يبحث الكتاب في آخر ثلاثة أيام في نهاية حياة النبي محمد ودراسة هذه الفترة – حسب الكاتبة، مكنتها من رصد نوايا و ردود فعل المحيطين بمحمد قبيل وبعد وفاته وكشفت عن وجود محاولة لقتله بعد رفع التّقديس ونزع قناع نصرة الدّين عنه.
كتاب الأيّام الأخيرة في حياة محمّد يكشف أنّ للبعد السياسيّ دور هامّ في حياة نبيّ الإسلام وحياة من يحيطون به، وهو ما يعزّز إمكانيّة وجود الحيلة والكذب والنّفاق بين الصّحابة لا بل إنّ الأمر قد يصل إلى طرح إمكانيّة قتل محمّد للإستيلاء على السّلطة إذ أخرج البخاري فى باب “مرض النبى ووفاته” 791/7- 4428 ما يلى: «وقال يونس، عن الزهرى: قال عروة: قالت عائشة رضى الله عنها: كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى مرضه الذى مات فيه: “يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر، فهذا أو ان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم”.
لا يتعرض الكتاب إلى كل الأحداث والوقائع في حياة النبي، وإنما سلطت الضوء على فترة لا نجد فيها نقاشاً وجدالاً بين الفقهاء والمؤرخين بل إكتفوا بطمس الحقيقة وتجاوز الأمر وتناسيه.
سعت هالة من خلال كتابها إلى كشف الحقائق فقامت بعمليّة فرز وتنظيم للنّصوص من مختلف المراجع بشكل مسترسل ومنطقيّ يتماشى مع منطق الأحداث لا كما تفرضها النّظرة التي تجعل المقدّس فوق كلّ إعتبار. لقد ظهر محمّد من بعده الصّحابة في كتاب الأيّام الأخيرة كشخصيّات تاريخيّة يمكن تتبّعها ونقد آرائها وتقييم أفعالها فقد فهمت الوردي أثناء بحْثِهَا أنَّ الرّجوعَ إلى العقل و تقديمه على النّقل هو السّبيل الوحيد لإعادة ترتيب الأحداث التي إختلط فيها الواقعي بالخيالي. حيث تمكّنت من توضيح الرّؤية من خلال تعاملها العقلانيّ مع ما تمّ تجميعه من كتب الموروث أثناء البحث . واتّبعت الكاتبة التونسيّة نفس المنهج المعتزلي في تحليل الأحداث وأخضعت الصّحابة للنّقد (خاصة أبو بكر وعمر بن الخطاب أثناء إحتضار النبي وبعد موته) وبيّنت أنّ البعد الدّيني الذي أُعْطِيَ أهميّة مبالغاً فيها على مرّ التّاريخ هو مجرّد وهم وجب على الباحث التخلّص منه للوصول إلى هدفه.
التّنازع على الخلافة و التّوق إلى السّلطة والتّخطيط للإطاحة بالخصوم اٌلمُحْتَمَلِينَ هي الأسباب الرئيسيّة والمحرّك الأساسي الذي يتوجّب أخذه بعين الإعتبار وهو ما إستنتجته الوردي وإشتغلت عليه في كتابها.
نحن في المدينة، 8 يونيو سنة 632 الرّسول يحتضر والوضع غير مستقرّ فقد بدأت فكرة الخلافة تستحوذ أكثر فأكثر على العقول.
هكذا تشرع الوردي في رصد بداية الصّراع بين الصحابة وتركيزهم الكلّي على الخلافة وهو ما جعلها تتساءل عن أسباب غياب الأكثر قربا للنبيّ عن مراسم الدّفن. هل كان الإعداد للخلافة والتّلهف للسّلطة أسبابا كافية للتخلّي عن جثمان محمّد وتركه ملقى دون دفن لمدّة يوميْن؟ من هنا تنطلق هالة الوردي في محاولة البحث عن إجابات من خلال مساءلة التّاريخ عبر كتب الموروث لتكشف عن نقاط تم طمسها وحُرّم النّقاش حولها منذ قرون.
