«الدكتور فضل»: هجمات 11 ايلول خيانة للصديق وغدر بالعدو وكارثة للمسلمين وقلت للمعترضين على «الوثيقة» داخل السجون المصرية لا تفشلوا في السلم كما فشلتم في الحرب
القاهرة – محمد صلاح الحياة
في حلقة أمس من الحوار مع الدكتور سيد إمام عبد العزيز الشريف المعروف باسم الدكتور فضل تحدث عن نشأته وعلاقته بأيمن الظواهري وروى معلومات عن تأسيس «جماعة الجهاد» في باكستان والظروف التي نشأ فيها تنظيم «القاعدة» وذكر معلومات عن خلافات بينه وبين الظواهري وبعض من اعضاء التنظيم.
وفي الحلقة الثانية اليوم اعتبر في حديثه الى «الحياة» ان هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 «خيانة للصديق وغدر بالعدو» ورأى أنها كانت بمثابة «كارثة على المسلمين» وروى تفاصيل دقيقة عن طبيعة العلاقة بين الظواهري وبن لادن وكذلك بين الاثنين والملا عمر وحركة «طالبان»، وتحدث عن الأسس الشرعية التي استند اليها في وثيقته «ترشيد الجهاد في مصر والعالم» في تحريم هجمات أيلول والعمليات التي تنفذها تنظيمات اسلامية راديكالية ضد أنظمة الحكم.
وقال إنه بدأ في كتابة الوثيقة في شهر كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي كمسودة ثم طلب من السلطات المصرية السماح له للقاء «المنسوبين» للجهاد في السجون للإطلاع على ارائهم وبدأ لقاءاته معهم في شباط (فبراير) من العام الجاري واطلع على آراء المؤيدين والمعارضين منهم، وانتهى الى الوثيقة في صورتها النهائية في آذار (مارس) الماضي ونفى أن يكون خضع لأي ضغوط ليتخذ تلك الخطوة أو أن تكون «وليدة مرحلة السجن». وقال: «لا يمكن لإنسان أن يكتب شيئاً كالوثيقة من الذاكرة إلا اذا كان من أفكاره وعلمه القديم المستقر لديه. وكشف فضل تفاصيل عن اعتراضات بعض رموز جماعة «الجهاد» الموجودين داخل السجون المصرية على الوثيقة منهم محمد الظواهري وذكر أنه حذرهم من الفشل في السلم كما فشلوا من قبل في الحرب.
كيف تقوّم أحداث أيلول (سبتمبر) 2001؟
– أحداث أيلول (سبتمبر) 2001 هي من جهة تنظيم «القاعدة» خيانة للصديق وغدر بالعدو وكارثة على المسلمين، وهذه كلها من خصال النفاق وكبائر الذنوب التي يفسق فاعلها وكل من رضي بفعله عليه الإثم نفسه.
أما خيانة الصديق: فقد بايع بن لادن الملا محمد عمر زعيم طالبان كأمير للمؤمنين في إمارة أفغانستان الإسلامية وعاش في حمايته ورفض محمد عمر تسليم بن لادن لأي جهة، وأمر محمد عمر أكثر من مرة ألا يصطدموا بأميركا وأنه لا طاقة له بذلك، خصوصاً أن أفغانستان وشعبها هم الذين دفعوا ثمن تفجيرات بن لادن في نيروبي ودار السلام في 1998، ثم إن بن لادن وأتباعه كذبوا على أميرهم محمد عمر وخانوه ونكثوا بيعته ونفذوا أحداث 11/9/2001 من وراء ظهره بعدما ظلوا يخططون لها أكثر من سنتين على أرضه ( أفغانستان ) منذ أن طرح خالد شيخ الفكرة على بن لادن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من خلع يداً من طاعة لقي الله ولا حجة له ) رواه مسلم.
