القاهرة: سامح سامي
أصدرت منظمة اللقاء العلماني ( تحت التأسيس) بيانا حول الأحداث الطائفية الأخيرة التي وقعت بقرية بمها بالعياط في محافظة الجيزة. فقد تفجرت أحداث جديدة بمنطقة العياط التابعة لمحافظة الجيزة بعد قيام مجموعات منظمة من المسلمين بحرق منازل الأقباط برقية بمها ونهب محلاتهم بعد صلاة الجمعة الماضي. الأسباب غير معروفة وإن كان بعض الأقباط قالوا إن المسلمين يعترضون علي ممارسة أقباط القرية لشعائرهم الدينية حيث تردد بين المسلمين أن الأقباط سوف يقومون ببناء كنيسة.
فوجئ أهالي القرية الأقباط بقيام المسلمين بحمل جراكن من البنزين والسولار وقاموا بحرق معظم منازل الأقباط، في حين قام البعض الآخر بنهب بعض المحلات ومنها محلات الأسمدة التابعة لأحد الأقباط وعلي رغم قرب مسافة القرية من مركز الشرطة إلا أن قوات الأمن لم تصل إلي موقع الحادث إلا بعد أن انتهي كل شيء من تدمير الممتلكات ووقوع حالات كثيرة من الإصابات. وأشار الأهالي إلي أن هذه العملية لم تستغرق وقتا طويلا حيث كان هناك تنظيم من مسلمي القرية من خلال توزيعهم علي المنازل بشكل مجموعات منظمة فضلا عن مشاركة غفير القرية المسئول عن حماية الأمن في الاعتداءات.
البيان
العلمانيون الأقباط بصفتهم الوطنية وانتمائهم المصري ومن منطلق حرصهم على سلامة أمتهم قد راعهم تكرار الأحداث الطائفية بشكل بات خطرا شديدا لا يجب السكوت عليه بل مواجهته بكل شجاعة وشفافية وروح وطنية معاصرة وهم يرون أن الأحداث الدامية التي وقعت بقرية بمها بالعياط تؤكد أننا أمام كارثة تهدد أمن الوطن وسلامه، وتؤكد فشل سياسات إطفاء الحرائق والحلول الوقتية والتي تعالج العرض وتترك المرض.
ومكمن الخطر أن هذه الأحداث لم ترتكبها جماعات إرهابية أو جماعات متطرفة منظمة، إنما وقعت من مواطنين عاديين وقعوا تحت تأثير شحن منتظم ومتوال دفعهم إلى الاعتراض على حرية الآخرين، بعد أن استقر في ذهنهم أن بناء كنيسة يعد من الأعمال المحرمة شرعاً وتستوجب المقاومة والهدم والقتل، الأمر الذي دفعهم وفق ما تواتر من أنباء للقيام بأعمال عنف ضد مواطنيهم الأقباط المسيحيين العزل وضد ممتلكاتهم، في تجمهر انتظم بعد صلاة الجمعة انطلق من مسجد القرية، الأمر الذي يجعلها قابلة للتكرار وبشكل أسوء في أي قرية أو نجع في ربوع الوطن بدليل تكرار نفس هذا المخطط قبل ذلك كثيرا.
ونحن لا نصدر بيانا للشجب أو التنديد أو الاستنكار لكننا نطالب السيد رئيس الجمهورية بما يملك من صلاحيات دستورية أن يضع حدا لهذا الخراب الذي يهدد الوطن بتشكيل لجنة رفيعة المستوى تضم رموزاً من عقلاء الأمة المصرية لفتح ملف العنف الطائفي الذي كلف الوطن خسائر فادحة على مدى أكثر من ربع قرن والذي تضخم بشكل ينذر بوقوع كارثة وطنية قد لا نملك مواجهتها، ونطالب السيد الرئيس بدراسة هذا الملف بشفافية وحزم على غرار لجنة تقصى الحقائق التي تشكلت برئاسة الدكتور جمال العطيفى عقب أحداث الخانكة 1971، على أن تعلن النتائج عبر كل وسائل الإعلام حتى نضع أيادينا على المسببات الحقيقية لهذا الطاعون.
ونحن نرى أننا بحاجة بجانب هذا إلى تحرك سريع وجاد سياسي وأمنى يطوق الأزمة وينزع فتيلها ونرجو ألا يجئ مثل المرات السابقة خصما من مدنية الدولة وخصما من سيادة القانون وترسيخا لسلوكيات قبلية تضعف الدولة المدنية وهيبتها في مقابل الانتصار للأعراف القبلية التي تعيد إنتاج مثل هذه الأحداث، وإلى تحرك على مدى أوسع يعيد النظر في الآليات التي تمتلك تشكيل وجدان وعقل المواطن المصري وهى تحديدا ؛ الثقافة والإعلام والتعليم والتي تؤكد ظواهر عديدة أنها اخترقت طائفياً ومنها يتفشى الفكر الطائفي والذي ينتج أعمالا إرهابية غير مسئولة، سواء بزيادة مساحة البرامج أو المقررات أو المطبوعات التي تحض على الكراهية أو تدعو للتمايز الديني، واختفاء المواد التي تكرس فكر المواطنة والمجتمع المدني في مناخ متراجع ثقافياً ومختنق اقتصادياً، في وجود لعناصر مؤججة للصدام الطائفي وتعلن عن ذلك بغير مواربة عبر تنظيمات محظورة لكنها تتحدى القانون والمجتمع والدولة.
ونطالب بعودة المؤسسات الدينية إلى دورها الروحي المنوط بها وابتعادها عن العمل السياسي ووضع ميثاق ملزم لها بعدم التعرض تصريحا أو تلميحاً للمعتقدات الدينية الأخرى، وعدم اشتغالها هي ورموزها بالعمل السياسي بأي شكل من الأشكال.
ونطالب بتشكيل لجنة من خبراء القانون لتفعيل مبدأ المواطنة الدستوري بتنقية القوانين واللوائح والتعليمات من النصوص التي تدعم الطائفية وتقديم هذا العمل إلى البرلمان المصري لتقنينه، وتغليظ العقوبات بشأن كل من يرتكب فعلاً طائفياً أو يحض عليه بكل وسائل التأثير.
ونطالب بسرعة إصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة حتى نغلق الباب أمام الالتفاف ولى عنق القوانين المجحفة وغير المنطقية التي تحكمنا بعقلية الدولة العثمانية في عصر باتت فيه ثقافة الملل والطوائف نوعا من العار والتخلف.
فنحن أمام كارثة تهدد الوطن بكل طوائفه ولا تحتمل التلاعب بمقدراته وأمنه وسلامه فلنتكاتف إذن لحماية وطننا الذي يحتوينا جميعا ولك السلامة يا مصر.
توقيع:
كمال زاخر موسى
هاني لبيب
اسحق حنا
كمال فرج غبريال
نبيل منير حبيب
أكرم حبيب رفعت