لعل أبرز تمثيل لمعنى ودلالة هذا السؤال، يتمثل في الانشقاق الذي قام بين فيلسوفي الوجودية اليساريين جان بول سارتر، والبير كامو حول مسألتي أولوية مناهضة الإمبريالية (سارتر)، أو مناهضة الفاشية (كامو) كما أسلفنا في الحلقة الأولى من هذا المقال، إذ سرعان ما تباعد الصديقان اللذان قاربت بينهما ظروف الحرب العالمية الثانية في وحدة الموقف ضد الفاشية ليفترقا مع انقسام العالم إلى معسكرين: غربي وشرقي، حيث طرح هذا الصراع حالة استقطاب خلافي بين (الغرب) حيث الديموقراطيات الغربية الموصوفة يساريا بـ(الامبريالية) من جهة، وبين (لشرق) اشتراكيات أوربا الشرقية (المعسكر الاشتراكي) الذي راح يوصف من قبل الديموقراطيات الغربية بـ(الدكتاتوريات الشمولية) بوصفها وجها من وجوه الشموليات الفاشية، وذلك مع قيام الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية وقيام معسكرين متواجهين، حيث حدة الاستقطاب السياسي والايديولوجي بين المعسكرين راح يدفع لوصف (الستالينية) بمثابتها وجها آخر للفاشيات المهزومة في الحرب، في مقابل الاستقطاب اليساري على المستوى العالمي الذي راح يصف الديموقراطيات الغربية بالإمبريالية والاستعمار ونهب الشعوب.
لقد توج هذا الخلاف في دلالته الرمزية من خلال موقف الكاتبين الكبيرين من قبول جائزة نوبل، إذ سيرفض سارتر هذه الجائزة انطلاقا من موقف يولي الأولوية لمناهضة الامبريالية التي تتهم بأنها وراء جائزة نوبل باعتبارها جائزة غربية، ومن ثم إدانة سارتر للاستعمار الفرنسي في الجزائر، بينما قبل ألبير كامو جائزة نوبل من موقع أولوية مناهضة الشموليات والأنظمة الطغيانية الديكتاتورية…منذ اعلانه موقفه المضاد للتدخل السوفيتي في المجر1956 وانسحابه من الحزب الشيوعي الفرنسي…
لقد أشرنا في الجزء الأول من مقالنا إلى أن ما يعنينا في موضوع موقف الفيلسوفين هو تمثيلهما بل ونمذجتهما لخيارين يسيطران اليوم أكثر من أي وقت مضى على المشهد الفكري والثقافي والسياسي العربي، والسوري بخاصة نظرا للسمسرة الإيديولوجية بالمسألة القومية والمقاولات البازارية بالمسائل الوطنية التي تمارسها عصبة الطغم الطائفية المتسلطة في سوريا، في مناخ ثقافي وفكري عربي لا يزال يراوح شعاريا في المكان منذ الستينات حول منظومة من الشعارات المهزومة، عن أولوية الموقف المناهض للإمبريالية الذي يفترض تأجيل مشكلات التنمية وبناء دولة القانون والعدالة والحريات السياسية والفكرية إلى ما بعد الانتصار على الإمبريالية، حيث الذروة الدرامية لهذا المشهد التاريخي تتعيّن في شعار أنه “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”…
إن أول انعطافة باتجاه الانتقال من نص الشعار إلى “منطق الواقع” وفق تعبير الياس مرقص كانت مع كامب ديفيد، التي كان ينبغي لها –افتراضا- أن تشكل حالة تحول استراتيجي باتجاه العقلانية اللافظة للجملة الثورية وضجيج الكلمات الشعبوية الثأرية الكبرى الكامنة وراء هزيمة حرب،1967 ومن ثم يفترض أنها شكلت انقلابا على وعي رغبوي زائف وتفكيك لاصطفافات جوهرانية ماهوية ضد الآىخر العالم (الامبريالي)، حيث توضع المسألة الوطنية والقومية بالتعارض والتناقض مع الديموقراطية والحداثة ووحدة العالم، ومن ثم كان يفترض بكامب ديفيد بوصفها انقلابا على العسكريتارية الشمولية، ودعوة للعودة إلى لمصالحة مع العالم، كان يفترض أن تشكل عودة إلى الانتظام في ما اصطلح عليه هابرماس بـ “الدستورية الوطنية ” بموروثها الليبرالي التنويري النهضوي العربي متوجا بالثورة الشعبية الديموقرطية 1919 في مصر، ومن وجهة سورية:استعادة الدولة “الوطنية الدستورية” السورية الوليدة سنة 1920 ما بعد الاستقلال عن السلطنة العثمانية…