وأما الغدر بالعدو: فقد دخلوا أميركا بتأشيرة وهذه عقد أمان لا خلاف فيه بين العلماء حتى لو كانت مزورة كما ذكره محمد بن الحسن الشيباني المتوفي في 189 هـ في كتابه «السير الكبير» حيث ذكر أن من زور خط أهل الحرب فصدقوه ودخل بلادهم لا يحل له أن يخونهم في شيء لا في دمائهم ولا أعراضهم ولا أموالهم ولا فارق في ذلك بين المقاتل (العسكري) وغير المقاتل (المدني) من أهل الحرب مادام في بلادهم، وعلى هذا سائر أهل العلم، بل إن الشافعي قد ذكر في كتابه (الأم) ج 4 صـ 164 ـ 165، أن المسلم إذا دخل دار الحرب بأمان أهلها ثم أسر أهل الحرب بعض المسلمين لا يجوز لهذا المسلم أن يقاتلهم لاستنقاذ هؤلاء الأسرى أو السبي، هذا حاصل كلامه، ولابن قدامة قريب منه في (المغنى) ج 8 . أما أتباع بن لادن فدخلوا أميركا بعلمه وبأمره وغدروا بأهلها فقتلوا ودمروا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ينصب لكل غادر لواء عند إسته يوم القيامة بقدر غدرته» رواه مسلم، أي ترفع له راية عند دبره ليفتضح أمام الخلق يوم القيامة، ثم إنهم يسمون خيانتهم وغدرهم غزواً تشبيهاً لأفعالهم بغزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) وفى هذا انتقاص واستهزاء بالنبي (صلى الله عليه وسلم) إذ ينسبون إليه غدرهم وخيانتهم، والنقص من قدر النبي (صلى الله عليه وسلم) حكمه معروف للمسلمين كما ذكره القاضي عياض في «الشفا» وابن تيمية في «الصارم المسلول».
فتنة في كل بيت
الى أي مدى أثرت تلك الأحداث في أوضاع المسلمين في العالم؟
– كانت الكارثة على المسلمين: فقد أشعلوا فتنة دخلت كل بيت، وتسببوا في سجن آلاف المسلمين في سجون الدول المختلفة، وتسببوا في سقوط عشرات آلاف من القتلى المسلمين من العرب والأفغان والباكستانيين وغيرهم، ودُمرت إمارة طالبان الإسلامية ودمرت «القاعدة» وتسببوا مباشرة في الاحتلال الأميركي لأفغانستان وغير ذلك من الخسائر الفادحة التي لا يتسع المجال لذكرها هنا وكلها في رقابهم.
كيف ترى الطريقة التي أدار بها بن لادن والظواهري المعركة مع الاميركيين؟
– هرب بن لادن والظواهري وغيرهما مع بداية القصف الأميركي حتى انهم تركوا نساءهم وعيالهم يقتلون مع غيرهم من الأبرياء وأنا أرى أن تعقد محكمة شرعية من العلماء الثقاة – ولو غيابياً – لمحاسبة هؤلاء على هذه الجرائم حتى لا يجرؤ جاهل بدينه على تكرار هذا العبث.
كانت طالبان تعاقب المرأة التي تخرج من بيتها كاشفة وجهها فكيف لا يحاسبون قادة «القاعدة» الذين تسببوا في تدمير دولتهم وسفك دمائهم وخراب بيوتهم ويتّم أطفالهم وأيم نساءهم، وكل هذا بالمعصية لأميرهم؟ أين سيذهبون من هذه الذنوب؟، قال تعالى «ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً» (الكهف 49) وكل هذا من غير طائل فلا هم هزموا أميركا ولا أبقوا على إمارة طالبان ولا على إخوانهم.
لكن بعض الاسلاميين لا يزالون يشيدون بما جرى على رغم التبعات؟
– إنما أُعجب بأعمال «القاعدة» كثير من الجهال لقلة علمهم بالشريعة وبمناطات الأعمال وحقيقة توصيفها الشرعي، والشعوب تحكمها العواطف وتفكر بآذانها لا بعقولها أي أنها تعجب بما تسمعه من دون أن تتدبر حقيقته بعقولها، وإنما حمل الناس على ذلك كراهيتهم لأميركا فإنهم لم يروا منها خيراً والقاعدة تلعب على هذا الوتر كما لعب عليه صدام حسين وأحمدي نجاد وغيرهما، فأميركا تدعم إسرائيل دائماً، وحتى المساعدات الأميركية لا يشعر عامة الناس بها لأنها إما أسلحة قديمة تتخلص منها لتشغيل مصانعها وأو قمح قديم مخزون تريد أن تتخلص منه وأو حبوب منع الحمل، هذه هي المساعدات الأميركية أي أن أميركا تساعد نفسها، فالناس يكرهون أميركا والحركات الإسلامية تشعر بالقهر والعجز، فكل من يتنطح لأميركا يصفقون له سواء كان بن لادن أو نجاد أو صدام، وأصبح أقصر طريق للشهرة والزعامة عند العرب والمسلمين هو مناطحة أميركا، لكن ما فائدة أن تهدم لعدوك عمارة فيهدم لك دولة، وما فائدة أن تقتل له رجلاً فيقتل لك ألف رجل، (ما هكذا يا سعد تورد الإبل) كما تقول العرب في أمثالها هذا باختصار تقويمي لأحداث 11/9/2001.
