تركيا ، ضيف ثقيل آخر يستعد للانضمام إلى الولايات المتحدة و إيران قريبا في استباحة أراضي العراق ليرسم خرائطه الخاصة و يصفي حساباته الداخلية و الخارجية مع الكرد و غيرهم لينضم إلى سلسلة غزاة العراق. و الترك عندما يغزون العراق إنما يمارسون عادة قديمة ما انفكوا يستمتعون بها منذ أيام نظام صدام حسين الذي كان دائما “يحتفظ بحقه في الرد في المكان و الزمان المناسبين” حتى غدت الحدود الشمالية مشاع تركي يعلم مستخدموه بأن الزمان و المكان المذكورين لن يأتيا أبدا.
وتركيا ، كما إيران، عملاق إقليمي مترنح يبحث عن أدوار أكبر في خضم عالم متغير باستمرار، و أزمات داخلية اقتصادية و اجتماعية متصاعدة، و ضغوط جار أوروبي يبدو الاندماج به و أحلام حل الأزمات الاقتصادية بمعونته بعيد المنال يوما بعد يوم ، و حليف أميركي متقلب لا أمان له، و علاقات و تجاذبات إسلامية و شرق أوسطية و غربية و إسرائيلية و أوروبية و أسيوية متشابكة و معقدة ، ناهيك عن الصداع الكردي المزمن.
و اليوم ، إذ تعود قضية حزب العمال الكردستاني الى الواجهة، ربما تناغما مع ما اعتقده الحزب بأنه الفرصة التاريخية، حاله حال شقيقه “بيجاك” في إيران و أحزابنا الكردية في العراق، يعود الجار التركي اللدود ليكشر عن أنيابه أمام بلد بلا حول و لا قوة، و لا جيش و لا شرطة، سوى جيوش الأمريكان و الإيرانيين و الشركات الأمنية و ميليشيات قطاع الطرق و أمراء الحرب، ليحاول ربما تفكيك مشروع اللا دولة الكردية داخل اللا دولة العراقية، منتهزا الفرصة الذهبية لتصدير مشاكله من جهة، و اقتلاع ما يعتبره تهديدا لكيان دولته من جهة أخرى، و ربما لإحياء ذكريات التاج العثماني الراحل و المطالب “الخفية” باستعادة كركوك و الموصل التي تظهر على السطح بين الحين و الآخر.
و إذ يبدو الاجتياح التركي وشيكا، تتصاعد أصوات متعددة المشارب داخل و خارج العراق بين مندد و مرحب، و شامت بل و متشف. و إذ كان بعض اللوم في تصاعد الشعور المؤسف باللامبالاة و الشماتة داخل العراق ليقع على قادة أكراد العراق بسبب سياساتهم الأحادية و السلبية تجاه الكيان العراقي و الدولة العراقية و تحالفهم مع أكثر القوى العراقية تخلفا و إصرارا على تمزيق العراق وخصوصا بعد ترحيبهم بتقسيمه إلى كيانات ميتة سنية و شيعية، أو بالأحرى بإنهاء العراق كدولة، و هو شعور يمكن تلمسه في عديد من الأوساط الرسمية و على مستوى الشارع ، فإن هذا الشعور يعكس الخواء الوطني الذي بات مرادفا للعقل السياسي العراقي بعد عقود القمع البعثي و سنوات الموت المجاني بعدها حيث يوشك الوطن أن يغيب حتى عن كتب المدارس بعد أن تكفلت بطبعها الجارة الأخرى سيئة الصيت. إن هذا الخواء الوطني الذي يرحب بجيش غاز آخر “ليؤدب” – حسبما يقال- جزءا من شعب العراق إنما هو منتج آخر من منتجات عراق ما بعد نيسان 2003 المستلب الذي بات ساحة لكل من يريد قضمة من الكعكة .
و إذ يستعد الترك لإراقة المزيد من الدماء العراقية كردية كانت أم غيرها، يقف الضمير العراقي مرة أخرى حائرا و مترددا أمام مزيد من أشلاء الأبرياء التي ستتناثر في شمال الوطن كما فعلت في وسطه و جنوبه، فما بين الشامت و المتشفي و الخائف و المندد على استحياء سيتم قضم المزيد مما تبقى من أراضي و كبرياء الوطن. فبالأمس أمريكا بحثا عن القاعدة، واليوم تركيا بحثا عن حزب العمال، و غدا إيران بحثا عن “بيجاك” و مجاهدي خلق، و ربما سوريا و السعودية و ساحل العاج و غيرها ، فلم تعد هنالك خطوط حمراء أو خضراء في العراق.
و إن تفهمنا سعي النظام السياسي القائم في العراق إلى الانتحار الاختياري بحكم عقيدته الأيديولوجية السقيمة السابحة في بخور الماضي و التي لا تستطيع النظر إلى الأمام لأنها ببساطة لا تملك مقومات قيادة حركة التقدم و البناء و التنمية ، فإن موقف البعض المرحب بالغزو التركي يثير الاشمئزاز بل و التساؤل حول أهليتنا للمطالبة بإنقاذ الوطن والمواطنة من خطر التمزق الطائفي الوشيك. فمن هم الذين سيسقطون نتيجة الإجتياح التركي، أليسوا هم أصدقاء الطفولة و الحارة و الدراسة و الخدمة العسكرية و الغربة و رفاق الدرب و ندامى الجلسات الجميلة في زمن ماض ، أليسوا هم الجيران و الأنساب و الأزواج و الأحباب و زملاء العمل، و هل أصبح الدم العراقي الكردي مباحا لأن تصريحات مسعود البرزاني لا تعجبنا أو أن البعض غير راض عن جلال الطالباني رئيسا؟ و هل “سيؤدب ” الأتراك القيادات الكردية أم سيؤدبوننا جميعا لأننا نسينا بأن لنا وطن تحسدنا عليه شعوب كثيرة، و طن يسكن كل مساماتنا الا أننا في لحظة غفلة بدونا مستعدين لبيعه لحساب كل أنواع الأوهام الدينية و الإيديولوجية، و ربما يتعين علنا أن نفقده تماما لنتعلم كيف نحبه..
لو كنت مكان رئيس الوزراء لأرسلت و لو فوجا رمزيا تحت العلم العراقي ليقف على الحدود أمام الحشد التركي، لأرسل رسالة إلى العالم بأن العراق لا يزال هنا. صدام لم يفعلها، و المالكي لن يفعلها ، و مرحبا بمزيد من جيوش “المؤدبين” بكسر الدال.
skhalis@yahoo.com
لماذا النوم بين القبوريا سيد سعد اليس بالامكان تجنب الكابوس التركي ..؟ لماذا لا يهتم البرزاني بمصلحة اقليمه بدلا من دعم حزب العمال ؟ هل تنطلي عليك الكذبة القائلة ان هؤلاء في الجبال ويصعب علينا الوصول اليهم .. ؟ وكيف ياتيهم المال والسلاح والعتاد .. من المريخ ..؟ طيب اذا قرر عن تعمد واصرار دعم حركة مسلحة تطالب بتقسيم تركيا .. اليس من العقل سؤال النفس ماهو رد فعل تركيا .. وهل يقدر عليه البرزاني ..؟ ام ان البرزاني مصمم على دفع الثمن لتحقيق دولة كردستان الكبرى ؟ .. هل تعتقد ان هذا ممكن ..؟ ان تركيا تفهم مصطلح جزب… قراءة المزيد ..