لم ادخل في أي يوم في لعبة حسابات الارقام وتوقع الفائزين والخاسرين رغم أني تلقيت الكثير من الاحصاءات والتوقعات لأعداد المقاعد لكل من الفريقين. لم ادخل في هذه اللعبة لأني ضعيفة في الارقام ولا أملك معطيات أثق بها. كل ما أملكه متابعة التصريحات التي كانت مشتعلة ومنذ فترة طويلة ولكنها أصبحت نوعاً من هستيريا اجتاحت لبنان وافرقاءه جميعاً مؤخراً، مع مراقبة ردود فعل اللبنانيين بشكل عام.
ولكني كنت أتساءل طوال الوقت، خاصة بعد الممارسات المعلومة التي قامت بها قوى 8 آذار الذين شاركوا في الحكم بكل الوسائل المتاحة لهم، من شرعية وغير شرعية، مستخدمين العنف والترهيب وظلوا مع ذلك يطلقون على أنفسهم “لقب” معارضة من أجل حفظ حق “محاسبة” الموالاة عبر الشتائم والتهديد واحتلال الشوارع وممارسة العنف العاري ومنعهم من ممارسة الحكم.
تساءلت طويلاً هل يمكن اللبناني أن يختار هذا الخط الذي لا يعده سوى بالعنف المتجدد، وبانتقاص حريته وإخضاعه لإستبداد مقنّع، وبإضعاف رئيس جمهوريته، وتهميش جيشه، وجعله دولة مارقة ترفض الخضوع لقرارات الأمم المتحدة وإلحاقه بدولتين لا همّ لهما سوى استغلال لبنان من أجل حل مشاكلهما ومحاورة أميركا فيما ممثليهم في لبنان ينعتون جمهور 14 آذار وسياسييهم بـ”العملاء والخونة” لأنهم يجرؤون على اتخاذ مواقف مستقلة، وعلى التعامل مع الغرب ومع الولايات المتحدة كدولة سيدة وبمعزل عن دولتي “النضال والممانعة والانتصارات الإلهية” وعلى حساب اللبنانيين، الأمر الذي يعطل أهدافهما في التحاور مع الغرب والولايات المتحدة (وإسرائيل في ما يتعلق بسوريا) على حساب مصلحة لبنان ودماء الشعب اللبناني؟!
لكنني وثقت دائماً بالحس السليم للبناني وللقوى التي اجتاحت الساحات في 14 آذار من العام 2005 والتي ثابرت طوال اربع سنوات على تأكيد مواقفها الأساسية، ساهمت بالحفاظ على وجه لبنان الليبرالي والديموقراطي.
فالانتخابات دلّت على أن غالبية اللبنانيين، الذين ذهبوا الى الانتخابات بشكل حضاري وسلمي راقٍ عبروا باقتراعهم عن رغبتهم بترجيحهم خيار الاستقرار لدولة – وطنية لبنانية سيدة، حرة، مستقلة. اختاروا الشرعية وعلى رأسها رئيس الجمهورية وصوّتوا للجيش كمدافع عن أرضهم واختاروا خاصة حرياتهم الاعلامية والثقافية ورفضوا الاستبداد والترهيب والعنف. صوتوا مبدئياً للبنان متعدد ومنفتح. أي كانوا لبنانيين أولاً.
هذه الديموقراطية اللبنانية كنا نفضّل لو أنها عبّرت عن نفسها بطريقة أقل تعصّباً وأكثر”مواطنية” وعصرية، فيكون الاقتراع لأحد الاتجاهين ليس بسبب الاصطفاف المذهبي بل عابرا للطوائف والمذاهب بشكل حقيقي وعميق. لكنها مثلت اتجاهات اللبنانيين المتفاقمة نحو التقوقع والاصطفاف كقبائل وعشائر تحت غطاء المذهب والطائفة. فالصوت السني هو الذي أنجح تحالف 14 آذار بسبب إقباله الكثيف على الاقتراع، والصوت الشيعي هو عماد 8 آذار. وهذا يحصل للمرة الاولى بهذه الطريقة؛ ولم يبدُ التعدد الحقيقي إلا عند المسيحيين الذين اختار بعضهم العماد عون لكن الأخير، الذي ظل ناطقاً باسم “غالبية المسيحيين” بقوة البروباغندا وسطوتها نجح الآن بأصوات الأرمن المستوردين (ورد أن هناك اربعة آلاف صوت أرمني إضافي على انتخابات 2005 ومعلوم ان الكثير من الأرمن حضروا من مغترباتهم لمناسبة هذه الانتخابات وهم صوّتوا ضمناً لأرمينيا ومصلحتها عبر تحالفها مع إيران أكثر مما فعلوا لمصلحة لبنان ودولته) بالإضافة الى أصوات الشيعة في الدوائر التي نجح فيها.
وتأكد لـ”حزب الله” ومكابريه أنه لم يعد يحظى بالإجماع على مواقفه وأن سلاحه لا غطاء له من غالبية الشعب اللبناني وهو لم يعد “شرعياً” إلا بالنسبة لأصحابه الذين لم يُحسنوا استخدامه فاستخدموه مرة اولى، لمصلحة الجمهورية الإسلامية المحكومة “ديموقراطياً” من الوليّ الفقيه، في العام 2006، ومرّة ثانية حين وجّهوه الى صدور اللبنانيين في يوم يصرّون على نعته بـ”المجيد” في 7 أيار 2008. لقد استطاع “حزب الله” تجييش جزء كبير من الطائفة الشيعية، سواء بالترغيب أو بالترهيب، لكن هذا غير كافٍ في لبنان لكي يقرر مصير هؤلاء الشيعة أنفسهم أولاً، مصير اللبنانيين جميعهم من ناحية أخرى.
