقليلة، وهي بازدياد مطرد كل عام، حتى في دول عربية كمصر مثلا. بداية لابد من التنويه هنا أن هجرة السعوديين إلى الخارج ليست بالأمر الجديد، فقد عرفنا هجرة رجال الأعمال مع هجرة رؤوس الأموال للخارج، ثم تلا ذلك هجرة الكفاءات العلمية والإدارية الوطنية للعمل.
وفي كلتا الحالتين كانت الأسباب اقتصادية، وبالرغم من ذلك فقد ظلت الهجرة على نطاق ضيق جدا، لارتباطها بأصحاب الأموال وأصحاب العقول، أي هجرة خجولة إذا جاز لي التعبير، لكنها لن تظل كذلك، لأنها سوف تصبح ظاهرة عما قريب، إن لم تكن قد أصبحت بالفعل ظاهرة، والأسباب التي تدفع إليها هذه المرة ليست اقتصادية بل اجتماعية. فبالرغم من أن السوق السعودي هو أكبر سوق عمل في المنطقة، وفرص الوظائف في السعودية أفضل مما هو موجود في جنوب أوروبا، إلا أن دبي بدأت تمتلئ بالسعوديين..سوق السمك هناك يوجد به عدد لا بأس به من الشباب السعودي الرائع. بعض السعوديين هناك لديهم مؤسسات في وسط السوق القديم، وفي الشارقة يهيمن عدد لا بأس به من السعوديين على نشاط بيع السيارات بالمعارض، وما أسمع عنه هو أنه يوجد في مصر آلاف من السعوديين، معظمهم يعملون لحسابهم الخاص. في الكويت والبحرين والمغرب يوجد هناك آلاف السعوديين، وفي ما وراء البحار هناك حوالي ألف سعودي في مدينة هيوستن الأمريكية فقط يحملون الجنسية الأمريكية، ويعيشون هناك منذ عشرات السنين، وهناك أيضا عدد لا بأس به من السعوديين في مختلف الولايات الأمريكية ممن يقيمون إقامة دائمة.
وإذا كانت هجرة الرجل عموما هي الأبرز، إلا أن الجديد هجرة المرأة، حيث يلاحظ أن عددا غير قليل من السعوديات هاجرن إلى دول عربية وأوروبية لأسباب عدة، منهن إعلاميات ومثقفات وسيدات أعمال ومتخصصات في مجالات علمية ومهنية متعددة.
صحيفة الشرق الأوسط وفي تقرير لها لاحظت أن إعلانات طلب التجنيس والهجرة التي تنشر في الصحف السعودية لم تعد تحتوي على عبارة “لغير السعوديين”، والتقت ببعض الشباب الذين استقروا أو هم في طريقهم للاستقرار في الخارج أحدهم قرر السفر إلى بريطانيا للعمل براتب يعادل ثلاثة آلاف ريال شهريا.
مما سبق ذكره نستطيع القول إن هجرة السعوديين لم تعد حالات فردية، بل هي حالات جماعية، كما لا يمكننا أن نعزوها للبحث عن العمل لأن هذا لا يستقيم مع حقيقة أن السوق السعودي هو أكبر سوق عمل في المنطقة كما أسلفت. عندما يكون هناك قمع اجتماعي، فالأسباب الغالبة إذن اجتماعية.
