نعم، يا فضيلة الشيخ نعيم قاسم الذي أصدر الى الشعب اللبناني إنذاراته من إيران العزيزة (التي تُفتدى بكل شيء حتى بالوطن كله، فيا للوفاء!)، نعم، “لبنان كما قلت (من هناك) لم يعد يحتمل أن يكون ساحة للآخرين، تارة كمعبر للشرق الأوسط الجديد” (من أين عبر مع عصابة العبسي المصدَّرة من الشرق الآخر) و”أخرى للحسابات الاسرائيلية، (براو!) التي استُبدلت بحسابات داخلية. نطقتها وبراو! لم نعد نحتمل أن نحارب، نحن الشعب الصغير عن أحد. لا عن إيران أيها الشيخ الفاضل، ولا عن أي شقيقة. والذين يوسعون ساحات الوطن للآخرين هم الذين ما زالوا (وبحسابات ـ اسرائيلية) يتلقون (بعد التحرير) الأسلحة والصواريخ والعتاد والمال (الحلال)، وينتظرون الأوامر لأحداث الفتن أو بإعلان الحروب من دون إذن من أحد لا من الدولة ولا من السلطة ولا من الشعب. وإنما من عند الآخرين.
قلتها! والله! ولن نردها لأنها مشوّقة! حزب يعقد تحالفات مع دول. الله! مع نظام دمشق وطهران وحماس… إلخ، ويرتبط باستراتيجية خارجية “حربية”، و”أمنية” و”سياسية” قافزاً فوق كل الاعتبارات والحسابات “الداخلية”. وهذه الأحلاف “المعقودة” مع الآخرين ألا تجعل لبنان (وأنتم من عشاقه، الله!) ساحة لهؤلاء الآخرين، لتستدرج حروبهم الى ساحاتنا؟ وهل يمكننا أن نقتنع بأن الأموال والأسلحة المتدفقة من لدن الوصايتين هي من باب التبرعات الخيرية، أو جمعيات البر والاحسان أو جمعية مار منصور… أو “الحَبَل بلا دَنَس”! كيف يمكن أن نصدق شيئاً مما يقال، ويبشر به، ويوزع للتخدير! ونحن بتنا نعرف أن وراء كل حوار كان ثمة استعداد لفتنة أو لحرب أو لانقلاب. ووراء كل دعوة للتوافق كان ثمة محاولة لاستكمال الهيمنة الانقلابية.
لبنان لم يعد يحتمل، نعم! أن يُركب “الآخرين” دويلات تقسيمية مذهبية ضمن دولته. ذلك أن سياسة “الغيتوات” وها هي شغالة على الأرض وتحصن كل يوم، بدعة خارجية. ولنقل أنها تنفيذ غير مباشر ربما للفكرة الصهيونية في تفكيك المنطقة دويلات طائفية أو مذهبية ضمن مشاريع حروب أهلية داخلية (أوليس هذا ما ينفذ في العراق، سواء بتدخل أميركي أو شقيق أو أعجمي، مفهوم!). ولم يعد لبنان يحتمل جيشاً خاصاً أقوى من جيشه، وترسانات حربية تكدّس بعد تحرير الأرض. وهنا المفارقة: جهوزية مقاومة في أرض محررة هي الجنوب مثلاً، وانعدام مقاومة في أرض محتلة من العدو (هي الجولان مثلاً). واللبنانيون يتساءلون: لماذا تتدفق الأسلحة من الحدود الشقيقة “لمحاربة” اسرائيل، ولا تحارَب اسرائيل بهذه الأسلحة من داخل الأراضي المحتلة الشقيقة، إلا إذا كانت الشقيقة (ومعها إيران الشقيقة كالعسل والفستق الحلبي) تعتبر لبنان أعز عليها من بلادها فتفضل تحرير الأرض المحرَّرة على تحرير أرضها المحتلة! فبوركت الأخوة من هنا، وبوركت من هناك، وبورك “رُسل” الأختين الى بلدهما الثالث لبنان (وربما الرابع والخامس من يدري).
