نعمة: المطلوب حل وطني ووضع برنامج إقتصادي للتوظيف
علي قصاب
زادت الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البلاد، من منسوب البطالة 8.2% في العام 2004 لتصل الى 9% من مجموع القوى العاملة في لبنان، ويتوقع الأخصائي في إدارة الإحصاء المركزي أديب نعمة، صدور تقرير بهذا الشأن أواخر الشهر الجاري، يلقي الضوء على ارتفاع هذه النسبة بالمقارنة مع الأعوام التي سبقت حرب تموز (يوليو) 2006 وما بعدها.
ولفت إلى أن الاقتصاد الوطني بات متأثراً بدرجة كبيرة وموضعية بالأحداث السياسية والأمنية التي يمر بها لبنان، وخصوصاً الاعتصام في وسط بيروت التجاري مروراً بحرب مخيم النهر البارد شمالاً وصولاً الى التفجير الإرهابي الذي استهدف اليونيفيل في جنوب لبنان، مؤكداً أن هذه الأحداث بجملتها تشكل سبباً لتراجع النمو الاقتصادي وبالتالي ارتفاع معدل البطالة.
وبالعودة الى حرب تموز (يوليو) الصيف الماضي، فقد شكلت نقطة بارزة ومفصلية على مستوى التحولات في المجتمع اللبناني، إذ تشير دراسات مركز الانتشار اللبناني أن 86% من أسباب الهجرة هي سياسية بدرجة أولى واقتصادية بدرجة ثانية، وقال نحو 68.4% من الذين استطلعهم المركز أن الحرب دفعتهم الى الهجرة فيما قال 39.3% أنهم هاجروا للحصول على الضمان وتأمين مستقبل لهم، فيما عزا 25.3% هجرتهم من لبنان لغياب الأمن والاستقرار.
ويمكن ملاحظة الهجرة السياسية أو لدوافع اقتصادية، بمجرد الذهاب الى أية سفارة وتأتي في طليعة سفارات الولايات المتحدة وكندا وفرنسا، إذ تزدحم أبوابها بالمتقدمين الشباب لطلبات الهجرة، ولم يعد المظهر خجولاً أو هناك من تهرب هؤلاء الشباب في الإجابة حول الأسباب التي تدفعهم الى الهجرة، وبالطبع يكاد يجمع فريق من هؤلاء المتجمهرين على أن أيلول (سبتمبر) المقبل، هو شهر استحقاق رئاسي ويتخوفون من الضبابية السياسية التي قد تنتج عن هذا الاستحقاق والى أي مدى قد يستمر الوضع الأمني بوتيرته الحالية أو إحداث نوع جديد من الإضطرابات الأمنية غير المتوقعة.
وأبدى قسم من هؤلاء الشباب، امتعاضهم من “الأزمة الاقتصادية اللاحقة بالأزمة السياسية”، إذ لا فرص عمل، وفي حال وجودها تبقى الأجور دون المستوى الذي يمكن أن تؤمنه لحياة تملؤها الرفاهية، كما أنه لا يمكن البناء عليها لمستقبل أفضل، ربما هناك من يؤكد أنه سيسافر بغرض إكمال دراسته، إلا أنه يخفي السبب الاقتصادي أو السياسي، لكن من الواضح أن الجامعات اللبنانية يمكن تلبية من يريد التخصص في أي فرع من الفروع العلمية….
وبالعودة الى آخر إحصاء نشرته وزارة الشؤون الاجتماعية عن العام 20042005 عن الأحوال المعيشية للأسر وصدر في العام 2006، إلى أن معدل النشاط الاقتصادي للفئة العمرية 15 سنة وما فوق يبلغ 44% (68.9% للذكور، 20.4% للإناث).
ويبلغ معدل البطالة للفئة العمرية 15 سنة وما فوق 7.9% (8.0% للفئة العمرية 1564)، ويبلغ هذا المعدل لدى الإناث 9.6% مقابل 7.4% لدى الذكور، ومن الملاحظ إرتفاع هذا المعدل في الفئة العمرية 1524 سنة .
ويسجل التقرير أعلى معدل للبطالة للجنسين معاً لدى حملة الشهادة المتوسطة 9.2%، ومن ثم لدى حملة الشهادة الثانوية 8.7% والجامعية 8.2%، أما عند مقارنة معدلات البطالة بين الإناث والذكور، فيلاحظ إرتفاع هذه المعدلات لدى الإناث عن مثيلاتها لدى الذكور في جميع المستويات التعليمية .
ويمثل حملة الشهادات الجامعية 21.2% من إجمالي العاطلين عن العمل، في حين يمثل ذوو المستوى التعليمي الإبتدائي 27.6% منهم، وذوو المستوى التعليمي المتوسط 26.2%.
ويتوزع العاطلون عن العمل بحسب المحافظات، وبحسب نتائج الدراسة: 48.2% من العاطلين عن العمل هم في محافظة جبل لبنان، و17.1% في بيروت، 10.8% في لبنان الشمالي، و10.1% في لبنان الجنوبي، و7.4% في البقاع، و6.3% في النبطية.
وتبين أن الوسيلة الأكثر إعتماداً هي البحث عن طريق المعارف والأصدقاء، وهي وسيلة يلجأ إليها 72.5% من المتعطلين، في حين تأتي الإعلانات والصحف في المرتبة الثانية 13.3%، ثم البحث لدى أرباب العمل 12.1%.
وتظهر الدراسة أن 40.5% من العاطلين عن العمل قضوا فترة لا تقل عن 6 أشهر في البحث عن العمل، و22.6% بين 6 أشهر وسنة، و 34.2% فترة تزيد عن سنة.
وعلى صعيد معالجة ظاهرة البطالة يوضح نعمة، أنها تكمن في ثلاثة مستويات :الأول حل النزاع والأزمة السياسية وتحقيق استقرار سياسي، الثاني وضع سياسات إقتصادية صحيحة ومناسبة، كوضع برنامج نمو إقتصادي شامل في قطاعات تولد فرص عمل، والثالث تدعيم هذه الخطة بسياسات توظيف خاصة، وسياسات إجتماعية مناسبة.
ويضيف قائلاً “لا يوجد دراسات رسمية بعد العام 2004 للعودة اليها ، بل هناك إجتهادات تشير إلى إتجاه تصاعدي على الصعيد المحلي، حيث هناك زيادة فرص عمل للقوى العاملة، نتيجة تمركز السكان في بيروت وجبل لبنان، ويرى أن معدلات البطالة تزداد أكثر في بيروت وجبل لبنان، في ظل الآثار البعيدة التي خلفتها الحرب والتي لها علاقة بالركود الإقتصادي، والدليل أن النشاط الإقتصادي يبلغ 60% في بيروت وجبل لبنان و 40% في بقية المناطق”.
(المستقبل)