جاء في تعليقات المقال:
مرام الحربي: أنا عمري 18 وحلم حياتي إني أهاجر وأروح أمريكا أو دبي لان هناك اقدر أعيش حياة كريمة مو زى هنا فقر وتخلف وحبس…
ناصر العتيبي، الظهران: نحن تحت وطأة الخوف والمفهوم السائد لدى البيروقراطيين (أن لم تكن صديقي فأنت عدوي) فالهجرة لا تقتصر على بلاد الخليج فقط أو الدول العربية فلقد التقيت رجلا ثريا في لوزان بسويسرا قبل 5 سنين وله أكثر من 25 سنة مقيم وأبنائه السبعة وهو مواطن أب عن جد عن جد ويلقي محضرات في أرقى جامعات سويسرا ويلقى من الدعم يعجز عنه الدول العربية مجتمعة ويبلغ من العمر62 عاما وهو يأتي للعمرة والحج بجواز سويسري وله من الكتب والمؤلفات عدة يا ليتني كنت مكانه
إذا كنت موظف هنا زميلي بريطاني وراتبه يعادل أربعة أضعاف راتبي !!! فلماذا أعيش في ذل؟؟
ويقول الكاتب احمد عبد العزيز السويد في مقاله “موسم هجرة السعوديين” : جريدة الشرق الأوسط وفي تقرير لها لاحظت إن إعلانات طلبات التجنيس والهجرة التي تنشر في الصحف السعودية لم تعد تحتوي على عبارة “لغير السعوديين”!، والتقت ببعض الشباب الذين استقروا أو هم في طريقهم للاستقرار بحثا عن عمل في الخارج احدهم قرر السفر إلى بريطانيا للعمل براتب ثلاثة آلاف ريال شهريا!؟، والأدهى والأمرّ ما جاءت به الصحيفة، حيث قالت إنها وقفت في إحدى مدن الجنوب الإنجليزي على محاولات فتيان “خليجيين” تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثانية والعشرين لتحويل جوازاتهم “الخليجية” إلى جوازات عراقية أو سودانية طمعا في الحصول على اللجوء السياسي والاستفادة من المميزات المتاحة لهذا الفئة هناك من دخل شهري وفرصة للتعليم الخ..، ولأن التقرير عن هجرة السعوديين فقط، ولم يتطرق إلى أية جنسية خليجية أخرى فإن هذا يدفعني للاعتقاد أنهم سعوديون!!.”
وفي مقال لعبد الله العلمي في صحيفة الوطن”:بموجب تصريح وكيل وزارة التربية والتعليم في الكويت محمد الكندري فإن مئات السعوديين والسعوديات تقدموا للعمل في سلك التدريس في بلاده وتم قبول طلباتهم. أكثر من 300 خريجة سعودية من المنطقة الشرقية توافدن للكويت للمشاركة في بناء النهضة التعليمية.
هناك حالات نزوح جماعية أخرى للسعوديات لممارسة مهن أخرى شريفة ومجزية في دول الخليج. كذلك هناك عدد غير قليل من السعوديات هاجرن إلى دول عربية وأوروبية، منهن إعلاميات ومثقفات وسيدات أعمال وطبيبات ومتخصصات في مجالات علمية ومهنية وإدارية متعددة.
هناك سيدات سعوديات محاميات يمارسن العمل في البحرين وفي مصر وفي الكويت في الإمارات في مهنة المحاماة. لم لا، فما زالت محاكمنا الموقرة حكراً على الرجال ولا يُسمح للمرأة حتى بالدخول من البوابة الرئيسية لمبنى المحكمة ناهيك عن الترافع حتى ولو كانت أطراف القضية نسائية.
سيدة أعمال سعودية معروفة روت لي ما تتعرض له من مضايقات بسبب وبلا سبب وهي تفكر جدياً بأخذ ممتلكاتها والنزوح خارج البلد. كل مواطن ذكرا كان أم أنثى وكل رأس مال سعودي يهاجر إلى الخارج هو خسارة للكفاءات العلمية والإدارية والمالية الوطنية.
عندما تحط نوف رحالها في الكويت، ستتمكن من أداء عملها بجدارة ومهارة وسيكون بإمكانها ركوب مواصلات عامة نظيفة وحديثة أو قيادة سيارتها بنفسها وشرب القهوة في أي مقهى يعجبها بكامل حقوقها المدنية والاجتماعية كإنسانة مُكَرَمَة وكاملة الأهلية. ولي الأمر لم يقصر، ولكن نحن – وموروثاتنا الاجتماعية – وقفنا ضدها وأغلقنا الأبواب في وجهها فلا تلوموها”
جاء في بعض التعليقات:
الأميرة: صدقت. أنا في بريطانيا و أفكر كذلك و بجدية في الهجرة. ما أتخيل أني راح أرجع للسعودية. و فعلا كما قلت في مثل هذه البلدان تشعر المرأة بأنها تتمتع بكافة حقوقها المدنية و الاجتماعية ” كإنسانة مُكَرَمَة وكاملة الأهلية”.
