(الصورة: عادل عبد المجيد)
تعريف: هو عادل عبد المجيد الذي يعتقد أنه شغل منصب مسؤول “الجهاد” بلندن قبل أن يتم اعتقاله في 1998 على ذمة طلب الترحيل إلى الولايات المتحدة مع السعودي خالد فواز والمصري ابراهيم عبدروس (الذي توفي قبل أسابيع)، وذلك في قضية سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا في أغسطس 98. وقبل ذلك، كان محكوماً في مصر في قضيتي “خان الخليلي” و”العائدون من ألبانيا”.
ارتأى “الشفّاف” نشر هذا الردّ حصرياً، رغم خلافنا المعروف مع ما يرد فيه، لتسليط الضوء على النقاشات الدائرة ضمن الحركات الأصولية العربية، وضمن “السلفية الجهادية” بصورة خاصة، ولأنه يتضمّن إشارات مفيدة للإطلاع على تاريخ حركة “الجهاد” المصري التي كان “الدكتور فضل” (أي الدكتور سيد إمام) “أميرها” الأول، ثم إيمن الظواهري “أميرها” الثاني.
ورد في شهادة أحمد إبراهيم السيد النجّار التي انفرد “الشفاف” بنشرها بعد إعدام صاحبها في مصر أن عادل عبد المجيد عبد الباري كان “مسؤول محطة الجهاد في إنكلترا”، “لكن لا اعلم اذا كان هذا الوضع تغير بعد وصول ابراهيم عيداروس والمكنى داوود الى انجلترا في عام 1997 او ما زال عادل مسؤولا لدى المحطة كما هو”! وورد أيضاً في نفس الشهادة (وهي في الواقع “محاضر تحقيق” الشرطة المصرية معه) أن “عادل عبد المجيد في لندن مسؤول عن توفير اللجوء السياسي لاعضاء التنظيم من خلال علمه بالقانون لسابقة عمله كمحامي ويتولى بصورة ما اعداد ملف لكل شخص من اعضاء الجماعة اذا كان حدث له انتهاك لحقوق الانسان ويتضمن الملف ما يتعرض له عضو التنظيم من اضطهاد وقهر من السلطات المصرية. وما ان يصل الى لندن يطلب اللجوء السياسي فيقوم عادل عبد المجيد بتقديم تلك الاوراق للسلطات الانجليزية لاتخاذ اجراءات اللجوء السياسي كنوع من انواع توفير الحماية لاعضاء التنظيم..”.
يضيف النجّار في شهادته إشارات إلى “اللجنة الاعلامية.. ويتولى مسؤولية اللجنة عادل عبد المجيد عبد الباري وكنيته عباس..”.
وهنالك نقطة تجدر الإشارة إليها في ردّ عادل عبد المجيد على الدكتور فضل، فهو يقول: “كان الدكتور أيمن يرفض الإمارة لأنه بعد أحداث 1981م قرر أن لا يتولى إمارة الجماعة مرة أخرى”. والواقع، وهذا ما يعرفه أعضاء حركة “الجهاد” المصرية جميعاً، أن أيمن الظواهري انهار أثناء التحقيق معه ووافق على أن يقود الشرطة المصرية لاعتقال “أميره” الضابط عصام القمري (الذي قتل لاحقاً بعد الفرار من السجن). وبسبب هذا الضعف لدى الظواهري، قال له أميره عصام القمري: “لا تكن أميراً على جماعة أبداً”!!
ويلفت النظر ما يقوله عادل عبد المجيد من “تراجع” حول الهجوم الإجرامي ضد مركز التجاري العالمي: “نقول للدكتور ولكل من رفض ضرب مركز التجارة بحجة الأمان فهل لهم أن ينصفوا ويبينوا حكم ضرب البنتاغون؟”. فهل يعني التمييز بين مركز التجارة العالمي، وهو هدف مدني بحث، والبنتاغون، أن بعض أنصار بن لادن قد تراجعوا فعلاً عن التهليل لفعلته الإجرامية هذه التي تندرج، في نظرنا، في خانة “الجرائم ضد الإنسانية”؟
*
بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقات على الحوار مع دكتور سيد إمام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فهذه عجالة اقتضاها الحال تعليقا وتنبيها على الحوارات التي نشرت مع الدكتور سيد إمام في محبسه بسجن العقرب بمنطقة سجون طره.
