أرسل لي صديق من غير محددي الجنسية، والذي أعتبره، ولأسباب عدة، كويتيا أكثر من غيره، صورة عن صفحة من الجريدة الرسمية “الكويت اليوم” للعام 1957، أي قبل خمسين عاما، تضمنت إحصائية طريفة لتعداد سكان الكويت في تلك السنة.
ورد في النشرة، الصادرة عن دائرة الشئون الاجتماعية، حيث لم تلك هناك دائرة للتخطيط، وياليتنا بقينا من غيرها، بيانات تفصيلية عن توزيع السكان، كويتيين وغير ذلك، في كل مدينة وقرية، وحسب جنس وديانة كل فرد وجنسيات الأجانب وتوزيعاتهم العمرية وحالاتهم العلمية والأسرية… وهذا ما لا تعرفه الحكومة الآن بشكل دقيق بالرغم من كل ما طرأ من تقدم علمي ومرور نصف قرن!!
تبين الجداول مثلا أن عدد الكويتيين كان 113 ألف في العام 1957. وكان عدد الذكور أعلى من الإناث، وهذا عكس الوضع حاليا، وربما يعود السبب لعدم دقة عملية الإحصاء من جهة وربما تردد المواطنين في الإعلان عن عدد الإناث لديهم!! ولو قمنا بمقارنة عدد الكويتيين بغيرهم لوجدنا أن نسبتهم 54% من السكان!! ولكنهم نسبتهم الآن ربما قلت لتصبح ربما27% فقط!!
كان العراقيين وقتها، وبقوا لفترة طويلة، أكبر جالية بعدد 26 ألف يليهم الإيرانيون بعدد 19 ألف. أما اللبنانيون فقد جاءوا في المرتبة 4 بعدد 7 آلاف، أي 6 % من الكويتيين. أما نسبتهم الآن، وبعد كل محنهم ومآسيهم، فقد انخفضت إلى 5% فقط، وهذا غريب حقا.
عدد الهنود والباكستانيين، وكافة جنسيات دول جنوب شرق آسيا، لم يتعدى وقتها 7 آلاف بكثير ويبلغ الآن ربما أكثر من 700 ألف!! أما عدد الفلسطينيين فقد بلغ الذروة بعدد يقارب النصف مليون قبل الغزو، لينخفض مع الاحتلال وبعد التحرير إلى 25 ألف، وكان في العام 1957 15 ألف فقط.
الطريف في النشرة أنها ذكرت وجود 23 استرالي و7 كنديين و164 أمريكي و2361 إنجليزي و600 أوربي آخر، وربما كانوا في غالبيتهم يعملون في الصناعة النفطية.
ومن الأمور الملفتة للنظر، والمحيرة والمقلقة في الوقت نفسه، أن الكشف تضمن ذكرا لوجود 443 “عرب آخرون” منهم 408 ذكور والبقية إناث، مما يعني تواجد هؤلاء منذ فترة وتزاوجهم، وربما كانوا نواة مشكلة غير محددي الجنسية التي تعاني الآن منها الدولة برمتها!!
النشرة تتضمن أمور طريفة كثيرة أخرى وتحتاج لباحث نشط ليقوم بإجراء المقارنات بين توزيعات السكان حاليا وما كان عليه الحال قبل نصف قرن، لكي نتعلم منها الكثير.
ولكن هل يوجد بيننا من يهتم بدراسة هذه التغيرات الديمغرافية؟ وإن وجد في أي من جامعاتنا “العظيمة” من سيهتم بذلك فهل هم على استعداد لقبول احتمال دفن نتيجة تلك الدراسة في أحد أدراج “كبار مسئولينا”، أن لم تنتهي في سلة الزبالة عند قدمه، دون أن يقلق أو يهتم بما سيرد فيها من معلومات مقلقة ومخجلة، ومضحكة في الوقت نفسه، وربما لهذه الأسباب بالذات، فمن المؤكد أن كثيرين لا يودوا أن تقلق نتائج هذه المقارنات الرقيق من مشاعرهم!
tasamou7@yahoo.com
* كاتب كويتي