ولي الفقيه واضطهاد المسيحيين

2
إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...

لا يختلف اثنان على الدور التخريبي الذي يلعبه النظام الحاكم في الجمهورية الاسلامية الذي تسلّطَ على رقابِ الشعوب الايرانية منذ عام ١٩٧٩ وأعاد ايران الى عهد القرون الوسطى. وما تسعى له ايران وتعلنه صراحة هو اقامة الجمهورية الاسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه.

 

سوى أنّهُ من اجل تحقيق هذا الهدف كان يتوجب على ايران خلق وايجاد اذرع لها في الدول المجاورة والمنطقة. وهكذا قامت بدعم وتمويل وتسليح ذيولها في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وباقي الدول المجاورة. ومن منا لا يتذكر تصريح المسؤول الايراني حيدر مًصلّي الذي اكد في تصريح له ومنذ عام 2015 بان ايران تتحكم وقتها باربع عواصم عربية ، هذا التصريح اعاده مسؤولون آخرون وبثه التلفزيون الرسمي عدة مرات لاحقا .

ما يهمنا بموضوع اليوم هو السياسة التي يمارسها النظام في الداخل الايراني تجاه مواطنيه المسيحيين وكنائسهم الوطنية، وهي بالطبع نفس السياسة التي يطبّقها بحق باقي الديانات والمذاهب والقوميات التي تشكل الشعوب الايرانية. للتذكير فقط ان التواجد المسيحي في ايران يعود الى القرن الميلادي الاول وتعرض المسيحيون خلال تاريخهم الى ابشع الاضطهادات والمذابح وبقوا اوفياء الى رسالة المسيح.

من خلال مراجعتنا للتقارير والدراسات السنوية المنشورة من قبل منظمات حقوق الانسان وحقوق المسيحيين في العالم منها  منظمة العفو الدولية ، منظمة الابواب المفتوحة ، منظمة عون الكنيسة المتألمة وغيرها من المنظمات نجد دائما ان ايران تحتل موقع الصدارة في تقارير هذه الجمعيات في قمعها واضطهادها للمسيحيين في الداخل الايراني. وما يحصل للمسيحيين هو معاملتهم كمواطنين درجة ثانية او اقل من ذلك. فهم محرومون من المناصب الحكومية الرسمية ويخضعون الى رقابة الاجهزة الامنية وخاصة جهاز “اطلاعات”.

وفي ايران، لا يحق للكنائس إقامة الشعائر الدينية باللغة الفارسية بالرغم من ان الكثير من الاجيال المسيحية الشابة لا تجيد إلا الفارسية وذلك خوفا من الاختلاط والتبشير هذا في الوقت الذي يقيمون فيه الاحتفالات عند تحول اي شخص الى الاسلام، علما بان القوانين الايرانية تنص على منع زواج المسلمة من مسيحي ومن حق المسلم الزواج بمسيحية وان التحول الى المسيحية يعتبر جريمة يعاقب عليها الذي يقوم بها وتتعرض عائلته الى متابعات من البوليس والحرس الثوري . في ايران يحق للمسيحي ان يفتح مطعما لكنه مجبر ان يكتب لافتة يضعها على الباب الخارجي تنص على ان  صاحب هذا المطعم ينتمي الى الاقليات، اي انه مسيحي.

وبالنسبة الى الفقه الذي يؤمنون به يعتبر المسيحي شخص “نجس”. هناك موضوع آخر تعاني منه المسيحيات في ايران حيث ينطبق عليهم قانون الحجاب الاسلامي في الفضاء العام باستثناء داخل الكنائس على ان لا يلتقطوا لهم صورا داخل الكنائس وينشروها في الاعلام .

علمت ايضا من مسيحيين ايرانيين مقيمين في فرنسا بانه غالبا ما يتم الاستحواذ على املاكهم وعقاراتهم من قبل رجال دين متنفذين ولا يمكنهم وقف هذه الممارسات .

هناك تصريح لشخصية مسيحية ايرانية معروفة وهو يوناتان بيت كليا كان ممثلا للمسيحيين في البرلمان الايراني لفترة خمسة دورات يقول فيه بان المخابرات الايرانية أمرته بأن يمنع المسيحيين من المشاركة في الاحتجاجات ، لانهم يعتبرون اي تجمع مسيحي خارج مبنى الكنائس الرسمية كونه “دعاية منحرفة ضد الدين الاسلامي المقدس وعملا مخلا بالامن”. اي انه يتوجب على المسيحيين القبول بكونهم “اهل ذِمّة”.

 

ما هي انعكاسات الحالة الايرانية على تَعامُل الموالين لولي الفقيه في العراق مع الكنيسة العراقية؟

لدى حكام ايران ٦٤ فصيلا مسلحا (الحشد الشعبي) ينتشرون في كافة المحافظات العراقية باستثناء اقليم كردستان ،رسميا يتبعون الى القائد العام للقوات المسلحة الذي هو رئيس الوزراء لكنهم فعليا مرتبطون بفيلق القدس الايراني الذي يقوده حاليا اسماعيل قآني .