هذه العجالة تتكون من مقدمة هي نصيحة واجبة اقتضاها حق الله وحق الاخوة في الله، ثم جملة نقاط اقتصرت على الحوارات الصحفية دون الوثيقة التي نشرها الأخ سيد إمام إذ لم يتسنّ لي الاطلاع عليها لواقع السجن الذي أعيش، وإني لأرجو من الله أن تقع هذه العجالة موقعها الحسن في قلب الدكتور إمام وكذا المعنيين بها والله الهادي لسبيل الرشاد.
يقول الله تعالى ولا يجرمنكم شنأن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى المائدة 8.
إبتداءً لست أنكر واخواني فضل وعلم الدكتور سيد، فإنه والحمد لله قد بلغت مؤلفاته وكتبه كل مكان، وهي الكتب التي قامت على رعايتها ونشرها جماعة الجهاد. هذه الجماعة التي كانت تعطي هذه الكتب مصداقية العمل بها كما تعطي هذه الكتب قوة الدليل لما فيها من أحكام، وبهذا انتشرت هذه الكتب بين المسلمين في العالم على مدار عقدين من الزمان، فكانت كتب الدكتور قد دفعت العمل الجهادي من الناحية العلمية بقوة لا ينكرها أحد، هذه الكتب التي بدأ الدكتور في تأليفها منذ توليه إمارة جماعة الجهاد في سنة 1986م – إلى سنة 1993م، بعد أن تم عزله من الإمارة بسبب عدم اكتراثه بهموم الجماعة، ثم فشله في إحتواء الأزمة التي مرت بها الجماعة في السودان عام 1993م. هذا وقد إنقطعت صلته التنظيمة بالجماعة بعد أن قام بتسليم الأقراص المدمجة لكتابه: الجامع لطلب العلم الشريف. وهو الكتاب الذي قامت اللجنة الشرعية في الجماعة بمراجعته تحت اشراف الدكتور أيمن الظواهري، واللجنة يعرفها الدكتور سيد، ثم قامت الجماعة بنشر التهذيب تحت إسم: الهادي إلى سبيل الرشاد. هذا العمل الذي هو تهذيب وليس تحريف أو تبديل أو تخريب أو خيانة كما يسمه الدكتور سيد، وهو عمل قد وقع من قبل علماء السلف على كثير من مصنفات أصلية لأصحابها، ولم يقل أحد من السابقين في هذا العمل ما قاله الدكتور سيد في حق الناشرين والمهذبين لكتاب: الهادي لسبيل الرشاد.
وقبل الخوض في النقاط التي حولها تدور هذه التعليقات فإني أقول:-
إعلم يا دكتور سيد أنه لا يوجد أحد من البشر سوى الأنبياء عليهم السلام فوق النقد والتعديل والرد، غير أن كلام النفس والهوى والإنتصار لهما إنما هو زبد، فالرد الذي له القبول ما كان علميا خاليا من الإنفعال الغضبي والإنتصار الشخصي، وللأسف فإنه، الدكتور سيد، أساء إلى نفسه أكثر مما أساء إلى إخوانه في هذا الحوار المنشور في جريدة “الحياة” حين ترك للسانه حرية الخوض في اخوانه الذي تحولوا عنده إلى خصوم، فانتصر لنفسه بالتعريض والسباب والقذف والطعن في الدين والقلوب والتحقير والانتقاص، وكان يكفيه أن يقول كلمة الحق التي يعتقدها، وان يبين المسائل الشرعية التي يرى أن الإخوة قد خالفوها دون كل هذا الشر الذي أوبق نفسه فيه، فبالله عليك أين الدين والحق في قولك: إنني دعوت الله عليهم فحدث كذا وكذا، ثم يذهب فيفسر اجابة الدعاء بوقوع القتل على أحدهم أو الأسر أو التشريد، فيا لله كم زكيت نفسك مخالفا لكلام الله في كتابه: فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى، وأين هذا الكلام الذي يقوله من قول أحدهم: لا بل نحق أولى بقوله تعالى: ولنبلونكم؟، ثم ها أنت يا دكتور في الأسر، فهل هذا بارتداد دعاء الظالم على نفسه ام ماذا هو عندك؟
ثم ما هو موضع قولك يا دكتور سيد في الجمع بين الدعاء على ظالمك زعماً وبين الدعاء بالمغفرة حين تقول: أسأل الله أن يقطع لسان ويد من تكلم علي بغير حق. وقولك بعدها: غفر الله لنا ولهم.؟؟ أظنك يا دكتور قد غضبت غضبا لم تدر فيه ما تقول؟.
