إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تحدثت معلومات عن ان مرض الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي يعاني من التهاب رئوي، فتح الباب على البحث عن خلافته جديا، مع ان العرف الملكي يقضي بأن يؤول المُلك إلى ولي العهد. ولكن الأمر يختلف في حالة محمد بن سلمان بن عبد العزيز. فهو اول “ولي عهد” من احفاد الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود، حيث قضى العرف بأن يتوارثَ أبناءُ الملك المؤسَّس المُلكَ لدى وفاة متولي العرش.
مع تَوَلّي الملكِ الحالي، “سلمان بن عبد العزيز”، المُلكَ خلفا لشقيقه الملك “عبدالله بن عبد العزيز”، قام بتعيين الرجل القوي، الامير “محمد بن نايف بن عبد العزيز”، وليا للعهد. كما عيَّنَ نَجلَهُ “محمد بن سلمان” وليّاً لوليِّ العَهد. ومع تثبيت سلمان لأركان مُلكِهِ بِزُنودِ نَجله “محمد بن سلمان”، تم التخلصُ من ولي العهد، بعد سنتين من تعيينه، باتهامه بالفساد ومحاولة تدبير انقلاب، ووضعه في الإقامة الجبرية، وتعيين “وليّ ولي العهد، الامير “محمد بن سلمان” وليا اول للعهد، وإبقاء منصب “ولي ولي العهد” شاغرا حتى اليوم.
خَلَت الساحةُ لـ”بن سلمان”، ولكن ظلّ هنالك من ابناء الملك المؤسِّس من يعتبرون انفسهم احق بالمُلك لخلافة الملك الحالي ـ قبل ان يصل الدور الى الاحفاد! الأمرُ الذي لا تلحظه أية آلية من الاعراف المُتبّعة في انتقال الملك في المملكة العربية السعودية. ما يعني أنه يمكن أن يكون هنالك عدد من الامراء من الجيل الاول، ومن بعدهم أمراء من الجيل الثاني، ممن يعتبرون انفسهم مُنافسين جَديين لولي العهد الحالي!
مع ما أشيع عن مرض الملك سلمان بن عبد العزيز، ربما شعر ولي العهد بَدِقّة وخُطورة لحظة الانتقال السلس للمُلك اليه، فسعى الى اعتماد سياسة “تصفير المشاكل مع الجوار”، وإحكام قبضته على الداخل.
تشير المعلومات الى ان ما سمي بحملة مكافحة الفساد التي قادها بن سلمان بعد تولي والده المُلك، وسجن العديد من الامراء والموظفين في الديوان الملكي، بتهم الفساد وهدر المال العام، لم تكن سوى استباق لاي محاولة انقلابية! حيث لجأ الى طرد بعض ابناء الملك الراحل فهد بن عبد العزيز من المملكة، وكذلك ابناء الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز وابقى على سائر موقوفي فندق “الريتز” قيدَ الاقامة الجبرية، حتى اليوم، بعد ان اجبرهم على التنازل عن اجزاء من ثرواتهم لصالح الخزينة العامة، وتاليا لصالحه.
بعد فشل حربه على اليمن، وتعرضه للابتزاز من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية، بعد ان قصفت ميليشيات الحوثي شركة “أرامكو” للنفط، بمسيّرات ايرانية الصنع، أفادت مصادر أنه اضطرّ الى دفع مبلغ عشرة مليارات دولار (!) لطهران لايقاف بلطجة الحوثيين واعتداءاتهم على المملكة.
ولأن مفتاح تثبيت الحكم يمر، أيضاً، بالولايات المتحدة الاميركية، سعى ولي العهد محمد بن سلمان، لابرام اكبر صفقة سلاح في تاريخ البشرية مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ولكن هذه الصفقة لم تأخذ طريقها الى التنفيذ بسبب رفض الحكومة السعودية لابرامها.
اليوم، ومع تقدم العمر بوالده، وانطلاقا من سياسة “تصفير المشاكل”، توقفت حرب اليمن من دون الاتفاق على وقف دائم لاطلاق النار، وبواسطةى هدنة طويلة الامد مع الجارة اللدودة، الجمهورية الاسلامية الايرانية، بوساطة صينية.
