رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وزوجته أماني بعد ادلائهما بصوتيهما في الانتخابات النيابية المبكرة، في مركز اقتراع بمدرسة ابتدائية في اسطنبول أمس. (رويترز)
صوت الناخبون الاتراك البالغ عددهم 42 مليوناً، بكثافة أمس في الانتخابات النيابية التي اعتبرت حيوية للاتجاه المستقبلي لتركيا التي تربط الشرق الأوسط وأوروبا، والتي شهدت تنافساً كبيراً بين الحزب الحاكم المنبثق من التيار الاسلامي وأحزاب مؤيدة لتطبيق صارم لمبدأ علمانية الدولة.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخرج حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان (53 سنة) الذي تدعمه الطبقات الشعبية ورجال الاعمال، فائزاً من الانتخابات المبكرة الرامية أساساً الى حل الازمة السياسية الخطيرة التي نشبت في الربيع بين الحكومة واوساط العلمانيين، بما فيها مؤسسة الجيش، التي تشتبه في سعي الحكومة سرا الى “اسلمة” المؤسسات. ومع ذلك، ينتظر أن يحقق القوميون وأحزاب المعارضة العلمانية مكاسب، مما قد يقلل غالبية الحزب في مجلس النواب ويؤدي الى تباطؤ الإصلاحات.
ومنذ فتح مراكز الاقتراع في ساعات الصباح الاولى، وقف الناخبون صفوفاً طويلة في انتظار ادلائهم بأصواتهم باكراً لتجنب الحرارة المرتفعة منتصف النهار. وقطع نحو عشرة ملايين شخص اجازاتهم، ليصوتوا، الامر الذي تسبب بازدحام خانق للسير.
وقال ناخب في أنقرة: “انني هنا لاؤدي واجبي الديموقراطي، فنحن لم نتظاهر سدى”، في اشارة الى التظاهرات الحاشدة التي نظمها انصار العلمانية في نيسان وايار ضد حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان.
وقال رمزي اكينجي:”اهتمامي الاول هو الامن. صوتُ لحزب أعتقد أنه سينهي الارهاب ويوفر الامن لمواطنينا”.
بينما قالت ايسي اكبينار، وهي طالبة في العشرين، بعدما أدلت بصوتها لمرشح مستقل: “هذه الحكومة حاولت تدمير بعض أساسات تركيا. هذه ليست دولة دينية…سأشعر حتما بأنني تحت ضغط لارتداء الحجاب إذا رفع الحظر”، مشيرة إلى الزي الاسلامي المحظور حاليا في الجامعات والمكاتب العامة.
ويتنافس 14 حزباً و700 مرشح مستقل في الانتخابات التركية التي يعتبر التصويت فيها الزامياً.
وتتوقع الاستطلاعات ان يحصل حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، على نحو 40 في المئة من الاصوات مما سيسمح له باحتلال 300 من اصل المقاعد الـ550 في مجلس النواب، اي اكثر من الغالبية المطلقة، علماً أن هذا الحزب كان حصل في الانتخابات السابقة عام 2002 على 34 في المئة من الاصوات (351 مقعدا).
وفيما أوردت وكالة “الاناضول” التركية شبه الرسمية ان 17 شخصا جرحوا في اعمال عنف مرتبطة بالانتخابات، صرح المسؤول الانتخابي نجدت يوكسيلين بأن العملية جرت في هدوء على صعيد البلاد.وقال:”كل شيء منظم بدقة… نسبة المقترعين مرتفعة جداً، وهذا سيكون جيداً للبلاد”.
ورفض مئات من الناخبين الادلاء بأصواتهم في احدى قرى جنوب شرق الاناضول احتجاجاً على ما قالوا إنه محاولات ضباط لمنع الناس من التصويت لمرشحين يدعمهم حزب المجتمع الديموقراطي المؤيد للاكراد.