وبعد لو قال لك قائل: هذان خصمان، دكتور سيد إمام ودكتور أيمن الظواهري، ثانيهما أعلى لله ذكره في المسلمين، فلا يذكر الجهاد وإلا ذكر معه، ولا يذكر أعداء الطواغيت إلا كان إمام هؤلاء الأعداء، ولا تكون النكاية في أعداء الله إلا كان له في توجيه هذه النكاية النصيب الأوفر، وأولهما في الأسر يؤذي المجاهدين ويسر أعداءهم، فمن أولى بإجابه الدعاء فيه بالمقت والعذاب؟.
أما تعريضك بالدكتور أيمن حين أسلف أمامه زوجته وأولاده فهذه والله كبيرة منك لا ينجيك منها إلا التوبة والاعتذار، بأن تتوب إلى الله وتعتذر من الرجل منها، فإن تسمية الشهادة عارا لهو والله الفاقرة الحالفة لدين الرجل وتوحيده.
أما النقاط التي حولها هذا التعليق فهي:-
– ذكرت أن الأخ هاني السباعي حضر إلى لندن من أجل –”المم”- وهو الأكل بلغة الأطفال في مصر، فأقول:- ما ذنب امرئ لم يجد ما يقدمه لزوجته وأولاده في السودان من مال أوعمل فخرج يطلب لهم الرزق والطعام؟ إن ما تعتقده في نفسك من مقام العلماء والواعظين يوجب عليك يا دكتور سيد أن تكون أكبر من هذا؟
– إنما نقول:- غفر الله لك وقطع يد آسريك.
– اسمح لي أن أقول لك يا دكتور سيد أنك اتهمت اخوانك بلا بينة أو دليل، و أهون ما أنت فيه أن تكون خالفت قوله تعالى: – فتبينوا-، لأنك إن لم تكن في هذا المقام كان المقام الآخر شر منه وأكبر عند الله، ومن هذه الأخطاء والاتهامات:-
– أ- قولك : إن الأخ مجدي سالم – حفظه الله وفك أسره – تسبب في سجن أكثر من ألف من الشباب وهو المسؤول عن حادثة مقتل السائق والتباع… مع أن الأخ مجدي سالم لم يعرف بهذا الحادث إلا بعد وقوعه، وكان من المنكرين على الأخوة فيه.
– أظن أن ذنب الأخ مجدي سالم عندك أنه لم يوافق على وثيقتك فاستحق هذا الهجوم الظالم.
– ب- قولك :- إن الأخ هاني السباعي كان مسؤولاً عن نشرة – المجاهدون- ومركزاً للإتصال، وجمع المال، وهذا أمر يشهد الله أنه عار من الصحة تماماً، – وعند جهينة الخبر اليقين – يا دكتور سيد إمام.
– ج- قولك:- إن الأخ هاني السباعي بوق للقاعدة، هذا مع أنه لم يكن يوماً من الأيام عضواً في القاعدة، بل إنه واحد ممن أيد وقف العمل المسلح في مصر عام 1995م، وهو مخالف للدكتور حين قدم لكتاب الأستاذ منتصر الزيات – الظواهري كما عرفته-.
