(لأن الموضوع الطائفي في سورية موضوع حسّاس، وردّاً على أسئلة الأصدقاء الذين سألوا عن “موقف الشفّاف” من المسألة الطائفية في سوريا، نكرّر أن “الشفّاف”، الذي يفخر بالعشرات من كتّابه “الشيعة”، ليس “رقيباً” على كتّابه وليس “حزباً” ليلتزم بكل حرف يُنشَر فيه. “الشفّاف” يعتقد أن النقاش الشفّاف أفضل من الهمس والأقاويل في الأماكن المقفلة. الدكتور عبد الرزّاق عيد يعبّر عن وجهة نظره، وباب الردود مفتوح كالعادة.
“الشفّاف”
*
ليس أدل على أن الاختراق التبشيري الإيراني الاستيطاني يشكل حالة اختراق للثقافة الوطنية من أن الرموز الدينية السورية الشيعية تتم صياغة نماذجها العمرانية والفنية والجمالية وفق الطراز الإيراني الفارسي.
إذ تبدأ طلائع التبشير في احتلال المقامات كاحتلال مقام السيدة زينب ومن ثم مقام السيدة رقية في السبعينات، يتبعه احتلال موقع عمار بن ياسر ومقام السيدة سكينة الجديدة في بلدة داريا وفي عدرا حيث ضريح حجر بن عدي، وكل ذلك يتم اليوم.
هذه المقامات تتولاها مكاتب السياحة الدينية، حيث الصور والمقتنيات التذكارية، يترافق مع توافد المرجعيات الدينية من الملالي لـ(المجاورة)، أي ليقيموا بجوار المقام، مما يعطيه جاذبية اجتماعية شعبية لجماهير المؤمنين المتدينين البسطاء، حيث يتحول المقام تدريجيا إلى بيئة اجتماعية واقتصادية وثقافية، فتبدأ حركة سوق البناء وافتتاح المخازن والمحلات التجارية التي ستتخذ واجهات إعلانية باللغة الفارسية، وفي هذا السياق الاجتماعي الثقافي سيتغذى المخيال الثقافي الشيعي العربي راشفا الرمزية الدينية الإيرانية التي تؤسس جمهوريتها الإسلامية لظهور “الإمام المهدي”، وستبدأ حركة انتشار المكتبات الدينية لتسويق الكتب التبشيرية والحوزية والتعليمية، حيث تحتل الشارع الرئيسي للسيدة زينب في دمشق، كما وأخذت تظهر دور نشر شيعية في سوريا مثل (مكتبة دار الحسنين)، حيث تشكل هذه المكتبة مركزا دينيا مدعوما رسميا من السفارة الإيرانية، حيث كانت هذه المكتبة مركزا لإيفاد الطلبة السوريين والمثقفين المتدينين للدراسة الحوزية في قم.
كل ذلك كان يمكن أن ينظر له من منظور (المثاقفة) وحوار الحضارات على أنه إثراء للوحة فسيفساء الثقافات السورية العريقة: من الأساطير وملاحم الخلق وصولا إلى العقائد الدينية في سوريا بوصفها محطة لأعرق الحضارات في التاريخ الإنساني، أي بمثابتها إحدى محطات تعيّن الروح العالمي المطلق للتاريخ الإنساني وفق استبصارات (ترانسندال) التاريخ الهيغلي.
لكن الأمر كان أكثر إسفافا وابتذالا وماضوية مغرقة في ظلاميتها النكوصية التي تفعّل الحاضر وصراعاته و إنحيازاته وترهنّها بوصفها حاضرا ممتدا إلى المستقبل.
لقد كان أبو حيان التوحيدي في القرن الرابع الهجري قرن النهضة الإسلامية مصهرا للثقافة الكونية حيث مقابساته وإمتاعه ومؤانساته وهوامله وشوامله حافلة بكل ضروب المعارف والتيارات الفكرية والفلسفية والجمالية، يرى أن أسخف العقول في عصره هي تلك العقول المنشغلة بالخلاف بين السنة والشيعة، وباعتباره يتحدر من وسط معتزلي كان على عقله النقدي الإبداعي أن ينتج نصا ابداعيا متخيلا يسوقه على لسان أبي بكر موجها إلى علي فيما سماه برسالة السقيفة.
