تعرف الساحة الإعلامية المغربية انفتاحا ملموسا أدهش العديد من زوار المغرب بالهامش الديمقراطية الحقيقي الذي يتمتع به الفاعلون في حقل الإعلام والسياسة. ومن بين الزوار الكرام السيد رزكار عقراوي وزوجته المشرفان على موقع “الحوار المتمدن” اللذين أثنيا على التطور الهام الذي يعرفه المغرب في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان قياسا إلى البلدان العربية. ويحق لنا نحن المغاربة أن نطمئن إلى المسار الديمقراطي الذي ينهجه المغرب. صحيح لم نبلغ بعد المستويات التي تجعل المغرب في مراتب الدول النموذجين، لكننا، في المقابل، لا ينبغي أن نبخس واقعنا السياسي إيجابياته.
ولعل أبرز هذه الإيجابيات شعور الإعلامي بالطمأنينة وإحساسه بالأمان وهو يشحذ قلمه في مهاجمة رجال السلطة وأعضاء الحكومة دون أن يضطرب له جفن أرقا أو تصطك أضراسه فزعا. إن مناخ الحرية وهامشها الآخذ في الاتساع. إذ بقدر ما شطبا على كثير من الخطوط الحمراء وأضاءا المناطق المظلمة والرمادية فيما يتعلق بالحياة السياسية وتدبير الشأن العام، بقدر ما أنتجا ظواهر مرضية منها ما هو إفراز طبيعي لأي تحول ديمقراطي، وهذا لا يشكل أدنى خطر لأنه من طبيعة “المضاعفات” التي تصاحب أي انتقال ديمقراطي لم يتكرس كواقع يومي له ضوابطه التي توجهه وتهذبه؛ ومنها ما هو مَرَضي وشاذ لأنه لا يتوخى بناء صرح الحريات المنضبطة بالواجبات وتكريس التجربة الديمقراطية كممارسة يومية تصير مألوفة لدى عموم المواطنين.
ومناسبة هذا الحديث التشكيك المفضوح الذي وجد صاحب عمود “شوف تشوف” نفسه مضطرا إليه لمواراة جبنه. لقد كتب صاحبنا في كل المواضيع التي تجعل منه مستأسدا، ليس لأنه صاحب صولة وجولة، ولكن لوجود مناخ ديمقراطي يسمح بالتنطع والاستئساد باسم حرية الصحافة وحقوق الإنسان. وهذا دأب كثير من المستأسدين الذين يبنون مواقع وهمية وينحتون شخصيات هلامية وعنتريات كارتونية قد يخالها المتتبع أنها دليل شهامة يستنصر بها كل مظلوم أو مغبون. فالشهامة الحقيقية تقتضي مواجهة كل ما يتهدد قوت المواطن وأمن الوطن. وما يثير السخرية حقا هو تعمد صاحبنا تعويم مفهوم الإرهاب حتى يخفي قلمه في القشة، فلن تجد له حسا ولا خبرا. لهذا سيضرب الأخماس في الأسداس ليوهم القراء أن المغرب يعيش الإرهاب على كل المستويات، وأن الدولة هي من يمارس الإرهاب على المواطنين، وأما الاستنفار الأمني فليس الغاية منه حماية عموم المواطنين بقدر ما هو حماية لرموز السلطة فقط. بهذه الميوعة والسخافة مارس شكه العقيم كالتالي (. . فهل تضمن الدولة الحماية للجميع ضد الأخطار والمصائب التي تتهددهم يوميا في المغرب. لا أعتقد. وإذا كان البعض متحمسا اليوم للحديث عن الخطر الإرهابي الذي يهدد حياة موظفي الدولة السامين ووزرائها وضباطها وأصحاب السعادة، فإن هناك أنواعا كثيرة أخرى من الإرهاب يعاني منها المواطنون من أصحاب التعاسة يوميا دون أن تقدم لهم الحماية أية جهة أمنية)، ليستنتج أن (موت عشرين وجرح مائتي مواطن يوميا في طرقات المملكة، لهو أكبر إرهاب يعيشه مستعملو الطريق في المغرب… إرهاب حقيقي أصبح المواطنون يعيشونه وهم يحكون لبعضهم البعض قصص اعتراض طريقهم من طرف مجرمين مسلحين بالسيوف والخناجر والماء القاطع). لا شك أن الإرهاب الذي يواجهه مجتمعنا أخطر من الجريمة العادية ولا يستقيم قياسه مع اعتداءات اللصوص وجنح المنحرفين وتهور السائقين. والخلط بين هذه الوقائع هو استغفال للقراء واستهجان للتشريعات الجاري بها العمل. فالواجب الوطني والأخلاقي يقتضيان وضع أمن الوطن وحياة المواطنين فوق كل اعتبار. و”الجرأة” التي يواجه بها صاحبنا أعضاء من الحكومة أو قادة الأمن والجيش، لا تتحقق ولا تكتمل إلا بمواجهة الإرهابيين الحقيقيين الذين يخططون لقتل الأبرياء وزعزعة استقرار الوطن. والذي