لكن كامب ديفيد ظلت محكومة بسيرورة عقل العسكر، فتكشفت عقلانية الاعتراف “بمنطق الواقع” عن “عقلانية يمينية ” تعترف بموازين قوى الأمر الواقع ( كل ما هو عقلاني واقعي) لكن دون فتح أي أفق لعقلانية تغييرية (ارتقاء الواقع إلى مستوى العقل، حيث كل ما عقلاني واقعي)) وفق مبدأ الوعي المطابق، أي عقلانية البراكسيس (الغرامشي) المفتوحة على مستقبل استعادة المجتمع المدني لدوره وفعاليته الديموقراطية… ومما سيعزز ويساعد على هذه (العقلانية اليمينية) إستراتيجية إسرائيلية قائمة على فلسفة الحيلولة دون العرب وامتلاك سر تفوقها في الحداثة السياسية، ممثلة بالديموقراطية التي تريد إسرائيل أن تنفرد ببهائها وسط ظلامية الاستبداد والطغيان القروسطي العربي، فبدت كامب ديفيد التي لم تترافق مع موقف انفتاحي جديد على غرب :الليبرالية الثقافية والحداثة والديموقراطية، مما أدى لجعل كامب ديفيد كموقف سياسي تابع وعميل للولايات المتحدة واسرائيل التي كانت تريد من مصر تطبيعا إرغاميا الحاقيا (وليس اندماجا عالميا سياديا)،لهذا كان لابد أن يرفض المجتمع المصري ونخبه الثقافية الوطنية هذا التطبيع، ومن ثم استثمار الفاشية (كل الشموليات) لهذه المثالب للانقضاض على الديموقراطية والحداثة والتنوير باسم مناهضة الامبريالية ورفض الغزو الثقافي الاستعماري لصالح شمولياتها في الصمود والتصدي والبقاء على صدر شعوبها، مما عمق الجرح الوطني للكرامة المصرية، فكان لابد للسادات من دفع ضريبة عقلانيته “اليمينية ” هذه ذات الجذور الشعبوية العسكريتارية، وذلك على يد قوى أكثر تطرفا في اللعب على رمزية (الهويات القاتلة) التي حاول السادات أن يراهن عليها ضمن اللعبة المألوفة للاستبداد في استعداء أطراف المجتمع على بعضها، وذلك للالتفاف على قوى المجتمع المدني وتفكيكها وتفتيتها، لتجنب استحقاقات الديموقراطية والحرية والحداثة، فقتل السادات باليد التي أطلقها..
ولعل هذا ما يفسر لنا الدلالة الثقافية لحدث كامب ديفيد، إذ لقي تأييد يوسف السباعي متوسط الموهبة والقيمة الثقافية، في حين أنها لقيت موقفا متلجلجا من كاتب عملاق بحجم نجيب محفوظ الذي ربما رحب بعقلانية ميزان القوى في الاتفاقية من جهة، ومن ثم المصالحة مع القيم الديموقراطية للعالم الغربي (الامبريالي)، وذلك من موقع نجيب محفوظ النقدي المعادي للشمولية العسكرية المحلية والعالمية، فكان أكثر تقاطعا مع خط كامو، لكن تلجلجه تأتى على الأرجح من كون كامب ديفيد كانت تمثل عقلانية أمر واقع، دون أن تنطوي على آفاق عقلانية التغيير الذي يستلهم وينتظم في تاريخ التقاليد الديموقراطية لثورة 1919 الشعبية الديموقراطية الليبرالية، في حين أن تيار السباعي رحب بكامب ديفيد من موقعه السلطوي على أرضية الحفاظ على تقاليد الشمولية التي أنتجتها الانقلابية العسكرية 1952،وليس من موقع الانفتاح على الديموقراطيات الغربية ومن ثم مناهضة الفاشية، حيث بدا موقفه استمرارا للروح التوتاليتارية العسكريتارية لهذا الانقلاب، دون استدعاء المعادل السياسي والثقافي لهذا التحول عن مسار الشمولية التي تقع في الخط الفاشي، بل إن مرحلة صناعة وإنتاج كامب ديفيد كانت أشد اللحظات فظاظة وترديا ثقافيا في مواجهة الثقافة الليبرالية التي كانت أقل تعبيراتها اعتدالا في تنوره مدعاة لتهمة الشيوعية بابتذال يميني عامي كشف عن أحط ما تختزنه الشعبويات من سطحية وابتذال وغوغائية دهماوية، ولهذا تبدت مصالحة كامب ديفيد وكأنها انصياع للجانب السياسي الامبريالي للغرب وليس تجاوبا مع الديموقراطية المناهضة للفاشية، بل كانت اللحظة النموذجية لما سمي بالصحوة الإسلامية سياسيا لكنها ذروة الغفوة والنكوص والانغماد بالقياس للإسلام الإصلاحي الدستوري لمدرسة الإمام محمد عبده.
