“حينما” معلقة جاهزة لتلصق على حيطان بيوت الناس في بلدان العرب، ليرونها كل صباح ومساء، من أجل ان يدركوا ان كل شيء يجري في اوطانهم يُحاك في الداخل من قِـَبل افراد يعرفونهم جيدا.
حينما يرمي جارُك القاذورات في طريقك، ويتلفظ عليك بألقاب بذيئة، ويدفع أبناءه ليتهجموا على أبنائك في المدرسة وفي الشارع، ويحرض جارُك رجال الحارة ونساءها عليك بقصد أن يضايقوا زوجتك وبناتك.. والسبب لأنك من الأقلية التي لا تنتمي.. فإن هذه عنصرية بشعة، ضاربة أطنابها في الأرض.. وتأكد بأن تلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك…
حينما تشعر، كلما غادرت مسكنك، بأن ثمة عيوناً خفية تتلصص عليك، وتتبع تحركاتك، وتراقبك بريبة وشكوك، وتدفعك إلى العودة سريعاً من حيث أتيت.. فإن هذا ينتمي إلى ثقافة الخوف.. وبدون أدنى شك فإنها ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك..
حينما يأتي صغارك من المدرسة ويحكون لك بأنهم تعلموا اليوم أن “الآخرين” أناس بشعون ولا يستحقون أي احترام أو قبول أو تقدير، وأن الرب أمرهم بمقتهم ومحاربتهم في أي زمان وأي مكان.. فإن هذا مشروع مقونن لبث الكراهية.. فلا تجزع.. لأن تلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك..
حينما تحس بأن بعض أموالك ومدخرات عمرك قد نُهبت وتنهب في كل صفقة عقدتها واقتنيت بموجبها مسكناً، أوسيارة، أو أسهماً أو حتى علبة سجائر.. وترى الغـُش في كل مكان.. وأنه صار سمة عامة بين الناس..فلا تتوهم أن تلك مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هي أعمال وتصرفات من صنع بلدك..
حينما تُحرم من كثير من الفرص التي تُعطى لغيرك، كالدراسة والعمل وأساسيات العيش الكريم.. فقط لأنك لا تـُظهر نفاقاً لرموز السلطة الفاسدين، ولا تتملـق لرجال الدين المنتفعين من النظام.. فإياك أن تعتقد بأن تلك مؤامرة تُحاك من الغرب ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك…
حينما تُسرق منك سنين عمرك كلها..طفولتُك وشبابُك وعنفوانُك وتُخطف حيويتك وعقلك وروحك، كل ذلك بإسم الدين والعادات والتقاليد والخصوصية والموروث الرث.. وتعرف أن هذا مصادرة لحقك في العيش.. فلا تنُح ولا تبكِ.. ولا تتصور أن تلك مؤامرة تُحاك من الغرب ضدك، بل هي أعمال وتصرفات من صنع أهل بلدك…
حينما يُذَكِّرُك كل شيء حولك، وعلى مدار الساعة، بأنك إنسان لا قيمة له في نظر السلطة السياسية أو الدينية.. فأنت والثرى الذي تدوسه بحذائك سواء.. فقط لأنك مواطن على أرض عربية.. فإن هذا هو قمة التعسف.. لكن اعلم أن تلك ليست مؤامرة تُحاك من الغرب ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تكون كاتباً، ويسرق الناشرون ريع كتبك، والصحف والمجلات تستبيح فكرك، وتغتصب حقك دون أن يشعر أي منهم بوخز الضمير وتأنيبه، أو يخشى من سلطة القانون.. فإن هذا ابتزاز وسرقة لما تملك.. سيدي.. وعليك أن تدرك جيداً أن تلك ليست مؤامرة تحاك من الغرب ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك…
حينما تشاهد القناة المحلية وتتصفح جرائد البلد.. وتقرأ عن ملايين الدولارات التي تُصرف على مئات المشاريع الضخمة لتحسيين الخدمات في مدينتك.. ثم تخرج إلى الشارع لترمي الزبالة ولا تجد سوى صندوق قمامة واحد للحي كله.. مملوء.. مثل جيوب اللصوص الكبار في البلد.. والقاذورات تلوك الشارع.. فإن هذا فساد فاحش.. ولكن لا يروادنَّك أدنى شك.. تلك ليست مؤامرة تٌحاك من الغرب ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك..
