يعتبر فيلم «هلأ لوين» اللبناني، للمخرجة المميزة نادين لبكي، واحدا من افضل الأفلام العربية.
تدور قصة الفيلم، الذي شاهدته قبل عشر سنوات، ونسيت أغلب تفاصيل أحداثه، حول قصة الحب التي تجمع «آمال» المسيحية بربيع «المسلم»، والذي يمثله تجاور الكنيسة والمسجد في قرية لبنانية نائية يصعب الوصول إليها، ويتبع سكانها الديانتين، ويستمتعون بحياتهم بعيدا عن نار الحرب الطائفية التي تحرق المدن والقرى الكبيرة في وطنهم.
وفي يوم يقوم أحد السكان بتركيب جهاز تلفزيون في بيته، فتنقلب حياة سكان القرية الآمنة، رأسا على عقب، وهم يستمعون لأخبار الحرب الطائفية الدائرة في بلادهم.
ومع زيادة وتيرة وتكرار الخطابات الطائفية التحريضية بين رجال القرية أمام شاشة التلفزيون، تبدأ المشاحنات بينهم، وتتطور الأمور لتصل لوضع حواجز تفصل بين المسلمين والمسيحيين، لمنع اشتباكهم أو استخدام السلاح.
وحدهن نساء القرية، من الديانتين، يؤلمهن ما يجري، فيقررن وضع خطط وحيل لإشغال الرجال عن السياسة، وللحيلولة دون وقوع صدام طائفي بينهم، فيقررن القيام بمبادرة والتنازل عن كبريائهن الأنثوي، واحضار راقصات من أوروبا لإلهاء أزواجهن. كما سعين لدسّ الحشيش والمنومات في الخبز الذي يصنعنه لهم. وتبلغ أحداث الفيلم قمتها مع إقدام «أم علي» على إطلاق الرصاص على قدم ابنها لمنعه من الانتقام من ابن الطائفة الأخرى لمقتل شقيقه.
وعندما تصاب النساء باليأس من الوضع، يقررن اتخاذ حلّ جذري للوضع، بقيام كل واحدة بتغيير دينها لدين الأخرى، ووضع الرجال أمام الأمر الواقع، فإن أرادوا قتل أتباع الطائفة الأخرى، فعليهم البدء بزوجاتهم!
ينتهي الفيلم بوفاة امرأة في القرية فيحملون نعشها لدفنها، ويحتارون أي المقبرتين يختارون، هل الدين الذي كانت عليه أم الدين الذي تحولت إليه، والجميع يتساءل: وهلأ لوين؟
***
وحيث ان نادين لبكي توقفت مؤقتا عن الإخراج، كما توقف كل فنان وإبداع في لبنان، وازدادت ساعات انقطاع الكهرباء، واختفى المازوت، والخبز أصبح شحيحا وينابيع المياه بدأت تجف، ولا أحد من الكبار قابل فكرة الاستقالة، ولا ضمان أن من سيأتي بعدهم سيكون أفضل منهم وأقل فسادا.
وليس في الأفق بصيص أمل بقرب وصول المساعدات الدولية، أو بموسم سياحي قريب، أو حتى ما يشبه ذلك، ولن يعود الابن ولا الابنة من المهجر، ولا أمل في انتخابات جديدة، ولا اعتماد على أن خيارات «الشعب» ستبتعد عن مؤشر الطائفية، ولا أمل في انقلاب عسكري، وسوف يفشل لو وقع، ولا استعداد لتنازل أي طرف للطرف الآخر، ولا يوجد بصيص أمل في ثورة شعبية.. فإننا نصيح مع من تبقى من محبي لبنان: وهلّأ لوين؟
a.alsarraf@alqabas.com.kw