المركزية – في وقت ينكب فيه العالم على نفض غبار الأزمة المالية التاريخية التي أضحت “اقتصادية” بامتياز تقض مضاجع الدول المتقدمة والناشئة على السواء، لا يزال لبنان حتى اليوم محطة نقدية مالية بارزة تستوقف الخبراء والمحللين الدوليين لتدفعهم إلى الإعتراف مرة تلوَ الأخرى وبيقين لا يقبل الشك، بأن وراء كل وضع نقدي ومالي سليم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي اعترفت الدول بسياسته الفريدة المتأنية المتميزة بالحكمة التي تلعب دائماً على أوتار الأزمات من دون أن تطاولها، إنما نأت بلبنان عنها كلها من دون استثناء لاسيما عن “أخطبوط” الأزمة العالمية.
فكانت “هذه الضوابط المصرفية التي وصفها المصرفيون المحليون منذ بضع سنوات بالمتشددة والمحافظة، قد أدّت أخيراً إلى تعزيز ثقة العالم بنظام لبنان المصرفي” على حدّ ما ما أورد الصحافي شيب كامينز Chip Cummins في مقاربة مقتضبة أجراها حول دراسة مؤسسة “موديز” التي لفتت إلى سلامة النظام المصرفي ومتانة الاحتياطي في لبنان، لتقوم بتحسين تصنيفه الائتماني السيادي، في حين تزامن ذلك مع سلسلة من الخفوضات التي قامت بها وكالات التصنيف إزاء عدد من الحكومات والمصارف والمؤسسات الحكومية في دول الخليج، ليقول “مع أن دين لبنان لا يزال كبيراً فقد نجح هذا البلد في إعادة تمويل جزء من ديونه الخارجية في بداية هذا العام، الأمر الذي أدى إلى الإيفاء بالتزامات التسديد الكبيرة لهذا العام، وعزز ثقة المقرضين الدوليين بهذا البلد”.
وعزز كامينز قراءته للواقع المالي اللبناني بما نقله عن الحاكم سلامة بأنه “إذا انطبعت انتخابات 7 حزيران بالديموقراطية، فسيتخطى النمو هذا العام نسبة الـ4 %”، لا بل “قد يتجاوز الـ 6%”، و”بما أن موسم الصيف يمثل 65% تقريباً من نشاط لبنان الاقتصادي، فمن الأساسي أن تتسم هذه الفترة بالسلام والهدوء”. ولم يغفل الحاكم الإشارة إلى أن “اقتصاد لبنان سيتأثر حتما بالتراجع الذي تشهده البلدان المجاورة، كون المصرف المركزي اطلع على تقديرات خاصة تشير إلى أن زهاء 4% من اللبنانيين الذين قصدوا الخليج، باتوا اليوم عاطلين عن العمل”، متوقعاً “تراجع الصادرات اللبنانية الى الخليج، مع إمكانية تباطؤ أو تأخير في تدفق رساميل المستثمرين العرب في المشاريع العقارية”.
نص المقال:
“قال رياض سلامه حاكم مصرف لبنان المركزي، إن النمو الاقتصادي قد يتجاوز نسبة 6% سنة 2009، في حال جرت الانتخابات البرلمانية المقررة في في شهر حزيران المقبل على نحو هادئ.
وأضاف أن مصرف لبنان كان قد توقع للسنة الجارية نمواً بنسبة 4% وهي نسبة “جدّ واقعية”، في مقابل 8% العام الفائت.
ومع أن صندوق النقد الدولي توقع نمواً بنسبة 3%، فقد أوضح سلامه في مقابلة أجريت معه يوم الخميس، أن البنك المركزي بات يتوقع تحسناً ملموساً في الاستهلاك: “إذا انطبعت انتخابات 7 حزيران بالديموقراطية، فسيتخطى النمو في سنة 2009 نسبة الـ4%. وبما أن موسم الصيف يمثل 65% تقريباً من نشاط لبنان الاقتصادي، فمن الأساسي أن تتسم هذه الفترة بالسلام والهدوء”.
