أعربت مصادر سياسية مطلعة في بيروت عن اعتقادها بأن الهدوء النسبي الذي يخيم على مدينة طرابلس بعد إنتشار الجيش اللبناني فيها إعتبارا من يوم مساء يوم الاثنين سوف يستمر، من دون أن تستطيع تأكيد إستمرار هذا الهدوء مستقبلا لأن الأحداث التي ضربت المدينة لم تستنفذ غايتها كاملة.
وقد تضافرت عدة عوامل، ميدانية وسياسية، للحؤول دون اتساع الإشتباكات. ففي الشق الميداني، دخلت عناصر جديدة على خط النزاع القائم بين “جبل محسن” و”باب التبانة” أبرزها انتشار مسلحين على طريق زغرتا- طرابلس، ما يعني عمليا قطع خطوط الامداد والإسناد الخلفي لمسلحي “جبل محسن”، خصوصا الخلفية الاستشفائية للجرحى في مستشفيات زغرتا، الامر الذي أدى الى التوقف الفوري لقصف الاحياء البعيدة عن اماكن الاشتباكات في المدينة بقذائف المدفعية.
وميدانيا ايضا، شكل تناقص الذخيرة في مستودعات عاملا مساعدا في الحد من توسع رقعة الاشتباكات، بعد ان أخفق رعاة المسلحين في تأمين المدد لهم.
اما في الجانب السياسي، فإن ما تسبب بوقف الاشتباكات وإنكفاء المسلحين الى جحورهم، هو رفع الغطاء السياسي الفوري عن كل المخلين بالأمن ومطلقي النار، من جانب “باب التبانة”، والرسالة التي وجهها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى ابناء طرابلس، والتي أدان فيها طرفي النزاع، رافعا الغطاء عن المسلحين، ومطالبا المعترضين على توقيف السلفي “شادي المولوي” باعتماد الطرق القانونية للاحتجاج. كما كلف رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة بمتابعة مساعي التهدئة مع الرئيس نجيب ميقاتي وفعاليات المدينة وكل من يلزم من اجل وضع حد سريع لنزف الدم في طرابلس.
والى موقف المستقبل، دخلت مساعي رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، وقعاليات المدينة وفي مقدمها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار والنواب وسائر الفعاليات على خط التهدئة، والعمل على تأمين الغطاء السياسي لدخول الجيش الى مناطق الاشتباكات.
المساعي نجحت في إقناع الرئيس ميقاتي بتأمين الغطاء الحكومي الرسمي لدخول الجيش بعد ان كان مترددا ويخشى ان تتسبب أحداث طرابلس بإسقاط حكومته. وأدت الضغوط التي مارسها عليه الرئيس السنيورة الى إصدار الاوامر للجيش بالانتشار بعد اوامر كانت صدرت بتعزيز إمكاناته ورفد القوات الموجودة في طرابلس بعديد وعتاد إضافي.
المصادر السياسية حذرت من ان خطوة إنتشار الجيش ليست كافية لكي يستتب الامن في طرابلس، خصوصا أن النزاع بين “جبل محسن” و “باب التبانة” مزمن ويرقى عمره الى أكثر من عقود ثلاثة ونيف، وان انتشار الجيش، وإن جاء بغطاء سياسي، إلا أنه تم بتغطية أيضا من “قبضايات” الاحياء، الذين رافقوا دخول عناصر الجيش الى أماكن تواجدهم. ما يشير الى ان مهمة الجيش لن تتجاوز مراقبة ما يجري على الارض، وليس تفكيك البنية العسكرية والتنظيمية للمسلحين، تمهيدا لنزع السلاح من المدينة.
وتضيف المصادر ان الهدوء الحذر الذي تنعم به طرابلس اليوم، قد لا يستمر على الرغم من الانتشار المعزز للجيش اللبناني، إذا صدرت الاوامر، من خارج الحدود اللبنانية، بإعادة فتح جبهة الشمال.