«هناك شيئان لانهائيان: الكون وغباء الإنسان؛ وبالنسبة للكون فأنا ما زلت غير متأكد تماما».
ألبرت أينشتاين
*
احتفلت المجتمعات المختلفة بكل شيء موجود حولنا، وحددوا يوما عالميا لكل أمر صغيره وكبيره، فمن الشجرة والورد إلى العنب والموز، الى الأب والأم وما بينهما. ألم يحددوا يوما عالميا للكذب، يستفيض به الناس كذبا ويجودون به زورا وبهتانا ويرتبون المقالب المحرجة؟ لماذا اذا لا …
نحتفل بالغباء، وهو في الحقيقة أقل ضررا وإيذاء من الكذب. لماذا لا نعطي العقل راحة ليوم واحد فقط ونحتفل من دونه؟ هل أعدد لكم مزايا الغباء حتى تصدقوني وتحتفلوا به معي؟
الغباء يا أعزائي يطيل العمر ويجنبكم ارتفاع الضغط والسكر و«انفقاع» المرارة وانفجار الزائدة الدودية، وباقي ما تبقى من أجهزة الجسم الحيوية. فالغباء يجعلك لا تهتم بغطرسة المتغطرسين، ولا نفخة المنتفخين. ويجنبك فوران الأعصاب في طوابير الانتظار، وحماقات الطرق، والأهم أن الغباء يجعلك لا تدرك خطورة مستقبلك ومستقبل أولادك في مجتمعاتنا، ويجعلك «متمسحا» حين قراءة عناوين الاخبار، فلا فواجع سوريا ترهقك، ولا قتلى العراق يحركون شعرة في بدنك. لا هموم الكويت تشكل لك أهمية، ولا ما يحصل في تونس ومصر وباقي دول «الربيع» العربي تخيفك.
الغباء يا أصدقائي.. نعمة على رؤوس الأغبياء لا يراها إلا الأذكياء، الذين يتمنون في أحيان كثيرة نعمة منح العقل إجازة. ألم يقل بيل غيتس: أختار الأغبياء والكسالى لأداء المهام الصعبة لأنهم يجيدون تنفيذها بطرق سهلة؟
في كل الأحوال.. لا تيأسوا.. فكل واحد فينا يحمل نسبة معينة من الغباء، وما علينا إلا تفعيلها. فكل شخص مهما كان ذكيا، عرضة لارتكاب الحماقات، ألا تشتم نفسك أحيانا لتصرف غبي؟ من الآن فصاعدا عليك أن تهنئ نفسك على لحظات التمرد والتحرر تلك. فالغباء يمكنه أن يكون بديلا للحرية في ظروف القمع والكبت التي نعيشها.
وطالما أن الغباء صفة مشتركة بيننا، معشر البشر، فلنحدد يوماً له نحتفل به عالمياً، يوم لا نحسب فيه حساب شيء، فلا نتذاكى، ولا نفكر، ولا نحلل، لا نحدد قيامنا وقعودنا ونومنا ويقظتنا في الدقيقة والثانية، لا نعدّ السعرات الحرارية في قائمة الطعام، لا نتبع الأتيكيت، ولا نمسك بعضنا لبعض زلات اللسان وهفوات الكلام، لا نحلل مواقف السياسيين، ولا نحاول الوصول لمعرفة من يقف مع من، ومن ضرب من. لنتركه يوماً عفوياً، يمر بنقاء الفطرة وسلاسة التصرف.. يوما ننزع فيه عنا كل قشورنا الاجتماعية والسياسية ونتصرف على سجيتنا.
هي ليست دعوة عدوانية، فكثيرا ما يحمي الغباء صاحبه من أن يجن. كما يقول أوليفر هولمز، إن التحرر من «العقل» يجعلنا أحيانا نميل إلى حسم الأمور حسب فطرتنا ومشاعرنا وننقل مركز قيادة أركان الجسم من الدماغ إلى القلب. فلنجربها.. فبعد كل الذي عشناه، لن تضيرنا تجربة يوم واحد نحتفل فيه بيوم الغباء العالمي!
dalaa@fasttelco.com
كاتبة كويتية
يوم الغباء العالمي عندما انهيت عملي قررت الذهاب للبيت مشياً على الأقدام للتمتع باستنشاق الهواء المنعش ، ولأخفف من وطأة الأفكار التي اثقلت كاهلي ، وسرت بخطاً متلعثمة وكان الصمت موحشاً ، وليس هناك ماهو مؤنس سوى بصيص أمل يتضاءل ، والصمت تربة خصبة تنمو فيها أي فكرة ، وانتابني دوار هادئ ، وصراع وعراك لأفكار أرهقتني إلى أن شعرت بضرورة حمل رأسي على يدي ، والتفت خلفي وأمامي فلم أجد من يحدثني ، فانخرطت في الأحلام ، وما صحوت إلّا على صوت بائع لكتب على الرصيف ، فدفعني الفضول لتصفح العناوين ، وكان كما المعتاد كتب من صنف كيف… قراءة المزيد ..