هل كانت «وثيقة ترشيد العمل الجهادي» كفيلة بتصحيح المفاهيم لدى المنتسبين الى الجماعات الجهادية؟
– أنا تكلمت في أخطاء «القاعدة» كمسائل فقهية كتحريم الغدر لمن دخل دار الحرب بأمانهم، وتكلمت عن عدم جواز قتل السياح في بلادنا، وتكلمت في وجوب إستئذان الأمير في الجهاد، وتكلمت عن خطر رئاسة الجهال وأنها طريق الضلال، أما قادة «القاعدة» فلم أذكرهم بالاسم، لأن الوثيقة مطروحة لمنسوبي الجهاد بمصر وكثير منهم لم يخرجوا من مصر ولم يعرفوا بن لادن أو الظواهري أو غيرهما كما عرفتهم، وقد لا يكون لديهم من العلم ما يمكنهم من تقويم أفعال هؤلاء والتفطن لأخطائهم الفاحشة، خصوصاً وأن هناك من الجهال من يصور قادة «القاعدة» أبطالاً وهم في الحقيقة كذبة خونة غدرة مفسدون في الأرض، فلم أشأ أن أفرض ما أعرفه على الآخرين في الوثيقة وأكتفيت فيها بذكر الأخطاء كمسائل فقهية بأدلتها الشرعية.
مدى تأثير «الوثيقة»
جاءت الوثيقة مطولة وتحوي تفاصيل فقهية وشرعية… لكن أي البنود ترى أنها مؤثرة في عقول الشباب؟
– اشتملت الوثيقة بعد المقدمة على 15 بنداً وأربعة تنبيهات:
– بند (1) بيان حقيقة دين الإسلام وإلزامه للبشرية كافة، وأن شريعته قد تضمنت كل ما يحتاجه الخلق لإصلاح دنياهم وآخرتهم إلى يوم القيامة.
– بند (2) بيان أن مناط التكليف بعد العقل هما العلم بوجوب الشيء والقدرة على فعله وأنه لا يجوز الإقدام على عمل إلا بعد معرفة حكمه الشرعي لقوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) الإسراء 36، وبخاصة في الجهاد الذي فيه إتلاف النفوس والأموال والتي الأصل فيها التحريم، فلا يجوز التكليف بما لا يطاق لقوله تعالى ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة 286 ، وما عجز المسلم عن فعله سقط عنه إثمه وقد يُحَصَّل أجره بالنية الصالحة .
– بند (3) في أن فاقد النفقة لا يجب عليه الجهاد وإن كان فرض عين، لأن الجهاد كان فرض عين في غزوة تبوك وعذر الله من تخلف عنها لعدم النفقة في قوله تعالى (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) التوبة 91، وأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) – في الحديث المتفق عليه – أن الله قد كتب أجر هذه الغزوة لهؤلاء بصدق نيتهم . وأن فاقد النفقة يحرم عليه تحصيل المال بوسائل محرمة كالسطو على أموال المعصومين للاستعانة بها في الجهاد، فلا يجوز أن يفعل ما لا يحل لأداء ما لا يجب عليه لعجزه، وإن خالف في هذا فجهاده إن قام به مردود لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) رواه مسلم .
– بند (4) لا يجوز الخروج إلى الجهاد إلا بأذن الوالدين وإذن الدائن، لأن بر الوالدين فرض عين ولهما حق في ابنهما فلا يخرج إلى الجهاد إلا بإذنهما، وقد صح الحديث في ذلك كما أن الشهادة لا يغفر الله بها للمجاهد ما عليه من ديون فلا يخرج إلا بإذن الدائن . وقد عمّت البلوى بذلك في هذا الزمان فنجد الوالدين لا يعلمان بذهاب ابنهما للجهاد إلا بعد نشر صورته في الصحف قتيلاً أو أسيراً .