وعلى هذا ظلت إشكالات العالم العربي –بعد إسقاط المرحلة الليبرالية الدستورية- دون الارتقاء بمستوى الصراع السياسي ليكون صراعا بين الامبريالية والفاشية، أي بين السارترية والكاموية.. اذ ظل سؤال الحرية هو سؤال التحرر من الآخر الأجنبي ما بعد الحدود، وليس سؤال الحرية كإشكالية بناء للذات الفردية والوطنية الدستورية في مواجهة استبداد أكثر ظلامية وقمعا ووحشية وبربرية من أي استعمار خارجي، سيما بعد أن استفحل فجور الطغيان (العربوي الثورجي) من خلال نماذج من عيار (حافظ أسد –صدام حسين إلى القذافي..الخ”.
ولعل الغطاء النظري الأبرز لتعميق نزعة العداء للإمبريالية معرفيا وثقافيا –وليس سياسيا فحسب- ومن موقع حداثي ليبرالي هو كتاب الاستشراق لادوارد سعيد الصادر في السنة ذاتها لكامب ديفيد، إذ يعود بالصراع ضد الهيمنة الامبريالية إلى مستوى يتجاوز الصراع الطبقي وما يترتب عليه ويشتق منه في الخطاب اليساري الشيوعي السائد عن الصراع بين الاستعمار وحركات التحرر الوطني، بل دفع به إلى مستوى كينوني (أنتولوجي) بين شرق وغرب، يقوم فيه الغرب بصناعة الشرق صناعة ايديولوجية ليس عبر اختراع الوهم الأوربي الغربي للآخر الشرقي فحسب، بل عبر تصور أنتولوجي يجعل من الشرق كيانا له وجوده النظري والعملي، فقد أنشأه الغرب إنشاء استثماريا، إذ استثمر فيه استثمارات مادية كبرى على مدى أجيال.. إلى أن أصبح الاستشراق كيانا ثقافيا متكاملا بمثابته مذهبا معرفيا عن الشرق يشكل شبكة تسمح منافذها بتسريب صورة الشرق المخترعة والمصنوعة هذه إلى وعي الغربيين، شبكة توسع في نسجها عمقا، امتدادا إلى العصر اليوناني الذي اخترعه الغرب بوصفه جزءا من تاريخه الغربي، حيث إحداث سلسلة تاريخية نسقية تصل الحداثة الغربية بالفلسفة اليونانية بوصفها جذر عقلانية الغرب الذي تمت صناعته واختراعه -أيضا كالشرق- إيديولوجيا لبناء مركزيته الثقافية.
لقد تشكلت –حسب سعيد- امبريالية سياسية وثقافية تحكم مجالا كاملا من الدراسات والبحوث وليست، ظاهرة اقتصادية كأعلى مرحلة من مراحل الرأسمالية وفق الصياغة اللينينية المعتمدة في الخطاب اليساري العالمي.
أي أن التمايز عن الغرب لم يعد سياسيا (وطنيا تحرريا) من الاستعمار، بل غدا تمايزا منظوميا (ابستيميا) يصاغ عبر ثنائيات متجاورة غير متفاعلة أو متجادلة: حيث اللاعقلانية الشرقية تواجه بالعقلانية الغربية، وكذلك البدائية واللاأخلاقية الشرقية التي يوسم بها الشرق مقابل التقدم والفضيلة.
وعلى هذا يغدو الاستشراق: “هو أسلوب غربي للسيطرة على الشرق وإعادة بنائه وتحقيق السيادة عليه” حسب تعبير صاحب كتاب الاستشراق.
لاشك أن كتاب ادوارد عن الاستشراق بما ينطوي عليه من قيمة أكاديمية رفيعة وعمق نظري معرفي وطيد من جهة، ومن جهة أخرى كونه ثمرة انتاج كاتب هو أستاذ عريق في الجامعات الأمريكية ذاتها كمركز جديد كاسح للاستشراق، بالإضافة إلى أن ادوارد أقرب إلى المثقف الليبرالي الذي ليس له تاريخ فكري وثقافي قومي يساري مضاد للامبريالية، كل ذلك جعل الكتاب انجيلا نخبويا في الوسط الثقافي والسياسي العربي، مدعما وجهة نظر أولوية التضاد مع الامبريالية ومن موقع ليس قوميا ولا يساريا ولا اسلاميا، بل من موقع ليبرالي حداثي وديموقراطي، رغم اعلانات سعيد المتكررة من أنه لم يكن يسعى في كتابه إلى عداء الغرب والدفاع عن الإسلام والعروبة،بل كان يسعى الى تخطي الهوة بين الشرق والغرب من خلال إثارة قضية التعددية الثقافية وفق إعلانات ادوارد سعيد عن خياراته الفكرية ومقاصده الايديولوجية في سياق تفسيره لكتابته عن الاستشراق، إذ يحاول وضع نفسه في موقع رفض الامبريالية والفاشية معا، أي المصالحة بين السارترية والكاموية.