حينما يكون الراغبون في الهجرة أضعاف الراغبين في الإقامة في البلد.. والكل يحمل أمتعته ويرحل .. فليس ثمة مكان للمفكرين والمبدعين ولا حتى للناس العاديين.. عليك أن تحزن كثيراً.. لأن هذا إذلال وتهجير مٌتعمد.. لكن أرجوك لا تعتقد أن تلك مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تزور صديقاً لك، فيجلس ليتشدق بالكلام عن أهمية احترام حقوق الانسان، ويطالب بالديموقراطية في البلد، وحين تأتي عاملة المنزل الأسيوية بصينية التقديم ينهرها بإحتقار.. ويأتي ابنه المراهق ليمد لك كوب الشاي، يصفعه على وجهه لأنه استعمل يده اليسرى.. ويحرمه من الجلوس معك.. لا.. لا.. تقرف.. فإن هذا اسمه “نفاق النخب”.. وتأكد أنها ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تخبرك ابنتك الجامعية المجتهدة أنها ستُحرم من الدراسة لمدة أسبوع لأنها لم تغطِّ وجهها بالكامل أثناء خروجها من حَرَم الجامعة، فذاك عمل مخل بقوانين البلد… بينما تُقام الليالي الحمراء في قصور رموز السلطة الكبار والأثرياء.. حيث العاهرات والساقطات يُجلبن إليهم من شتى بقاع الأرض.. فإن هذا تسلط وكسر للنفوس.. وتلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تُخبرك الإعلانات الغذائية كل يوم أن الخبز المحلي والفول الناشف وجبة كلها فيتامينات نافعة لجسدك ولعقلك.. وصحية جداً.. فهي تغنيك عن كل شيء حتى لو تناولتها في الليل والنهار.. وأنت تعلم لا أحد ممن يردد تلك العبارات الكاذبة ويمولها ويروجها يستطعم الخبز المحلي أو يذوق الفول الناشف.. فاعرف أنك فقير معدم ولكنك لست أحمقَ… وهذا كذب في كذب.. لذلك فإياك أن تصدق أن تلك مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما يكون كل شيء تسمعه وتراه وتحسه وتدركه يقول لك إن المرأة خـُلقت لتكون وعاء لك.. وأنها آلة تفريخ لنسلك النقي.. وأن بإمكانك إبدال ذاك الوعاء متى شئت وتفعل به ما بدا لك… فيذهب رفاقك ويقومون بضم حريم بائسات إلى عرينهم.. ويعتبروهن من مقتنياتهم الخاصة جداً…كدجاجات ونعجات الحظيرة.. فإن هذا هو معدنهم.. وهذا ما يؤكد على شعورهم بالنقص.. فلا تتفاجأ.. واعلم أنها ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تخبر المسؤول في مؤسستك أن المشروع المطروح فاشل، ولن ينفع الوطن، وأن فيه إهداراً للمال العام، ومضيعة للجهد.. ويجب ان يتوقف.. وثاني يوم تجد نفسك منقولاً إلى منطقة نائية جداً نتيجة لصراحتك… وان المشروع سيستكمل لأن المتنفعين من كبار هوامير البلد وراءه… فإن هذه خيانة ممزوجة بالغدر..وتأكد يا سيدي انها ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هي من صنع أهل بلدك…
حينما ترى الفقر والجوع متفشيين بين الأزقة والحارات.. والحاكمَ يطالب الشعب بربط الحزام، وعدم الإسراف في استهلاك الكهرباء والماء… بحجة أن البلد يمر بأزمة اقتصادية منذ عقود طويلة.. ثم فجأة تسمع أن الحاكم المبجل حفظه الرب.. قد اشترى جزيرة بقصورها في محيط الهند!!! وبملايين الدولارات… فإن هذا نهب لثروات البلد.. فلا تتفجع… أرجوك، لا تتفجع .. فقط آمن وصدق بأن تلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع بلدك..
حينما تكون راشداً، ويـُرفع بقصد عنك القلم، وتُعَامَلُ كإنسان غير مسؤول، وتُـسلب منك رقابتك الذاتية على نفسك.. ويتحول كل الناس إلى أوصياء عليك، فهم الذين يحددون أخلاقياتك السياسية والدينية والوطنية فإن هذا تحقير للإنسان.. عزيزي.. وتلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تُؤجج السلطة السياسية والدينية مشاعرك على ما يجري خارج حدود وطنك.. ويدفعون بك لتظهر غضبك واحتقانك عما يحدث هنا وهناك.. فترفع اللافتات، وتنظم المسيرات، وتمشي في مظاهرات طوال الليل والنهار.. تستنكر بشدة وتندد… ومن بعد أن ينتهي الحدَث.. تشعر بتعب وثقل.. فتعود إلى مسكنك المترهل المتهالك.. ولا تجد فيه كسرة خبز لصغارك.. لكنك لا تمتلك الحق بالخروج في مظاهرة أو مسيرة أو حتى كتابة عريضة من سطرين.. فإن هذا هو أشد انواع الظلم.. وهو ليس مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…
حينما تكون انساناً تقدمياً بحق في وسط مليء بالملوثين بحب الذات.. تيقن لا أحد سيحبك.. وربما يطعنك أقرب الناس اليك لكي ينهيك… فأنت مـُقلق للجميع لأنك لا تحابي المتسلطين ولا تغض الطرف عن تعسفهم…. سيدي لا تستسلم لهم أبداً.. حتى ولو آذوك، واعلم أن تلك ليست مؤامرة من الغرب تُحاك ضدك، بل هو عمل من صنع أهل بلدك…