بند (5) بيان أن الحفاظ على المسلمين من الهلاك من مقاصد الشريعة، ولهذا أجاز الله للمستضعف كتمان الإيمان والتخفي به، وأجاز الله سبحانه الهجرة، واعتبر سبحانه التكافؤ بين المسلمين وعدوهم في القوة ولم يوجب على المسلمين الثبات في القتال إذا زاد العدو على الضعف، كما أجاز الله سبحانه الصلح والهدنة مع الكفار على مال ومن دونه، كل هذا من أجل الحفاظ على المسلمين، بخلاف من يدفع بهم إلى المهالك.
– بند (6) في بيان عدم جواز الخروج على الحكام ببلدان المسلمين اليوم من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية للعجز عن ذلك ولغلبة المفاسد على المصلحة، ولهذا الكلام توضيح بالتنبيه الثاني في آخر الوثيقة.
– بند (7) في تحريم إيذاء السياح القادمين إلى بلاد المسلمين، وإن كانوا مقطوعاً بكفرهم، فكيف وقد يكون فيهم مسلمون؟ وذكرت لذلك ستة أسباب، ويجملها ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في (الاستذكار) أن كل ما اعتبره الكافر أماناً إذا دخل إلينا فهو أمان عند عموم الفقهاء . وشرح الشافعي ذلك في (الأم) ج 4 صـ 196 وقال ما حاصله إن الكافر لا يفرق بين من يجوز ممن لا يجوز أمانه منا. وعلى كل حال فإن الكافر إذا دخل إلينا بأمان فاسد فالواجب ليس قتله وإنما يجب إبلاغه مأمنه (أي إبعاده وترحيله إلى حيث يريد من المكان الذي يأمن فيه) كما قال تعالى (ثم أبلغه مأمنه) التوبة 6.
– بند (8) النهي عن العمليات الحربية لمن دخل دار الحرب بأمان أهلها، فلا يحل له أن يخونهم في نفس أو عرض أو مال، باتفاق أهل العلم كما ذكرته في كلامي عن «الغدر بالعدو» في أحداث 11/9/2001، قال تعالى «يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود» المائدة1، وهذه واجبة مع المسلم والكافر، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) «إنا لا يصلح في ديننا الغدر».
– بند (9) النهي عن قتل المدنيين، لأن من عٌلِمَ إسلامه منهم بظاهر حاله فحرمته مؤكدة لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» رواه مسلم، ومن جهل حاله من الناس فلا يجوز التعرض له حتى في حال القتال إلا بعد تبين حقيقة حاله لقوله الله تعالى «يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا» النساء 94.
– بند (10) من ضوابط التكفير في الشريعة، وذكرت فيه أن التكفير حكم شرعي ليس بدعة، ومنه ما هو كفر أصلي أو كفر طارئ (ردة)، وأنه لا يحكم على مسلم بالكفر إذا عمل عملاً مكفراً إلا بعد النظر في عمله (قوله أو فعله) هل هو صريح أم محتمل؟ وكذلك النص المكفِّر له هل هو صريح أم محتمل ؟ ثم ينظر في الشروط والموانع في حق هذا المعيَّن بحسب قاعدة (يترتب الحكم على السبب إذا توافر الشرط وانتفى المانع). وبالتالي فهناك فارق بين التكفير المطلق (الحكم على السبب فقط) وبين تكفير المعيَّن (بعد النظر في الشروط والموانع) وأن مرجع هذا إلى القاضي المسلم، وأنه بعد ثبوت الردة فإن الاستتابة (أي عرض التوبة على المرتد) واجبة، وانه لا يجب على آحاد الرعية إقامة شيء من الحدود إلا على عبيده ولا يجوز له ذلك في حق غيره من الأحرار وإلا صارت الأمور فوضى وقتل الناس بعضهم بعضاً بأدنى شبهة.