– أما العنوان الأكبر لحوارك فهو خلافك مع الدكتور أيمن الظواهري والشيخ أسامة بن لادن، فالحق أن كل من يقرأ الحوار يدرك أن أبعاد هذا الخلاف هو شخصي ذاتي ذهب صاحبه يخيط حوله خيوط العلم والموضوعية، وكأن اعتقال الدكتور سيد إمام بعد أحداث سبتمبر لعب دوراً محورياً في هجومه اللاذع على الشيخ أسامة والدكتور أيمن وكل من معهم، فإن أغلب الحوار هو سباب وشتم وقذف، وذكر مواقف لا تشكل أبداً خلافاً موضوعياً علمياً، خاصة حين ذهب الدكتور سيد يقول إنه ما زال على نفس الإجتهادات التي كتبها في كتابيه : “العمدة” و”الجامع”، وههنا أمور:-
– 1- لو رجع الدكتور سيد إمام إلى سنة 1993م سوف يتذكر أن الذي طالب بعزله عن إمارة الجماعة هو من كان مقرباً منه، وحجتهم أن هذا الأمير يرفض أن يناقش هؤلاء الإخوان في أسلوب الجماعة وتوجهها، ذلك عندما أثار شباب الجماعة أنهم لم يلتحقوا بالجماعة من أجل الفرجة والمشاهدة وحينها كانت كلمة الشيخ مجدي كمال – حفظه الله- : – مضى وقت الكلام – كما ذكر الدكتور سيد، وحينها كان أقوى المعارضين لعزل الأمير سيد إمام هو الدكتور أيمن الظواهري، وهذه ليست المرة الأولى التي كان فيها المطالبة بعزل الأمير سيد إمام، وكان دوماً الدكتور أيمن يصد هذه المحاولات، لأن الدكتور أيمن هو الذي دفع بالدكتور سيد لإمارة الجماعة، وكان الدكتور أيمن يرفض الإمارة لأنه بعد أحداث 1981م قرر أن لا يتولى إمارة الجماعة مرة أخرى. ولعلي أذكر حادثة كنت طرفاً فيها ففي سنة 1991م وفي موسم الحج في مكة المكرمة أبدى الأخ مجدي سالم تحفظاً على الدكتور سيد إمام وإمارته، وأن يتولى الدكتور أيمن الإمارة، وإن رفض فيكون الأخ أبو عبيدة البنشيري– رحمه الله- هو الأمير، وكان سبب التحفظ :-
– أ- قلة خبرة الدكتور سيد إمام في الأمور التنظيمية.
– ب- كونه مجهولاً عند الأخوة في الجهاد والأخوة يشتكون من هذا كثيراً، ويومها دافع الدكتور أيمن عن الدكتور سيد في غيابه.
– ثمّ لما تمّ عزل الدكتور سيد إمام طلب منه الدكتور أيمن أن يتولى مسؤولية النخبة الشرعية ويشرف على تعليم الأخوة، إلا أن الكتور سيد رفض ذلك، وكان وقتها يقضي معظم وقته مع الشيخ أسامة وأخوة القاعدة في السودان.
– 2- أما الأمر الثاني الذي بدا في حوار الدكتور سيد وأنه سبب غضبه هو ما قامت به جماعة الجهاد من تهذيب كتابه- الجامع في طلب العلم الشريف-. فهو أمر يعادل غضبه بسبب عزله من إمارة الجماعة، وهذا الأمر وهو موضوع الكتاب شغل حيزاً كبيراً من كلامه في الحوار، ولبيان الحقيقة أقول:- لقد كتب الدكتور سيد إمام الكتاب للجماعة، وأنه من إصداراتها، وهذا واضح من خلال الإعلان الذي صدر في نشرة- المجاهدون- وكان الدكتور موافقاً على هذا ولم يعترض بشيء يومها، ولو كان ثمة اعتراض لأعطى الكتاب يومها لغير الجماعة، وكان عزل الدكتور سيد إمام من إمارة الجماعة في اللحظات النهائية للكتاب وهو الذي دعاه أن يكتب في المقدمة أن الكتاب لا يمثل رأي الجماعة، وأن صاحبه لا ينتمي لحزب أو جماعة… ومن أجل ذلك كان سيد إمام يماطل الدكتور أيمن في إعطائه النسخة لطباعتها، ولذلك لم يعطها له إلا قبل مغادرته السودان إلى اليمن حيث ودعه في المطار، ولا يفوتني أن أذكر أنه عندما أخبرني الدكتور أيمن بقرب الإنتهاء من الكتاب فطلبت منه أن يسأل الدكتو سيد – وكان يجلس بجانبه – أن يرسل لنا نسخة من الكتاب على – ديسك- حتى أقوم بطباعته فوعد بذلك حال الإنتهاء منه. فما الذي حدث؟؟
