بيان للرأي العام
لم يكن أحد يتوقع، حين صرح محافظ شمال سيناء، في مؤتمر الأمومة والطفولة، الذي أقيم بمدينة العريش قبل أيام، بأنه سوف يحبط تظاهرة يوم الجمعة 31/11/2007، بأن الآليات التي سوف يستخدمها المحافظ، لتنفيذ عملية الإحباط، سوف تكون بهذه الدرجة من البشاعة.
فحين تكون أداة المحافظ، لإحباط تظاهرة سلمية ومدنية، شخصاً على هذه الدرجة من الخطورة، نعرف الى اين وصل الانحدار. فهذا الرجل محكوم عليه في ثلاث قضايا، بثلاثة احكام مؤبدة، منها حكمين عسكريين والثالث مدني. احد الحكمين العسكريين بسبب قتل جندي مصري على حدودنا الشرقية، هو الجندي مجند سيد غريب.
الخطير في الامر ان هذا الشخص نفسه، أداة المحافظ، هو من اجج الجحيم في مدينة العريش في رمضان الفائت، بين احدى قبائل البدو، التي تقيم بالصحراء، من ناحية، وواحدة من قبائل الحضر، التي تقيم في مدينة العريش، من ناحية ثانية. حين قام بخطف سيارة، صاحبها ينتمي للقبيلة التي تقيم بالعريش، مما ادى لان يخرج اقرباء صاحب السيارة، ويشعلون النار في شوارع المدينة، لتستمر حالات الشغب والتكسير لايام متوالية.
وبالرغم من اننا حذرنا في حينه، وأصدرنا بياناًيوضح واقعة اشتعال مدينة العريش، وقلنا ان هذا الخارج على القانون هو السبب فيها، وانه، وقبل ان يقوم بخطف السيارة، كان بصحبة المقدم حسني نصار(جريدة البديل)، وبالرغم من سجله الحافل بالخروج على القانون والبلطجة، يقوم السيد محافظ شمال سيناء بتناول طعام الافطار في رمضان معه، بل ويسلم عليه وياخذه بالحضن علانية وعلى راس الاشهاد، مما يدل على عمق العلاقة بين الاثنين. والامر لا يقف عند المحافظ وحده، فالرجل تستقبله قيادات امنية، في مكاتبها، علنا وكأنها تخرج لسانها لكل ما هو حق وعدل في هذا المجتمع. وعلى راس هذه القيادات اللواء منتصر شعيب، مدير أمن شمال سيناء، والمقدم حسني نصار مدير ما يعرف بقسم شئون البدو، مما يؤكد التكهنات التي تقول، أن هناك خطة تدبر بليل ضد نضال بدو سيناء السلمي والمدني، وتحويله عن مساره الطبيعي، لينحرف نحو عنف عشوائي وحروب عشائرية وقبلية، لا أحد يعرف من المستفيد منها بالضبط(!).
هذا عن الرجل.. فماذا عن المظاهرة؟.
كانت البداية حين وصلتنا معلومات مفادها، ان الشباب سوف يتجمعون، في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم السبت غرة ديسمبر 2007، وحين يكتمل حشدهم سينقضون على الحدود ويستولون عليها تماما. ولانه لا يمكن اثناء الشباب عن هذا السيناريو المفزع، من وجهة نظرنا، الا بالسيطرة على الموقف ووضعه تحت اشرافنا الكامل، فقد كان راينا الاول باننا، ولكي نتحكم في الجموع، لا بد:
– ان نغير في ميعاد التجمع.
– وضع خطة لاستيعاب الغضب وامتصاصه.
ولاننا لا نستطيع تأخير موعد المظاهرة ، فقد استقر راينا بانه لا بد من تقديمه. وبالفعل قررنا ان يكون التجمع يوم الجمعة، 31 نوفمبر 2007، عوضا عن يوم السبت، أي قبل الموعد بيوم واحد. ولامتصاص الغضب، قررنا تنظيم مسيرة، تطوف مدينتي الشيخ زويد ورفح، ثم تنتهي بمهرجان خطابي على ميدان الماسورة برفح، عله يصل صوتنا للاذان الصماء الجالسة وراء مكاتب الحكومة الفخمة، لتنفض الجموع بعدها ويذهب كل واحد الى حال سبيله.
وبالفعل تم لنا ما اردنا، إذ بدأ تجمعنا الساعة الثانية من بعد ظهر الجمعة، وكانت الامور تمشي وفق ما خططنا. أخذت المظاهرة طابعها المدني. وظلت حشود الناس تتزايد، في انتظار لحظة انطلاق المسيرة، الذي حددناه الساعة الرابعة بعد الظهر.
واثناء الحشد وقبل الانطلاق، تدخل بعض الاشخاص المعروفين بصلاتهم العميقة بالمحافظ وبلواءات وزارة الداخلية، وعلى راسهم ذلك الرجل قاتل الجندي المصري على الحدود، فصنعوا ارباكهم، إذ اعتدوا على حقوقيين وناشطين سياسيين، وقام نفس الرجل بصدم واجهة سيارة القيادي مسعد أبو فجر بسيارته متعمدا، وقد كان برفقة أبو فجر، اثنين من الناشطين السياسيين، احدهما اصيب بشج في راسه نتيجة ارتطامه بسقف السيارة، اما الثاني وهو ناشطة سياسية فقد دخلت في حالة انهيار اعصاب كامل مصحوب بصراخ وبكاء شديدين.
ارتبكت الامور، وكانت النتيجة ان اتجه المتظاهرون الى الحدود، عوضا عن السير في مسيرة مدنية، تهدف لايصال صوت الناس للمسئولين من جهة، وتفريغ شحنات الغضب المكبوتة بشكل حضاري وسلمي من جهة ثانية، مما ادى لاستشهاد فتى في الرابعة عشر من عمره.
في الاخير، ونحن نطلب التحقيق في كلمة اوردناها، لا يفوتنا أن نطرح سؤالا. في الاعتصام الاول على الحدود الذي بدأ يوم 25 ابريل 2007، كان رسول المحافظ وقيادات الامن للتفاوض مع المعتصمين، هو احد الاشخاص، كان اثناء الاحتلال الاسرائيلي لسيناء، معروف بصلته العميقة بجهاز الشين بيت الاسرائيلي، ، لدرجة ان كل البدو يعرفون، ان هذا الرجل ليس جاسوسا عاديا، يوصل المعلومات من تحت لتحت، بل كان يجلس على المكتب يحقق مع الناس ويستجوبهم، والعلم الاسرائيلي يرفرف وراءه. أما اليوم فالسيد المحافظ والسادة لواءات وزارة الداخلية، يرسلون شخصا خطرا ومحكوم عليه بحكم مؤبد لقتله جنديا مصريا على حدودنا الشرقية، يرسلونه لصدم سيارة ابو فجر وتحطيمها. فأي عقل بالضبط هذا الذي يدير الأوضاع في سيناء ولمصلحة من بالضبط ؟(!)
“ودنا نعيش: بدو سيناء”