نعم! لبنان لم يعد يحتمل أن يتعرّض لخطط مبرمجة ينفذها بتوع 8 آذار، لتدمير الاقتصاد اللبناني: والخطة التي وضعت لدى “الآخرين” تريد لبنان مشلولاً اقتصادياً، وتجارياً، ومفلساً، لاستسهال استفراسه (كما استفرست بعوامل الفقر والعوز بعض الشرائح الكبرى من أهلنا)، وشحاذاً عند إيران وعند أميركا والخليج والشرق والغرب وعند كل الدول! لماذا يجب أن تصنعوا من الشعب اللبناني شعباً شحاذاً؟ لأن بعض أحزابه الصغرى والكبرى الالهية والدنيوية احترفت “شحاذة” المال والسلاح… والسلطة لقاء تنفيذ ما يجب تنفيذه، سواء من باب “الطموحات الايديولوجية” التخريبية، أو من باب الارتزاق؟
يقول آذاريو الوصايتين إن عدم تشكيل حكومة وحدة وطنية صفارة إنذار (ما أكثر صفاراتهم!) لعدم الاتفاق على الرئاسة. براو! هذا ما قال الشيخ نعيم قاسم من بلاد ساسان، عال! إنذار رائع يطلق من الخارج الى الداخل، وتهديد سافر يبعث من طهران الى لبنان. فأي نبل هذا! وأي وطنية! وأي إخلاص! في كلام من هذا النوع يصوّب الى الداخل. وهذا يعني أن الكلام “المُرسل” ليس سوى كلام خارجي بلسان “داخلي”، وأعجمي، بلسان عربي. ومع هذا يقولون ان لبنان لم يعد يحتمل أن يكون ساحة للآخرين. أكثر: من طهران بالذات يدعو الشيخ قاسم الأكثرية الى التخلي عن رهانات الخارج ولا سيما أميركا. من الخارج يطالب الآخرين بالتخلي عن الخارج. رائع! أكثر: ويقولون بالجملة هذه المرة ابتداء بحزب الله وانتهاء بالرقيب المتقاعد ميشال عون “حَسّون” الرابية، مروراً بسائر الغربان المغرّدة، إنه إذا لم تؤلف حكومة وحدة وطنية “فَسيكون أمامنا فراغان (فقط فراغان ولو! أنتم كرماء ونحن منستاهل) فراغ الرئاسة وفراغ الحكومة (تهديد بالهجوم على السرايا) انطلاقاً من المربع الأمني الجديد في العاصمة)، “ولا بدّ من ملء الفراغ، بحيث تجد “المعارضة” نفسها مضطرة لتشكيل حكومة لملء الفراغ”.
براو! والله! لا فُضّت أفواهكم ولا أفواه أربابكم بأموالهم وعظاتهم وخطبهم وأسلحتهم! يتكلمون عن الفراغ. أو الأحرى يشكون “الفراغ” ويعدون بملئه مَنْ؟ وكلاء إحداث الفراغ في البلد. ولنعدّد شيئاً من “إفراغاتهم” على امتداد سلوكهم: أولاً هناك فراغ في المجلس النيابي. وتعطيل المجلس من قبل آذاريي الوصايتين هو إحداث فراغ نيابي! عظيم! وهناك فراغ في رئاسة الجمهورية! فإميل لحود قابع وحده فوق، كظل ثقيل، لأنكم تعمدون الى تفريغ رئاسة الجمهورية. فإميل لحود هو الفراغ بعينه، وهو من تفريغات الفراغ! ومنذ “الاعتصام المُبين”، انتظاراً للظفر الالهي المُبين على اللبنانيين بإذنه تعالى تحاول هذه القوى “المستعارة” إحداث فراغ في الحكومة، لتستكمل دوائره. عال! تحت مسمى “حكومة وحدة وطنية” تكون بثلثيها المستعطل، أداة إفراغ ما تبقى من أي محتوى وأي سلطة. أوليس هذا ما فعلوه في “كانتوناتهم”: إحداث فراغ في النسيج الوطني لتسريب التقسيم، والدويلات المؤتمرة بالخارج أو الأحرى الجاليات ـ الدويلات الخارجية داخل الأرض اللبنانية (ألم تتعظوا من دويلات الأمس القريب؟). أوليس هذا ما يصرون على فعله بتهديد اللبنانيين بسلاحهم المستورد الذي بات يشكل “فراغاً” إزاء السلاح الشرعي: أكثر: أوليس هؤلاء من يريد تعطيل المحكمة الدولية لإحداث فراغ قضائي قد يؤدي الى تشويش التحقيقات وتبرئة المجرمين (حزب إلهي يغطي الاجرام! عظيم). أكثر: الحرص على المنحى الانقلابي ألا يهدّد القرارات الدولية المتعلقة باليونيفيل وسواها، لإحداث فراغ في الجنوب تتسلل عبره الوصايتان لإمساك قرار الحرب والسلم كما كان في السابق، ويعود لبنان أرضاً محروقة تحت أقدام الآخرين؟ ألا تراهم يجربون وبعناوين مباشرة أو مموّهة إحداث فراغ دستوري للانقلاب على الطائف. وإذا راجعنا مواقفهم ألا نجد أن فحواها إحداث فراغ في الممارسة الديموقراطية، المتنوعة الخيارات والانتماءات، لاستعادة الهيمنة الاحادية الاستبدادية الدكتاتورية الخاصة بالعقول الشمولية: واليوم: يحذرون (بتوع 8 آذار طبعاً) من الفراغ، وكل همهم استكمال حلقات الفراغ. ونظن أنهم يستعدون بعدما جددوا “حيوية” احتلال العقارات العامة والخاصة في العاصمة لتجديد محاولاتهم الانقلابية بذريعة الاستحقاق الرئاسي، ضمن خطاب تمويهي شرطي: إما حكومة وحدة وطنية تكون عميلة للخارج وإما الحرب الأهلية والفراغ الرئاسي والحكومي.