– بند (11) في عدم جواز التعرض للنصارى في بلادنا بأي أذى، مع بيان أنهم ليسوا أهل ذمة وإنما مواطنون، وأن الأصل معهم هو «المعاملة بالمثل»، وأن الإحسان إلى الجار من مسلم وغير مسلم واجب والإخلال به من الكبائر، وأنهم في جملتهم يجرى عليهم قول الله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين» الممتحنة 8، مع ذكر الوصية الخاصة من النبي (صلى الله عليه وسلم) بأقباط مصر لما لهم من الرحم والصهر.
– بند (12) مسألة جهاد المنفرد المذكورة في قوله تعالى (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) النساء 84، وبيان أن هذا لبيان جواز ذلك لا وجوبه ودليل ذلك، وأن الجواز مقيد بشروط من أهمها إستئذان الأمير أو ولي الأمر أن وجد، ومنها ألا يضر غيره من المسلمين لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) (ولا ضرر ولا ضرار) حديث حسن، ومنها ألا يرتكب ما نهى الله عنه من العدوان بقتل النفوس المعصومة من مسلم أو غير مسلم أو بإتلاف الأموال لقوله تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة 190.
– بند (13) نصيحة لعموم المسلمين، وفيها مسائل كثيرة كوجوب تعلم الدين وطلب الرزق الحلال والبعد عن المنكرات والمعاصي ونحو ذلك.
– بند (14) نصيحة لولاة الأمور ببلاد المسلمين، وأهمها تطبيق الشريعة الإسلامية ففيها صلاح البلاد والعباد وفيها عز الدنيا والفلاح في الآخرة، ثم الاهتمام بتقليل الفساد والمظالم، ورفع مستوى التعليم الديني والعناية بأهله.
– بند (15) وفيه البشارة ببقاء الإسلام وأهله وظهورهم إلى قرب قيام الساعة، وفيه أن الجهاد ماضٍ إلى قرب قيام الساعة، وأن الخلافة الإسلامية قادمة وقبل ظهور المهدي رضي الله عنه وغير ذلك من المبشرات مع أدلتها.
هذا عن البنود ماذا عن التنبيهات؟
– التنبيه الأول، على مؤلفاتي الإسلامية، وأنها مجرد نقل علم إلى الناس لا فتاوى، وما فيها من أحكام فهي مطلقة لا تنزل على المعيّنين إلا من عالم مؤهل ولست منهم وأن أي شيء من مؤلفاتي يخالف الدليل الشرعي الصحيح السالم من المعارض فأنا راجع عنه.
– التنبيه الثاني: في بيان الأسباب الشرعية والواقعية التي تبين عدم جواز الخروج على الحكام في مصر، فمن الشرعي عدم التكافؤ والعجز، ومن الواقعي عجز الحركات الشعبية عن تغيير النظام في مصر على مدى التاريخ و «العادة محكمة» مع ذكر الأمثلة.
– التنبيه الثالث: في الرد على شبهة أن ما في هذه الوثيقة تخذيل للمجاهدين، وفيه أن تصحيح الأخطاء واجب وليس تخذيلاً، وإلا فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» متفق عليه، فهل كان النبي مخذلاً ؟ (صلى الله عليه وسلم).
– التنبيه الرابع: في الرد على شبهة «لا ولاية لأسير» فأنا من واقع مخالطتي للحركات الاسلاميه أعرف كيف يفكرون وما سوف يطرحونه من شبهات فرددت عليها قبل أن يطرحوها، وعندي المزيد للرد على كل جاهل وعنيد، وحاصل ما قلته في ذلك أن «العبرة بدليل الكتابة لا بمكانها» فمن كان لديه اعتراض على شيء من كلامي بالدليل الشرعي فأنا مستعد للنظر فيه ومناقشته ومستعد لقبول الحق وإن كان بخلاف قولي. هذا ملخص ما ورد في الوثيقة.
كم استغرقت كتابتك لهذه الوثيقة، وما أهم المراجع التي رجعت إليها؟
– أما المراجع فلم أرجع إلى شيء منها لعدم توافرها بالسجن وقت كتابي للوثيقة، ولم أطلب توفيرها لعدم حاجتي إليها، فقد كتبت الوثيقة من ذاكرتي، ولهذا فإن بعض الأحاديث والنقول عن العلماء فيها هي بالمعنى لا باللفظ، والنقل عن العلماء ليس حجة في ذاته وإنما الحجة في الكتاب والسنة أما كلام العلماء فهو للاستئناس.