في عام ٢٠١٤ قامت ايران بتأسيس حركة بابليون كاحد فصائل الحشد الشعبي باعتبارها فصيل مسيحي مقاتل الى جانب باقي الفصائل لمحاربة داعش ، لكنه في الواقع لا تضم الا النفر القليل من المسيحيين وان الغالبية الساحقة هم من الطائفة الشيعية ، يقود هذا الفصيل ريان سالم وهو من اصول مسيحية الذي اعطى لنفسه لقب الكلداني ونصب نفسه شيخا على الفصيل ولاحقا في المجتمع ، وعندما اعترض الاخرون على هذا اللقب ذكر بان مثلث الرحمة الكاردينال عمانويل دلي هو الذي اعطاه هذا اللقب علما بان المسيحيين العراقيين يعلمون جيدا بان البطريركية الكلدانية لا توزع القاب “شيخ”. وكافة الالقوشيين الذين اعرفهم يتندرون على اخبار الشيخ المزعوم وهم ادرى بتاريخه، شاهدنا قبل اشهر شقيقه يقرأ سورة الفاتحة في احدى جلسات العزاء، ويحق له التحول الى اي ديانة اخرى لكنه في هذه الحالة لا يجب ان يمثل مسيحيي البلد.

هذا “الشيخ “وبطلب ومباركة من اسياده استباح واستحوذ على املاك العديد من المسيحيين ويحاول فرض نفسه كممثل للمسيحيين بالترغيب والتهديد وتزوير نتائج الانتخابات ، لم يكتفي بذلك وإنما بدأ بالتحرش بالقيادات الكنسية واستطاع مع شريكه رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد الغاء المرسوم الجمهوري الصادر قبل عشر سنوات رقم (147) لسنة 2013 الخاص بتعيين البطريرك لويس ساكو، بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ومتولياً على أوقافها. اطلعت اليوم على تصريح للمطران مار بيندكتوس يونان رئيس اساقفة الموصل للسريان الكاثوليك يقول فيه بانه تم الغاء عشرة مراسيم اخرى تعود الى باقي الكنائس، اي ان املاك وعقارات كافة الكنائس اصبحت اليوم مستباحة لتنعم بها الفصائل لدفع مسيحيي العراق الى الهجرة واجراء التغيير الديمغرافي الذي يخططون له منذ زمن بعيد.

رحم الله الرئيس الراحل مام جلال الطالباني الذي اصدر المرسوم الجمهوري عام ٢٠١٣ ، وليس كل مسؤول يستحق ان يلقب ب (مام).

من جانب آخر وقف قادة اقليم كردستان والاخوة من هيئة علماء المسلمين ووجهاء البلد وشيوخ العشائر والمثقفون مع الكنيسة وابدوا تعاطفهم ومساندتهم لها في مواجهة هذه الهجمة العدوانية .

 

في ظل هذه الظروف فاننا جميعا مطالبون ان نكون موحدين مع باقي الكنائس وكل واحد ومن موقعه، وخاصة الاساقفة الكلدان. على كافة الاساقفة الكلدان الوقوف مع قيادتهم الكنسية لمواجهة هذه الهجمة الزائلة. وإن الأيام القادمة ستشهد بالتاكيد هزيمة اعداء الكنيسة وعودة البطريرك الى بغداد.

وما يحدث حاليا سبق ان عاشته المسيحية في العراق عدة مرات وبشكل اعنف وخرجت منه اكثر قوة. “التاريخ لا يرحم، والناس مواقف، والجبناء الذين ينحنون امام المعتدين لا يصنعون التأريخ”.

 

“وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.” (مت 10: 22).

@YakoElish

باريس

اترك رد

2 تعليقات
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
بيار عقل
بيار عقل
4 شهور

ممنوع على المسيحيين الفرس ان يصلوا باللغة الفارسية! الصلاة بالفارسية يمكن ان يسمعها شيعي إيراني يمر بالصدفة قرب الكنيسة!! هل فهمتم الان لماذا قامت قيامة العونيين والحزبليين لان كاهنا مسيحيا صلى على جثمان الصديق لقمان سليم في الضاحية؟ لماذا لا يصلي الموارنة بلغة إسكندنافية حتى لا “يتضايق” حسن ونعيم وميشال وجبران؟

بيار عقل
بيار عقل
4 شهور

اعجبتني صورة القاتل سليماني في كنيسة إيرانية! قبل سنوات، قال حسن نصرالله ان المتهمين بقتل الرئيس الحريري هم قديسين. مثل “مار قاسم سليماني”.

بالمناسبة، صورة المقال نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إرنا في 2020 على الرابط التالي:(صورة المقال نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية على الرابط التالي: https://ar.irna.ir/photo/83624113/%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A
ويبدو من لباس الكاهن أن الكنيسة يمكن أن تكون كنيسة إيرانية أرمنية

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading