في لقاء له مع المذيع اللوذعي عمرو أديب، والذي تساءل “لماذا لا نبل ريق الأقباط بالسماح ببناء الكنائس؟”، استهجن د. أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، ما سماه دعوات من يريدون محو وجه مصر العربي والإسلامي، مدعياً مخالفتهم للتاريخ والمنطق، وذلك بعدما اتفق مع المذيع النابغة على ضرورة “بل ريق الأقباط”. وإذا كان هذا ما يستنتجه سيادته من التاريخ والمنطق، فماذا سيكون رأيه يا ترى إذا خرج علينا من يقرأ التاريخ ويتبع ذات المنطق قائلاً أن وجه مصر الأصيل مسيحي، وإن كان يسكنها أغلبية مسلمة، وأي منطق هذا الذي يرتهن الوطن مقابل الدين، الذي هو علاقة بين الفرد وربه، ولا يتيسر لأي أحد إلا الباري أن يتيقن منه إلا من حيث المظهر؟!!
الطريف أن د. أبو المجد يلون حديثه بمسحة تسامح تبدو براقة لغير الخبراء بمثل ذلك اللون من الأحاديث والمواقف، فالرجل الموكل إليه رسمياً الدفاع عن حقوق الإنسان يصر على نسبة مصر الوطن تارة إلى العروبة وأخرى إلى الدين الإسلامي، وكان لا فض فوه ومات حاسدوه متسقاً مع نفسه (لكن من خلف ستار) حين صرح في ذات الجلسة أنه لم يكن هناك داع لإدخال مفهوم المواطنة في الدستور، لأن الأمر في نظره لا يحتاجها، وإن منعته حصافته من استنكار هذا المفهوم الذي يفسد عليه تصوراته لمصر العربية الإسلامية، والتي تطبق الشريعة الإسلامية كما تكرم وصرح أيضاً، أما مصر المواطنة، والتي تعني أن تكون “مصر مصرية” لا أكثر ولا أقل، فهذا ما لا يتفق مع الموقف الحقيقي لراعية حقوق الإنسان، دمث الخلق طلي الحديث.
واضح من حديث الرجل – وعلى قدر ما فهمنا – أنه يميل حقيقة للتسامح، وليس إلى السماحية بمعنى قبول التنوع، فالتسامح الذي يظهره يتفق مع المعنى المعجمي لكلمة تسامح، وهو أن ترى نفسك على حق مطلق، وأن هناك شواذاً وخطاة تعاملهم بتسامح بأن لا تفتك بهم، على أن يلتزموا بالطبع حدودهم التي ترسمها فضيلتك أو قداستك لهم، فهو لا يمانع في بناء الكنائس، ربما للارتياح من صداع هذا الموضوع المحرج أمام العالم، كما لا يمانع في تسجيل “البهائية” أو كلمة “أخرى” للبهائيين في خانة الديانة ببطاقة الهوية، مع منع انتشار أي عقيدة لا تتفق مع السائد أو تخل بالآداب العامة، وكأنه هناك بمصر أو بأي مكان في العالم من يدين بعقيدة تخالف الآداب العامة، ولنلاحظ أن هذه النقطة الأخيرة هي ما يتقول به الدهماء عن الأديان المخالفة لدينهم!!
لا بأس من إدراج د. أبو المجد ضمن المستنيرين في تيار الإسلام السياسي، على أن يكون واضحاً أن استنارته لا تعدو إبقاء غير المسلمين داخل مفهوم “أهل الذمة”، الذي تجاوزته مصر، وتجاوزته مواثيق حقوق الإنسان العالمية من قبلها، وإن فرض عليه أسلوبه ألا يسمي الأمور بمسمياتها، بما يعني أن استنارته هي استنارة نسبية، وذلك إذا ما قارناها بدعوات الأصولية المتشددة إلى حد الإرهاب، أما إذا حاولنا تقييم خطابه وفق معايير الألفية الثالثة، فلابد أن نصنفه كداعية للسلفية والهيمنة الدينية على البشر وعلى الحياة.
بهذا نستطيع أن نتبين توفيق من وضعوا الرجل على رأس المجلس القومي لحقوق الإنسان، فهو كفيل ببقاء هذا المجلس الصوري التجميلي الغرض تحت السيطرة، فلا ينزلق إلى السعي الجدي لإرساء قيم الحداثة والعدالة وحقوق الإنسان، لكنه ربما سيكون مفيداً أكثر لو التحق رسمياً بجماعة الإخوان المسلمين، فعندها على الأقل كان برنامجهم السياسي سيأتي أكثر تسامحاً، وإن ظل غير قابل للنقاش على أرضية المواطنة، أي وفق مبدأ أن “مصر مصرية” ولا تحتاج لأي صفة أو انتماء آخر يقحم عليها!!
kghobrial@yahoo.com
* كاتب مصري – الإسكندرية
مصر مصرية يا د. أبو المجد
Well, Kamal. We always had the most stupid guys placed on the top of the authority structures. And we are hoping to move forward. Forward or more backwards? Question for the wise if there is any wise in Egypt. huh