شاكر العبسي وحش إرهابي هجين. بداية وبداية فقط ذبح زمرة من أتباعه ليلاً وعلى أسرتهم وهم نيام ثلاثين من الجيش اللبناني انتقاماً لثلاثة عشر لصاً قتلوا في طرابلس، سبق وسطوا وسرقوا عدداً من البنوك. أما الهدف النهائي لذلك القاتل وعصابته المسماة زوراً وبهتاناً “فتح الإسلام” فهو إمارة ظلامية تدّعي “الإسلامية” في شمال لبنان وعاصمتها طرابلس. طالبان جديدة، كحماستان واسمهما لبنانستان، وهو أميرها وسيّدها مهووس بجنون الزعامة وحمى التسلط، منفذ مخطط النظام “الشقيق” بتدمير لبنان، ومتبارك بـ”نور” الظواهري و”بهائه” متعمد بكل دماء الأبرياء الذين قتلتهم “القاعدة”.
شاكر العبسي وحش إرهابي هجين، أمّه المخابرات السورية ولا خالة له فأمّه وحيدة أهلها وعصرها ولا أخت لها، وأبوه ابن لادن وعمه الصغير الزرقاوي المقبور وعمّته المحكومة بالاعدام المجرمة “الرياشي”.
وبعيداً عن التحقيقات والحيثيات، وبعيداً عن انتقاله من الأرض السورية إلى مخيم برج البراجنة إلى البداوي إلى نهر البارد، فإن ثمّة حقيقة تفقأ العين تؤكد انتسابه لأمه وهي: أن عدداً من ضباط المخابرات السورية غادروا البارد قبل أسابيع بعد أن زاروه. إن أمه رغم شوقها وحبها له قد أبلغته أن هذه الزيارة هي الأخيرة في ما بقي له من حياته التي أصبحت قصيرة جداً، وعليه أن يواجه قدره بنفسه.
وفعلاً تحققت النبوءة “السعيدة” لأمه فقد وجد مقتولاً وفي طريقه إلى جهنم بعدما حسم الجيش اللبناني البطل معركة نهر البارد في الثاني من أيلول المجيد، وبذلك قضى على بداية الحلم المخابراتي في تدمير لبنان، وقام بدفن إمارة لبنانستان في بداية تشكيلها الجنيني.
لقد كان مصير شاكر العبسي الموت مقتولاً حتى ولم تطله يد العدالة اللبنانية. شاكر العبسي ميت ميت، فرصاص من استخدمه كان بانتظاره بعدما تبين فشله ليدفنه ويدفن معه أسرار الإرهاب القاعدي الدكتاتوري، وهذه هي النهاية الطبيعية لعملاء الاستخبارات الخائبين والنهاية الطبيعية لمعتنقي الهويات القاتلة والعقائد الدينية التكفيرية، هواة الموت، أعداء الحياة، أبناء الفكر الماضوي المتجمّد المشوّه بعيداً عن الدين الإسلامي الحنيف وسماحته وعدله، وبعيداً عن قيم الحضارة الإنسانية التنويرية النامية عبر التاريخ.
هزيمة “فتح الإسلام” نصر عظيم للبنانيين والسوريين ولاعتدالهم الديني وقاعاتهم الديموقراطية ولنضالاتهم الطويلة من أجلها. وهو بالتأكيد نصر لكل المؤمنين ومحامي الحرية العدالة والسلام، نصر لعشاق الحياة في وجه عشاق الموت العدميين. نصر على العالم الحرّ أن يفخر به ويدعمه حماية لبقاء لبنان وسيادته ووحدة أرضه واستقلال أبنائه وكرامتهم.
إن دماء شهداء الجيش والأمن والأهالي اللبنانيين الأبرياء لم تذهب سدى، بل تكللت بالنصر وهذا سيخفف من آلام ومعاناة عائلاتهم وأصدقائهم. إن مما يزيد من شرف هذا النصر العظيم أنه كان نظيفاً طاهراً إنسانياً بكل معاني الكلمة. ويبدو أن المعركة مع عصابة شاكر العبسي قد طالت ولكن ما يبدو أكثر وضوحاً أن السبب الرئيسي في الإطالة هو حرص الجيش اللبناني وقوى الأمن على أرواح المدنيين الفلسطينيين وأرواح نساء وأطفال العصابة. إن السماح لثلاث وستين من عائلاتهم بمغادرة المخيم وبرعاية إنسانية كاملة لن ينساه التاريخ ولن تنساه نساء العصابة وأطفالها مهما طال الزمن. ولا بد لكل منصف من الإشادة بهذا النبل الإنساني لدى الجيش والذي رافقه صدق إعلامي وتغطية شفافة للمسيرة المؤلمة الظافرة على الإرهاب.
تهنئة وتحية إجلال وإكبار للبنان وحكومته وجيشه وشعبه والرحمة والخلود لشهدائه الأبرار، والشفاء العاجل المبارك لجرحاه. والنقمة واللعنة الأبدية لعصابة “فتح الإسلام” وزعيمها المقبور شاكر العبسي ولمن درّبه وموله ورعاه وصدره. أما “القاعدة” المجنونة والدكتاتورية فيكفيهما فشلهما الذريع ولن يسلما من حساب التاريخ.
لبنان لن يُدمر والدكتاتورية ستنتهي. والقاعدة إلى الفناء طال الزمن أم قصر.
adeb.talb@gmail.com
معارض سوري