ومن ابرز بنود اتفاق الهدنة بين ولي العهد السعودي والجمهورية الاسلامية الايرانية، بَندُ وَقفِ دعمِ حُلفاء المملكة في لبنان، وتطبيعُ علاقاتِ الرياض مع نظام الاسد، مقابل وقف الاعتداءات الحوثية على المملكة.
وبالفعل، ومع سريان اتفاق تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، اوقفت المملكة كل اشكال الدعم لحلفائها في لبنان، في حين ما تزال االامدادت الايرانية تتدفق على حليفها اللبناني، حزب الله، ما تسبب بخلل في موازين القوى اللبنانية، حيث تُرِكَت جبهة المعارضة لحزبِ الله لتواجه مَصيرَها لوحدِها من دون سَنَد عربي، لا معنوي ولا مادي
وفي سياق تطبيع العلاقات مع طهران ايضا، اعادت المملكة الاعتبار للرئيس السوري بشار الاسد، بعد ان كان تم طرده من جامعة الدولة العربية. وبعد أن قاطعته معظم الانظمة العربية بطلب من المملكة السعودية، فقد فَتحت الرياض ابوابَ الجامعة العربية للاسد وشارك في اكثر من قمة عربية، وإسلامية، في الرياض. كذلك، حَذَت حُذوَهَا الامارات العربية المتحدة. ومؤخراً، قَرَّرت الرياض فتحَ ابوابِ سفارتها في دمشق، واوفدت سفيراً الى العاصمة السورية.
تزامناً، وقبلَ ما يُعرف بـ“طوفان الاقصى“، كانت المساعي الاميركية مع الرياض قد اقتربت من التوصل الى تطبيع العلاقات بين اسرائيل والمملكة السعودية، لقاء تبني اسرائيل “حل الدولتين”، ولو من دون الالتزام بخطوات تنفيذية تفضي الى إقامة دولة فلسطينيةاالامدادت الايرانية
“طوفان الاقصى” لم يوقف مفاوضات التطبيع الاسرائيلي مع المملكة وإن كان خفف من وتيرتها، وهي عادت لتُطرَحَ اليوم بقوة من جديد، بعدَ ما أُشيعَ عن مرض الملك سلمان.
مرحلة “السين سين”
ما يحصل في المملكة العربية السعودية اليوم يعيد الى الاذهان، ما حصل عام 2009، حين هَدَّدَ نظامُ الاسد المَملكة بإطلاق سراح اكثر من 900 معتقل سعودي لدى نظام دمشق من اتباع تنظيم “القاعدة”. وكان هؤلاء قد اتخذوا من دمشق ممرا للعبور الى العراق لمقاتلة القوات الاميركية. فاعتقلتهم السُلُطات السورية، واحتفظت بهم كـ”رهائن” لمقايضة نظام المملكة عند الحاجة.
ومع اقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري، واصابع الاتهام الي أشارت بها قوى 14 آذار المدعومة حينها من المملكة، الى تورط نظام الاسد في جريمة الاغتيال، حرك الاسد قضية المعتقلين السعوديين، وقايض بهم المملكة، لقاء وقف دعمها لقوى 14 آذار اللبنانية مقابل وقف اغتيال قادة الرأي في لبنان!
وتزامناً، قام الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز باصطحاب الرئيس السوري الى لبنان، وكذلك الطلب من الرئيس سعد الحريري زيارةَ دمشق لتطبيع العلاقات بين قوى 14 آذار ونظام الاسد!
وعلى جَريِ العادة، التَزَمَت المملكة سياسةََ وقفِ الدعم التي ما زالت سارية المفعول الى اليوم. بالمقابل، لم تتوقّف الاغتيالات في لبنان!
هل هناك من ما زال يسأل لماذا رفض الرئيس سعد الحريري فتح جبهة داخلية لقتال حزب الله بطلب من الامير محمد سلمان، وكان هذا الرفض سببا للنقمة عليه؟