الشفاف – خاص
ايام قليلة تفصل اللبنانيين عن موعد سحب الترشيحات الانتخابية مما يعني في لغة الانتخابات اللبنانية إقفال باب التراجع والبدء فعلا بتشكيل اللوائح الانتخابية والاعداد للحملات الانتخابية.
وحتى بلوغ الموعد، اعلن النائب السابق نسيب لحود عزوفه عن الترشح في المتن بعد ان اقر بان ادارة تشكيل اللائحة الانتخابية لا تحمل مضمونا سياسيا بل تبادل احجام. وما احجم النائب السابق عن قوله أن الأمر هو تبادل احجام بين الوزير السابق ميشال المر من جهة والرئيس امين الجميل وحزب الكتائب من جهة ثانية.
وفي قراءة سريعة لعزوف النائب السابق نسيب لحود معطوفا على “قوطبة” امين الجميل على المقعد الماروني في طرابلس وحجزه لمرشحه سامر سعاده بدلا من النائب سمير فرنجيه الذي بدوره عزف عن الترشح من دون ان يعلن ذلك، إضافةَ الى الضغوط التي تمارس على النائب السابق فارس سعيد منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار لسحب ترشيحه هو الآخر لصالح من يصفون انفسهم بالمستقلين، يتضح جليا الدور الذي اضطلع به الرئيس الجميل وحزبه في ممارسة الضغوط على حلفائه معطيا لنفسه حجماً لا يتناسب مع حزبه.
وما فات الجميل ان حزبه، في 14 آذار 2005، كان الى جانب الرئيس السابق اميل لحود والمحور الايراني السوري في لبنان تحت قيادة كريم بقرادوني خليفة جورج سعاده في رئاسة الحزب، وجورج سعاده للعلم هو والد المرشح سامر سعاده.
فهل يستحق حزب الكتائب كل هذه التضحيات؟ وبمن؟
ما الذي يتبقى من قوى 14 آذار بعد تغييب نسيب لحود وسمير فرنجيه والعمل على تغييب فارس سعيد؟ وهل يضمن اركان قوى ما يعرف بـ”ثورة الأرز” ان يتوجه الناخبون لمكافأة الكتائب على دورها التاريخي والحالي فقط لكي يعملوا على اسقاط مرشحي التيار الوطني الحر؟
هذا المنطق هو الذي ادى الى استبعاد سمير فرنجيه ،الذي تصرف بوحي من ضميره الوطني وعزف عن الترشح لان ترشيحه سوف يتسبب بخسارة مضمونة للائحة ميشال معوض في دائرة زغرتا. في حين ان غطاس خوري اعلن انه مستمر في ترشيحه مع علمه ان هذا الترشح لن يؤثر سلبا على لائحة 14 آذار وانه حين يدرك ان هذا الترشيح سوف يهدد فوز اللائحة فهو سينسحب من المعركة الانتخابية. وهو نفسه الشعور بالغبن والاستعلاء والتذاكي الي يمارسه امين الجميل الذي دفع النائب السابق نسيب لحود للعزوف عن الترشح مع اليقين ان لحود سوف يتصرف من منطلق احساسه بالمسؤولية الوطنية في عدم إسقاط البلاد فريسة في يد قوى 8 آذار.
ولكن عندما اعلن المطارنة الموارنة نداءهم الشهير عام 2000 والذي شكل نقطة انطلاق ثورة الارز، كان حزب الكتائب على خلاف مع الصرح البطريركي. فسمير فرنجية وفارس سعيد ونسيب لحود وسيمون كرم وجبران تويني وسواهم انشأوا “لقاء قرنة شهوان” بوصفه الترجمة السياسية لبيان المطارنة متحدّين سلطات الوصاية السورية واتباعها اللبنانيين.
وسمير فرنجية وفارس سعيد ولقاء قرنة شهوان كانوا يمثابة العرّاب والمهندس للمصالحة التاريخية في الجبل بين المسيحيين، ممثلين ببطريركهم مار نصرالله بطرس صفير، والدروز ممثلين بوليد جنبلاط. ويومها احترم البطريرك صفير ارادة جنبلاط ولم يقم بزيارة دار خلدة.
