خلال السنوات الماضية وما رافقها من إعمال إجرامية من قبل عصابات القاعدة وحلفائها وآخرها في منطقة الشعلة في بغداد التي راح ضحيتها المئات من العراقيين الأبرياء، كانت تثير الاستهجان، الاستنكار والاشمئزاز لدي كل إنسان شريف. زاد ذلك الألم الموجع حتى الغثيان مشاهدة فلم عن اعترافات إرهابي “مصري الأصل” (يمكن مشاهدته في فيديو عراق الغد) عن العمليات التي قام بتنفيذها. استلم 50 دولار عن عملية ذهب ضحيتها العشرات من المواطنين . وعندما اغتالت سياراته المفخخة الموجهة من قبل القاعدة وحلفائها أكثر من مائة إنسان كانت مكافئته ” ورقة” أي مائة دولار. يدفع ذلك المرء أن يفكر كم هي رخيصة النفس الإنسانية عند هؤلاء الذين يرفعون راية الدين الإسلامي ؟ قال الله عز وجل “مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”.
ليس جديدا بأن الجماعات الإرهابية في العراق تتلقى الدعم من خارج حدوده ( أكدتها اعترافات البغدادي وكذلك التعاون بين القاعدة وبين مخلفات حزب البعث ). ومن ضمن الداعمين لجماعات المسلحة والمليشيات، النظام الإيراني وجيش “القدس”، ذراعه الخارجي الضارب، على أساس إن “الهدف يبرر الوسيلة”. إن ذلك الدعم أصبح معروفا حتى للأوساط السياسية التي ترتبط بنظام طهران وكذلك للأجهزة الأمنية العراقية، ليس فقط حسب اعترافات عناصر المجموعات الخاصة ، وإنما على الكم الكبير من مخابئ الأسلحة الإيرانية الصنع المكتشفة من قبل القوات الأمنية العراقية وقوات التحالف وآخرها ما صرح به يوم التاسع عشر من أيار الحالي الجنرال موريل من أن القوات الأميركية عثرت الأسبوع الماضي على مخبأ لأسلحة ومتفجرات إيرانية أُرسلت إلى العراق حديثا.
لقد سقط المئات من العراقيين ضحايا التعاون الشيطاني بين جيش القدس والقاعدة – وجماعات حزب البعث. وليس خافيا على ذي بصيرة إن تصفية حساب نظام ملالي طهران مع العالم تجري أيضا على الأرض العراقية في الدعم المالي، اللوجستي ، التدريب والتسليح للجماعات الإرهابية الذي يشهد وتيرة متباينة تعكس علاقة النظام مع المجتمع الدولي.
إن نظام طهران كان ولا زال ملاذا آمنا لقادة القاعدة في أفغانستان وباكستان وكذلك طالبان منذ عام 2001. ان التعاون الوثيق بين نظام طهران وكل من القاعدة وطالبان لا يختلف حوله اثنان .
ولأول مرة تقوم بعض الجماعات التي تتلقى الدعم أيضا من إيران بعملية إرهابية، بتفجيرين انتحاريين سقط نتيجتهما 60 شخصا غالبيتهم من الزوار الإيرانيين الذين يتدفقون على العراق منذ إسقاط النظام الصدامي في 2003 مما أعطى ذلك العمل بعدا جديدا في السياسة الإيرانية . فمن السخرية البكاء على أرواح المواطنين الإيرانيين من قبل نظام طهران وهو الذي يتحمل جزءا من المسئولية عن طريق دعمه العصابات المسلحة في العراق كما هو الحال في زهق أرواح مسلمين آخرين في العراق، لبنان ،فلسطين وغيرها من البلدان.
ولولا الدعم السخي من قبل النظام الإيراني لما سقط العشرات من الضحايا ومنهم مواطنين إيرانيين أبرياء. ومن اجل إسكات ردة الفعل عن تدخلات نظام ملالي طهران والدعم الذي يقدمه للعصابات المسلحة ومنها تلك التي قامت بجريمة التفجيرين التي راح ضحيتها العشرات ومنهم الزوار الإيرانيين ، خرج مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي في الخامس والعشرين من نيسان الماضي في بيان أذاعه الراديو الإيراني تحدث فيه عن التفجيرين وإن الجنود الأمريكيين هم “المشتبه بهم الرئيسيون” ، ليمسح بذلك يديه من دماء الضحايا ومنهم الإيرانيين ، ولكن عليه ينطبق المثل العربي “وجنت على نفسها براقع”.
ralamir@hotmail.com
• كاتب عراقي