– بعد أن استلم الأخوة الكتاب واطلعوا عليه وجدوا آراء شخصية وتعرض بالتجريح الشديد للجماعة الإسلامية المصرية واشخاصها مثل الأخ طلعت قاسم – أبو طلال – رحمه الله حياً أو ميتا – وهذه أمور ليس من الحكمة نشرها كموقف لجماعة الجهاد، فكان الموقف الأخلاقي هو عدم الطعن في جماعة هي في موقف المواجهة مع النظام، ولعل رفض الدكتور سيد إمام إعطاء نسخة من الكتاب إلا في اللحظة الأخيرة لمغادرته السودان هو من أجل قطع الفرصة على الأخوة في مناقشته حول هذه الأمور، ومن ثم وضع الأخوة أمام الأمر الواقع في نشر الكتاب بلا تهذيب، وأياً من قام بالتهذيب والمراجعة سواء كان الدكتور أيمن أو غيره فإن الدكتور أيمن كان يومها هو الأمير بعد إصرار الأخوة عليه في توليها، والجماعة كانت ترى أن لها هذا الحق في مراجعة الكتاب وتهذيبه لأنها ترى أن الكتاب لها ويمثلها، فهي التي قامت بتفريغ الدكتور سيد إمام، وهي التي كانت تنفق عليه من أموال الجماعة، وكان هناك من الإخوة في الجماعة يساعدونه في تحقيق المادة العلمية، وكان هناك من الجماعة من يطبع الكتاب على – الكمبيوتر- تسهيلاً لمصنف الكتاب، والجماعة هي التي كانت توفر مراجع الكتاب التي يحتاجها الدكتور إمام. فالكتاب لها، بل إن اسم “عبد القادر بن عبد العزيز” يعني جماعة الجهاد، إعتقاداً وفكراً ومسؤولية، فليس لأحد أن يلزمها بهذا الاسم ما لا تلتزم. فالجماعة لم تسرق الكتاب كما يقول، إذ كيف يسرق الرجل حقه، وأما دعوى تحريف الكتاب وأن هذا صنيعاً لم يقع في تاريخ المسلمين فهذه خطأ، إذ أن تهذيب الكتب علم من علوم أهل الإسلام قديماً وحديثاً، والدكتور يعرف ذلك ولكن الغضب الشخصي والخصومة وضعته موضع من يجهل ذلك وينكره.
ثم إن الجماعة لما نشرت كتاب الهادي إلى سبيل الرشاد بينوا في المقدمة إن هذا الكتاب مجموعة مختارة من أبحاث للشيخ عبد القادر بن عبد العزيز، فالجماعة قامت بواجبها، وكان على الدكتور سيد إن رفض هذا أن ينشر كتابه باسمه هو أو بأي اسم آخر يراه غير اسم عبد القادر بن عبد العزيز الذي يشير حصراً إلى جماعة الجهاد لا إلى الدكتور سيد إمام، فيتحمل هو ما يريد، ولا يحمل الجماعة ما لا تريد، لكن الدكتور سيد للأسف لم يصنع ذلك. فمن أولى باللوم يا دكتور سيد؟
– إن من أشد ما يقرؤه المسلم في الحوار، وهي من كوارث الحوار وقواصمه منهج الإستدلال، ومنهج الحكم على المخالف في الرأي والإجتهاد، فإن الغضب الذي تعدّى حده، وروح الإنتقام الذي سيطرت على الدكتور سيد جعلاه أقرب إلى الغلاة والمبتدعة من أهل السنة في هذا المسلك، إذ جعل الرد عليه فيما يقول هو ردّ على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد أنزل منزلة مخالفيه منزلة المخالفين للكتاب والسنة، حتى أدرك هذا منه المحاور الصحفي محمد صلاح مما جعله يقول له – أليس لهم حق الرد -، وبدلاً من تعديل مسار كلامه ذهب أبعد مما قال فردّ – أنهم لا يردون عليّ، إنما يردون على الله ورسوله- فقال له الصحفي – إنهم يردون عليك أنت -. فانظر إلى عجائبه كيف جعل الرد على كلامه رد على الله ورسوله؟
– ومن هذه النفسية والعقلية قوله في الحلقة السادسة والأخيرة بتاريخ 13/12/2007م : يا حكايمة: دعك من أقوال سيد قطب رحمه الله، فإن العلماء اختلفوا في حجية قول الصحابي وفعله، فكيف بسيد قطب؟ وخذ الأحكام الشرعية من المنبع الأول: قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى :/ – ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون- الأعراف – 3
– والدكتور سيد إمام يعلم ما حكاه الحكايمة عن سيد قطب ليس حكماً شرعياً لكنه موقف إيماني بالثبات على المبدأ وعدم الرضوخ لرهبة السجن وسطوته، فهل هذا يقال له في العلم والدين ما قلته يا دكتور سيد إمام؟ أم أن هذا من قبيل التزيد والمفاخرة؟
ثم هل يحق للأخ الحكايمة أن يقول لك ما قلته أنت- أنا أعلم ذلك ولا أحتاج لمن يخبرني به- ذلك لأن كل مسلم يعتقد أنه لا أحد يقدم قوله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
– وفي الجزء الرابع من الحوار بتاريخ 11/12/2007 قلت:- أنا ما ذكرت شيئاً في الوثيقة إلا بدليل من قال الله أو قال النبي صلى الله عليه وسلم فمن أراد أن يرد على شيء فهو لا يرد علي وإنما يرد على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم-.