و”لقاء قرنة شهوان”، وسمير فرنجية وفارس سعيد ونسيب لحود، هم من قام بتنظيم “لقاء البريستول الشهير” الذي تمثل فيه للمرة الاولى تيار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لوضع النقاط على الحروف في مواجهةسوريا.
وسمير فرنجية وفارس سعيد وجبران تويني والياس عطالله ونسيب لحود وسمير قصير هم من وقفوا في ساحة الحرية وانضم اليهم الشهيد بيار الجميل محرّضين جموع اللبنانيين على الانتفاضة السلمية التي اخرجت الجيش السوري من لبنان.
ما هكذا تورد الابل يا قوى 14 آذار، انكم تنتحرون!
اليوم بتنا نفهم لماذا تبرّم رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط من ضغوط الجميّل والحلفاء المسيحيين. انها معركة احجام داخل قوى 14 آذار وليست معركة تحديد حجم قوى 14 آذار على مستوى الوطن.
انها مناورات امن الجميل وتهديدات نجله سامي بالتحالف مع التيار الوطني الحر، اذا لم تحصل الكتائب على مرادها على حساب القوى والشخصيات المسيحية.
اننا نتوجه بالسؤال الى الكتائب والى قوى 14 آذار: اين كان مرشحو الكتائب الذين يتم فرضهم على الناخبين بحجة عدم اسقاط الدوائر المسيحية في ايدي قوى 8 آذار؟
وهل هم على يقين من ان جمهور ثورة الارز هم من الكتائب ليصوتوا كقطيع من الاغنام للحزب الذي لم يقم حتى تاريخه باعادة قراءة تجربته ما قبل الحرب الاهلية وخلالها وما بعدها، خصوصا الحقبة التي تولى رئاسته فيها الراحل جورج سعادة، وحين كان المجلس السياسي الكتائبي يتشكل في “عنجر”.
ان عزوف سمير فرنجية ونسيب لحود، ولا قدر الامر وعزف النائب السابق فارس سعيد عن الترشح، بمثابة ناقوس الخطر، حيث ان لهؤلاء حيثيتهم الانتخابية والسياسية وهذا ما سيدفع بمؤيديهم الى الاعتكاف اقله لانهم بالتأكيد لن يصوتوا لصالح قوى 8 آذار كما فعل انصار سامر سعاده في الدورة الانتخابية السابقة حين صوتوا كيدياً لصالح المرشح جبران باسيل.
واذا صحت الشائعات فان النائب سعد الحريري اشترط على الرئيس الجميل ان يعمد عناصر الكتائب في البترون الى التصويت عند فتح الصناديق تحت طائلة تشطيب سعاده في طرابلس، لان تيار المستقبل لا يثق بانصار الكتائب في البترون لانهم اعلنوا انهم سيصوتون لصالح الكتائبي نبيل الحكيم كيدياً ايضا وليس للائحة 14 آذار لان سامر سعاده اعطي مقعد طرابلس
قبل أسابيع قليلة صدر عن المكتب السياسي للكتائب بعد اجتماعه برئاسة السيّد أمين الجميل أن “من واجبنا ومن حق اللبنانيين والناخبين علينا ان يكونوا على معرفة تامة بأسماء المرشحين ومشاريعهم قبل فترة مقبولة من موعد الانتخاب، فلا يصار الى الغدر بهم ووضعم امام لوائح الأمر الواقع قبل ايام معدودة من موعد الاقتراع”.
أليس هنالك مجال للحديث عن “الغدر ووضع الناخبين أمام لوائح الأمر الواقع” حينما يفضّل رئيس الكتائب مصالح حزبه وتحالفه مع السيد ميشال المرّ (وزير داخلية إميل لحّود) على التحالف مع نسيب لحود؟
البيان الكتائبي نفسه كان قد دعا الى ان “تكون الاطلالات الانتخابية للمرشحين سياسية وحزبية لان الإنضواء ضمن الأحزاب وهيكلياتها يعطي المعركة الإنتخابية طابع البرامج التي يجب ان تتنافس. وإذا كان المسيحيون يتمثلون اليوم في الأحزاب فهذا مرده الى انهم يمثلون حالة تقدمية في لبنان والشرق”.
