قد يُقبَل أن يعني فنان نفسه برسم لوحة لا يفهمها أحد غيره تحت مسمى «الفن للفن»..، هذا الأمر لا ينطبق على الحروب التي تنشر الدمار والمآسي، وتسفك الدماء وتخلق الكراهية والأحقاد، وترحِّل المصائب والكوارث من جيل إلى جيل. وعليه فلا يوجد ما يسمى بممارسة «الحرب لأجل الحرب» بل يفترض أن تصل أي حرب تُقام وأي دماء تسفك وأي بناء يدمر إلى «أهداف استراتيجية معلنة» يُسعى بالنهاية للوصول إليها.
***
ففي الحرب العالمية لم يحارب الحلفاء الألمان في العلمين وستالينغراد ونورماندي للتسلية، بل كان الهدف الاستراتيجي واضحاً وهو إسقاط النظام النازي، والأمر ذاته مع قدوم قوات الحلفاء للخليج عام 1991، حيث كان الهدف الاستراتيجي واضحاً هو تحرير الكويت، وفي عام 2003 إسقاط صدام، ويمكن استخدام مسطرة الهدف الاستراتيجي الواضح والمعلن على كل حرب قامت بالتاريخ منذ بدء خلق البشرية إلى يومنا هذا.
***
آخر محطة:
الاستثناء من ذلك هو الحروب الإسرائيلية – الفلسطينية المتتالية، فهناك 7 ملايين إسرائيلي يقابلهم 7 ملايين فلسطيني «3 ملايين بالضفة ومليونان في غزة ومليونان من عرب إسرائيل»، لذا على العالم بأسره أن يسأل الطرفين المتقاتلين «ما الهدف الاستراتيجي – لا التكتيكي – من حروبكم؟! «أي هل ينتوي الإسرائيليون من تلك الحروب إبادة 7 ملايين فلسطيني أمام سمع وبصر العالم وكاميرات هواتفه الشخصية؟!
وبالمقابل، علينا كذلك أن نسأل الطرف الفلسطيني عن الهدف من تلك الحروب، وهل هو إبادة 7 ملايين إسرائيلي كي يتحقق للأولين هدف الدولة اليهودية من النهر إلى البحر وللآخرين هدف دولة فلسطين من النهر إلى البحر كذلك؟!
نريد جميعاً الإجابة عن ذلك السؤال المهم بعد إنهاء حرب غزة الدامية احتراماً للإنسانية. ومنعاً لتكرار المأساة بعد أعوام قليلة!