ريم حمد: وأنا في أمريكا وأفكر بجد ما ارجع
محمد: وأنا كذلك بقي لي على تخرجي من الجامعة خمسة أشهر وقررت الذهاب في بعثة لخارج والوطن وعدم الرجوع إليه.
وفي استفتاء عام شارك فيه شبان سعوديون، كانت نتيجته أن 20% من المشاركين قالوا بأنهم يفضلون العمل في إمارة دبي لقربها الجغرافي ولانفتاحها وتسامحها الاجتماعي.
يقول الإعلامي السعودي ناصر صالح الصرامي، مدير الإعلام في محطة “العربية” الفضائية، حول الأسباب التي دعته للعمل الإعلامي في الإمارات بعيداً عن وطنه الأم في السعودية، “الفرصة، والطموح، هي التي تقود أي شخص إلى الذهاب بعيدا أو قريبا للحصول على فرصة أكبر أو تحقيق طموح مشروع”، ويضيف “الفرص موجودة في كل مكان، لكنها تتفاوت، وبعضها يحجب الإبداع، أو يقلص سقف الحرية، ليكون الخيار البديل هو البحث عن الفرصة في مكان آخر ومحيط جديد أكثر حيوية وحرية وانفتاح، ولو على المستوى الشخصي.
ويقول “ببساطة لا يوجد في بلادنا فرصة لرؤوس الأموال للاستثمار في الإعلام، لذا تذهب الأموال للخارج وتقام المشاريع الإعلامية الكبرى في الخارج، ونحن بدورنا نحلق بعيدا مع هذه المؤسسات الإعلامية، حيث أجواء العمل أكثر استيعابا وانفتاحا، وفرص الاحتكاك والتطوير أعلى”.
أما المذيعة مها السراج في قناة الاقتصادية بقسم الأخبار، ومعدة ومقدمة برنامج (المرأة والاستثمار)، فتتحدث عن سبب توجهها للخارج للعمل في مهنة الأعلام، قالت ” إن العمل الإعلامي في إمارة دبي أكثر انفتاحا من أي مكان آخر في المنطقة، مشيرة إلى أن “إمارة دبي تتميز عن أي مدينة عربية أخرى بما تحفل به من حركة اقتصادية غير عادية، تشجع على الاستثمار الإعلامي وتطوير صناعة الأعلام، إلى جانب التنوع الثقافي والذي يتمثل في اختلاف الجنسيات، لهذا فان التواجد وسط هذه البيئة الزاخرة بالأحداث يعطي للإعلامي أو الإعلامية زخما مهنيا وثقافيا، ومن خلال وظيفتي كإعلامية فالاحتكاك بذوي الخبرة والثقافة يعتبر أمرا عاديا يحدث في كل يوم، مما يتيح للمرء توسيع دائرة علاقاته إلى جانب الاطلاع على مجريات وأحداث الأمور العالمية، كما ويعطيك الفرصة لكسب خبرات ومهارات متعددة”.
لقد فشلت منظومة الفضيلة في المحافظة على رأس المال الاقتصادي والبشري واستثماره في ظل تعاليمها وقوانينها،فكانت النتيجة هي هجرة المليارات من رؤؤس الأموال والآلاف من أصحاب المهارات والتخصصات إلى الخارج، رغم توفر الإمكانيات الكبيرة لاستيعابها واستثمارها لصالح الإنسان والمجتمع.