الرسالة نص متخيل، ولأنه نص ابداعي لأحد أعظم مبدعي النثر الإسلامي على حد تعبير “آدم متز”، نقول لأنه نص إبداعي فهو يمارس نوعا من النقد الثقافي العقلاني الرفيع لثقافات عصره، فيفند المنظومة المذهبية الشيعية التي تستند إليها مقولة الإمامة لما فيها من اتصال بالوقف الإلهي وجعلها أمرا من أمور الدين التي ترفضها عقلانيته، هذه العقلانية التي تشف عن أرق الفيوض الصوفية الرفيعة التي تتعالى على مذاهب الفقه الشيعي والسني عندما تحدثنا عن تقدم “قرابة الروح والنفس على قرابة الدم والأهل”، وينتصر إلى بيعة السقيفة كفعل بشري توافقي، على الحقوق الموقوفة إلهيا لآل البيت، وذلك بسبب وعيه المدني الحداثي المبكر لعصره النهضوي، فالحداثة بهذا المعنى هي امتلاك النوعي والصيروري دائما في حركة الزمن في الماضي كان أو الحاضر.
هكذا كان ينظر العقل النوعي منذ القرن الرابع الهجري للمشروع السياسي النكوصي الذي تبني عليه إيران فلسفتها في علاقتها بذاتها وبمجتمعاتها الإقليمية والإسلامية.
والأمر الأشد طرافة ومفارقة في سياق قراءتنا هذه للبعث الشيعي الإيراني في سوريا، هو الانبعاث الكبير له في ظل الأسد الابن الذي يرى في شعبه أنه “لا يزال دون مستوى الإصلاح السياسي، لأنه بحاجة إلى تطور ثقافي وعقلي” كما صرح للصحافة وفق ما أورد البيان المتألق لأمانة اعلان دمشق “لجنة تحرير النداء” الذي استعاد روح الانطلاقة الشجاعة للإعلان دون أن يصغي كثيرا للعقلاء الموضوعيين من أصحاب “فلسفة الدفاع عن النفس” الذين راحوا يبدو لهم خطاب إعلان دمشق وبيئة الغضب الثقافي والسياسي الذي أنتجته هي المسؤولة عن تردي الوضع في سوريا لما فيها من حدة وشتائمية… وليس النظام (المشتوم) المطلوب مقاربته واقعيا بروح البحث العلمي والمعرفة النظرية العليا نظرا لتعقيد اشكالاته، لهذا يجب أن ندعه وشأنه، ونفكر خارجه… ونتركه حرا ليتركنا أحرارا فلا يعتقلنا..
إن أطروحة مقاربتنا هذه تتلخص في أن الأسد الصغير هو المسؤول الكبير عن حالة اجتياح الثقافة الوطنية السورية واختراقها من قبل إيران وفتح أبواب سوريا أمامها، عبر افتتانه المذهول في التشيع، ربما من خلال أثر كارزمية السيد حسن نصر الله عليه وفق بعض القراءات، وفي كل الأحوال فإن السيد حسن يقدر هذا الموقف والدور الأسدي، وقد عبر أكثر من مرة عن وضع مجاهديه ومقاتليه في خدمة (سوريا الأسد)، وخاصة عند العزاء بالأسد الأكبر، وهو يستعرض فهوده السود ليدخلوا الأمان إلى قلب ابن السلطان الذي كان ينتظر انتهاء حفل العزاء ليغدو ملك الزمان.
هذه الأطروحة تستند إلى هذه المقدمات لتفسر مقولته الأخيرة حول “عدم التطور الثقافي والعقلي” للشعب السوري، إذ أن هذه المقولة تفسر لنا كل هذا الاستعلاء والاحتقار نحو شعبه خاصة في مناصبته العداء (الرهابي) للنخبة السورية بل واللبنانية وتساؤلاته الساخرة عند حديثه عن تعريف من هي النخبة؟ حتى غدت أحاديثه الساذجة مجالا لهزء وسخرية طلاب الاعداديات والثانويات وهم يحاكون رئيسهم ساخرين من منهجيته المدرسية في لجوئه إلى التعاريف تثاقفا وفهمنة…
ليخلص إلى أن الشعب السوري كله نخبة!؟ ولا نعرف كيف ستستقيم معادلات العقل واللسان الطليق للشاب الأسدي بين وصفه للشعب السوري بوصفه (نخبة) بالأمس، وهو قاصر عقليا اليوم…!