بهذا المعنى لا نظن أن حزب الله على الأقل (فميشال عون يعاني غيبوبة نرجسية طويلة الأمد قد لا يستفيق منها ولا تستفيق منه بعد هزيمته في المتن) يريد انتخابات رئاسية لا بعون ولا بأشباه عون، ولا حتى توافقاً. إنه يُنَيْشِن على الرئاسة نفسها، ليستبدلها بحكومة عسكرية، أو بحكومة ظل، تكون “منصة رئاسية” انقلابية قد تدوم أعواماً وتعمل على تخريب التوازن الداخلي باستبدال “الطائف” بوثائق تفاهم ملغومة!
والفراغ الذي يتكلمون عنه يرافقه تهديد بالحرب وبالتقسيم: نطقها الشيخ قاسم من طهرانه العزيزة والأعز من الأعز، ونطقها بوقهم (الذي فقد التغطية المسيحية)، وينطقها إعلامهم المعروف (عون هاجم إعلام الأكثرية باعتباره إعلاماً موجهاً! براو! أيها المفكر الإعلامي، وتلفزيونك البرتقالي من يوجهه، أيها الرقيب المتقاعد إلاّ من قبول أدوار التخريب والفوضى). عادوا الى المعزوفة المشهورة التي لا يبدلونها بأي أخرى: الفراغ بالفراغ. وكل شيء بالفراغ. ولبنان الفراغ بالفراغ. أوليس هذا ما يدأبون على تحقيقه منذ انسحاب الوصاية الرسمي! واليوم تجيء الأحداث ليجهدوا من جديد بمخططاتهم الانقلابية “الإفراغية”: فالقوى التي تربّت في الأحضان المخابراتية الدافئة والسخية لا تعرف سوى الانقلابيات، والمؤامرات، والغدر، والعنف والقتل. وهل انتهى مسلسل القتل: قتل رموز الأكثرية لتصبح أقلية؟ وهل انتهى مسلسل التفريغ: تفريغ لبنان من لبنان. وتفريغ لبنان من شبابه ومن محتواه، ودوره، واقتصاده، ودستوره؟ لا! هذه هي مهمة الوكيل الأول للوصايتين، وابنهما المدلل والغنوج حتى الاستكبار (ما أتفه استكبار العملاء والذليلين!). بل على العكس: فالأضواء الخضر أشعلت بكل مصابيحها عند الشقيقتين (ألا يرسل نعيم قاسم رئيس التهديدات الى اللبنانيين من وطنه الأول إيران!). كأنها إحدى ساعات الصفر: الانقضاض بوحشية من يدفعه الجشع وعصمة الخارج وشبق السلطة الأحادية، وحواس التخريب والشر وغرائزها المعلنة، الانقضاض على النموذج الأبرز والأهم في هذه المنطقة المُسَوَّرَة بالدكتاتوريات والإيديولوجيات المذهبية والدينية والعائلية، وبثقافة القتل والإلغاء وخربطة الخرائط التاريخية والبنى، والأوطان! كأنها إحدى ساعات الصفر لتكشّر هذه الذئاب المصدرّة من أنظمة الذئاب على هذا الوطن الصغير: افتراه تهويلاً، أما أن ساعة “التنفيذ” والبلاغ رقم1 قد أزفت. وأياً تكن “ساعاتهم” الصفر التي تعطّلت حتى أصفارها، فإن على الشعب اللبناني أن يكون مهيأ أيضاً لمواجهة ساعاتهم السود المستوردة عقاربها وأزمنتها من لون الوصايتين لقاء المال والسلاح والسلطة وإقامة الكانتونات وإحداث الفوضى، أي الفراغ. ونظن أن هؤلاء “الانقلابانيين” من بتوع الوصايتين، يُخَدِّرون اللبنانيين بتظاهرهم بقبول “الحوارات” و”الوساطات”، وصيغ التوافق، والتفاوض، لكي يضيعوا وقت الآخرين ويربحوا وقتهم لشحذ أسلحتهم المستوردة لتعطيل كل شيء في لبنان، وإحداث أكبر قدر من الفوضى “الخلاقة” (سبحانه تعالى)، وتكبيد لبنان أكبر كمية من الخسائر المعنوية والسياسية، وتكسير كل “شيء على رؤوس” الشعب، من إنجازات حضارية (تربوا على الحس الحضاري!)