سعد كيوان- “الشفّاف” بيروت
قدمت الأكثرية النيابية، في جلسة إنتخاب أعضاء المجلس الدستوري الخمسة، أداء جيدا” يجب أن يحتذى في كل المحطات المفصلية التي لها علاقة بممارسة أصول اللعبة الديموقراطية والنظام البرلماني، وبتثبيت ركائز الدولة ومؤسساتها الدستورية والتشريعية والقضائية. فيما تهدد الأقلية المشاركة في الحكومة، وبالأخص حليف سوريا الجديد ميشال عون، بتعطيل الحكومة في ما لو رفضت “قوى 14 آذار” (الأكثرية) مساومتها على الأعضاء الخمسة الآخرين، الذين يعود الى الحكومة حق إختيارهم.
أولا، مارست الأكثرية دورها الطبيعي كأكثرية، وهذا هو المطلوب منها، وهذا ما يريده جمهورها العريض، وهذا ما كان يأخذه عليها منذ زمن. يأخذ عليها بشكل خاص مهادنتها، وسعيها في أكثر من محطة الى البحث عن أتفاق أو تسوية مع فريق الأقلية، الذي لا يجد أي حرج في اللجوء الى الابتزاز والتهديد من أجل فرض خياراته.
ثانيا، مارست الأكثرية حقها كأكثرية، في إختيار من تراه مناسبا لعضوية أهم وأعلى سلطة دستورية في لبنان. وفعلت ذلك بشكل جيد، اذ أحسنت إختيار الأكفأ، علما وثقافة وإستقامة ومصداقية. إختارت من لهم باع طويل وخبرة في حقلي القانون والدستور، وفي علم السياسة وعمل المؤسسات الديموقراطية، أمثال الرئيس القاضي أنطوان خير، والبروفسور أنطوان مسرة والقاضي طارق زيادة.
ثالثا، حسناً فعلت الأكثرية برفضها الرضوخ هذه المرة لبدعة المحاصصة وإقتسام المغانم، ما دفع بالأقلية، كالعادة، الى دبّ الصوت والصراخ، متهمة الأكثرية بالتنصل من إتفاق-تسوية مزعوم حول بعض الأسماء الباهتة… وقد أثبتت الأكثرية أنها قادرة أن نفعل، ولا يمكن أن تؤخذ بالبهورة!
وقبل الضجيج-الدخان الذي إفتعله رئيس المجلس نبيه بري، لم يقل لنا، لا هو نفسه ولا أحد غيره، مع من تم الاتفاق؟ وعلى من؟
واذا كان لا بد من توافق، لماذا لم يتم التوافق على الأسماء نفسها التي إختارتها الأكثرية وصوتت لها؟ أكثر من ذلك، هل يجرؤ أحد من الأقلية، المحبة للضجيج والصراخ، على الاعتراض على الشخصيات التي تم إنتخابها، أو حتى إبداء أي ملاحظة على سلوكها أو أدائها؟
ثم، أين هو دور النواب؟ أن يبصموا فقط؟ فاذا كان المقصود “التوافق” وراء الكواليس أو من تحت الطاولة، كما يحب بري، فلماذا لا يتم ذلك خارج المجلس؟ كما حصل بالنسبة لإختيار أعضاء الهيئة العليا (المستقلة) التي تم تشكيلها لأول مرة من اجل الاشراف على الانتخابات المقبلة.
في إستعراض سريع للعملية الانتخابية، يتبين أن مرشح الأقلية أحمد تقي الدين (الشيعي) حصل على شبه إجماع من قبل النواب الحاضرين (105 من أصل 115)، وكذلك أحد مرشحي الأكثرية طارق زيادة (السني)، وبالتالي فاز الاثنين في دورة الاقتراع الأولى. في ما لم يتمكن الثلاثة الآخرين من النجاح إلا في دورة الاقتراع الثانية، وبأكثرية بسيطة!
لماذا؟ هل من حسابات طائفية أو مذهبية في ذلك؟ الأكثرية صوتت لمرشح الأقلية مثلما صوتت لمرشحيها، أما الأقلية فهي أعطت أصواتها لمرشح الأكثرية السني فقط. هل لأنها تعرف أن ليس بامكانها أن تفرض مرشحا سنيا كما تريد، مثلما لا يمكن لأي طرف آخر أن يفرض مرشحا شيعيا كما يريد؟ فلجأت الى لعبة خبيثة ظاهرها ما يسمى ب”الديموقراطية التوافقية”، أما باطنها فهو أن يقوم كل مذهب بإختيار مرشحه…
هل هذا هو “الاتفاق” الذي كانوا يريدون تسويقه وتمريره؟ أي إتفاق تقاسم حصص مذهبي؟ ما يعني إجبار بقية المذاهب على الرضوخ لابتزازهم، طالما أن ليس لهذه المذاهب أرجحية قادرة على الفرض مثلهم، ولا هيمنة لأي منها داخل طائفته أو مذهبه… وهكذا يتحول المجلس الدستوري، المنوط به بشكل أساس النظر في دستورية القوانين، الى مجلس ملّي يمثل المذاهب، ويرتبط كل عضو فيه بمصالح وحسابات زعماء ومرجعيات مذهبه وملته!
