الطفيلي يدعو إلى سحب المعتصمين من وسط بيروت ويحذر إيران من أن سياستها في لبنان تدفع بالشيعة إلى الكارثة
بعلبك (البقاع اللبناني): حسين درويش
حض الامين العام السابق لـ«حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي المعارضة اللبنانية على سحب المعتصمين المطالبين برحيل الحكومة من وسط بيروت «لأنه يخدم الفتنة». معتبراً ان وجودهم «اصبح قنبلة موقوتة». محذراً من ان «السعي الشيعي لاسقاط رئيس الوزراء السني فاشلة في لبنان».
واتهم الطفيلي «حزب الله» وإيران بالسعي لإبقاء ملف «اشتباكات عين بورضاي» التي حصلت عام 1998 اثر اعتصامه مع مجموعة من مناصريه في حوزة دينية تابعة للحزب «لانهم لا يريدون كشف الحقيقة». مبدياً عتبه على «الشرق الاوسط» التي ذكرت الاسبوع الماضي انه «خاض ثورة ضد البلاد». مشيراً الى ان ما حصل هو محاولة اغتيال تعرض لها من قبل مسلحين تابعين لايران بالتعاون مع بعض الاجهزة الامنية اللبنانية.
وهاجم الطفيلي ايران بشدة، مطالباً قيادتها باعادة النظر في سياستها في لبنان «لانها تدفع بالشعب اللبناني والشيعة خصوصاً الى الكارثة».
التقت «الشرق الاوسط» امين عام حزب الله السابق الشيخ صبحي الطفيلي في منزله في عين بورضاي في البقاع اللبناني وسألته عن علاقته بـ«حزب الله»، وولاية الفقيه والقيادة الايرانية الحالية، وعن التطورات على الساحة اللبنانية. وفي ما يأتي نص الحوار:
* موضوع الادعاء القانوني عليكم، اين اصبح والى أين تتجه الامور؟
ـ حادثة عين بورضاي هي محاولة اغتيال تعرضت لها من قبل بعض المسلحين الذين ينتمون لايران بالتعاون مع بعض الاجهزة الامنية اللبنانية. هذه المحاولة كانت على اثر التحرك المطلبي الشعبي السلمي الذي قدمته عام 1997 وليس كما ذكرت جريدتكم اني خضت حروباً وخضت ثورة ضد البلاد.
* كيف تنظرون الى الوضع اللبناني على ابواب عودة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى لبنان؟
ـ كل اللبنانيين يرغبون ان تكون زيارة عمرو موسى منتجة لكن الزيارات الماضية لا تبعث على التفاؤل. لهذا قد تكون هذه الزيارة محاولة لخلق مناخات ايجابية اكثر منها للوصول الى حلول نهائية. مع هذا نأمل ونتمنى ان تنجح هذه الزيارة وتضع حداً للأزمة الوزارية بحل المشكلات العالقة. اما في موضوع الثلث الضامن فأذكر انه حين تحدثت قيادة «حزب الله» انها تريد الثلث الضامن وليس الثلث المعطل اعتبرت انا ان وجهات النظر تقاربت بل توحدت بين 8 و14 آذار لأن الثلث الضامن يتحقق بما بات معروفاً بعشرة (وزراء للمعارضة) زائد تسعة عشر (للحكومة) والوزير الملك او نصف الوزير فكل من الفريقين يضمن ويطمئن الى ان الفريق الآخر لن يستطيع ان يتجاوز حدوده. ومع هذا لا يستطيع عمرو موسى ان يصل الى الهدف المنشود لأنه بتقديري ان مشكلة الحكومة هي مجرد يافطة فالخلاف اعمق ببعيد عن مشكلة الحكومة وهو بيت القصيد.
* ماذا تقصد بالبعيد وبيت القصيد؟
ـ بتصوري الخلاف هو حول امور عديدة منها موضوع المحكمة الدولية. هناك تخوف كبير من امكانية ان تتحول المحكمة الى مسمار جحا. لهذا قد يعتقد فريق «8 آذار» ان قرار المحكمة والقبول بها هو تسليم بكامل متطلبات فريق 14 (آذار) والاميركيين.
