أثار مهرجان البيال لقوى الرابع عشر من آذار بمناسبة ذكرى إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء ثورة الارز، إرتياحا لدى جمهور ثورة الارز، وأعاد بث نبض الحياة في الجمهور الذي احبطه ما أثير عن تنازلات رئيس الحكومة سعد الحريري، خصوصا ما أشيع عن عزمه المساومة على المحكمة الدولية ودماء شهداء ثورة الارز.
في الشكل والمضمون كان لافتا، حجم المشاركة الشعبية والحضور، الذي كان كثيفا لدرجة أربك المنظمين، فشهدت القاعة تدافعا، وعزي السبب الى ان الهيئات المنظمة والداعية أرسلت ما بقرب من 8 ألآف بطاقة، في حين ان عدد الكراسي كان يقارب الستة ألآف كرسي، وهذا أمر مألوف، إذ يجري إحتساب تغييب نسبة محددة من المدعووين، لاسباب شتى، إلا أن اللافت كان ان نسبة الحضور تجاوزت ال 12 الف مشارك، من الذين إستطاعوا الوصول الى مجمع البيال، في حين ان الكثير عادوا الى منازلهم لاستحالة بلوغ المجمع.
في الشكل والمضمون ايضا، كان لافتا إفساح المجال أمام النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، لالقاء كلمة، تخرج في سياقها، عن التناغم المفترض بين اركان قوى الرابع عشر من آذار، الرئيس الحريري والرئيس الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، فجاءت كلمة بيضون جسر عبور بين المكونات الطائفية، لقوى الرابع عشر من آذار، والمكون الشيعي الذي تصادر قراراته حركة امل وحزب الله، فظهر صوت شيعي في 14 آذار، من دون ان يكون منتظما في صفوفها إلا أنه أظهر عدم إبتعاد عن الطروحات التي تحملها من خلال المقاربة الشيعية للوضع اللبناني.
مصادر في العاصمة اللبنانية بيروت إعتبرت ان بيضون قد يكون رئيس المجلس النيابي المقبل، بعد أن أمعن الرئيس الحالي نبيه بري في كشف مستوره، وكشف نواياه متنكرا للحقبة التاريخية السابقة وشراكته فيها، والانكى من كل ذلك، أنه تطرق الى موضوع الفساد والهدر والدين العام، فكان الرد من قبل النائب والوزير السابق عبد الحميد بيضون، محملا المجلس النيابي مسؤولية الدين العام، لأن الحكومة مهما علا شأنها لا تستطيع إنفاق ليرة لبنانية واحدة من دون إذن المجلس النيابي.
الرئيس الحريري، وعلى جري عادته كان صادقا وعكست كلمته خيبات الامل المتعددة التي لاقاها خلال مسيرته منذ إغتيال رالده، فحدد مكامن الضعف والخطأ، التي اعترت المسيرة السابقة، إلا أنه قدم أعذارا، للأخطاء على إتبار انه كانه يسعى الى إعلاء شان الدولة وأنه كان على إستعداد لبذل ما أمكن في هذا الصدد إلا أن الفريق الآخر، كان يخله كل مرة.
ومن دون الاستغراق في التفاصيل، فإن كشف الرئيس الحريري، لما كان يجري في إطار ما سمي مبادرة “سين-سين”، لا بد أنه أحرج كثيرين داخل لبنان وخارجه، ففي الداخل اللبناني، كان قاسيا الرئيس الحريري في توجيه رسائله الى النائب وليد جنبلاط، متهما اياه بالغدر، كما وضع حدا لما أشاعه جنبلاط من أن الرئيس الحريري وقّـع على تسوية تتضمن التناول عن المحكمة الدولية.
اما على مستوى الخارج فقك كشف الحريري كما كان يتطلع بصدق الى إيجاد مخارج للنظام السوري على قاعدة بناء علاقات سوية مع دمشق من دولة الى دولة، والمدى الذي بلغته ال “سين –سين” على مستوى عقد مؤتمر مصالحة ومصارحة في الرياض برعاية العاهل السعودي وحضور الرئيسين اللبناني والسوري، وعدد من قادة الدول العربية، طبعا، في معزل عن مشاركة الولايات المتحدة والغرب، من أجل تحصين الوضعين اللبناني والسوري، في مواجهة تداعيات القرار الاتهامي، وما يثير الاستغراب ان هذه المبادرة كانت لتشكل باخرة إنقاذ لدمشق من تداعيات القرار الاتهامي، فلماذا رفضتها، ودعمت إنقلاب حافئها في لبنان عليها؟ .
مصادر في قوى الرابع عشر من آذار إعتبرت ان دمشق رفضت مبادرة الـ “سين – سين” نظرا لأن عليها التزامات بشأنها أبرزها مسألة السلاح، خصوصا ذلك المرتبط بها، مثل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، او سلاح بعض الميليشيات اللبنانية التي تأتمر بأوامر دمشق، فظهر النظام السوري في مظهر العاجز عن تقديم حتى هذه الورقة لصالح بناء الدولة اللبنانية، خشية من تأنيب إيران، فقرر التراجع عن الالتزام بمادرة ال “سين – سين”.
المراقبون اعتبروا ان ما بعد 14 شباط 2011 لا يشبه ما قبله حيث اعلنت قيادات ثورة الارز تخليها عن التسويات على إختلافها، ودفنت ال “سين – سين” في مؤشر على قرار جازم بوقف جميع أشكال التنازلات والتسويات.