******
وفي مقارنة سريعة بين دول الخليج المجاورة والمملكة، يظهر الفرق الواسع النطاق بين المجتمع السعودي ومجتمعات دول الخليج المجاورة له، التي تتقاسم معه كافة الروابط القومية والدينية والاجتماعية والقبلية والعرقية أيضا، فسكان الخليج ليسوا سوى قبائل هاجرت من أنحاء متفرقة من الجزيرة العربية في القرن السادس عشر والسابع عشر إلى سواحل الخليج العربي، واستقرت فيها وأسست إمارات ومناطق حضرية، ثم تعرضت للاستعمار حتى استقلت في سبعينيات القرن العشرين، فإذا ما قارنا على سبيل المثال وضع المرأة الكويتية بالمرأة السعودية، فإننا نلمس فرقا هائلا في الحريات والحقوق والمكاسب، كان آخرها إقرار حق المرأة في الانتخاب والترشيح لمجلس الأمة، وقبل ذلك عينت المرأة كعضوه في المجلس البلدي ووزيرة في الحكومة، وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت عام 2009م فازت أربع نساء وأصبحن أول عضوات في مجلس الأمة، بعد اقل من ثلاث سنوات فقط من محصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية، بينما نسبة المرأة السعودية في مجلسي الوزراء والشورى صفر !! ، وتعمل النساء الإماراتيات في كافة الدوائر والمؤسسات العامة من دون تمييز، ويشكلن 30% من شاغلي الوظائف القيادية في الوزارات الاتحادية، ووصلت الإماراتيات إلى العمل في الجيش والقوات المسلحة، و عينت كل من إمارتي ابوظبي ودبي مواطنتين في سلك القضاء، بينما لا يحق للمرأة السعودية حتى العمل كمحاميات !! هل تخلين نساء الدول الخليجية عن شرفهم وعفتهن عندما أصبحن جزء فاعل في حياتهن الاجتماعية وقوى العمل الوطنية في بلدانهن؟
وفي مضمار الجريمة فان مملكة البحرين نادرا ما تسجل فيها إعدامات، وكان آخر حكم إعدام نفذ بحق مواطن بنغالي أدين في جريمة قتل، وفي الإمارات فان اغلب أحكام الإعدام تخفض إلى المؤبد،.. في دبي التي يعيش فيها أكثر من 100 جنسية على الأقل، وتعج بالأنماط الاجتماعية المتعددة والمتناقضة، هل سمع احد في يوم من الأيام عن زيادة مضطردة في نسبة الجريمة وان نسبة الأمن قد تدنت وان دبي أصبحت غير آمنة، وهل حدث أن سمعنا عن جريمة مدوية أو جريمة اغتصاب بشعة، بالرغم من انفتاح المجتمع وتعدده وتزاحمه؟
بينما تعج السجون في المملكة بالعشرات من المدانين بجرائم القتل وينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، فلما ترتفع نسبة الجريمة في مجتمع الفضيلة عن غيره؟
وما يزال المجتمع المحلي في دول الخليج محافظا على هويته الوطنية وتقاليده وقيمه بشكل عام، رغم انفتاحه النسبي، وبروز ثقافات وأنماط اجتماعية فرعية، واستقباله مظاهر وسلوكيات مختلفة وفي بعض الأحيان متناقضة مع هويته القومية والدينية والاجتماعية، فهل سمع احدنا يوما عن أن النساء في الكويت أو الإمارات أو قطر تخلين عن حجابهن وزيهن التقليدي، وعادتهن وتقاليدهن، أو ليست الوزيرات في الإمارات يظهرن بعباءاتهن الخليجية التقليدية ؟ هل منعهن التفاعل الاجتماعي والالتحاق بقوى العمل الوطنية، وممارسة حرياتهن الشخصية والاستفادة من كافة الخدمات والفرص من الحفاظ على شرفهن وعفافهن وتمسكهن بهويتهن الاجتماعية والدينية؟
فما بال السعوديات ؟
إن في المجتمعات المجاورة للمجتمع السعودي قاعدة قانونية وإدارية اقل بيروقراطية واقل ثقلا واقل مركزيا واقل تعقيدا وأكثر مهارة، مبنية على أسس مدنية ودينية، وقائمة على مبدأ القبول بواقع تعدد الانتماءات والأنماط الاجتماعية بقدر معقول يتيح فرصة تقبل الآخر رغم تناقضه، فتجاوزت الكثير من العراقيل والإشكاليات القانونية والحقوقية، وتقدمت على مستوى الخدمات والأداء الاقتصادي والتنموي، وتفوقت
على المجتمع السعودي من مختلف النواحي، مع احتفاظها بهويتها الدينية والوطنية وعاداتها وتقاليدها وتمسكها بتراثها.
