“سفّاح طرابلس” اللبنانية، أجابت مصادر سورية مطّلعة (أي غير محسوبة على “المعارضة” التقليدية) حينما سألناها عن “سيرة” وزير داخلية سوريا الجديد العميد محمد الشعّار. وتحدّثت مصادر سورية أخرى عن دوره في “مجزرة سجن صيدنايا” الحديثة العهد. وقالت مصادر لبنانية أنه المسؤول (في عهد غازي كنعان) عن قتل “خليل عكاوي” (“أبو عربي”) وبعده عن “مجزرة باب التبّانة”، التي شبّهها البعض بـ”مجزرة صبرا وشاتيلا”، وسقط فيها “مئات القتلى في مدينة طرابلس. وحسب مصادر لبنانية، فقد سقط في مجزرة باب التبانة أكثر من 700 ذكر، أعمارهم فوق 17 سنة!
هذا الرجل هو الوجه “الإصلاحي” الذي اختاره الرئيس بشّار الأسد ليكون وزير داخلية سوريا الجديد!
فما هي “مخطّطات” الوزير الجديد، السيد محمد الشعّار؟ وما هي “السيرة الحقيقية” للوزير الجديد الذي عرفه اللبنانيون “مسؤولاً أمنياً في عهد غازي كنعان؟
*
البند الأول: إعتقالات واسعة النطاق لسحق الإنتفاضة
لم يكد الرئيس السوري بشار الاسد ينهي خطابه الاستعراضي امام حكومته الجديدة حتى انطلق وزير الداخلية السوري الجديد بحملة اعتقالات واسعة النطاق تشمل هذه المرة ناشطين في المجتمع المدني السوري تشتبه السلطات السورية بوقوفهم وراء الانتفاضة التي تشهدها مدن سورية عدة.
معلومات من العاصمة السورية أشارت الى ان الاعتقالات ستشمل قادة رأي من محامين وناشطين وصحافيين واطباء، وجميعهم من العناصر الشابة التي أشعلت التظاهرات في سوريا إنطلاقا من “سوق الحميدية” في دمشق حيث انطلقت الشرارة الاولى للانتفاضة السورية.
وتضيف المعلومات ان وزير الداخلية السوري متمرس في قمع الانتفاضات من خلال خلفيته الامنية كمسؤول عن سجني “تدمر” و”صيدنايا” ، وكمسؤول عن الأمن في مدينة طرابلس اللبنانية في زمن الإحتلال. وهو يريد ان يثبت ولاءه للنظام وكفاءته في قمع كل من تسول له نفسه القيام بأي تحرك معارض للنظام.
وتضيف المعلومات ان الاسد حاول من خلال خطابه إحتواء فورة العشائر من خلال الوعود الشفهية التي اطلقها، وهو سيسعى للحؤول دون ولادة نخبة من بين المحتجين تستطيع إكمال ما بدأ منذ قرابة الشهر.
من جهتها أكدت جهات حقوقية من دمشق اعتقال الناشط الحقوقي والسياسي محمد ضياء الدين دغمش من قبل الأجهزة الأمنية السورية بعد أن كان تم الافراج عنه قبل أيام فقط.
محمد ضياء الدين كان قد اعتقل في السادس عشر من الشهر الفائت ضمن ماعرف بمعتقلي وزارة الداخلية الذين اعتصموا أمام الوزارة للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين في السجون السورية.
ويعمل ضياء منذ سنوات في مجال حقوق الانسان ويعد أحد المطالبين الاصلاح واطلاق الحريات السياسية ولم ترد حتى الآن معلومات عن أسباب الاعتقال الا أن جهات حقوقية اعتبرت أن الاعتقال تعسفي ويأتي ضمن محاولات أجهزة الأمن لقمع الحراك الدائر في سورية
*
لكن، من هو وزير داخلية سوريا الجديد، الذي كان مسؤولاً أمنياً في مدينة “طرطوس” السورية حتى مارس 2006؟
حسب معلومة على “الفيسبوك”:
“احد منفذي مجزرة صيدنايا: بدأت المجزرة بحق المعتقلين والبالغ عددهم ٥٠٠٠ شخص، المجزرة التي بدات على يد مجموعة حاقدة تابعة للنظام ويبلغ قوامها ٤٠ عنصرا يقودها المدير السابق لسجن تدمر طلعت محفوض، وناشد الأهالي في رسالة حصل عليها موقع سوريون نت العالم كله للتدخل لوقف المجزرة الرهيبة التي يشرف عليها اللواء محمد الشعار الذي أشرف على تفاصيل المجزرة المتواصلة.