هل صحيح أن “المسيحيين يتمثّلون اليوم في الأحزاب”؟ ما هي نسبة المسيحيين الذين يمثّلهم حزب الكتائب فعلاً؟ أليس الأصحّ أن 80 بالمئة على الأٌقل من المسيحيين لا يعتبرون أنفسهم ممثّلين في “الأحزاب المسيحية”؟ وأين الفارق بين الحزب والعائلة في بعض هذه الأحزاب؟ وهل يملك أحد إحصاء لألوف الكتائبيين الذين غادروا الحزب في السنوات الأخيرة؟
أي إنتخابات، وبأي مناخ، يفرضها حزب الكتائب وأمين الجميل على ثورة الارز؟
وهل ستدفع “إنتفاضة الإستقلال” ثمن هذا “الجشع على المقاعد” الذي يمارسه رئيس الكتائب حينما ستدعو جمهورها مجدّداً للنزول إلى “ساحة الحرّية”؟ هل يصدّق “الشيخ أمين” فعلاً أن المليون لبناني سينزلون إلى ساحة الشهداء ليقدّموا لهم حقّ تمثيلهم في البرلمان؟
وهل من خطوات لتدارك الانحدار قبل فوان الاوان؟
بعد انسحاب سمير فرنجية ونسيب لحّود: من المسؤول عن “الغدر بالناخبين ووضعهم امام لوائح الأمر الواقع”؟
“انها مناورات امين الجميل وتهديدات نجله سامي بالتحالف مع التيار الوطني الحر، اذا لم تحصل الكتائب على مرادها على حساب القوى والشخصيات المسيحية.”
يمكننا ان نصدق هذه التهديدات فقد سبق وحصل مثيلها في دائرة البترون في انتخابات الـ2005 حيث صوت قسم كبير من الكتائب لصالح جبران باسيل
بئس النظرات الضيقة والمصالح الشخصية…
بعد انسحاب سمير فرنجية ونسيب لحّود: من المسؤول عن “الغدر بالناخبين ووضعهم امام لوائح الأمر الواقع”؟
ال YouTube مليء بالارشيف لمن لم يدرس التاريخ او اختار ان ينساه ويزوره. هذه عينتين من الاف ان لم نقل اكثر:
http://www.youtube.com/watch?v=DSy9U1hX0HI
http://www.youtube.com/watch?v=Bz77aQN_lT0
بعد انسحاب سمير فرنجية ونسيب لحّود: من المسؤول عن “الغدر بالناخبين ووضعهم امام لوائح الأمر الواقع”؟فشل قادة 14 آذار لا يعني بالضرورة فشل ثورة الأرز أو للدقة انتفاضة الاستقلال. فالجمهور الذي فاجأ العالم و”قادته” باستعداده لأخذ المبادرة والنزول الى الشارع غضباً لقتل الحريري ولكن أيضاً ثأراً لسنوات من القهر والاحتلال، ليس لديه ولم يكن لديه يوما أدنى شك بنوعية “الزعماء” الذين سيعتلوا المسرح، ولم يكن لديه أي وهم بإقطاعية وتخلف وفئوية هذا الطرف أو ذاك، ولكن الغاية النهائية كانت -وما زالت- تستأهل بعض غض الطرف.. وللتذكير الغاية هي إعادة الوصل بين اللبنانيين وتجاوز ماضي الحروب و”العودة” الى لبنان. هذا الوصل… قراءة المزيد ..
بعد انسحاب سمير فرنجية ونسيب لحّود: من المسؤول عن “الغدر بالناخبين ووضعهم امام لوائح الأمر الواقع”؟هذه المقالة ان دلت على شئ فهي تدل على ركاكة ثورة الصدف وثوار المن كل وادي عصا. هذا الكلام قد يزعج بعض المهووسين بثورة مافيا الحريري بهدف الاستيلاء على الوطن. انما الواقع انه لولا هذه الركاكة وعدم وجود رؤية لبناء وطن بدل من مزرعة للاقطاعي المستجد على الساحة سعد الحريري لما كان هذا التشرذم الذي نشهده اليوم. ويبدو انه قريبا سيخلى سبيل الضباط الاربعة الذين بنيت على توقيفهم خطة الانقلاب والاستيلاء على الوطن. لم يبقى من ثورة الارز سوى ذكريات تلك الصدفة والفشل, وللاسف اربع… قراءة المزيد ..