هنالك تصادم بين مشروع إسرائيلي ومشروع إيراني يكلّف مزيداً من القتل والدم الفلسطيني
وطنية – 3/1/2009 (سياسة) رأى النائب سمير فرنجية، في حديث لاذاعة الشرق، ان لبنان “في مرحلة جديدة، والسؤال المطروح الذي يهم كل اللبنانيين هو كيف يتعاطى لبنان مع المرحلة المقبلة باستحقاقاتها المتعددة بغير المنطق الايديولوجي السابق، وما إذا كان لبنان سيبقى يحتكم على نتائج ما هو حاصل من الخارج أم سيكون لديه قدرة على صياغة تسوية لبنانية والجلوس على طاولة حوار حقيقية لبحث هذه التسوية، التي تؤمن استقرار لبنان وأمنه وأمن كل اللبنانيين من الجنوب الى الشمال، في منطقة مقبلة على تغيرات لا يمكن الجمود الى حين الاحتكام الى نتائجها”.
تابع: “والخطورة ان تفرز الاحداث مجددا منطق الغالب والمغلوب”، داعيا الى “صيغة تسوية حقيقية غير الحوار الشكلي على طاولة الحوار يكون الغالب فيها هو البلد،
والى الخروج من الكلام الشكلي على طاولة الحوار للوصول الى الأساس”، معتبرا ان هذا “ممكن، على الرغم من الانقسام الحاد على الساحة اللبنانية”.
ورأى النائب فرنجية ان هناك “تصادما بين مشروعين: مشروع إيراني ومشروع إسرائيلي، وكلا المشروعين وصلا الى نهايتهما، وللأسف التصادم يجري على أرض غزة ويكلف مزيدا من القتل والدم الفلسطيني”.
وانتقد تصريحات أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة تجاه مصر، “التي تعود بقوة الى لعب دورها على الساحة العربية، تصريحات تصيب الوجدان اللبناني بالصميم الذي تربطه بمصر منذ أيام الفينقيين، الى علاقة اللبنانيين النهضويين في الحقول المختلفة بمصر، والى دور جمال عبد الناصر الذي نظر الى لبنان كدولة مساندة للدول العربية وآمن بالتعددية اللبنانية والعروبة المنفتحة، واعترف بسيادة لبنان واستقلاله في زيارته له على الحدود مع سوريا”، معتبرا ان “الحملة على الدور المصري التنفيذي العائد وعلى دور المملكة العربية الصاعد المطل على العالم وعلى المستقبل أمر مرفوض تماما، وهو يأتي للأسف بأمر عمليات تارة من سوريا وطورا من إيران ولا يخدم علاقات لبنان العربية”.
وعلى الرغم من “الظاهرة الكلامية” المبالغ فيها، قال النائب فرنجية ان وضع لبنان الداخلي “معقول، بسبب وجود الدولة ومبادرات مهمة منها وكلام مسؤول وهادىء لرئيس الجمهورية والشعور اللبناني العام من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال بضرورة تجنب تداعيات ما يحصل اليوم في غزة، وبالتالي لغاية الآن العنصر الممكن ان يدخل عبر الواقع اللبناني قد يكون عنصرا خارجيا، عنصرا إيرانيا في حال ضعف وضع حماس في غزة، حيث يمكن ان يصدر أمر عمليات وكلام لاريجاني (أول من أمس) هو كلام خطير جدا حين يقول إن غزة هي جزء من الأمن القومي الإيراني، ولبنان بالتالي هو جزء من هذا الامن القومي الإيراني وهذا قد يدفع إيران الى الطلب من الأطراف المتعاقدة معها تصرفا أو سلوكيات ما“.
اضاف: “ولكن هذا الى الآن أمر مستبعد لبنانيا، أقله بالمزاج والشعور العام اللبناني عموما، وتحديدا لدى أبناء الجنوب، ذلك ان الحرب اختبرناها ولا تجر إلا الويلات. ونتذكر كيف في حرب 2006 تحدث السيد حسن نصرالله عن المال النظيف والمال غير النظيف لإعادة إعمار لبنان وكيف جرى البحث في مجلس النواب عن سبل تأمين المال غير النظيف في تعريف السيد نصرالله للانتهاء من ملف الإعمار، ذلك ان لم يعد هناك مال في إيران عام 2008 مع تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية عليها”.