لكن “المعلومة” الأهم هي التي وردت في مقال قديم لنائب طرابلس، السيد مصطفى علّوش. ونعيد نشر مقاله بدون استئذانه، باعتبار أن “تيار المستقبل” يبتعد الآن عن كل ما يمكن لنظام الأسد أن يعتيره “إستفزازاً”.
*
تحية الى باب التبانة في 19 كانون الأول
مصطفى علوش (*)
“تعرفين أنني ولدت في باب التبانة، تلك البقعة النائية في أطراف طرابلس، وعشت في أوحالها، ولعبت في مقابرها. قبورنا هناك لا تسوّر بالأقفاص، كما يفعل أبناء العائلات، حاملي الدماء الزرقاء، بل هي عادية ومباحة لاستقبال الغرباء، ولقضاء حاجتهم، فالأشجار العالية فيها الحشائش السريعة النمو تستمد حياتها من أجساد الموتى ومن فضلات الأحياء. باب التبانة، حيث المرض والموت هما استفقاد منه سبحانه، تعلمت فيها القسوة والجرأة من الأطفال الهائمين في الشوارع، لأن قسوة آبائهم عليهم نمّت في أعماقهم القسوة على الآخرين”.
كتاب حكايات أبو النور
محمد علوش
*
باب التبانة هي المدخل الشمالي لمدينة طرابلس، ولا أعتقد أن اسمها منسوب الى مجرة درب التبانة، بل لأنه على الأرجح كان المدخل الذي كان يسلكه حاملو أغلال الأرض الى طرابلس من سهل عكار. ومع الوقت تجمعت فيها العائلات القادمة من الريف في غيتو يمتد على الضفة الشمالية لنهر أبي علي الذي ثار في سنة 1955 مبتلعاً العشرات من أبنائها، ومعهم جزء من تاريخ طرابلس وآثارها.
مع الوقت، غادرها من تحسنت أحوالهم المادية، وحشر فيها أكثر من ربع سكان طرابلس، ممن لا خيار لهم سوى البقاء سجناء بين أزقتها الضيقة.
وبطبيعة الحال، فقد تحولت باب التبانة الى حاضنة للحركات المطلبية، وأصبح شبابها خزاناً للأحزاب اليسارية والعروبية المترامية العقائد بين الماركسية اللينينية الى التروتسكية والماوية والناصرية والعفلقية والمدراحية. وبطبيعة الحال، عندما ظهرت المقاومة الفلسطينية، كان أبناء التبانة من أوائل من تطوعوا للقتال في صفوفها.
وفي نفس الوقت، تحمل الشباب ظلم وقسوة السلطة بتحريض من الزعماء السياسيين المحليين الذين أحسوا بالخطر من احتمال خروج “الثوار” المسيسين عن تبعيتهم في الاستحقاقات الانتخابية.
في تلك الأثناء، في فترة الستينات من القرن الماضي، وعت باب التبانة على ظاهرة اسمها علي عكاوي، ذاك الرجل الواقف في أحد زواريبها، صارخاً مطالباً بحق الفقراء، معلناً الحرب على زعمائها الأغنياء الذين يستغلون الناس البسطاء لزيادة سلطتهم وثرواتهم تحت شعار “نريد ثورة يقودها الفقراء لأنهم هم أصحاب المصلحة الحقيقية بالتغيير…” مات علي عكاوي في السجن، وقالوا إن السبب كان انفجار الزائدة الدودية.
بعد سنوات، تسلّم خليل عكاوي “أبو عربي”، أخو علي، قيادة الحراك السياسي في باب التبانة، معتمداً على يسارية إسلامية، سرعان ما تحولت إلى حركة مقاومة مسلحة واجهت ظلم المخابرات السورية بعد الاحتلال. وصارت بعدها باب التبانة قلعة عصية على مدى سنوات حتى دخلت في حرب مفتوحة مع القوات السورية بدأت مع حصار طرابلس سنة 1983 يوم كان ياسر عرفات (الرئيس الراحل) يتحصن فيها وانتهت عملياً في 19 كانون الأول سنة 1986.
خلال أربع سنوات، ذاقت طرابلس عامة، والتبانة خاصة، كل أنواع القصف والتدمير والتخريب على يد القوات السورية، ومن عاونها من الأعوان والأحزاب، لدرجة أنني ما زلت أذكر كاريكاتير صحيفة السفير وفيه امرأة طرابلسية تصرخ والقذائف تنهمر قائلة “نحنا عرب مش يهود”.