وأما كم استغرقت الكتابة؟ فقد كتبتها في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2006 كمسودة، ثم طلبت مقابلة منسوبي الجهاد في السجون للاطلاع على آرائهم، فقد كنت مازلت معزولاً حتى ذلك الوقت منذ تسليمي إلى مصر في 2/2004، فسمحت لي السلطات بمقابلتهم في شباط (فبراير) 2007، وعرفت آراء المؤيدين وكذلك المعارضين لمحتوى الوثيقة، وقمت بعد ذلك بإضافة إيضاحات وردّ على شبهات إلى المسودة حتى خرجت الوثيقة في صورتها النهائية، وكان هذا في آذار (مارس) 2007، ثم عقد مؤتمر في سجن الفيوم عرضت فيه الوثيقة على المئات من أخوة الجهاد وذلك في نيسان (ابريل) 2007، ولقيت الوثيقة التأييد العام، وتواكب هذا مع عرض الوثيقة على «مجمع البحوث الإسلامية» بالأزهر وهو أعلى هيئه علميه إسلامية في مصر، وقد أقرّها.
من بين ردود الفعل تجاه الوثيقة من قال إنها وليدة مرحلة السجن ومن قال إنها أفكار قديمة؟
– لا يمكن لإنسان أن يكتب شيئاً، خصوصاً إذا كان بحثا طويلاً كالوثيقة، من الذاكرة من دون الرجوع إلى أي كتاب إلا إذا كان من أفكاره وعلمه القديم المستقر لديه. وقد ذكرت من قبل إنني نهيت الإخوة عن الصدام مع الحكومة عام 1992 ونحن في باكستان، حتى قال لي الأخ مجدي كمال «انتهى وقت الكلام وجاء وقت العمل» وكان إصرارهم على الصدام من أسباب قطع صلتي بهم، ثم كررت إنكاري عليهم ما خاضوه من العمليات وذلك في السودان آخر عام 1993، وكل هذا الكلام عليه شهود وهم إحياء، فأنا ما زدت في «الوثيقة» على أن كتبت ما قلته لهم منذ 1992 ورفضوه، وقد خاضوا الصدام وما وصلوا الى أي مصلحة بل الى خسائر بالجملة.
معترضون
إضافة الى ردود الفعل بعد الوثيقة ذكرت أنك واجهت عند كتابتك لها بعض المعترضين، فما أسباب اعتراضهم؟.
– الأسباب متنوعة منها المنطقي ومنها ما ليس كذلك، فمنهم من قال لا جدوى من كتابة شيء من ذلك لأن كل ما يخرج من السجن غير مقبول لدى الشباب، وقد رددت على هذه الشبهة في التنبيه الرابع في آخر الوثيقة. ومنهم من قال إن أي كتابة عن الأخطاء التي وقعت في الجهاد ستؤدي إلى التخذيل والصد عن الجهاد، وقد رددت على هذه الشبهة في التنبيه الثالث آخر الوثيقة. ومنهم من قال نحن أعلنا مبادرات ووقفاً لأي عمليات منذ عام 1995 ولم تستجب السلطات ذلك ومازلنا في السجن من وقتها، فلا فائدة من التكرار، والرد على ذلك أنهم إن لم يستفيدوا من (الوثيقة) شخصياً فلتستفد منها الأجيال الناشئة من الشباب. ومنهم كالأخ أحمد سلامة مبروك الذي قال نحن مستعدون للموافقة على كل ما في الوثيقة ونتعهد للسلطات الالتزام بها ولكن في السر من دون إعلان ذلك في وسائل الإعلام، حتى لا يؤدي ذلك إلى تخذيل الشباب عن الجهاد.. وقال أحد الأخوة القدامى إنهم يريدون أن يتم ذلك سراً حتى لا تزول وجاهتهم عند الناس. ومنهم من قال إنه يماطل ويرفض ليكسب وقتاً حتى ينفذ أيمن الظواهري عمليتين أو ثلاثة بمصر تحسِّن موقفه أمام السلطات في التفاوض في حين أن الظواهري أعلن وقف العمليات في مصر منذ العام 1995 لعدم القدرة.