إذن لم تنتج منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي إلا نقيض ما انشات من اجل محاربته ومكافحته
وكان من نتائجها الفعلية وقوعها في المطب الذي هربت منه، وفشلها في أداء مهامها، فالمجتمع السعودي وفقا للإحصائيات لم يسلم من تجنب تسجيل نسب معتبرة من المخالفات والتجاوزات لتعاليمها، رغم صرامة تطبيقها، حتى إن الرقابة على السلوك العام وصل إلى حد الرقابة بكاميرات تصوير في المجمعات التجارية،
ولم يصبح المجتمع السعودي مجتمع الفضيلة النموذجي، ولم يتميز عن غيره في تدني الظواهر السلبية بشتى أنواعها وأصنافها وأشكالها (1) فمثلا في الإحصائيات الأخيرة عن مرض الايدز، احتلت قطر النسبة الأعلى في إصابة المواطنين بالمرض حيث بلغوا نسبة (49% )، يليهم السعوديين بنسبة (32% )، أما في البحرين التي أطلق عليها بعض المتشددين بانكوك الخليج ! فقد بلغت نسبتها (25%). أما في الكويت فبلغت نسبة إصابة المواطنين (12،30%)
ولم يعم الرخاء وانفراج سبل الحياة، ولم تحقق معدلات مرتفعة من النمو والتطور والازدهار جراء الالتزام بقوانين الفضيلة وتعاليمها.
بل على العكس من ذلك فقد تحولت منظومة الفضيلة إلى عائق أساسي أمام تنمية البلاد وتطورها ! وهذا لعمري لمن أعظم التناقضات والعبثيات، ومصداقا للمأثور من القول :” الضغط يولد الانفجار ” وان ما يعانيه المجتمع السعودي أشبه بامرئ يعيش بالقرب من وادي يسيل منه الماء كل شتاء، فعمل على حماية أرضه وعياله بأكثر مما تحتمل الأرض، وبوجل وصرامة على أبنائه بأكثر مما يحتملون، فكانت النتيجة أن سقطت حاميته من أول سيل! ومل عياله الرقابة والتحذير والوعد والوعيد، فراحوا يراوغون أباهم من دون علمه، فوقعوا في آتون سيل جارف قتلهم على حين غرة!!
بينما الدول الأخرى والتي تقيم منظومتها الأخلاقية والاجتماعية بناء على أسس وقوانين مدنية يكون الدين جزء منها، ويصبح للدولة دور واضح لا يزاحم المجتمع وحركة أفراده، تمكنت من تجاوز الكثير من العقبات وتقدمت على مجتمع الفضيلة على مختلف الأصعدة والميادين، وليس هذا فقط، بل إن منظومة العفة والفضيلة في تلك المجتمعات ظلت تمارس دورها بفاعلية وحيوية في حفظ الأمن الجنائي والأخلاقي، ولا أدل على ذلك تلك الإحصائيات التي أوردناها سابقا، علاوة على احتفاظها بعاداتها وتقاليدها وقيمها الدينية والاجتماعية، وتمسكها بهويتها الوطنية والقيمية، فمنظومة الفضيلة في نهاية الأمر لا يخلوا منها أي مجتمع، حتى مجتمعات الدول المتقدمة، إلا إن قوانين وأنظمة كل منظومة هي التي تحدد مدى فاعليتها وقدرتها على أداء مهامها بكفاءة واقتدار، ومن دون الإخلال بالحريات العامة والحقوق المشروعة وسلطات المؤسسات الأخرى في المجتمع، ومن دون تعارضها مع المتطلبات الفعلية والواقعية للنهضة في مختلف المجالات والأصعدة، والتي توضع وفقا لأسس علمية وعملية تتسم بالواقعية والانسيابية والمرونة (1) ولعل التقرير السنوي الصادر عن مجلة صانعو الحدث