الأسف الآخر أن هذه الانتخابات لم تعبر دائما عن حسن اختيار القائمين على تحالف 14 آذار للأفضل من رجالات الدولة المشهود لهم، ولا للشخصيات الأساسية في التحالف، ووقفت في وجه ترشيحات تمثل العناصر المدنية والمواطنية التي وجدت نفسها مهمشة لمصلحة المصالح الكبرى للقوى ذات الطابع التقليدي الطائفي.
ما نأمله الآن قبول هذه النتائج من الطرف الخاسر مع قيامه بمراجعة ممارساته السابقة واستخلاص العبر من أجل تلبية طموحات غالبية الشعب اللبناني. وأن تكون له حافزاً لكي ينضوي تحت لواء الشرعية اللبنانية وتعلّم حلّ كل الخلافات عبر المؤسسات الرسمية المنتخبة من الآن فصاعدا وبواسطة الآليات الشرعية وبالوسائل الدستورية والقانونية.
لذا لم يعد من دور لطاولة الحوار سوى لمناقشة سلاح “حزب الله” مع أن هذا يعني عدم الاعتراف بتمثيلية البرلمان المنتخب وشرعيته في تمثيل كل القوى اللبنانية كما الحكومة التي ستنبثق عنه. لكن هذه هي ازدواجية “حزب الله” وفصامه المستجد، فهو يتصرف كجزء من السلطة وكخارج عنها في الوقت نفسه. يتصرف كدولة وكثورة انحدرت نحو البيروقراطية فوق ذلك، ولم يعرف بعد اختيار أي طريق سيسلكه. فطاولة الحوار هي اعتراف بأن الصراع هو بين سلطات أمر واقع، نوع من قبائل وعشائر تتصارع وتبتدع “مؤسسة للحوار” تستبدل بها العنف والثأر المهدّد للجميع.
كما أن قوى 14 آذار هي أمام امتحان أصعب الآن وعليها مسؤوليات جسيمة لجهة العمل على تفعيل المؤسسات، بالاضافة لاهتمامها بتأكيد السيادة والعمل على تنشيط الاقتصاد والتخفيف من أعباء المواطن والممارسة الشفافة. ولم يعد لديها عذر لعدم القيام بعبء الاصلاح الحقيقي للنظام السياسي من أجل تطبيق اتفاق الطائف كما يجب والتفكير الجدي في موضوع المجلسين (البرلمان ومجلس الشيوخ) والقيام بالإصلاحات المناسبة لدعم صلاحيات رئاسة الجمهورية بما يلائم مصلحة الوطن والتناغم بين المؤسسات. والعمل أيضاً على قانون انتخاب يلحظ التمثيل النسبي ويعالج معالجة جدية مشكلة غياب التمثيل النسائي عن البرلمان كما يجب، فمن العيب ان تكون المشاركة السياسية للمرأة اللبنانية ضعيفة وموضوعة خارج دوائر القرار بهذا الشكل المخجل، للرجال اللبنانيين قبل نسائهم.
وتظل المهمة الأصعب، وهي معالجة مشكلة الفساد المزمنة، والتي اتخذتها المعارضة “قميص عثمان”، وكأن الشفافية هي ابنتها الشرعية، ومعالجة كيفية تلزيم المشاريع وآليات صرف الأموال. وإذا كان من حوار مطلوب وجدي فمن أجل تعزيز الصيغة وتفعيل اتفاق الطائف وتطويره من أجل عقود مقبلة وليس فقط لسنوات معدودة.
تظل المشكلة الأصعب في مرمى ملعب “حزب الله” الذي لا يدرك إلى أي هاوية – لبنانياً وعربياً وإسلامياً – يجرف معه حاضنيه من الطائفة الشيعية خاصة عبر ممارساته التي صارت صفتها الأساسية انعدام المسؤولية.
(استاذة في الجامعة اللبنانية)
الانتخابات اللبنانية في مرمى “حزب الله” نعم للدولة الشرعية من الاسباب الرئيسيةالتي تعيق زيادة الوعي السياسي لدى شعبنا السوري الصابر وممارسةحقه الطبيعي في التجربة الديمقراطية المنتشرة في كل انحاء العالم والتي انتقلت حديثا لتعم وتشمل وطننا العربي الحبيب ولبنان الشقيق خيرمثال على ذلك وبالتالي نجاح ثورة فريق 14 اذار بالامس في الانتخابات اللبنانية هو نجاح وعون وامل كبير لاشقاءهم السوريين باذن الله *و الاسباب الرئيسية التي تمنع تقدم البلاد والعباد هي: 1- استمرارية الحكم اللاستبدادي وفرض حالة الطوارئ منذ عام63 2-استعمال جميع اساليب القمع والظلم والاضطهادلترويع الشعب 3- اعتقال الالاف من احرار سورية واصحاب الراي لترهيب الناس 4-اعدام المعارضين الشرفاء… قراءة المزيد ..