ومنهم من لا يريد أن يخرج من السجن لأنه لا عمل له ولا وظيفة خارج السجن، في حين أن السجن يضمن له السكن والطعام كما تأتيه بعض التبرعات من المحسنين. ومنهم كالأخ محمد الظواهري قال إنه مستعد للتعهد للسلطات عدم الصدام في السر ومن دون كتب. ومنهم كالأخ مجدي كمال تعهد كتابة أمام الشهود أنه سيلتزم الوثيقة إذا وافقت الشرع. ومنهم من قال: حتى لو لم تكن في الوثيقة مخالفات شرعية سنرفضها لمجرد معاندة السلطات والذي يرفض الشرع عناداً لا يكون أخاً بل قد لا يكون مسلماً.
كيف ردَدْت على تلك المواقف؟
– كل هؤلاء المعترضين منهم من سجن في قضية جنائية لا سياسية، ومنهم من تسبب في سجن المئات بسبب سرقته سيارة وقتله سائقها، ومنهم من تسبب في سجن المئات بسبب مكالماته الهاتفية لهم من خارج مصر، ومع كل مكالمة تسقط مجموعة كبيرة من الأخوة على رغم تأكيدهم عليه ألا يتصل بهم لأن الهواتف مراقبة من السلطات. وأنا قلت لكل هؤلاء أنتم فشلتم في الحرب وخضتم صراعاً لا يجب عليكم شرعاً وتسببتم في سجن المئات بل الآلاف ويجب عليكم شرعاً السعي في إخراجهم من السجون لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) «فكوا العاني» رواه البخاري، و»العاني» هو الأسير أي أسعوا في فكاك الأسير، وقلت لهم لا تفشلوا في السلم كما فشلتم في الحرب فتجمعوا بين فشلين، ولكنهم أصروا على الفشل بغير حجة شرعية، والفاشل لا يكون قائداً بل يجب أن يعتزل وعند بعض الناس القائد إذا فشل في الحرب انتحر، ولكنهم مصرون على أن يكونوا قيادات داخل السجون على رغم فشلهم المزدوج ولا يبالون بأتباعهم الذين تسببوا في سجنهم وهم مسؤولون عنهم أمام الله يوم القيامة للحديث «وكلكم مسؤول عن رعيته» متفق عليه.
نعرف أن محمد الظواهري اعترض ايضاً على الوثيقة؟
– الأخ محمد الظواهري الذي كان قائداً للجناح العسكري في جماعة «الجهاد» كان يريد أن يدير المعركة في مصر من مكتب مكيَّف في دولة الإمارات، على رغم أنه يرى أن الحاكم مسلم، والحاكم المسلم يحرّم الخروج عليه بإجماع أهل السنة والجماعة، ولما سقط محمد الظواهري وسُلِّم لمصر أوقع بمجموعة من إخوانه، عموماً هذه مجرد نماذج لبعض قيادات الجهاد التي يفتتن بها الشباب الناشئ الذي لا يعلم بواطن الأمور، ولولا أن الله قد أمر بالستر لذكرت أسماءهم فرداً فرداً.
وهذه هي كل بضاعة المعترضين الفاشلين الذين ساقوا إخوانهم إلى المشانق والسجون بالآلاف وعلى رغم ذلك يصفهم البعض بأنهم «الثابتون على العهد»، والله ما وجدت لدى أحد منهم حجة شرعيه وما منعهم إلا الكِبَر كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الذي رفض أن يأكل بيمينه. —
**
طره … سجن للسياسيين احتضن مراجعات «الجماعة الإسلامية» ومن بعدها «الجهاد»
السجون… مثل الزمان، بعضها عصور رخاء وبعضها عصور مظلمة، هكذا تحدث منظر الجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم عن تجربته في سجن طره حيث قضى نحو 24 سنة في أجنحته المختلفة متنقلاً بين ليمان طره وسجن العقرب – أكثر السجون حراسة وتشدداً في الإجراءات – ومستشفى طره قبل أن يخرج مرة ويحصل على حريته بعد مبادرة «الجماعة الإسلامية» لوقف العنف التي أطلقت عام 1997.