، واجتماعية (ما أجمل كانتونهم!)، والسياسية (ما أحلى مطالبتهم الآخرين بمد الأيدي وأيديهم مودعة عند الآخرين)، والنيابية (باحتلال محتمل للمجلس المعطّل)، والحكومية (بغزوة مبينة على السرايا شبيهة بغزوة هنية الحماسية بإذنه تعالى)؟ أهل الخراب والتخريب والترهيب مزدهرون هذه الأيام باحتمال نجاحاتهم “المظفرة” لا ليخدموا أهدافهم الداخلية، وأسيادهم من بتوع “الذهب الرنان والعملة الصعبة الحلال الحلال المصنوعة خصيصاً لأيديهم النظيفة في مطابع الوصايتين!) فقط، وإنما أيضاً ليقدموا “ترضية” لإسرائيل. فماذا يريد العدو الصهيوني من “أعدائه” أكثر من هذه الخدمات الجلّى: تدمير لبنان وحريته ووحدته وديموقراطيته وسيادته ونسيجه الاجتماعي وتراثه واقتصاده. أولم يكن تخريب لبنان جزءاً من “استراتيجية” بني صهيون، وها هم “بنونا” الأبرار يتولون المهمة بشرف ونبل وتفانٍ وإخلاص، فبوركوا! واخضوضرت نياتهم السود! ولتباركم الوصايتان واسرائيل معاً: من فوق الطاولة ومن تحتها!
الاستحقاق اقترب، وكلّما اقترب ازداد التهويل، وتجددت المؤامرات الانقلابية من آذاريي الوصايتين!
ونظن، أنه، وكما أدهش الشعب اللبناني العالم بتحريره الأرض ونيله الاستقلال والسيادة وتحقيقه الإنجازات الديموقراطية، وكما أفشل على امتداد السنتين الماضيتين كل المحاولات الإرهابية والانقلابية (المستوردة)، فإنه سيرد كل هذه المؤامرات على أعقاب أصحابها وأربابها وواضعيها، أياً كان الثمن!
… والشعب اللبناني الذي رفض ملء الفراغ بالفراغ، وسياسة أهل التفريغ والتفريع والتربيع (الأمني)، وصمد في وجه القتلة والمجرمين ومدمني مصادرة الشعوب، إنه اليوم أمام تحد آخر: كيف يحمي دستوره، ومجلسه، وحكومته، وأكثريته، وينجز الاستحقاق الرئاسي برئيس للبنان، برئيس للبنانيين ومنهم، وليس رئيساً مستعاراً، أو رئيساً مرتزقاً، أو عميلاً صغيراً، يقضي على إنجازات ثورة الأرز، والمحكمة الدولية، والقرارات الدولية، والديموقراطية والسيادة!
المستقبل
وكلاء الفراغ!اضيف الى ما كتبه الاستاذ شاوول ما يلي: 1- لا افهم كيف ان رجل دين وصلت مكانته الى ان يعد بالانتصارات الالهية (والتي عادة يتوجه المؤمن بالدعاء الى ربه ليحققها له) يمارس السياسة والكل يعرف بان العمل السياسي يحتمل تغيير المواقف (لكي لا نقول يحتمل الكذب) فيا جماعة 14 آذار ألم تتعلموا من درس طاولة الحوار حين اطلق امامكم الوعد الكاذب بصيف مزدهر وعندما ادرتم ظهوركم اعطى الاوامر باطلاق عملية الوعد الصادق؟ فلمن تمدون الايدي وتنادون الى الحوار؟ 2- هؤلاء القوم نكروا جميل احتضاننا لهم في حرب تموز ونعتونا بالعملاء بعد ان انتهت الحرب ويمارسون في احياء بيروت ارهابهم… قراءة المزيد ..