تصاعدت «حرب التسريبات» حول المفاوضات التي أجريت على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية بين المعارضة والأكثرية في لبنان، في شأن المخرج الممكن اعتماده لتسوية الأزمة السياسية المتفاقمة والمتشعبة إقليمياً. وبعدما سربت مصادر المعارضة ان الأكثرية وافقت في هذه المفاوضات على صيغة لتوسيع الحكومة على قاعدة 19-11، اتهمت مصادر قوى 14 آذار امس قوى المعارضة بأن ما تروج له هو «تلفيق لإيهام الرأي العام بأمور لا تمت الى الحقيقة بصلة».
وفيما شهد لبنان امس حدثاً أمنياً باكتشاف صندوق متفجرات غير معدة للتفجير في إحدى مناطق حي الأشرفية المسيحي، وكمية من الصواعق على بعد عشرات الأمتار منها، اعتبرت المصادر الأمنية ان هدفها التسبب بالرعب وسط الناس. وقالت مصادر سياسية واكبت الاتصالات السعودية – الإيرانية لدعم تسوية في لبنان ان الرياض ما زالت تنتظر جواباً واضحاً من طهران على الموقف السوري النهائي من تسهيل قيام المحكمة ذات الطابع الدولي، بالتالي على الموقف الإيراني منها.
وكشفت المصادر السياسية لـ «الحياة» ان الاتصالات الإيرانية – السورية على مستوى كبار المسؤولين كانت توقفت بعد 13 الشهر الجاري، إثر تبادل عدد من الأوراق والأفكار حول دعم تسوية بين الفرقاء اللبنانيين، بعدما أبلغ سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني المسؤولين السعوديين في اليوم ذاته «بصراحة انه يصعب السير» في إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم المرتبطة بها، نظراً الى ان سورية تطالب «بالبحث» في الأمر بعد انتهاء التحقيق الدولي في الجريمة.
وكشفت المصادر ذاتها لـ «الحياة» ان الموقف الإيراني هو الذي دفع المسؤولين السعوديين الى اعتماد سياسة اخذ المسافة عن المفاوضات وترك الأمر للاتصالات بين اللبنانيين، لكن طهران والرياض اتفقتا، على رغم ذلك، على العودة الى التشاور، خصوصاً ان لاريجاني اكد استمرار التزام بلاده بورقة مكتوبة صيغت منتصف الشهر الماضي، تقضي باتفاق الأفرقاء اللبنانيين على المحكمة أولاً وعلى «ضمان آليات إقرارها ثانياً، وبتوسيع الحكومة على قاعدة 19-10-1 أو 19-11 حسبما يتفق عليه اللبنانيون بدعم من جهود الدولتين.
وأوضحت المصادر أن الفراغ الذي أحدثه انتظار الجواب الإيراني جرى ملؤه بالمفاوضات بين فريق العمل المؤلف من معاوني رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري خلال الأسبوعين الماضيين وبالاتصالات التي كان يجريها سفيرا السعودية عبدالعزيز خوجة وإيران محمد رضا شيباني، تفادياً لوقف المساعي السعودية – الإيرانية.
وذكرت المصادر السياسية ان موضوع القبول السوري بتسهيل إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي، ما زال عقدة العقد، ما دفع مصادر قوى 14 آذار الى القول، في ردها على قول مصادر المعارضة انها وافقت على حكومة من 19-11، ان تبادل الأفكار الذي جرى خلال الأسبوعين الماضيين «يهدف الى التوصل الى التزام واضح وصريح ومعلن من هذا الفريق بإقرار النظام الأساسي للمحكمة وتفعيل آلية هذا الإقرار وضمان وصوله الى مجلس الأمن بصيغة المعاهدة الدولية».
وكشفت المصادر السياسية التي واكبت تبادل الأفكار بين طهران والرياض، وبين أعضاء فريق العمل الذي شكله بري والحريري عن تسلسل الأوراق والاقتراحات التي تم تبادلها، تنشر «الحياة» منها الآتي:
– ان اقتراح تأليف فريق العمل بين بري والحريري جاء بعد طلب لاريجاني إثر حديثه عن صعوبة إقرار المحكمة، تأمين عقد لقاء بين رئيس البرلمان وزعيم «المستقبل»، في انتظار جواب إيراني واضح عما اذا كان ما زال يربط موقفه بالرفض السوري لإقرار المحكمة، حيث فضّلت الأطراف اللبنانية التواصل بالواسطة تحضيراً للقاء.
– ان عقد القمة السورية – الإيرانية أعقبه انشغال لاريجاني بالتفاوض على الملف النووي قبل المجيء الى الرياض ليبلغها بموقف طهران.
– ان الرئيس بري كان اقترح ورقة مكتوبة تقضي بتشكيل لجنة لبحث المحكمة «بإيجابية عالية» لإقرار التعديلات عليها على ان يبحث الجانبان في صيغة تشكيل حكومة من 19-11 على ان يتم التنفيذ بالتلازم. وأبدى بري الاستعداد للذهاب الى مكة لإعلان الاتفاق هناك.
– اجتمعت قوى 14 آذار، لتنسيق الموقف من اقتراح بري وجرى التشاور مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وتقرر مجدداً عدم الموافقة على صيغة 19-11 للحكومة ووضعت الأكثرية آلية مكتوبة لتنفيذ الاتفاق سلمت الى السفير خوجة، نصت على الآتي:
* الإعلان عن فريق عمل ينهي درس الملاحظات على المحكمة في مهلة أقصاها 5 أيام.
* يبدأ بحث توسيع حكومة السنيورة الى 30 وزيراً على القاعدة التي اقترحها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أي 19-10-1 على ان يُضم إليها ممثلون عن حركة «أمل»، «حزب الله» وتكتل التغيير والإصلاح.
* وضع آلية لاختيار الوزير الحادي عشر.
* يعلن بري الملاحظات التي أقرت في شأن المحكمة.
* تبني تشكيل الحكومة التي يتم التوصل الى اتفاق عليها.
* إنهاء الاعتصام في وسط بيروت وإنهاء التحركات في الشارع.
* تعهد كل الفرقاء في الحكومة عدم الاستقالة وعدم تعطيل نصاب الحكومة.
* فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي.
* صدور مراسيم توسيع الحكومة.
* الموافقة على جلسة فورية للحكومة (في اليوم ذاته لصدور مراسيم توسيعها) لإقرار التعديلات على المحكمة.
* توقيع رئيس الجمهورية في اليوم ذاته على قرار إقرار التعديلات.
* إحالة مشروع المحكمة معدلاً على المجلس النيابي.
* يدعو بري الى جلسة نيابية فوراً لإقراره.
* الالتزام بتشكيل المحكمة وتعيين القضاة وفق الآلية القانونية لاحقاً. (مجلس القضاء الأعلى يختارهم ويثبت تعيينهم مجلس الوزراء).
وأرفقت قوى 14 آذار الآلية هذه التي تقول مصادرها انها لم تتلق جواباً عليها بملاحظة أشارت الى الآتي: اذا كان الفريق المعارض يصر على صيغة 19-11 للحكومة، لا مانع من ان يعلن في الاتفاق عن صيغة 19-11، لكن وفق صيغة كان اقترحها الجانب الإيراني (لاريجاني) تعهد بها لكم (للمسؤولين السعوديين)، تقضي باختيار الوزير الحادي عشر بالاتفاق بين المعارضة والأكثرية.
وقالت مصادر الأكثرية ان الآلية التي وضعتها لم تلتزم صيغة 19-11، وكان الأمر واضحاً في الأوراق التي سلمت للسفير السعودي. وأوضحت المصادر ان الملاحظة المكتوبة التي صاغتها قوى 14 آذار نصت على انها تقبل بهذه الصيغة التي يختلف فيها التنفيذ، ضمناً عن الإعلان، مراعاة لإصرار الوسطاء على حفظ ماء الوجه للمعارضة وإصرار «حزب الله» على صيغة 19-11 ومراعاة لالتزامه هذا امام جمهوره.
من جهة ثانية، غادر بيروت الى روما امس الرئيس بري لحضور مؤتمر برلماني، على ان يعود الاثنين المقبل.
الحياة