وكما شهد هذا السجن أحداثاً إيجابية تمثلت في مراجعات الجماعة الإسلامية في السابق والجهاد حالياً، حمل كثيراً من الآلام لبعض رواده، إذ شهد عام 1959، ما عرف باسم مذبحة طره التي قتل فيها 21 من عناصر جماعة الإخوان المسلمين كما شهد عام 1981 إعلان انتحار القيادي الإخواني كمال السنانيري وتلك الواقعة لا يزال يكتنفها الغموض والاتهامات من جانب الجماعة إلى السلطات المصرية بقتل السنانيري.
يرى إبراهيم أن السجون المصرية أصبحت أحسن حالاً منذ عام 2001، أي بعد 3 سنوات من إعلان المبادرة، التي يرى أنها كانت سبباً في إحداث نقلة في نوعية المعاملة داخل السجون المصرية بصفة عامة وطره بصفة خاصة.
وتضم منطقة سجون طره سبعة سجون معظمها للسجناء السياسيين فيما يخصص سجن واحد فقط للجنائيين ويتشاركون في آخر مع السياسيين والسجون هي: سجن الاستقبال ومزرعة طره وملحق مزرعة طره، وليمان طره والمحكوم ومستشفى طره، وسجن شديد الحراسة ومعروف باسم سجن العقرب الذي يستضيف حالياً منظر الجهاديين الدكتور سيد إمام شريف (الدكتور فضل).
بعد سلسلة طويلة من الإجراءات الأمنية بدءاً من الوقوف في طوابير مروراً بمراحل عدة من التفتيش تتخللها مرحلة كتابة البيانات تأتي المرحلة الأخيرة لدخول منطقة السجون.
بعد سلسلة الإجراءات الأمنية ينتظر الزائر حافلة السجن الخاصة التي تنقل الزائرين من الداخل إلى الخارج وهي معروفة باسم «الطفطف» وهو الاسم الذي يطلق أيضاً على الحافلات التي تنقل المصطافين في المدن السياحية.
ويحيط بكل سجن سور ويحيط بالمنطقة التي تضم السجن أسوار ويوجد بينها نطاقات أمنية مراقبة على مدار 24 ساعة وتمر فيها دوريات متحركة فضلاً عن وجود كمائن ثابتة ومتحركة ما يجعل التفكير في الهروب من السجن أمراً مستحيلاً. والعاملون فيه أيضاً تتخذ معهم تدابير أمنية عالية داخل السجن ويتم إغلاق السجن تماماً مع آخر ضوء للنهار ويمنع دخول أو خروج أي شخص حتى لو كان من الضباط الا بسلسلة من الإجراءات الطويلة والمعقدة.
ويضم سجن استقبال طره ثلاثة عنابر رئيسية، اثنان متعددا الطوابق ويضمان الزنازين الفردية في الدور الأول والجماعية في بقية الأدوار، في حين يتكون العنبر الثالث من دور واحد مبني بالخرسانة المسلحة، وهو عنبر حديث البناء وسمي بعنبر شديد الحراسة.
وبخلاف العنبر شديد الحراسة فإن هناك سجناً خاصاً يسمى «سجن شديد الحراسة» ويعرف أيضاً باسم سجن العقرب وهو موجود في نهاية منطقة سجون طره ويبعد حوالى كيلومترين من باب المنطقة ويسبقه بالترتيب سجن استقبال طره، وسجن مزرعة طره، وسجن ملحق المزرعة. ويضم السجن 320 زنزانة مقسمة إلى أربعة عنابر، ويضم كل عنبر 80 زنزانة على شكل حرف H، ومساحة الزنزانة 5.2 متر – 3 أمتار وارتفاعها 5.3 متر ولكل زنزانة شباك طوله 90 سم وعرضه 80 سم وارتفاعه عن الأرض 5.2 متر.
ويوجد في السجن مكان مخصص لممارسة الرياضة وهو عبارة عن قطعة أرض خرسانية مغطاة بالرمال. كما توجد في السجن، عشرين زنزانة معدة للحبس الانفرادي.
أما مستشفى ليمان طره فهو عبارة عن عنبر منفصل مساحته 30م -20م وينقسم العنبر إلى دورين منفصلين، يخصص الدور الأول للسجناء الجنائيين، والدور الثاني للسجناء السياسيين.
(نقلاً عن “الحياة)