بيروت الشفاف – وجدي ضاهر
تنعقد هيئة الحوار الوطني اللبناني يوم الخميس المقبل وسط توقعات بان تكون الجلسة حامية في ضوء عدد من المستجدات السياسية سترخي بظلالها على المجتمعين، منذ انعقاد الجولة السابقة.
ابرز هذه المستجدات الزيارة التي قام بها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الى دمشق وسلسلة المواقف التي بدأت تتظهر عنه، والتي كان آخرها إعلانه عن عزمه العمل على سحب موضوع سلاح حزب الله من التداول.
كما كان لافتا اليوم تصريح العماد عون من انه “لا يريد ان يسمع بعد اليوم اي كلام عن السلاح” تحت طائلة الإنسحاب من طاولة الحوار!
والى ما سبق، ما صرّح به رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من منزل النائب طلال ارسلان من ان سلاح حزب الله لم يعد مطروحا للنقاش بل ان هيئة الحوار ستناقش الاستراتيجية الدفاعية!
وفي ظل السعي المحموم الى فرض مسألة عدم مناقشة سلاح حزب الله، يبرز التطور الاقليمي والذي كان “الشفاف” أشار اليه في مقالات سابقة بشأن تزويد سوريا لـ”حزب الله” بصواريخ ارض جو متطورة، وما اكده الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز والصحف الاسرائيلية اليوم من ان سوريا زودت الحزب ايضا بصواريخ “سكود” كما قامت بتدريب عناصر من الحزب على استعمال هذه الصواريخ. والتحذير الاسرائيلي من ان هذه الامر، لو صح، فسوف تكون له عواقب سلبية على لبنان وسوريا، لأنه يمثل انتهاكا للقرارات الدولية خصوصا القرارا 1701.
ويشير المراقبون الى ان ما سبق يمثل إصرارا من قبل قوى 8 آذار مدعومةً من سوريا على فرض هيمنة اجندتها على هيئة الحوار من اجل استكمال حلقة إفراغ نتائج الانتخابات النيابية من مضمونها والإجهاز على قوى 14 آذار بعد إنسحاب جنبلاط وتحييد الحريري واستفراد القوات القوات اللبنانية والمؤسسات الرسمية الكيانية اللبنانية من رئاسة الجمهورية والبطريركية المارونية وقوى امنية لا تدين بالولاء.
وفي المستجدات السياسية التي سترخي بظلالها على التئام هيئة الحوار ايضا ما اعلنه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من اسبانيا من أن سلام لبنان من سلام المنطقة.
وهذا الموقف للرئيس الحريري مضافا الى إعلان قوى الرابع عشر من آذار في مؤتمرها في البريستول عن مبادرة النقاط السبع والتي يتلخص مضمونها في مفهوم”تحييد لبنان”.
ستتواجه في هيئة الحوار كما قال المراقبون استراتيجيتان لحماية لبنان:
الاولى لقوى الثامن من آذار وتستند الى ما جاء في البيان الوزاري للحكومة الحالية والمنقول “قصا ولصقا” عن بيان الحكومة السابقة التي نتجت عن خلل في ميزان القوى الداخلي بفعل احداث 7 أيار التي انتهت باتفاق الدوحة الذي بدوره كرس غلبة فريق لبناني على آخر بفعل قوة السلاح.
وهذه المقولة تتلخص بأن قوة لبنان “بجيشه وشعبه ومقاومته” ما يعني لقوى الثامن من آذار شرعنة سلاح المقاومة وسحبه من التداول.
ويضيف المراقبون ان قوى الثامن من آذار سوف تعمل على إغراق هيئة الحوار في بحث الاستراتيجات الدفاعية ومستلزماتها في اتجاه تحويل المجتمع اللبناني الى “مجتمع مقاوم” وستسعى الى حصر النقاش في مستشفى المقاومة وملجأ المقاومة وتجهيز البنى التحتية في حال نشوب نزاع مع اسرائيل الى ما يشبه البحث عن جنس الملائكة في حين ان الخزينة اللبنانية تئن من الدين العام وخدمته والحكومة اللبنانية لا تستطيع الى الآن إنجاز موازنة الدولة.
اما الاستراتيجية الثانية والتي ستعمل قوى الرابع عشر من آذار على طرحها على شكل مبادرة للمرة الاولى فتقوم على ان حماية لبنان تقوم بالحؤول دون تعرضه لعدوان خصوصا في ضوء المعلومات التي توفرت للرئيس الحريري والتي ما انفك يرددها من ان الاشهر القليلة المقبلة ستكون خطيرة.
وفي هذا السياق يسعى الحريري الى تأمين شبكة امان دولية تحمي البلاد من اي مغامرة اسرائيلية، وهو يطوف العالم منبها الى اخطار هكذا عدوان في حال حصوله ليس على لبنان وحده وحسب بل على المنطقة ايضا.
وفي ضوء الخلاف بين الاستراتيجيتين لحماية لبنان، “استراتيجية القوة” و”استراتيجية الوقاية”، سوف تنعقد هيئة الحوار الوطني من دون ان يتأمل اللبنانيون الكثير بشأن توصل المجتمعين الى ما يردم الهوة بين الاستراتيجيتين.