إن الشباب السوري الذي بقي نابها رغم التدمير الممنهج لعقولهم خلال كل الحقبة الأسدية، ظلوا يتساءلون عن حقيقة معرفة رئيسهم بالمصدر والمشتق نحويا، ويتساءلون إن كان رئيسهم يعرف أن صيغة النخبة هي من مصدر انتخاب ومن فعل انتخب، وبأنه لا يمكن للشعب السوري وفق المنطق اللغوي أن ينتخب نخبته فلا يجد منتخبا سوى ذاته، وذلك إلا في العقل العبثي للشاب الفصيح الذي لا يعرف معنى لكلمة النخبة سوى بعد المدح والتكريم، فأراد أن يكافأ شعبه بهذا المديح، قبل أن يعود عنه فينزعه اليوم في لحظة فجيعة درامية عبر عنها الراحل سعد الله ونوس في صورة ذلك الملك الذي يندب حظه في “أن شعبه لا يستحقه” ولهذا فعلى الشعب السوري لكي -لا يخسر جوهرته الرئاسية- أن يسارع للتطور الثقافي والعقلي لكي يرتقي إلى مستوى استحقاقه لرئيسه المفوه بلاغة وفصاحة، صاحب (اللسان الصارم الذي لا “عيب” فيه.. وبحره الذي لا تكدره الدلاء).
إن التطور الثقافي والعقلي المدعو له الشعب السوري – وفق المثال الرئاسي المبهور بالملالي- هو المسارعة إلى الانخراط في التشيع والدخول فيه أفواجا بوصفه يوم النصر والفتح..
لقد كانت بداية انبهار الأسد الأصغر بملالي ايران قد تمت عبر قناة وكيل ولي فقيهم: فرع لبنان (السيد حسن نصرالله) حيث يتم تداول المعلومات عن أن سر انبهار الشاب هذا يعود إلى دور السيد حسن ومواهبه الخطابية التي أزاحت الخطاب البعثي العربي من عقل الشاب الغر القادم إلى السياسة بتكليف من أبيه، فانتصر الدور الثقافي الايراني لنصرالله في تكوين العقل السياسي للشاب على موروث أبيه العروبي الذي لم ينجح التحالف السياسي مع الملالي في سلخه الثقافي عن مكونات هذه العروبة التي تكون فيها كجيل وكرعيل، فبقيت الصلة بإيران في حدود السياسة حتى في لحظات الاستثمار الطائفي للتشيع الذي عرف في وسط الطائفة العلوية.
ولهذا فقد كان أول الخاسرين من انقلاب قلب الشاب وعقله (المتطور) باتجاه التشيع هو كبير شيوخ البلاط الأسدي الدكتور محمد سعيد البوطي،الذي همشه الابن بل وأقصاه، فقد رفض طلب الشيخ البوطي لقاء الرئيس الشاب أكثر من عشر مرات، رغم ما سفحه الشيخ على أعتابه من ماء الوجه حتى اضطر إلى إعلان أن “مشيئة الله كانت وراء ولايته، وذلك بالتلاقي مع البيعة الشعبية الصادقة الصافية عن الشوائب”،حسب تعبير الشيخ البوطي.
لقد أطلق الشاب الوريث يد الملالي بلا رقيب أو حسيب لاقامة الحوزات العلمية والحسينيات، رغم أن الأب اضطر إلى توقيف بنائها بعد حل جمعية المرتضى.
وهذا ما ساعد على إطلاق حريتها التبشيرية علنا التي عادة ما تتدخل الأوقاف لمراقبة المساجد رسميا وخطابات شيوخها في كل تاريخ الرئاسة الأسدية، وعلى هذا ستغدو حرية التعبير الوحيدة في تاريخ الرئاسة الأسدية هي حرية التبشير الشيعي دون أية رقابة في زمن الشاب الوريث…
هذه الحسينيات التي لا تابعية لها إلا لتلميذهم ووليهم الوريث كانت وسيلة لتدفق الأموال الايرانية الحكومية والمرجعيات الدينية للغزو الثقافي للمجتمع السوري، حيث أن هذه الأموال لا تخضع لقانون ولا رقابة الدولة ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الأوقاف، بل ودعم الأجهزة الأمنية عند الحاجة، لإرهاب الأهالي ممن هم غير قابلين لبيع ضمائرهم ودينهم…!
