… وإذا ما اعترفنا باستنفاذنا لكافة سبل وحيل ومحاولات كفكفت ذهولنا إزاء ما يحدث، فهل سيرضى الفاعلون بهذا الإقرار، الذي يفيد بفشلنا عن مجاراتهم، ويشهد بأنهم الأبرع والأشطر وأن الشيطان ذاته سيهرب من طريقهم لأنه أعقل من أن يغامر بسمعته، ويهدر رصيده التاريخي في التباري معهم!؟
وإذا ما اعترفنا بأن الإنهاك استفحلنا، ولم يعد بمقدورنا الإجهاش بأتفه وسواس أو هاجس أو حتى غمزة ضوء واهنة، كما لم يعد يهمنا أي شيء غير الحفاظ على هيئة شبحية محكومة بإقامة مترنحة على الخيط الرفيع الفاصل بين الإنهاك والهلاك، فهل سيقنعهم ذلك!؟
أعتقد أن أخلاق الفروسية لا تسمح باختطاف أشباح، ولا تنزل إلى مستوى الدوس على شبح! وأعتقد أن رغبات صناع ما نشهد من «أحداث» مجلجلة سوف تشبع عندما تسمع هكذا اعترافات تقطع برسوخنا في الانتكاس على دواخلنا.
ولسوف نذهب إلى أبعد مما يمكن أن يخطر على بال، وليس ثمة ما يمنعنا من الإعلان أننا سنكف عن مزاولة الصحافة، وسنوفر على النافذين عبء تبرير هذا الإعلان أمام العالم الخارجي بالقول إن البلاد لم تتأهل بعد لإنتاج المادة الرئيسية التي يمكن أن تشتغل عليها الصحافة، وتحرك ماكنتها، وتغذيها بالطاقة المتجددة.
وبهذا المنحى سنتذرع بانتماء الأخبار المتداولة في السوق اليمنية إلى عالم ما قبل الصناعة والسياسة، ولن نتورط في التلاغط مع نافذين لا يعقلون، وحاشا لله أن نتهمهم بالجنون لأن الجنون فنون، وله إيقاعاته وتنويعاته الرومانسية وفلتاته العبقرية، ولأن «هؤلاء » من ذلك الصنف الخفيف -كزئبق أحمر- الذي يرفض أن يرزح تحت أثقال العقل وتعقيدات التفكير في البعيد. ولك أن تقول إنه ابن يومه، يلتهم ما يراه قدَّامه بضرب من البراجماتية الخلاقة، أو من المسايرة لتقليص الفوضى الخلاقة. وإن كان الإنصاف يلزمنا الإقرار بأن اليمن كانت السباقة في اعتماد نظام الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة.. الفوضى بكافة الأشكال وبالمستوى الذي يعصف بحقل الاحتمالات، ويشل قدرته على إنتاج أي احتمال بشأن ما سيكون عليه الحال في اليمن بعد ساعة وليس في المساء، أما التكهن بما ستكون عليها الأحوال في اليوم التالي فهو يندرج في باب الخوارق والمعجزات؛ فمن يضمن أن تكون يمن اليوم هي يمن بكرة أو حتى أن تكون هنالك حاجة اسمها يمن بعد بكرة.
… وحتى لا نخرج من الموضوع؛ سنقترح على كافة الفرقاء أن يتوافقوا على نقطة الكف عن الصحافة وخاصة عن الأخبار، وما يعنيه ذلك من التزام وإلزام الجميع بمنع تداولها وإشاعتها حفظاً «للسلام الاجتماعي» و «المصالح الوطنية العليا».. و«الوحدة».. الخ.
وإذا شئتم الحق فإن هذه السخافة – الصحافة كما يقال- مجلبة للضرر، ويتوجب ضبطها بمسطرة «الثوابت» التي تحظر منع تداول ونشر أخبار الاختطاف والتفجيرات والثأر والتطرف والإرهاب و«الحوثيين»، والمتقاعدين، وغير ذلك من الأخبار التي تسيء لسمعة اليمن في المحافل الدولية وتحرمها من المنح والمساعدات.
وإذا ما علمنا بأن القيادة قد شكلت لجنة واسعة، جامعة، مانعة، قاطعة لمعالجة مختلف القضايا الملتهبة والحساسة والمزمنة والراهنة، فإن ذلك يعني بأن الأمور محسومة، وليس ثمة ما يستدعي وجود صحافة أو حتى حكومة.
.. واخيراً، وفي ضوء اعترافاتنا الآنفة وهي مترادفة بحزمة التزامات وغير مشفوعة بأي طلب- كطلب تشكيل لجنة خاصة بالخيواني- ترى هل بمقدور النافذين الصناع للأحداث التي نشهد، أن يركنوا إلى الهدوء ويقبلوا بالهدنة ويعبروا عن حسن نيتهم بالكف -مثلاً وليس حصراً- عن ملاحقة الزميل عبدالكريم الخيواني لأن المهام الماثلة أمام مراجع الحكم تدعوهم الى الإقلاع عن عادة التواضع هذه التي لا تمنعهم من وضع رؤوسهم في مقابل رأس الخيواني، وبهذا الصدد لن يعتب عليهم أحد، وما عليهم إلا يشمروا عن سواعدهم لمواجهة الأمور الجسيمة!
أعتقد أن قلب السلطة ليس من حجر، ومن الوارد أن تشملنا برداء رحمتها، وتتوقف عن تصعيد موضوع الخيواني، وتكريسه كحدث وقضية ملتهبة، ما انفكت الأجهزة تلقمها بالزيت وأعواد الثقاب، وتعاظمها بنقلات دراماتيكية تصعيدية مباغتة لم نعد نقوى على احتمالها أو تجنبها؛ فقد تدمرت حقول الاحتمالات في أذهاننا. فهلا أشفقتم علينا وعلى أنفسكم، وهل تفكرتم في معنى انشغال مراجع الحكم والأجهزة الأمنية بصحفي أعزل إلا من قلمه؟ وهل تعلمون أنكم أصبحتم تدفعوننا إلى غواية مجاراتكم في ضرب الخيواني حتى نقف على سر تمسككم بنهج ضرب الخيواني وتكسير أضلاعه وأصابعه كنهج مبدئي ومن «الثوابت»؟!
mansoorhael@yahoo.com
والجنون ليس هكذا!!اعتقد إن مايجري في اليمن مرتبط بالصراع بين جهتين, التي تخوض الصراع أكثر من مئة سنة من اجل السيطرة علينا جمعيا , وهما مع بعض يمثلوا الإسلام المتخلف من جهة, والقوميين الذين خرجوا من معاطف الثقافة المتخلفة العربية, احدهم يريد كل شيء بدون استثناء , والأخر يريد إن يقتسم كل شيء مع من يحيط بة فقط , الشعب اليمني لايدخل في هدا التقسيم , هم يتحصل على ماتبقى من عشاء القوميين والإسلاميين أمس كان, واليوم , لاعلاقة بحرية الصحافة والديمقراطية, والمصلحة الوطنية العليا, إدا لم تعود مصالح الشعب ,واليمن كأساس لوجودنا , كشعب, فأنة سوف يتوقف كل شيء… قراءة المزيد ..