* ماذا اذا اقرت المحكمة تحت الفصل السابع؟
ـ هذا امر خطير جداً. انا لا اعرف تفاصيل الامور، لكن بتقديري اذا كان الخيار هو بين ان تصدر المحكمة تحت البند السابع او لا تصدر بدونه أو بتفاهم اللبنانيين وبتشذيبها ما امكن، بتقديري الحل الثاني هو الافضل. في السياسة ينبغي ممارسة الممكن والأقل ضرراً هو قيام المحكمة بتوافق. بصرف النظر عن المصالح الدولية للمحكمة فان طبيعة الاستهداف والقتل جعلت فريق «14 آذار» يبدو انه فقد كل الخيارات الاخرى اذا كان هناك خيارات. فريق بين الناس مستهدف بالقتل لا يستطيع ان يدافع عن نفسه او يحمي نفسه وشيء طبيعي ان يسعى ليحمي نفسه بما يراه مناسباً.
* هذا تشريع منك؟
ـ اوصف الواقع. طبيعة الضغوط التي يتعرض لها كل الناس تجعلهم يلجأون الى الفرص المتاحة حتى لو كانت مرة.
* هل تجددت الاتصالات بينكم وبين فريق 14 آذار والنائب وليد جنبلاط؟
ـ يحصل بعض الاحيان ان يلتقي المرء بأناس من مختلف المشارب من محايدين ومن اناس ينتمون لـ 8 آذار و14 آذار لكن هذه ليست لها دلالات سياسية خاصة.
* هل بحثتم في ملفكم مع بعض من هؤلاء الناس الذين تتحدث عنهم؟
ـ انا اعتبر من واجبي ومن حقي ومن حق المواطنين ان لا نسكت على ما ترتكبه الدولة من اخطاء. واعتقد ان بقاء ملفي في دائرة الاستخدام السياسي عمل مناف للنظام ويخالف القوانين. ويفقد السلطة صدقيتها ويسيء الى النظام الديمقراطي والحريات والقضاء ويخرج النظام من دائرة الدولة الى دائرة العصابة لهذا من واجبي ان اوضح هذه الامور سواء في وسائل الاعلام او في مطارح الكلام.
* ما الذي تتوقعه بالنسبة لملف عين بورضاي وهل اصبح على نار حامية؟
ـ سألت منذ فترة لا بأس بها احد النافذين عن سبب ابقاء الملف رهن الاعتقال والاستخدام السياسي مع اني الح واطالب بتحريكه في دوائر القضاء، قال انه استرضاء لايران ولقيادة حزب الله. الى متى ابقى معتقلاً لقيادة ايران و«حزب الله»؟ هذا يجب ان تسأل الحكومة الامينة على النظام والدستور.
* هناك حديث عن ان بعض الاجهزة الامنية ترفض الافراج عن ملفك، سيما وان هناك ضابطا قد سقط في الحوزة ؟
ـ استبعد ان تكون هناك جهة ترغب في معرفة قتله (مساعده النائب السابق) الشيخ النائب السابق خضر طليس والضابط وغيرهما تطالب بتعليق المحكمة ومنعها لأن تعليق المحكمة لن يوصل الى معرفة القتلة. ولن ينتهي الى معاقبة القتلة والذي اطالب به انا هو اجراء المحكمة وانا ضد اقفال الملف سياسياً وهذا امر غريب ان يطالب المتهم بالمحكمة والمدعي يفر من المحكمة وهذا ليس له نظير.
* أين اصبحت علاقتكم مع «حزب الله»؟
ـ منذ ما قبل احداث الحوزة سعيت الى ان لا تسوء العلاقة وللاسف لم انجح. وبعد ان تعرضت لمحاولة الاغتيال اقدمت على مجموعة من المبادرات في محاولة لتجاوز المشكلة واصلاح ما امكن اصلاحه متجاوزاً ومتناسياً كل ما كنت اعتبره من حقي. لكن يبدو ان اصلاح العلاقة بيني وبين ابنائي في المقاومة الاسلامية لا يصب في مصلحة اصحاب القرار في ايران، وهؤلاء يعتقدون انهم بما حصل في لبنان من ازمة وفرقة بيني وبين بعض اخواني في حزب الله حققوا انجازاً كبيراً. ولا اعتقد انهم مستعدون للتضحية بهذا الانجاز. ولهذا السبب فشلت كل المبادرات التي اقدمت عليها خلال الفترة الماضية، وحتى هذه اللحظة، رغم المصلحة الملحة جداً التي تخدم لبنان واللبنانيين والمقاومة وحزب الله والتي تفرض ان يكون هناك حوار وتفاهم على مختلف الصعد والملفات ورغم هذا لا يزال الموقف الايراني على ما هو عليه.
