“من علامات الأزمنة” أن يعلن ميشال كيلو أن “اليوم لم يعد هناك إلا الخيار العسكري، وأن يقول “لن نذهب إلى “جنيف 2″ حتى ولو قامت السماء وانطبقت على الأرض”! حقارة الموقف الروسي وتفاهة إدارة أوباما تدفع حتى ميشال كيلو للكفر بكل المناورات السياسية.
ولكن، هل كان ضرورياً أن يعلن كيلو “الخيار العسكري لا يتمثل في ضربة أمريكية. أنا لا أريد أن تكون هناك ضربة أمريكية”؟ هل هذا الكلام “نكاية” بإدارة أوباما وترددها وعجزها (وهذا ما نأمله)، أم أنه “غنج قومجي” على ضربة عسكرية يتمناها معظم السوريين والعرب، ونحن منهم؟
قبل أيام، نشرنا بالفرنسية عريضة لشخصيات سورية وفرنسية تدعو مجلس النواب الفرنسي لدعم الشعب السوري. وكانت المناسبة هي نقاش مجلس النواب الفرنسي على مشروع الضربة العسكرية. وللأسف، فلم تـأخذ العريضة موقفاً من “الضربة العسكرية”! وبدا لنا أن بعض المثقفين السوريين لا يريد أن “يسجّل على نفسه” أنه دعا دولاً أجنبية لضرب جيش النظام!
وتذكرنا للمناسبة “الخائن فلاديمير إيليتش لينين” الذي ركب قطاراً ألمانيا للعودة إلى روسيا التي كانت تخوض حرباً ضد ألمانيا كلّفت ملايين الضحايا!
الشفاف
*
في حوار مع فرانس 24، قال الكاتب والمعارض السوري ميشال كيلو إن المقترح الروسي القاضي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت مراقبة دولية “تضييع للوقت”. وأضاف أن مبادرة “جنيف 2 ميتة قبل الأوان” في ظل الظروف الراهنة.
فرانس 24: ما هو تعليقك على المقترح الروسي بوضع ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية تحت مراقبة دولية؟ وهل تعتقد أن النظام السوري سيكون جديا في تعاطيه مع المقترح؟
هناك أربعة جوانب تلفت الانتباه. أولا، المقترح عبارة عن تضييع للوقت كونه يعطي النظام فرصة جديدة للتلاعب بالمجتمع الدولي والتماطل أكثر. ثانيا، يتجاهل عدم التزام النظام السوري بمعيار أو ميثاق أو اتفاق دولي. الجميع يعلم أن هذا النظام وقع على المواثيق الدولية وعلى كل القوانين التي تنص على حماية الإنسان واحترام حقوقه، لكن في الواقع لا ولم يطبق في أي يوم من الأيام هذه القوانين، بل ظل يتجاهلها كاملة
ثالثا، رسالة النظام السوري موجهة للإسرائيليين لكي يضغطوا على الإدارة الأمريكية. نظام بشار الأسد يقول للإسرائيليين نحن سنسلم لكم السلاح الكيميائي إذا كنتم تعتبرونه سلاحا ردعيا. فخذوا هذا السلاح “الردعي” لكن أيدونا تجاه الإدارة الأمريكية واتركونا ننهي معركتنا ضد الشعب السوري. وأخيرا، فصحيح أن الروس اقترحوا وضع السلاح الكيميائي السوري تحت مراقبة المجتمع الدولي ووزير الخارجية السوري وليد المعلم رحب بذلك، لكنه لم يقل في أي وقت بأن دمشق قبلت هذا المقترح. (وقد أعلنت في وقت لاحق دمشق موافقتها على المبادرة)
فرانس 24: هل تعتقد أن الحل العسكري هو الوحيد لحل الأزمة السورية أم هناك فرصة للحل السياسي؟
اليوم لم يعد هناك إلا الخيار العسكري. والخيار العسكري لا يتمثل في ضربة أمريكية. أنا لا أريد أن تكون هناك ضربة أمريكية. الخيار العسكري هو أن يعطى للشعب السوري ما يمكنه أن يحقق الانتصار الذي يستحقه.
الموقف الأمريكي مبني على الخيال والوهم وليس على الحقيقة. ظل باراك أوباما يخوف الأمريكيين والطبقة السياسية الأمريكية من أي تدخل عسكري في سوريا حتى صدقوه. فمرة يقول بأن الجيش السوري قوي ومرة يشرح أن أي تدخل سيزيد الأزمة في هذا البلد تعقيدا. واليوم الأمريكيون يردون له البضاعة التي سوقها لهم ويرفضون التدخل العسكري في سوريا. عندما يقترح جون كيري أن تسلم دمشق سلاحها الكيماوي للمجتمع الدولي، فإنه في الحقيقة لا يعرف طبيعة هذا النظام. لكن أنا أعتقد في نهاية المطاف أن الإدارة الأمريكية ستبحث حججا جديدة لإقناع الرأي العام بضرورة توجيه ضربة عسكرية لسوريا. وستقوم بذلك.
فرانس24: ماهي حظوظ انعقاد مؤتمر “جنيف 2” الذي تدعو إليه الأسرة الدولية؟
في حال تم تنفيذ المقترح الروسي على حساب المعارضة السورية، فلن نذهب إلى “جنيف 2” حتى ولو قامت السماء وانطبقت على الأرض. نحن لن نذهب إلى محادثات “جنيف 2” إذا لم يكن هناك وقف شامل لإطلاق النار ومعاقبة المجرمين الذين قتلوا الشعب، وإطلاق سراح المخطوفين- لدينا 200 ألف شخص اختفوا – ثم الموافقة الرسمية على حكومة انتقالية وانتقال البلاد إلى نظام ديمقراطي.
الأمريكيون يتلاعبون بـ محادثات “جنيف 2” ويقولون إن النظام السوري قبل المشاركة بدون شروط مسبقة. في الحقيقة هناك ثلاثة شروط أملتها دمشق، أبرزها أن لا نتحدث عن مصير بشار الأسد ولا عن مصير النظام السوري وأن نقبل الانضواء تحت رايته. ففي ظل التطورات الراهنة، مبادرة “جنيف 2” ستكون مبادرة ميتة قبل انعقادها ولن تجد حلا للأزمة السورية.