يكتب عن الدركي وهو يتلقى رشوة هو من عليه أن يكتب عن الدركي وهو يزوّر محضرا ضد مواطن ذنبه الوحيد أنه قام بواجبه الوطني فبلغ عن نشاط جماعة من المتطرفين ينخرون عمق البادية المغربية. لقد تلقى صاحبنا رسالة هذا المواطن فرفض نشرها فأحرى الانتصار لها. ذلك جبن مقيت أن يبلع المرء لسانه ساعة الجد أو يطيله عويلا وتمويها. فما أبعد المنطق والشك المنهجي الديكارتي عن وسوسات صاحبنا التي أثارتها فيه جريدة «لوموند» وهي ” تكتب مقالا يوم الجمعة الماضي تقول فيه أن الأمن البلجيكي لديه شكوك في ضلوع بلعيرج في قتل ستة بلجيكيين، في الوقت الذي نقرأ في جرائد مغربية مقالا في اليوم نفسه يقول أن بلعيرج متورط في قتل البلجيكيين الستة. هل سيكون الأمن المغربي أكثر معرفة بالوضع الأمني في بلجيكا من البلجيكيين أنفسهم”. فهل هي عقدة التفوق الإفرنجي أم هو الجبن والصغار؟ ألا يستحق الأمن المغربي التنويه والتقدير وهو يفلح في رصد وتفكيك ما يزيد عن 70 خلية إرهابية باختلاف مخططاتها التدميرية؟ هل يدرك صاحبنا حجم الدمار وفظاعة القتل التي كانت ستحدثهما الخلايا المفككة؟ بالتأكيد لا، مادام في الإنكار والتعتيم تجارة وفي الإقرار خسارة. ألا بئس التجارة التي موردها الدم والعرض والأمن. وكما أنتج الجبن التمويه أنتج التشكيك في مصداقية أجهزة الأمن والقضاء. وبسبب ذلك تجاهل صاحبنا، وهو يثني على أجهزة الأمن البريطانية، ذكر واقعة إطلاق النار على مواطن أجنبي داخل محطة مترو الأنفاق لمجرد الاشتباه فيه. ولو فعلها بوليس المغرب لظلت وصمة عار لا يمحوها صابون تازة. أما ما يعتبره صاحبنا أنه “إرهاب الدولة” لما اعتقلت متظاهرين أحرقوا علم المغرب، فإن أعرق البلدان الديمقراطية وأكثرها حرصا على احترام حقوق الإنسان لدرجة أنها آلمت المسلمين في الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأقصد الدانمرك. في هذا البلد الديمقراطي تنص قوانينه على معاقبة كل من يحرق علم دولة أجنبية لما فيه من إهانة كما هو واضح في الفقرة 110-اي من قانون العقوبات الدنماركي التي تنص على انه إذا أهان شخص دولة أجنبية بإحراق علمها (…) فيمكن ان يدفع غرامة أو يسجن لمدة تصل إلى العامين. وقد فعلتها السلطات الدنمركية لما اعتقلت الذين أحرقوا العلم الأمريكي احتجاجا على زيارة بوش لبلدهم بتاريخ 14/7/2005.
أليس من حق الدولة المغربية أن تصون رموز الوطن والسيادة؟ وإذا كان صاحبنا يطبل لعدالة الأسبان في مواجهة الإرهاب، فإن هذه العدالة هي من أصدرت 173 سنة سجن في حق أعضاء خلية “شهداء المغرب” رغم أنها لم تضبط بحوزتهم أسلحة ولا متفجرات. ولنا أن نفخر بفاعلية الأمن المغربي الذي فكك كل هذه الخلايا وضبط كل هذه الترسانة من الأسلحة والمتفجرات دون أن يترك فرصة للإرهابيين لاستعمالها. لهذا فالصحافة أمانة والأمن مسئولية ومواجهة الإرهاب شهامة وانتقاد المسئولين واجب. فأما بجبن المستأسدين فحدّث، وأما عن شهامتهم فـ”شوف تشوف”.
selakhal@yahoo.fr
* باحث وجامعي مغربي
شوف تشوف شمس تشرق دائماالسيد الكحل للاسف الشديد لا يريد ان يعترف بان مرحلة الانتقال الديمقراطي بالمغري تحولت للاسف الى ديماغوجية وتبرير وان كل من يسلط الضوء على التراجعات عن المكتسبات التي حققها المغاربة بنضالهم والتي تحاول بعض الجهات ان تجيرها لصالح نزوعاتها الايدلوجية كصاحبنا..يواجه بتهمة بوش التاريخية.. وهناك اقلام حرة كثيرة شككت في رواية وزارة الداخلية المغربية .. ومن حق الصحافة ان تشكك حتى تتبين الحقيقة.. وبالتالي هذا الهجوم الرخيص على صاحب العمود الصحفي رشبد نيني لا يخدم حرية الراي والتعبير اطلاقا..واعتقد ان البشرية ودعت الى غير رجعة الراي الوحيد والشمولية والوصاية واحتكار الحقيقة.. ومحاولة اغلاق نوافد التهوية الفكرية… قراءة المزيد ..