اردوغان
وقال رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للصحافيين بعدما أدلى وزوجته المحجبة أمينة بصوتيهما في دائرة أوسكودار المحافظة في الشطر الآسيوي من اسطنبول، “ديموقراطيتنا ستخرج منتصرة من هذه الانتخابات”. ودعا الى الوحدة، منتقداً الاحزاب التي قال إنها حاولت تحقيق مكاسب بقيامها بحملة سلبية. وأضاف: “نحن مؤيدون لدولة علمانية وديموقراطية واجتماعية يحكمها القانون… أدعو كل الاحزاب الى عدم اقفال أبوابهم. لنجلس الى طاولة ونناقش مشاكل الديموقراطية في تركيا ونجعل حكم القانون يسود”.
وصوت الرئيس احمد نجدت سيزير الذي انتهت ولايته في ايار الماضي ورئيس هيئة اركان الجيش الجنرال يشار بويوكانيت وكلاهما من الوجوه البارزة في التيار العلماني، وسط التصفيق في انقرة.
ولم يتردد اردوغان، الذي ينفي أن يكون لديه برنامج إسلامي ويقود نموا اقتصاديا قويا وتراجعا في معدل التضخم منذ تولى حزبه السلطة في 2002، في اضفاء طابع شخصي على الانتخابات، باعلانه انه سينسحب من الحياة السياسية اذا لم يتمكن حزبه من الحكم وحده.
ولفت ديبلوماسي اوروبي الى أن” غالبية الاتراك لا تعتقد ان الديموقراطية والعلمانية في خطر كما يريد العلمانيون الايحاء به. ويتوقع ان يظهر الاقتراع ان حزب العدالة والتمنية نجح في رهانه على ان يصير حزبا كلاسيكيا من يمين الوسط على رغم استنزاف قواه بعد خمس سنوات في السلطة”.
تغيير
واياً تكن نتيجة الانتخابات، يفترض ان يحصل تغيير في تركيبة مجلس النواب، مع توقع وصول حزب معارض آخر هو حزب العمل القومي إضافة الى حزب الشعب الجمهوري وكلاهما من المدافعين عن العلمانية.
وتتوقع الاستطلاعات ايضا انتخاب نواب “مستقلين” وخصوصاً من المؤيدين للاكراد اختاروا الترشح بهذه الصفة للتهرب من عتبة الـ10 في المئة من الاصوات على المستوى الوطني الضرورية لاي حزب من اجل دخول البرلمان وفقاً لنظام الاقتراع النسبي.
وقد اضطر اردوغان الى تقديم موعد الانتخابات التي كانت مقررة مبدئيا في تشرين الثاني المقبل، بعدما فشل حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب في فرض مرشحه للانتخابات الرئاسية وزير الخارجية عبد الله غول الذي كان في السابق من وجوه التيار الاسلامي.
انتخاب رئيس
وقد حذر الجيش الذي اسقط اربع حكومات منذ 1960 ، من مغبة المساس بمبدأ العلمانية الذي تقوم عليه الدولة التي اسسها مصطفى كمال اتاتورك عام 1923. ولكن ليس مؤكداً أن الانتخابات ستسمح بتجاوز الازمة التي يمكن ان تعود الى الظهور لدى انتخاب الرئيس في مجلس النواب الجديد إذا رفض حزب العدالة والتنمية تقديم مرشح تسوية.
كذلك، سيكون على الحكومة الجديدة أن تقرر ما اذا كانت سترسل الجيش إلى شمال العراق لسحق المتمردين الأكراد هناك، وهي الخطوة التي تقلق الولايات المتحدة على نحو متزايد.
ويساور القوميين الشك في مسعى تركيا للانضمام الى الاتحاد الأوروبي. وصرح رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل دوراو باروسو أمس بان تركيا ليست مستعدة للانضمام الى الاتحاد الأوروبي ولكن ينبغي السماح بمواصلة مفاوضات الانضمام.
وص ف، رويترز، أب
(النهار)