– وهذه والله لا يجرؤ على قولها عالم عرف الفقه والنظر والبحث فيهما، فإن الناس يردون على أفهام الناس من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فحين تقول أنت حكماً ثم تستدل له بنص شرعي ويأتي مخالف ليرد عليك ما تقول فإنما يرد على فهمك وعقلك وقولك لا على الله ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر يفهمه صغار الطلبة في الفقه والعلم، ولكن ماذا نقول لك يا دكتور سيد؟
– هذا أولاً، وثانياً :- هل حقاً كل ما قلته هو مأخوذ مباشرة من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أم أنك قلت أحكاماً أخذتها من كلام أهل العلم اجتهدوا فيها اصابة الحق من النصوص الشرعية؟
– وها هنا مثال لفعلك:-
فإن موضوع التأشيرة- الفيزا- فأنت تقول: – إن الفيزا عقد أمان ولو كانت مزورة- وقد يكون الأمر كذلك وقد يكون غير ذلك، وقد استندت في ذلك لكلام بعض أهل العلم ومنهم الإمام محمد بن الحسن الشيباني حيث ذكر في كتابه = السير الكبير- : أن من زوّر خط أهل الحرب فصدقوه ودخل بلادهم لا يحل له أن يخونهم في شيء لا في دمائهم ولا أعراضهم ولا أموالهم- ثم أنزلت كلامه هذا على الفيزا، وهو إنما أخذه من أحاديث منع الغدر ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:- – ينصب لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة بقدر غدرته -.
والدكتور سيد جعل هذا الحكم قطعياً والراد عليه راد على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن هناك من المسائل الفقهية ما أدرجها الفقهاء تحت هذا الحديث وهي من العقود مع المحاربين وخالفهم فيها غيرهم، ومن ذلك عهد الأسير عندهم كما قال مالك رحمه الله وخالفه تلاميذه وأصحابه فيه، فهل قال مالك أو غيره إن الرد عليه رد على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
ثمّ إنك ها هنا قلت بقول محمد بن الحسن الشيباني لا من النص مباشرة، بل هو إعمال للقول وإجتهاد في إنزاله لا في نصه المنطوق به وبينهما فرق في العلم كما تعلم ويعلم ذلك كل طالب علم، ولو أراد أحد التزيد عليك كما فعلت مع الأخ الحكايمة لذهب يذكر لك في هذا الباب ما هو غني عن ذكره بين طلبة العلم، ولقال لك:- دع قول محمد بن الحسن الشيباني وعليك بالأثر…. وغيره من الكلام الذي ذكرته في حق الأخ الحكايمة.
– قلت في الحلقة الثانية في الحوار وهي بتاريخ 9/12/2007م : – ثم يسمون خيانتهم وغدرهم غزواً تشبيهياً لأفعالهم بغزوات النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذا انتقاص واستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ ينسبون له غدرهم وخيانتهم، والنقص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم حكمه معروف للمسلمين كما ذكره القاضي عياض في – الشفاء- وابن تيمية في- الصارم المسلول -.
– والحق أن المرء يعجب من منهج الإستدلال والنظر عند الدكتور، وكأن غضبه وانتصاره لنفسه جعله يذهب مذاهب العجب والغرابة، ولولا أن الصحفي أكد أنه نشر كل كلامه وبحرفه لما صدق أحد أن هذا كلام يقوله طالب علم.
– وقبل الخوض في الرد نقول للدكتور ولكل من رفض ضرب مركز التجارة بحجة الأمان فهل لهم أن ينصفوا ويبينوا حكم ضرب البنتاغون؟
– كتبها في سجن لونغ لارتن البريطاني
– أبو محمد: عادل عبد المجيد عبد الباري
*
غداً: الحلقة 2