لكن انكباب سعيد على فضح وظيفة السيطرة الغربية على الشرق من خلال الاستشراق، أدى إلى ما يشبه السكوت عن الفاشية وتجلياتها في تاريخ الاستبداد الشرقي الذي كان على سعيد أن لا يتوقف عنده مادام هو يندد بالاختراع التخييلي لصورة الشرق عبر الاستشراق هذا من جهة..ومن جهة أخرى فإن انخراط سعيد في الشأن السياسي اليومي لمنظمة التحرير بعد أن انضم إلى المجلس الوطني الفلسطيني في نهاية الثمانينات، ومن ثم معارضته لاتفاق أوسلو، إذ أصدر كتابين لاحقا يندد فيهما بهذه الاتفاقية، كل ذلك كان من شأنه أن يعزز صورة سعيد المعارض للامبريالية على حساب معارضته الفاشية الديكتاتورية التي كانت تتصدر قيادة معارضة أوسلو، من خلال تزعم النظام السوري الأسدي لمحور ما سيسمى الصمود والتصدي والممانعة المزعومة، ومن ثم تبلور هذا الخط الفاشي في اندراج النظام الثيوقراطي لولي الفقيه في إيران لتزعم هذا المحور الذي يزعم خط مناهضة الامبريالية بعد سقوط قوى المواجهة الكبرى مع الامبريالية لما سمي بالقوى الثلاث: المنظومة الاشتراكية واليسار الأوربي، ومن ثم حركات التحرر الوطني.
لم تفد دفوعات ادوار سعيد عن موقفه الذي فسره بأنه دعوة لتجاوز الامبريالية والفاشية،أن يذهب باحث باكستاني – هندي يدرس في أمريكا هو المكنى بابن الوراق،أن يتهم سعيد بالإرهاب الفكري إذ يرى أن سعيد “علم جيلا من العرب فن الشفقة على الذات، إذ يقول إنه لولا الاستعمار والعنصرية والصهيونية كنا صرنا كبارا من جديد… مما شجع الإسلاميين الأصوليين من جيل الثمانينات، وأسكت أي نقد معرفي للإسلام،حتى أنه أوقف أبحاث الاختصاصيين في الإسلام عن نشر أوراقهم خوفا من الإساءة إلى مشاعر المسلمين وبالتالي إلصاق التهمة بأنهم مستشرقون”.
وهذه القراءة لابن الوراق الهندي، ستتقاطع معها اتفاقا قراءة ليبرالية عربية لحازم صاغية ترى في نظرية الاستشراق تغذية لثقافة الكراهية والحقد ضد الغرب التي راحت توحد المواقف القومية واليسارية والإسلامية،وذلك في كتابه عن “ثقافات الخمينية ” معبرا عن موقف ليبرالي كان في صدد مراجعة تاريخه اليساري الشمولي، لكن مهدي عامل من الموقع اليساري الشيوعي، سيدافع عن تاريخية ماركس في موقفه من المسألة الهندية والاستعمار والثورة رافضا فكرة ادوار سعيد عن استشراق ماركس.
غير أن قراءة مضادة تقف على يسار قراءة ادوارد المضادة للامبريالية باتهام كتاب الاستشراق بأنه محكوم بانحياز مضمر للإمبريالية، يقوم بها صادق جلال العظم، متهما صديقه ادوار بأنه ينتقد الاستشراق الغربي وجهل هذا الغرب بالشرق، من موقع من يريد أن يقدم فهما أصح وأدق لترشيد الوعي الغربي بالاستعمار وتصحيح أساليبه لتمكينه،عبر نصح الامبريالية بالوسائل الأنجع على الفهم الأصوب للشرق ليمكن التسلط عليه بشكل أعمق وأضمن…
وهكذا فمعظم القراءات التي أثارها الاستشراق مؤيدة أو ناقدة، كانت تنظر إلى إشكالية الكتاب بوصفها إشكالية سارترية مشغولة بمناهضة الامبريالية وليس بمناهضة الفاشية الأولوية الكاموية، رغم إلحاح ادوارد على أن هدفه كان تجاوز الامبريالية والفاشية معا، قد تكون نواياه صحيحة كليبرالي رفيع التكوين الفكري والثقافي، لكن نصه المتحقق فعلا كتابيا لم يخدم إلا دعاوى الفاشيات الشعبوية التوتاليتارية العسكرية العربية، وخاصة رعاع العصابات الطائفية المافيوية في سوريا إذ تسحق المجتمع السوري باسم المعركة ضد الإمبريالية …
(يتبع)
mr_glory@hotmail.com
• كاتب سوري- فرنسا
المثقف العربي وسؤال: من الأولى بالمواجهة الامبريالية أم الديكتاتورية؟ (1)