واعتير النائب فرنجية ان المطلوب داخليا هو “حماية البلد، ولبنان لا يستطيع ان يتحمل حربا جديدة ومن أجل ماذا؟ أمام حماس هناك مخرج الدخول مع إسرائيل في هدنة كاملة على النحو المطبق في الضفة الغربية وفي الجولان المحتل، اما الكلام عن جبهة لبنانية وحيدة تقارع إسرائيل فليس هناك اجماع لبناني على هذا الأمر، ولماذا يراد توريط لبنان مجددا في حين تبقى جبهة الجولان ساكتة ولا تطلق منها الصواريخ؟
وليتفضل ويدلنا السوري والإيراني على الطريق وإيران نفسها اعترفت بوجود صواريخ تطال الأراضي الفلسطينية المحتلة فلماذا لا تطلقها هي؟” مؤكدا ان “الشعور لدى كل اللبنانيين بضرورة حماية البلد وعدم الدخول في مغامرة جديدة وسلوك حزب الله ميدانيا على الأرض مقبول”.
وقال: “هناك محوران الآن، محور مصري سعودي مع دول الخليج العربي والأردن والسلطة الفلسطينية وهو صاحب مشروع لحل أزمة الشرق الأوسط على أساس المبادرة العربية وحل سلمي شامل وعادل، ويقابله المحور الإيراني السوري، وللأسف هذا الصراع الدائر الآن يجري على أرض غزة مع ان العرب ولأول مرة في تاريخهم أخذوا المبادرة ولديهم ورقة سياسية مهمة جدا، وهذا الشرق العربي كما الشعب الفلسطيني يحتاج الى سلام بعد نهر من الدماء، والعرب اطلقوا مبادرة السلام وإسرائيل في مأزق فيأتي التواطؤ السوري الإيراني معها عبر استخدام ورقة حماس، والمبادرة انتقلت الى نيويورك كأساس لمؤتمر ثقافة السلام وحوار الحضارات وحظيت بشرعية دولية في القرار 1850، يجري تخريبها اليوم وتخريب قيام دولة فلسطين مستقلة وللأسف لا يجري الاستفادة من تجارب التاريخ”.
تابع: “مرة سوريا تضرب منظمة التحرير الفلسطينية ومبادرتها التي اطلقتها تزامنا مع حرب 1973 لعودة اللاجئين(؟) دولة فلسطين مستقلة على الأراضي المحتلة العام 1967، مبادرة الحركة الوطنية الفلسطينية، والآن يجري تخريب المفاوضات لقيام دولة فلسطينية عبر إيران عبر حماس. والنتيجة إيران وإسرائيل في مأزق وكلامهم قديم وايديولوجي، وسياسة حماس اخطأت بشق الصف الفلسطيني على نحو لم يحصل منذ قيام منظمة التحرير الفلسطينية العام 1964، والحركة التي انتخبت ديموقراطيا عام 2005 احدثت انقلابا عام 2007، والمشاهد التي ارتكبتها في غزة لا تقل بشاعة عما ترتكبه إسرائيل اليوم من مجازر حقيقية”.
واعتبر النائب فرنجية ان الوحدة الفلسطينية “هي الأساس في مواجهة إسرائيل، والمشروع العربي يخاطبها جيدا كما يخاطب المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والرئيس الأميركي الجديد ويطل على العالم”، سائلا: “لماذا يسكت الرئيس السوري بشار الأسد ولا يبادر الى الدعوة الى قمة عربية وهو رئيس القمة العربية، ولماذا يترك أمر تعليق المفاوضات للوسيط التركي، وهل مصادفة ان يعكس بشار الأسد الرغبة في الدخول بمفاوضات مباشرة عشية العدوان على غزة؟”
ورأى ان “الرهان فقط على المقاومة سيصل الى أزمة ميدانية، وإمكانيات حماس مواجهة آلة القتل الإسرائيلية بالشروط السياسية والعسكرية سيدفع ثمنها الشعب في غزة من دون أفق سياسي بالنهاية. ونحن نرى ان السباق لمن يكون أميركيا أكثر وهو السباق الذي تخوضه سوريا، وثمة مفاوضات أميركية إيرانية على مستويات مختلفة والثمن الى الآن تخريب سوري إيراني للقرار الوطني الفلسطيني المستقل كما حدث سابقا، والنتيجة مدينة عربية تدمر بدون افق سياسي”، مذكرا باجتياح بيروت العام 1982 ومحاصرتها وقصفها “مما ادى الى 40 الف شهيد لبناني وفلسطيني، وهذا درس لتعلم الاخطاء واستخلاص العبر فلسطينيا ولبنانيا”.
وختاما سأل النائب فرنجية: “لماذا تعمل حماس حربا داخلية مع السلطة وحربا مع إسرائيل وحربا على الجبهة العربية، وحربا على الجبهة الدولية؟ هذا في وقت هناك مشروع عربي جدي تقوده مصر والسعودية عنوانه الاعتدال العربي وهناك حركة عربية لافتة لاول مرة ترجع مصر الى الساحة العربية، واول مرة تلعب السعودية الدور على الصعيد العالمي وتعود السلطة الفلسطينية الى التحرك، عكس التطرف العربي منذ 20 عاما والذي وصل الى طريق مسدود”.