وبالرغم من أحداث العنف التي شهدتها العاصمة بيروت السنة الفائتة، بقي الاقتصاد اللبناني في منأى عن الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، فكانت حاله أفضل من العديد من الدول المجاورة الأكثر استقراراً. والواقع أن الأنظمة والضوابط المصرفية المحافظة المتعلقة بالإقراض والاستثمار حدّت من التعرض لمخاطر الأوراق المالية الموثقة برهون عقارية وغيرها من الأدوات المركبة التي ألحقت الضرر بميزانيات مصارف عالمية، بما فيها مصارف كثيرة في منطقة الخليج.
وهذه الضوابط المصرفية التي وصفها المصرفيون المحليون منذ بضع سنوات بالمتشددة والمحافظة، قد أدّت أخيراً إلى تعزيز ثقة العالم بنظام لبنان المصرفي. فاستناداً إلى المصرف المركزي، تحسنت الودائع المصرفية بشكل منتظم، وسجلت زيادة سنوية بنسبة 15% في الفصل الأول من عام 2009. كذلك شهد الاحتياطي بالعملات الأجنبية نمواً ملحوظاً.
وقد قدرت مؤسسة “موديز لخدمة المستثمرين” هذا الاحتياطي بـ17.6 مليار دولار في كانون الثاني 2009، في مقابل 9.8 مليارات في نهاية 2007. ويؤكد سلامه أن الأموال الجاهزة بالنقد الأجنبي سجلت رقماً قياسياً، إذ بلغت 22.3 مليار دولار في نهاية شهر نيسان 2009.
وفي الشهر الفائت، استندت مؤسسة “موديز” إلى سلامة النظام المصرفي ومتانة الاحتياطي في لبنان، لتقوم بتحسين تصنيفه الائتماني السيادي. ومع أن دين لبنان لا يزال كبيراً (47 مليار دولار أو ما يقارب 150% من الناتج المحلي الإجمالي)، فقد نجح هذا البلد في إعادة تمويل جزء من ديونه الخارجية في بداية هذا العام، الأمر الذي أدى إلى الإيفاء بالتزامات التسديد الكبيرة لهذا العام وعزز ثقة المقرضين الدوليين بهذا البلد.
وتجدر الإشارة إلى أن رفع درجة تصنيف لبنان من قبل مؤسسة التصنيف “موديز” تزامن مع سلسلة من الخفوضات التي قامت بها وكالات التصنيف إزاء عدد من الحكومات والمصارف والمؤسسات الحكومية في دول الخليج.
فقد تأثرت مصارف في البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة بالأزمة المالية العالمية. كذلك سجلت الأسواق العقارية في المنطقة لاسيما في دولة الإمارات، تراجعاً ملحوظاً. مما انعكس سلباً على المصارف التي كانت منحت قروضاً كبيرة لمشاريع إنمائية هامة.
وفي هذا الصدد، يقول الحاكم سلامه إن اقتصاد لبنان سيتأثر حتما بالتراجع الذي تشهده البلدان المجاورة، باعتبار أن العديد من اللبنانيين قصدوا الخليج خلال السنوات المنصرمة للعمل فيه نتيجة الطفرة الإقتصادية المنوطة بالنفط. وتابع سلامه قائلا: إن المصرف المركزي اطلع على تقديرات خاصة تشير إلى أن زهاء 4% من اللبنانيين الذين قصدوا الخليج باتوا اليوم عاطلين عن العمل.
ومن المتوقع أن تتراجع الصادرات اللبنانية الى الخليج، مع إمكانية تباطؤ أو تأخير في تدفق رساميل المستثمرين العرب في المشاريع العقارية”.
المقال بالإنكليزية:
CHIP CUMMINS: Bank of Lebanon Sees Growth at 6% This Year Article