سلّط كتاب هالة الضوء على حقائق جديدة يمكن أن تكون محلّ نقاش كإمكانيّة مقتل محمّد أو أطماع الصحابة وإهتمامهم بالخلافة وإهمالهم لجثمان النبيّ. الكاتبة لا تؤكّد أيّ شيء ولكنّها تطرح مجموعة من الأسئلة تاريخيّة التي تستحقّ التّفكير.
إنّ قارئ هذا الكتاب، يجد نفسه أمام “حقل من الألغام”؛ فلا بدّ له من قراءة السطور، وما خلف السطور، ولا بدّ أن يتوقّف عند النقطة، والفاصلة، والقوسين. ولذلك؛ اختلفت الآراء في شأنه؛ فهناك من رحبّ بالكتاب، وأشاد بجرأة الباحثة، وهناك من شنّع عليها، وأدرجها ضمن المغضوب عليهم.
ترى الباحثة أنّ بوادر انهيار سلطة النبيّ، بدأت مع هزيمة جيشه في غزوة مؤتة 629م؛ فقد تكبّد المسلمون هزيمة نكراء على يد البيزنطيين؛ إذ مات ثلاثة أمراء في هذه الحرب، ولو لم يتدخّل خالد بن الوليد بدهائه العسكري، لأبيد الجيش الإسلاميّ. ثمّ تواصل نسق الانهيار مع غزوة تبوك أو غزوة العسرة 631م، عندما رفض العديد من المسلمين المشاركة في هذه الغزوة؛ لأنّ توقيتها كان موافقًا لموسم الحصاد، ولأنّ الحرارة كانت لا تطاق في ذلك الوقت من السنّة، ولكنّ الحدث الخطير في هذه الغزوة، حصل أثناء عودة الرسول؛ ففي العقبة، تعرّض إلى محاولة اغتيال، وتلمح الباحثة إلى أنّ أصحاب الفعلة والمؤامرة كانوا من أقرب الصحابة؛ بل هي تشير، استنادًا إلى الرواية الشيعيّة، أنّ أبا بكر وعمر هما مُدبِّرا هذه المؤامرة، ولعلّ ما يدلّ على بوادر انهيار سلطة النبيّ، هو عدم قدرته على معاقبة الجناة، ويبدو أنّ الرزيّة الكبرى، وقاصمة الظهر، تمثّلت في موت ابنه إبراهيم وهو في المهد صبيّا.
تهيّأ محمّد ص لملاقاة ربّه، فحجّ حجّة الوداع، ولكن أثناء هذه الحجّة يبدو أنّه نجا من محاولة اغتيال ثانية، في طريق عودته من الحجّ، أشارت الباحثة إليها، وإن لم ترجّحها.
مرض الرسول:
تشير هالة بأن محمّدًا ص كان يشكو من آلام حادّة في الرأس (migraine)، ولكن آلامه هذه ازدادت حدّة في مرضه الأخير إلى درجة الإغماء، وأثناء مرضه، اتّخذ قرارًا تمثّل في إرسال غزوة بقيادة أسامة بن زيد إلى جنوب فلسطين، لمحاربة الروم، غير أنّ القرار لم يلق ترحيبًا من الصحابة؛ فلم يحرصوا على تطبيق أمره؛ فكيف لأبي بكر وعمر أن يذهبا في جيش قائده غلام لا يتجاوز سنّ العشرين؟ وتستنتج الباحثة: أنّ محمّدًا لم يكن يثق في هذين الصحابيين، وأراد إبعادهما عن المدينة، حتّى يكلّف عليًّا بالخلافة، ولكنّ الصحابة أدركوا هذا المخطّط، وعادوا خفية إلى المدينة، ووقفوا حجر عثرة أمام كتابة الرسول لوصيّته الأخيرة، وقد وصفت المصادر هذا اليوم بـــ (رزيّة الخميس)؛ فقد صدّ أو منع عمر، بأسلوبه الفظّ، الرسول الراغب في كتابة وصيّته، واحتجّ بأنّه كان يهجر، أو يهذي، ومن ثمّ، خلصت إلى أنّ عمر فرض سلطته، كما كان يفعل دائمًا.
