لقي مقالي السابق عن ضرورة لجوء أئمة المساجد إلى تجديد خطاب المسجد، وتضمين خطبهم نصائح جديدة ومتطورة تفيد المجتمع، استجابة واسعة، وقرأه على «الأونلاين» عشرات الآلاف.
في اليوم التالي لنشر المقال، اتصل القارئ المتابع «المشاري» ليخبرني بأنه شاهد حلماً يجمعني وإياه في مسجد الشويخ «ب»، وإننا فوجئنا بهيئة الإمام، حيث كانت مختلفة عن المعتاد، وحتى طريقة كلامه كانت غريبة، وبدأ خطبته بالصلوات المعتادة، ثم تطرق إلى موضوع مقالي عن تجديد خطاب المسجد، وأعلمنا بتأثره به، وأنه سيكون موضوع خطبة ذلك اليوم، وإن بطريقة مختلفة، وكيف أنه طلب من وزارة الأوقاف ووسائل الإعلام نقل خطبته على أوسع نطاق.
بدأ الخطبة بالطلب من الحضور بأن كل من يسكن بيتاً مؤجراً، أو لديه محل مؤجر، أو سيارة مؤجرة، ولم يدفع أجرتها منذ شهرين أو أكثر، عمداً، أن يخرج من المسجد، فلن تقبل صلاته، وأن يعود إلى الصلاة خلفه متى ما دفع ما عليه.
فقام اثنان من الحضور وتركا المكان.
ثم طلب من كل من يشتري طعام إفطاره، وفي ماله شبهة تنفع غير مشروع، بأن يترك الآن، طوعاً، فهو يعرفهم من سيماهم! فقام ما يقارب العشرين شخصاً من مختلف الصفوف، خصوصاً الأمامية، وتركوا المكان مطأطئي الرؤوس.
ثم طلب من كل من عليه مظلمة، ولم يردها لأهلها ورفض التسامح مع من أساء إليه أو التوبة عن أفعاله، أن يترك مسجده، وأن يتجه لرد مظلمته، لكي تقبل صلاته وصيامه، فترك ما يقارب الخمسين المسجد مهرولين للخارج.
ثم طلب من أولئك الذين تخلفوا عن فضيلة الرحمة وفشلوا في أن يصلوا الأرحام، ويبرون بالوالدين، أن يتركوا المكان، فخرج خمسة من المصلين على عجل.
طلب بعدها من أولئك الذين ظلموا أصحاب الحاجة، ولم يتصدقوا طوال العام بمالهم لفقير ومحتاج بأن يتركوا المسجد، فقام ما يقارب العشرة، وخرجوا.
ثم طلب من كل من أوقف مركبته بطريقة مخالفة للنظام، وتسبب في عرقلة السير أمام المسجد بترك المكان، فتبادلنا النظرات، وقمنا من فورنا وخرجنا من المسجد، ومعنا قام خمسة آخرون.
وقال إنه أمسك بيدي ووقفنا على باب المسجد، نسترق السمع لبقية الخطبة، وننتظر النتيجة، وكأنها مباراة كأس العالم النهائية، حيث سمعنا الخطيب يطلب من المقصرين بحق أبنائهم وتربيتهم الاعتراف بالخطأ والإعلان عن تقصيرهم، من خلال ترك المكان فوراً.
ثم طلب من محتكري السلع والأدوية الضرورية، ومن رفعوا أسعارها من دون سبب، ترك المكان، فلا يحق لهم الصلاة خلفه في مسجده، فقام ثلاثة رجال وتركوا المكان.
واستمر الخطيب في طلباته، إلى أن خرج جميع من كان في المسجد عدا شخصين، فاستدار الإمام معلناً إقامة الصلاة.
ويستطرد «المشاري» في سرد حلمه بأننا رأينا الإمام بعد الصلاة يتجه للرجلين لشكرهما على «نظافة سيرتهما»، فوجد أن الأول هو خادم المسجد، والثاني مواطن مصاب بفقد سمع شديد!
a.alsarraf@alqabas.com.kw