بل إن وريث أبيه الأسدي في سعيه من أجل تطوير ثقافة وعقل الشعب السوري أطلق حياة مسرحية جديدة على حياة الشعب السوري تتمثل في مهرجانات ومسيرات اللطم والتطبير،حيث شج الرؤوس بالسيوف حتى إسالة الدماء، فلم يكن قد مر عام على وراثته حتى انطلق موكب عزاء شيعي في 4 آب 2001 ضم ما يقارب من ألفي شخص من الرجال والنساء قطعوا عشر كيلومترات في شوارع وأحياء دمشق القديمة سيرا على الأقدام مرددين شعارات وهتافات الثأر للزهراء وجنينها المحسن (السقط) رافعين رايات ثارات الحسين والولاء لآل البيت، حيث ستغدو هذه المسيرة عادة موسمية محمية من المخابرات يجدد فيها الإيرانيون شتائمهم للميراث الثقافي الوطني السوري والعربي المتمثل بالأمويين، بل إن موكبا من الشباب الإيرانيين قام في 8 نيسان 2005 انطلقوا في مسيرة كربلائية سار في شوارع دمشق القديمة (سوق الحميدية)،كان يجلد فيها الايرانيون ظهورهم بالجنازير الحديدية وينشدون الحسينيات والقصائد والأهازيج التي تنال من الأمويين في أحياء عاصمتهم دمشق التي أصبحت على أيديهم متروبولا عالميا، وانتهت مسيرتهم إلى ضريح السيدة رقية حيث صبوا فيها كل اللعنات على “النواصب” الأمويين والشتم على معاوية بن سفيان.
وكأن الشاب بن أبيه الأسدي أترعه شيخه (السيد حسن نصر الله ) بالثأريات التي لا تخلو منها خطاباته ضد بني أمية ويزيد بن معاوية الذي يصفه دائما أنه (الدعي بن الدعي)، هذا الذي كان يقود نصف العالم من عاصمة أبيه وبني قومه الأمويين، ولم يدع التحاقا بغير أهله من الفرس والعجم كما يدعي السيد نصر الله التحاقا بهوية الإيرانيين الذين ينطلقون اليوم في شوارع دمشق بمباركة (دعي رئاسة) دمشق لينفثوا أحقادهم وكراهيتهم على تاريخ وطنه وهويته وثقافته العربية بحمايته ورعايته الوطنية والقومية الصامدة المتصدية الممانعة…!
فهل هذا هو التطور الثقافي والعقلي الذي ينتظره من شعبه حتى يرتقي إلى مستوى عقله الإصلاحي، فيقرر عندها أن يكون إصلاحيا أو يبقى دكتاتورا صغيرا…!؟
المشكلة أمام تطور الشعب السوري العقلي إذن وفق هذه المعايير، ليست في أن يغير مذهبه الرسمي (السني)، بل وتغيير هويته العربية التي غدت هوية (بدوية) وفق الخطاب الثقافي الأمني الذي راح يعلن صراحة عن رفضه فضاءه الثقافي العربي إعجابا وانبهارا بالنموذج الإيراني حتى راح يجاهر صراحة بحق إيران في جزر الإمارات الثلاث، وراح يدافع علنا عن اقتراح طاغيتهم الأب المؤسس بتنازل الإمارات عن هذه الجزر لإيران، حيث ما كان (باطنيا/علويا) عند الأسد الأب أصبح (ظاهريا /شيعيا) عند الأسد الابن، لا يخجل بتوجيه بطانته الأمنية والثقافية لإطلاق عنان مكبوتها الأقلوي الذي يريده أكثريا بسطوة السلاح والعنف والأمن الذي يظن أنه استولى عليه طائفيا في سوريا ولبنان.
وضمن استراتيجية المبادرة الهجومية الطائفية العلنية التشييعية لتطوير عقل الشعب السوري، ينتقل الابن من دائرة فلسفة الباطن لدى أبيه في إعادة هيكلة لبنان وتموضع طوائفه فيما يخدم النظام الأسدي، فإن الإبن ينتقل الى ساحة المواجهة ظاهرا وعلنا، ولكن على العالم أن يثبت ذلك إن استطاع، وذلك بالإقدام على اغتيال الحريري، لأنه راح يشكل حاجزا عائقا (سنيا) أمام تشكيل إمارة ولاية الفقيه الإيرانية في لبنان من خلال حزب الله الطرف الثالث في المعادلة.
إن الأب – خلال ثلاثين سنة من حكمة كان يتجنب المثقفين وفق القاعدة الأمنية (لا تجعل من المثقف بطلا أو نبيا )- لكن الابن الذي يحمل عقدة الدونية نحو(النخبة)، فانه استباح حرياتهم باعتقالهم في سوريا وتوجها باعتقال طائفي صريح للشيخ الجليل هيثم المالح الذي تعزى أحد أسباب اعتقاله إلى تنديده بالتشييع الإيراني لسوريا، وكشفه عن تواطؤ النظامين الإيراني والسوري عن هذه العملية التي تنال من الهوية الوطنية السورية باسم الدفاع عن الوطنية المعادية للامبريالية.
يستبيح حريات النخبة في سوريا ويستبيح دماءهم في لبنان، فبعد تصفية الشهيد الحريري، ستبدأ قافلة المثقفين، إنهم المثقفون الليبراليون – الذين يصرح أحد ملالي إيران أنهم كسروا ظهر الليبرالية في لبنان- لأن المثقف الليبرالي هو العدو الأول للمشروع الشمولي الثيوقراطي الذي يراهن عليه الشاب لتطوير ثقافة الشعب السوري واللبناني لكي يستحقوا الإصلاح.
ووفق اللآلية (الهيرارشية) للبنية الحوزية الشيعية التي تعطي العصمة للإمام، فإنه من حقه أن يصدع في الأمر من الأعلى، وما على المتلقي سوى الطاعة (الإلهية) للإمام، وعلى هذا فإن طاعة الإمام مقدمة على مصلحة الأوطان، وفق هذه القاعدة كان على المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم أن يطلب فور سقوط بغداد أن يتم التعويض على خسائر إيران في الحرب العراقية – الإيرانية، ولم يكن وطنه المهدم قد استفاق بعد من صدمة الاحتلال..
ووفق الآلية ذاتها فان الشاب المشبع إعجابا واستسلاما لأقدار الملالي، كان عليه أن يحول سوريا إلى سوق للسيارات الايرانية (سابا) وصفقة شراء الباصات، بل والأشد اضحاكا ومأساوية أن (خردة) السلاح الإيراني راح يشتريها الشاب (الصامد الممانع) رغم أن لديه من الأسلحة الروسية المتطورة مالا تملكه إيران ذاتها المرممة تصنيعيا للصواريخ الصينية والكورية..ولا يعرف الشعب السوري ماذا أنتجت الصناعة العسكرية السورية (مركز البحوث) الذي يستهلك موازنات سرية هائلة، ويلتهم الكفاءات الأعلى للعقل السوري -حتى لم يعد للشعب السوري عقلا وفق تعبيرات الشاب – منذ ثلاثين سنة، حيث الإيفادات للخارج – حتى قبل أن يستولى عليها طائفيا- التي تستهلك أعلى المعدلات والدرجات الدراسية والعلمية تذهب إلى مركز البحوث هذا، ولم يشعر المجتمع السوري بنتائج كل هذه التوظيفات والاستثمارات سوى تعزيز قوة بحوث المخابرات السورية.
وعلى هذا فإن الإنجاز الأعظم للابن على طريق تطور الوعي الوطني (الثقافي والعقلي) السوري، يكمن في استثماره في المجال الطائفي من خلال (التشيع في الساحل للعلويين)، و(التشييع) في الجزيرة للسنة بشكل أساسي، وذلك عن طريق تشييع العمالة السورية البائسة في لبنان و استثمار فاقة وحرمان المجتمع الجزراوي من ثرواته المنهوبة، وذلك لتشكيل احتياطي ردع أمني مستقبلي، بديل عن حزب البعث الذي استخدمه أبوه إلى درجة الإهتلاك والتآكل والإتلاف.
ذلك هو التطور الثقافي والعقلي الذي يحمله ابن أبيه الأسدي لمستقبل سوريا المغدورة.
mr_glory@hotmail.com
• كاتب سوري- باريس
البعث الشيعي 1919- 2007 (الحلقة 3): إلغاء الأحزاب : دعوة صريحة لإحياء الطائفية
البعث الشيعي في سوريا (1919 – 2007) (2 ) هل أصول سوريا شيعية ؟ وفق المزاعم الإيرانية…!
البعث الشيعي في سوريا
(1919 – 2007): الأسدية : من التشيع إلى التشييع (1)