يثبت بما ليس فيه مجال إخفاق منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي في بناء مجتمع ديني نموذجي، يجمع ما بين التدين والتطور، ففي تقريرها السنوي حول أفضل المدن العربية حلت أبوظبي في عام 2008م على رأس قائمة أفضل المدن وتلتها دبي، وقد اعتمدت الدراسة على ست مجالات رئيسية في وضعها لمعايير وقياسات التقرير هي ( الصحة، الاتصالات والمواصلات، التسلية والثقافة، التعليم، والأمن وحقوق الإنسان) وهذا ما جعل كل من ابوظبي ودبي تحتلان المرتبة الأولى والثانية على التوالي، لأنهما تقومان على توفير الحد الأدنى من الشروط والمتطلبات لبناء حواضر مزدهرة، وفقا لأسس مدنية وعلمية واقعية، تكون فيها المؤسسات الدينية جزء من مؤسسات النظام العام، بينما صنفت الرياض باعتبارها ثالث أسوء مدينة يمكن العمل بها على مستوى العالم، بعد لاجوس في نيجيريا، وجاكرتا في اندونيسيا.
إن واقع المجتمع السعودي يحتاج إلى تغيير عميق في منظومة العفة والفضيلة، علاوة على إحداث تغييرات عميقة أخرى، حتى يتمكن فقط من اللحاق بركب المجتمعات الخليج المجاورة له. أما اللحاق بركب المجتمعات المتقدمة، فتلك مرحلة حضارية أخرى تحتاج إلى قطع أشواط طويلة من النهضة والأعمار الإنساني والحضاري والتنمية الشاملة، التي يكون الإنسان هو بدايتها ونهايتها، ومقصدها وغايتها، في إطار نظام إداري رشيد ومتسامح ومنفتح، ومتحرك وفقا لأسس عصرية متصالحة مع تراثها ومرحلتها الحضارية الراهنة، وتتسع بيئتها لكافة أوراق الطيف البشري بأنماطه المختلفة والمتعددة.
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
البلد محكوم بفكر اكثر فئات البشر تخلفا وتطرفا.
ولا حل الا بانقلاب على هذا الوضع تدعمه السلطة.وهو مالن تفعله السلطة بشخوصها الحاليين.
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
كل من ينادي بهذه الافكار هو اخر من يطبقها فمن فصل الجنسين الى الانفتاح المباشر والعياذ بالله .
ولو سالنا الكاتب كيف هي طريقة زواجك وكيف تريد ان تتعامل بناتك لما اجاب او انه اجاب بطريقه ملتويه لذلك فهذا النصح الممجوج لا نريده وهذه الصيغه للحياه لا نريدها نريد ان نحيا كما نحن ومرحبا بها وباخطاءها بعيدا عن حياتكم واخطاءكم .
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) تناكحوا وسأتباهى بكم في يوم القيامة، هذا ما قاله صلى الله عليه وسلم. لا أعرف لماذا هذه الضجة حول الزواج السياحي؟ فهي حلال وتعطي المنكوحة أجر فرجها، وهذا حلال أيضاً.. ليس كنكاح الكفار بدون حضور شيخ يشهد على ذلك ليقوم بتحديد الدرجة السياحية بين 5 و 3 نجوم.. أعتقد أنه الغيرة من الذين لا يملكون جوازات سفر من أهل الذمة.. لكنه من العدل لو ظهر السياحي الشعبي (يعني تحت النجوم شوية من أجل الفقراء)- الفقراء بالسياحة الأغنياء بالإيمان والقناعة لأخذ دورهم كي يزداد (ص) فخراً…إذا الجنة تعطي للذكر عشرات العذارى، ألا يحق هنا… قراءة المزيد ..