أم أن هناك لعبة أخرى، أخبث من الأولى وبالتوازي معها، تقوم على محاولة ضرب الأطراف المسيحية ببعضها البعض؟ اذ أن اللافت والمثير في آن، هو سكوت “حزب الله”، وعدم إعتراضه على ما جرى، وكأنه يريد القول أن الأمر يعني فقط “حليفه الورقي” ميشال عون، الذي يبدو أنه “أكل الطعم وعلق في الصنارة”… فراح صهره وزير الاتصالات جبران باسيل يشكو ويصرخ بأعلى صوته، مهددا باللجوء الى بدعة “الثلث المعطل”، الذي يعطي الأقلية “حق” إسقاط أو تعطيل الحكومة!
واذا ما وضعنا جانبا هذه المناورات، فإن “حزب الله” لا تهمه أساساً القوانين ودستوريتها، فهو لديه دستوره وقوانينه الخاصة. ولن تكون لديه مشكلة في الانتخابات المقبلة، ولن يحتاج الى الطعن في نتائجها أمام المجلس الدستوري، لأنه بطبيعة الحال لن يطعن بنفسه، وبدوائر الجنوب الانتخابية التي يسيطر عليها.
والآن، تهدد هذه الأقلية بتعطيل استكمال إختيار الأعضاء الخمس الآخرين في مجلس الوزراء، لأنها لم تتمكن من فرض رأيها والاتيان بمن تريد. ويذهب أحد الوزراء الجهابذة من الأقلية الى حد القول أن الأكثرية تريد منع تشكيل المجلس الدستوري الجديد، مستبقا” ما يريد أن يفعلوه هم، كما عودونا في أكثر من مناسبة طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، ومنذ خروجهم المفتعل من حكومة فؤاد السنيورة الأولى، بهدف تعطيلها، وتعطيل اقرار المحكمة الخاصة في جريمة إغتيال الشهيد رفيق الحريري، وإلامساك بزمام القرار في البلد وإلخ…
الأسلوب بات معروفا”، الهيمنة أو… التعطيل!
أقلية ترفض أن تسلم بكونها أقلية، تدخل الى الحكومة عبر الشارع، وبالقوة. تريد أن تهيمن، عبر فرض دورها كأنها أكثرية. ولأنها، في طبيعة الحال، غير قادرة على ذلك، فتلجأ الى الزعبرة، والتلطي وراء بدعة “التوافق”. واذا فشلت، تهدد بالتعطيل…
وهذا ما جرى أيضا في جلسات الحوار السابقة، التي لم يلتزم “فريق 8 آذار” بما إتفق عليه من قرارات منذ 2 آذار 2006، فيما ذهب “حزب الله” الى حد إفتعال حرب تموز المدمرة، مخالفا” ما وعد به زعيمه حسن نصرالله على طاولة الحوار. وربما يكون الهدف الآن تعطيل تشكيل مجلس دستوري جديد، ولاحقا” منع إجراء الانتخابات المقبلة!
نأمل ان تكون الأكثرية قد إتعظت، وحسمت أمرها، متخذة من أداءها في انتخاب المجلس الدستوري نموذجا” لمحطات، ومعارك مقبلة.
s.kiwan@hotmail.com
حتى اشعار آخر!!!!لا ديموقراطية حتى اشعار آخر: يقول الفصيح جميل في رده الخلبي على مقال الاستاذ كيوان. ويأتينا بامثلة اميركية عن طريقة العد والحساب وهي الطريقة التي يأمل حتماً ان تطبق في لبنان على شرط (طبعاً ايضاً) ان يكون حزب الله الرابح اما حين تكون 14 آذار هي التي اكتسحت الانتخابات السابقة (واللاحقة ايضاً هذا لطمأنينة المكاومين) فهذا ليس ديموقراطية (حتى اشعار آخر) والاشعار الآخر هو ان يعلمنا حزب الله الديموقراطية ويضع لنا معايير احتساب الاصوات وطرائق تعدادها ومتى نعتبر الاكثرية اكثرية والاقلية اقلية. لا يستحون!!! والانكى انهم يعتبرون انفسهم اذكياء وقادرون على خداع الآخرين (حتى اشعار آخر)… وقمة السفالة… قراءة المزيد ..
الأكثرية النيابية في لبنان تمارس حقها في إختيار أعضاء المجلس الدستوري… وفريق 8 آذار يهدد بتعطيل الحكومة!Mr. Kiwan, there is a big issue here! I’ll start with an example of what happened in the US in 2000: G. W. Bush and Al Gore were running in the presidential elections. When voting ended, it was not clear who the winner was, people disputed the results, there were issues with voting cards in Florida, etc.. It took a lot of ebb and flow until the matter went to the US Supreme Court, and everybody had to wait for their decision. They ruled… قراءة المزيد ..