ثمّ بحثت المؤلفة في سبب مرض محمّد، ونفت الرواية القائلة بأنّ زينب بنت الحارث، وهي يهوديّة، قد سمّمته، ونفت أن يكون مرضه نتيجة السحر الأسود، ورجّحت أن يكون قد أصيب بــ “ذات الجنب” (pleurésie)، ولكنّها لا تستبعد أن يكون وسطه العائلي قد دسّ له السمّ، ومن ثمّ؛ فإنّ خيوط المؤامرة بدأت تنكشف: عمر يمنع الرسول من كتابة وصيّته، وعائشة عين أبيها على محمّد تسمّمه لينال أبو بكر الخلافة.
وفاة الرسول:
عُزل محمّد في بيت عائشة، وضُرب عليه الحصار، وأصبحت عائشة، الحميراء، قناةُ تواصُلِه مع العالم، تنقل إلى العالم من أخبار محمّد ما تريد، وتنقل إلى محمّد من أخبار العالم ما ترغب فيه.
توفيّ محمّد؛ فانتشر الخبر، واضطربت المدينة، ذلك أنّ محمّدًا سيكون على المسلمين شاهدًا، ولمّا جاء محمّد معلنًا نهاية العالم؛ فإنّ وفاته تعني النهاية، وظنّ المسلمون، في البداية، أنّه سيبعث من جديد، وهاج عمر وماج، ملوّحًا بسيفه، ومهدّدًا كلّ من يقول بوفاة محمّد بالقتل. وعمر، كما صوّرته الباحثة: حادّ الطبع، وسريع الغضب؛ فهو يظهر، مرّة، أكثرَ إسلامًا من الرسول، ويعتريه، مرّة أخرى، شكّ يكاد يعصف بإسلامه.
لم يكن المشهد، حسب الباحثة، إلاّ مسرحيّة غايتها ربح الوقت، حتّى يتمكّن أبو بكر من تسوية الأمور وضمان الخلافة؛ فقد صوّرت الباحثة أبا بكر على أنّه شيخ مرهف الإحساس، يبكي سريعًا، ولكنّ هذا الرجل كان شيطانه في جيبه، وبعد أن أتمّ صفقته، وحبك خيوط اللعبة، جاء مستشهدا بآية، يقول عمر أنّه لم يسمعها إلاّ في تلك اللحظة، رغم أنّ عمر كان حادّ الذاكرة؛ فهو يتذكّر من الآيات ما لا يعرفه غيره، من ذلك؛ آية الرجم وإرضاع الكبير، التّي أكلها داجن حسب عائشة، وقد ظلّت جثّة محمّد من الاثنين إلى الأربعاء ليلًا، حتّى تعفّنت، واقتنع الصحابة بموته، ثم تعهّدها عليّ وبعض آل البيت، ودُفنت، ولم تتفطّن عائشة بمراسم الدفن، إلاّ عندما سمعت وقع الفؤوس.
استنتجت الباحثة من خلال عرضها هذا بعض الأمور الخطيرة:
-
لم تكن لمحمّد القداسة التّي يتمتّع بها اليوم لدى المسلمين، ولم يكن إلّا بشرًا يأتِي برسالة، ولم يكن في نيّته تأسيس دين؛ بل جاء بفكرة نهاية العالم، ولعلّ ما يدلّ على عدم تقديس الصحابة لمحمّد؛ عدم حضورهم لمراسم الدفن، فضلًا عن أنّ قبره ظلّ غير معروف إلى عهد الوليد بن عبد الملك.
-
انتهت الباحثة، من خلال رواية موت محمّد، إلى: أنّ محمّدًا جاء بفكرة نهاية العالم، وبموته تفطّن المسلمون بأنّ الساعة لم تحن بعدُ؛ فانبروا يؤسّسون دينًا جديدًا؛ عُمدته في المستوى السياسي: نظام الخلافة، وأساسه في المستوى الدينيّ: ابتكار النصوص الدينيّة. وقد وعى هذا الأمر، منذ البداية، أبو بكر وعمر.