لقد عانت طرابلس، وباب التبانة بالذات، على مدى ثلاث سنوات من ترويع مزدوج، فمن الخارج حصار وقذائف القوات السورية والأحزاب “التقدمية” و”القومية” تنهمر على البيوت والأسواق، وفي الداخل عصابة ظلامية نكلت بالبشر وقتلت العشرات من خيرة الشباب وعاثت بالأرض فساداً ترك آثاره على المدينة حتى يومنا الحاضر. والسخرية الكبرى هي أن هذه العصابة كانت أول من تحالف مع المخابرات السورية بعد وساطة إيرانية.
ولكن جماعة “أبو عربي” نأت بنفسها عن المسار التخريبي لهذه الحركة وحصرت بضعة عشرات من أبناء باب التبانة نفسها في مهمة الدفاع عن المنطقة.
في 6 شباط 1986 ومباشرة بعد الصفقة السورية الإيرانية حول طرابلس، وبعد اجتماع في منزل أمير حركة التوحيد الإسلامية بحضور محمد الشعار مسؤول المخابرات السورية تعهد فيه بضمان أمن خليل عكاوي ورفاقه، خرج أبو عربي من الاجتماع ليقع حال خروجه في كمين المخابرات السورية. استشهد أبو عربي، وجرح رفاقه ليرووا القصة.
في 19 كانون الأول 1986، وفي سيناريو مشابه لما حدث في صبرا وشاتيلا أيام الاجتياح الإسرائيلي، دخلت الي باب التبانة مجموعات مشتركة من المخابرات السورية، ومن المتعاونين معها، وأفاقت التبانة على مشهد مشابه لمجزرة صبرا وشاتيلا.. مئات من الرجال والنساء العزل، قتلوا ونكل بجثثهم، ولم تنفع حرمة منزل ولا مسجد.
واليوم، وفي وقت يبتجح الكثيرون عن التضحيات التي قدموها في مواجهة الاحتلال السوري، من لابسي القمصان البرتقالية وأمثالهم، تعود ذكرى مجزرة باب التبانة العشرون في أول عيد الأضحى، وأهلها الصابرون يحملون جرحهم بصمت وصبر وكبرياء وأحفاد شهداء التبانة يسرقون لحظات فرح في مرجوحة العيد.
(*) نائب لبناني عضو في كتلة “المستقبل”
نقلاً عن جريدة “المستقبل”
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986أستاذ خلص جلبي، تكتب بلغةِ حيّة. وأنت مثقف كبير. لكن الأمر هنا يتعلق بك وبمشاعرك. وأشعر أنّ مشاعرك تسابق تفكيرك. وتغلبه. فحين تكتب: “خلال أقل من ثلاثة أعوام سيتحول العالم العربي إلى الديمقراطية، وخلال ثلاثين عاماً سيكون العالم شاهداً على الاتحاد العربي، ومجدداً سيدخل العرب مسرح التاريخ بإذن الله تعالى.” دعنا نضع العبارة الأخيرة “بأذن الله” جانبا. الله لا علاقة له بما يحدث. فنحن علميّون. وأرى أن عبارك تحمل من التفاؤل ما يجعلها تسبح في الوهم. أنا معك أنّ العالم العربي كما نتابع الأحداث، سيتحول الى شيء آخر.… قراءة المزيد ..
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986
كان أحد أقاربي الصغار ضحية بريئة في ذلك اليوم في عام 1986. انهم قتله أمام زوجته
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986الثورة العربية الكبرى سيبقى عام 2011 خالداً في الذاكرة العربية، فقد تلاحقت أحداثه من تطوان وطنجة في المغرب حتى درعا والقامشلي في سوريا، فتساقطت ديكتاتوريات واهتزت أخرى وتبدلت حكومات، والبقاء لله الكبير المتعال. أنا سوري ودعت بلدي قبل 35 عاماً، لأعيش نصف عمري في الدياسبورا، وأسأل: هل أنا في حلم أم علم؟ أهو مجرد حنين كاذب أم أن الوطن حقيقة؟ ثم أتذكر قول الله تعالى لنبيه أيوب: “وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين”. لقد قطعت نصف الكرة الأرضية، وأصبحت من أهل كندا، وتخصصت طبياً في… قراءة المزيد ..
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986
النظام السوري ليسوا باكثر من عصابة فيها العديد من الاعضاء المجرمين والقتلة والمخربين والارهابيين