بيروت – محمد شقير الحياة – 05/06/07//
طرحت عودة التوتر بين الجيش اللبناني و «جند الشام»، الشقيق الأكبر لتنظيم «فتح الاسلام» في حي الطوارئ على تخوم مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، سؤالاً عما اذا كان القرار قد اتخذ في مكان ما لتحريك «الخلايا النائمة» امتداداً الى منطقة البقاع الغربي من خلال «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» بزعامة أحمد جبريل الذي يتخذ من دمشق مقراً لقيادته، وذلك لاستنزاف القوى الامنية اللبنانية بفتح جبهات جديدة للتخفيف من الضغط الذي يواجهه شاكر العبسي في مخيم نهر البارد.
وأكدت مصادر وزارية وأخرى أمنية لـ «الحياة» ان الحكومة تتعاطى بجدية مع المعلومات التي اخذت تتحدث عن ان «القيادة العامة» في أماكن انتشارها في البقاع الغربي وتحديداً في المناطق الحدودية التي تربط لبنان بسورية، بدأت توحي وكأنها تستعد للدخول في مواجهة مع الجيش اللبناني وانها قطعت شوطاً على طريق الإعداد لها، بعد ان ضمت الى صفوفها عناصر من لواء اليرموك التابع لجيش التحرير الفلسطيني الموجود في سورية.
ولفتت المصادر عينها الى ان البقاع الغربي حيث تتواجد القيادة العامة، يشكل ورقة الاحتياط الاخيرة التي يمكن استخدامها او التلويح بها لإرباك الجيش اللبناني، في حال ظهر ان قدرة «جند الشام» محدودة لجر «عين الحلوة» الى مواجهة مع الجيش على غرار المواجهة التي يخوضها الآن ضد «فتح الاسلام» في نهر البارد لإنهاء الظاهرة الارهابية وسوق عناصرها المتهمين في ارتكاب الجريمة ضد عناصر الجيش الى العدالة لمحاكمتهم.
وأضافت: «ان «جند الشام»، الذي يتشكل من رؤوس قيادية عدة أبرزها عماد ياسين المنشق عن «عصبة الأنصار» وغاندي السحمراني (أبو رامز) وأسامة الشهابي وشحادة الجوهر، «سيجد نفسه عاجزاً عن الاستمرار في المواجهة اذا ما بقي وحيداً في المعركة نظراً الى ان «فتح» – اللجنة المركزية قادرة بالتعاون مع الفصائل الاخرى على حسم الموقف في عين الحلوة الذي يعتبر واحداً من معاقلها الاساسية بخلاف نهر البارد الذي كان يشكل امتداداً للوجود العسكري والسياسي السوري في لبنان ويضم مجموعة من الشرائح الحليفة لدمشق والتي اتاحت لها الاخيرة تقليص نفوذ «فتح» فيه… وبالتالي لا بد من اللجوء الى استخدام آخر ورقة احتياط والمقصود بها القيادة العامة في البقاع الغربي».
لكن المصادر نفسها سألت في المقابل: «هل تجرؤ القيادة العامة على اتخاذ قرار من تلقاء نفسها بتصعيد الموقف العسكري والسياسي في البقاع الغربي من دون العودة الى القيادة السورية، خصوصاً ان التداعيات التي ستترتب على المواجهة ستتحملها دمشق امام المجتمعين الدولي والعربي؟».
وأضافت: «القيادة العامة تتبع سياسة التهويل والتهديد وهي تشارك حالياً الى جانب «فتح الاسلام» في مواجهته للجيش في نهر البارد، لكن أي قرار بالتصعيد في البقاع الغربي وحتى في منطقة الناعمة القريبة من مطار رفيق الحريري الدولي يتجاوزها الى القيادة السورية التي ستكون مضطرة الى مراجعة حساباتها قبل ان يتصرف جبريل وكأنه يملك قراره وقادر على افتعال مواجهة ستنعكس نتائجها المباشرة على دمشق». وتابعت ان أي معركة في البقاع الغربي ستختلف عما يدور على جبهة نهر البارد و «على رغم ان الجهة هذه قد تكون الورقة الوحيدة التي في مقدور أي طرف اقليمي او محلي استخدامها لتوجيه رسائل مباشرة الى الأكثرية ومن خلالها الى المجتمع الدولي»، موضحة ان «القضاء على ظاهرة «فتح الاسلام» ستضطر القوى المعنية بالأمر الى تقويم أوضاعها ومراجعة حساباتها بدلاً من ان تغطي هجوماً مضاداً في جبهة أخرى».
وأكدت المصادر ان أي معركة قد تلجأ الى فتحها «القيادة العامة» في البقاع الغربي حتى ولو بقيت محدودة، «ستكون لها أبعاد دولية واقليمية تأخذها دمشق في الاعتبار ليس لأنها تستعجل فتح ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات فحسب وإنما لارتباطها المباشر بالقرار 1559 القاضي بحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وجمع سلاحها اضافة الى القرار 1701 الذي بات الناظم الوحيد للوضع على طول الحدود اللبنانية – الاسرائيلية».
وبكلام آخر، رأت المصادر ان مجرد فتح النار على الجيش اللبناني في البقاع الغربي سيؤدي حتماً الى استفزاز المجتمع الدولي الحريص على تطبيق القرار 1701 بما فيه البند الخاص بمراقبة الحدود اللبنانية – السورية لمنع تسلل المقاتلين من سورية الى الاراضي اللبنانية ووقف تهريب السلاح.
وحذرت من «ان تحريك جبهة البقاع الغربي في ضوء ما نص عليه القرار 1701، «سيقود الى مواجهة بين المجتمع الدولي وسورية لن تنتهي عند حدود انهاء ظاهرة القيادة العامة في هذه المنطقة، وإنما ستفتح الباب امام تبرير الدعوة لنشر مراقبين دوليين على طول الحدود اللبنانية – السورية، فالبقاع الغربي يشكل بحد ذاته البوابة الرئيسة الى الجنوب اضافة الى موقعه القريب جداً من الحدود السورية، وبالتالي سيدفع الإرباك الأمني بالأمم المتحدة الى البحث عن اجراءات جديدة لحماية انتشار القوات الدولية في الجنوب وقطع الطريق على من يهدد دورها خصوصاً ان اطرافاً حليفة لسورية لا تزال تتوعد «يونيفيل» ولم تتوقف عن التحريض عليها». وزادت ان «دمشق تدرك جيداً انها لا تستطيع توظيف حملات التهويل التي تتزعمها القيادة العامة تحت عنوان التضامن مع نهر البارد كورقة للمقايضة عليها مع المجتمع الدولي، ناهيك بأن دمشق لا تغامر بما تبقى لديها من رصيد في علاقاتها الاوروبية، إذ ان الاتحاد الاوروبي سيكون مضطراً للرد سياسياً على فتح جبهة جديدة».
الا ان مجرد موافقة دمشق على توفير الغطاء لـ «القيادة العامة»، يعني انها قررت ان تغامر برصيدها العربي والدولي على رغم انه اخذ يتراجع اخيراً وبالتالي وافقت على الدخول في مواجهة مفتوحة لا حدود لها، لكن هذا الخيار ليس مطروحاً على القيادة السورية الا اذا كانت لديها دوافع غير معروفة تستدعي منها المجازفة برصيدها وبعلاقاتها الخارجية، وان واقع الحال يختلف عما تشيعه اوساطها من ان علاقاتها بالولايات المتحدة الاميركية الى انفراج وان موقعها العربي والدولي أخذ يتحسن وان منسوب التأزم بدأ ينخفض منذ اشهر.
(الحياة)