سلام عليكم جميعاً
رزقنا الله تعالى واياكم معرفة الحقيقه والعمل بها قبل فوات الأوان
غداً سنقف بين يدي الله تعالى وسنرى
رسول الله ص وابو بكر وعمر
فالواقوف خلف رسول الله ص فائز لا محال
نصيحتي للاخوان جميعاً دراسة وبحث ما قام به الصحابه وخاصة ابو بكر وعمر بحث جدي ولو مع انفسنا كي نختار الوقوف خلف مَن غداً هل خلف رسول الله ص أم خلف …… ؟ لانه ياإخوان المسأله مسألة خلود إما في الجنه أو في النار
أسال الله تعالى ان يجنبنا واياكم التعصب الذي يحرمنا جنة الخلد ويدخلنا نار الخلد
ليس هناك جديد في قصة استشهاد الرسول صلى الله عليه وال وسلم، حياته واستشهاده واضح في كتب الصحاح، ولكن المغفلين كثيرون لانهم لم يقراوا وانما ظلوا يستمعون الاحاديث المغلوطه من هذا وذلك من علماء البلاط والسلاطين..
الكاتبه كانت جدا شجاعه واشجع من كثير من علماء الدين الذين اخفوا كثيرا من الحقائق ارضاءا لاسيادهم ولا يدرون انهم وضعوا انفسهم في عقر جهنم…
نتمنى من الكاتبه الشجاعه الاستمرار ووفضح الحقائق وفضح علماء السلاطين، لانها ان لم توضحه الان فسياتي من يفضحهم عاجلا ام اجلا
لو كان ما ذهبت إليه الكاتبة صحيحا لإندثر الاسلام مبكرا بعد وفاة عمر وابو بكر لكن ما نراه الآن وما زلنا الاسلام ينتشر في جميع ارجاء الكون وهذا دليل ان رسالة محمد حق وان ما تفضلت به الكاتبة ما هو إلا ترف فكري أرادت به الظهور والشهرة .
بحث رائع ..وقمة روعته تجرده عن العواطف والقدسية المزعومة لشخوص المسرحية.
نعم كانت مسرحية تراجيدية نهايتها (إنقلبتم على أعقابكم) عادت معها نزعات الجاهلية بأبعادها السلطوية والإقتصادية؛ وخطّت لنا ديناً (وضعياً) وضاعت لمسات دين محمد (التكويني السماوي) لحد أننا لم يصل إلينا هل كان محمد يغسل أم يمسح قدميه في الوضوء؟ هل كان يقف للصلاة سابلاً يديه أم متكتفاً؟ هل كان يسجد على سجادة أم على تربة مقفرة؟؟ ناهيك عن مئات التناقضات في المروي عنه!!!
أحيي صراحة وجرأة الكاتبة؛ وأتمنى منها الخوض في التفاصيل وسنكتشف أننا نعيش عقوبة التيه لا لأربعين سنة بل لألف وأربعمائة سنة ويزيد ….!
تخاريف مزيج من فكر نصراني .وفكر إلحادي ..هذه الكاتبة نتاج تربية علمانية عاشتها البلاد التونسية زمن الحقبة البورقيبية .وقد طبقت نتاج المنهج البحثي العلماني المنفصل عما حوته كتب التفسير وكتب الحديث لدرجة انها صورت الإسلام مجرد رسالة عابرة ..لم يؤمن بها حتى الرسول محمد . لا دينا تعاقب وحيه على مدى ثلاثة وعشرين عاما..وفي كل آياته دعوة للدين الجديد ..خاتم الأديان السماوية ..طبعا من المستحيل في هذه العجالة .تصحيح اخطاء هذه الكاتبة الجريئة من حيث المنهج ومن حيث استقراء الاحداث وتحليلها..
لا أعرف الكاتبة ولم اتابعها ولكنني اتسائل: هل هي إيرانية الهوى متشيعة على خلطة علمانية. فكل ما قرأته هنا موجه ضد الإسلام الاكثري ولصالح الفهم الإيراني وما شابهه للإسلام.