* الا تخشى فتنة مع «حزب الله» وفرقة في الصف الشيعي بعد المؤتمر الصحافي الاخير؟
ـ هذا السؤال ينم عن محنة الحريات الفكرية في العالم العربي والاسلامي. من حق الصحافي ان يسأل في بلادنا هكذا سؤال لأن الايام علمته ان الدماء تسيل لأن هناك من طرح رأياً آخر لا يوافق عليه زعيم القبيلة. ويؤسفنا ان يتخوف الناس من الدم لأن في الساحة اكثر من رأي وضحايا الرأي كثر في بلادنا وفي العالم العربي، ونحن نسعى لوأد الفتن ومنع اي صراع بين فريقين ولا يمكن ان نفكر بأي فتنة ومسبقاً اسامح من يسعى لقتلي ولا اقبل ان تهرق نقطة دم واحدة دفاعاً عن شخص او فكرة اؤمن بها.
* نحو اسبوع يفصلنا عن ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري ماذا تتوقع ان يحصل في المنطقة حيث ضريح الشهيد والاعتصام؟
ـ بصرف النظر عن ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، ان وجود المعتصمين في ساحتي رياض الصلح والبرج بعد احداث الجامعة العربية(الاشتباكات بين انصار الفريقين) بات قنبلة موقوتة خطرة لأن اي احتكاك مع المحيط السني في المنطقة بات مؤهلاً لأن يتطور الى تراشق بالسلاح بما يجعل جماعة 8 آذار امام خيارين اما خوض حرب او الانسحاب من الساحتين نهائيا. لهذا اكرر نصيحتي ورجائي ان يسحبوا خيمهم والمعتصمين من هناك لأن ساحات الاعتصام باتت غير نافعة لما يريدون وتهدد بضرر عظيم. واعتقد ان وجود هؤلاء المعتصمين يخدم الفتنة التي اعلن الجميع انهم لا يريدونها، فاذا كانوا حقاً لا يريدونها فليسحبوا المعتصمين من هناك.
* هل سقطت الفكرة او كانت ساقطة بالأساس؟
ـ من الاصل السعي الشيعي لإسقاط رئيس وزراء سني فاشلة في لبنان المبني على المذهبية والطائفية والحروب والدماء.
* لكن يوجد من سائر الاطياف والمشارب اللبنانية في رياض الصلح والبرج؟
ـ وبالتالي هناك طائفة بكاملها تشكل العمود الفقري لفريق يريد ان يسقط موقع لطائفة اخرى.
* قلتم ان عبد العزيز الحكيم وامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله منفذان لسياسة واحدة؟
ـ حزب الله يتبنى نظرية ولاية الفقيه ويلتزم بسياسة ولي الفقيه كاملة، وكذلك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وعليه السيد حسن نصر الله والسيد عبد العزيز الحكيم يلتزمان بقيادة السيد الخامنئي مائة بالمائة وهم يعلنون ذلك ولا يخفونه. وكان اشكالنا على هذه القيادة ان رجلاً واحداً يحالف الاميركيين في العراق ويخوض حرباً تحت راية هذا التحالف ويعلن حرب على الاميركيين في لبنان ويدفع الامور الى حافة الاقتتال المذهبي بين السنة والشيعة تحت هذه الراية.
* هل حصلت خلافات بينكم وبين ايران حول ولاية الفقيه يوم توليتم الامانة العامة سابقا؟
ـ الخلافات بيني وبين بعض ذوي النفوذ في ايران حول استخدام الشيعة وحزب الله لمآرب ليس لها علاقة بمصالح المقاومة والتحرير واللبنانيين.
* هل اختلفت مع الايرانيين حول ولاية الفقيه؟
ـ لم تكن هذه المسألة ذات اهمية عملية لاني كنت اؤمن بقيادة الامام الخميني وكنت اثق به وبقناعاته وايمانه. لهذا لم يكن هناك خلاف على قيادته وحينما بات الايمان بولاية الفقيه يشكل العنصر الوحيد للالتزام بتوجهات القيادة الايرانية، برز الخلاف بيني وبين القيادة الايرانية وخاصة وان ليس على ولاء الفقيه دليل شرعي ولا حجة فقهية.
* بماذا تتوجه الى القيادة الايرانية ـ الحالية؟
ـ اتوجه الى الاخوة في القيادة الايرانية بكامل اخلاصي وحرصي بأن اطالبهم بأن يعيدوا النظر في سياستهم في لبنان لانها بطريقة غير مقصودة تساهم في خدمة مصالح الاميركيين وتدفع بالشعب اللبناني وبالشيعة خصوصاً الى الكارثة التي لا نفع منها.
(الشرق الأوسط)