إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
اول ملاحظة هي عن “خطاب القسم: فقد تميّزَ بالوضوح، وبرسائل سياسية خارجية وداخلية، ولكن اهم ما في الخطاب انه تحدث عن حَصرية السلاح بيد الدولة وأنه تجاهلَ ثلاثية ما يُسمّى، زوراً، “الثنائي الشيعي” وهي “شعب وجيش ومقاومة“! كما لم يأتِ على ذكر “المقاومة” في الخطاب، بل وتعهَّدَ بأن تكون الدولة وحدها في مواجهة اسرائيل.
ثنائيتان هزمهما انتخاب جوزيف عون رئيسا للجمهورية:
الثنائية الشيعية”، التي عطلت انتخاب الرئيس لسنتين وشهرين واسبوعين، وفي يقينها تكرار سيناريو انتخاب ميشال عون رئيسا حينما صرَحَ امين عام حزب الله يومها، حسن نصرالله، متهكما ومتوجها لقوى المعارضة بالقول “خدو وقتكن، بس تقتنعوا بانتخاب ميشال رئيس بيصير عنا رئيس“! وكان له ما اراد بعد سنتين ونصف من تعطيل المجلس النيابي! تكرار “سيناريو 2016” بدأ مع مع اعلان ترشيح سليمان فرنجيه وتعطيل جلسات الانتخاب. ولكن نتائج “حرب الاسناد”، وسقوط نظام بشار الاسد، وانحسار النفوذ الايراني، ارغم الثنائي الشيعي على التخلي عن مرشحه، فكان لا بد من “سيناريو” يسمح لهذا الثنائي بالنزول عن شجرة الغطرسة والاستكبار. وجاء “السيناريو” بانسحاب فرنجيه من السباق الرئاسي ما حرر، شكلاً، الثنائي من الالتزام بترشيحه. اما الخطوة الثانية فجاءت عبر التصويت بورقة بيضاء في الدورة الاولى بحيث ظهرت جلياً “حاجة” العماد جوزف عون الى اصوات الثنائي للفوز بمنصب الرئيس. فرفع نبيه بري الجلسة لساعتين “للتشاور” حسب زعمه.
وأشارت معلومات الى انه، خلال الساعتين، التقى العماد جوزيف عون مع رئيس كتلة نواب حزب الله، “محمد رعد”، ومستشار نبيه بري “النائب علي حسن خليل”، حيث حصل الثنائي على ضمانات من الرئيس المقبل.
وعلى اثر ذلك اقترع الثنائي في الدورة الثانية لصالح العماد جوزف عون.
مخرج الثنائي شكلي، لأنه قيلَ أن العماد جوزف عون أنه لا يساوم ولا يعطي جوائز ترضية مسبقة. بل كل ما في الامر ان اللقاء كان لايجاد مخرج شكلي للثنائي للالتحاق بركب المُصوّتين له.
الثنائية المسيحية
اذا كانت الثنائية الشيعية توحدت في موقفها، فإن “الثنائية المسيحية” تباينت مواقفها وإن كانت التقت على رفض التصويت لقائد الجيش، كل من خلفيته.
التيار العوني، رفض بشكل قاطع التصويت لقائد الجيش والتزم بقراره، وصوت نوّاب التيار العوني بأوراق “السيادة والدستور“!.
خلاف جبران باسيل وقائد الجيش تحول من سياسي الى شخصي. ولم يتوانَ “باسيل” عن التهجم على قائد الجيش بشخصه او بمنصبه، كما ان قائد الجيش رفض منذ اكثر من سنة كل الوساطات التي سعى اليها باسيل لمصالحة القائد، ولم يتجاوب مع اي منها.
على جبهة “القوات اللبنانية“، فقد راودت رئيس” القوات”، الدكتور سمير جعجع، فكرة الترشح لمنصب الرئيس. وحتى عشية الانتخابات، فقد أبقى موقفه ملتبسا من تأييد عون، بحيث اعلن موافقته على هذا الترشيح مع اضافة كلمة و“لكن“!
اشترط جعجع اعلان “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني” موافقته على التصويت لقائد الجيش لكي يحسم هو موافقته، متذرعا بضرورة حصول القائد على 86 صوتا من اجل تلافي تعديل الدستور، الذي لا يجيز لموظفي الفئة الاولى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ما لم يستقيلوا من منصبهم قبل ستة اشهر على الاقل من موعد الانتخابات.
وأضاف جعجع شرطا آخر، وهو ضرورة ان يزوره قائد الجيش في مقر اقامته في “معراب”، ليتعرف اليه والى برنامجه للحكم، قبل ان يقرر التصويت له. متذرعا ايضا بأن أحد لا يعرف شيئا عن برنامج قائد الجيش كرئيس للجمهورية.
وحتى السابع من الجاري، حسم جعجع خياره بالتصويت للمرشح “جهاد أزعور” وبدأ سلسلة اتصالات بنواب المعارضة والنواب المستقلين، طالبا منهم التصويت لأزعور بحجة ان هناك “تهريبة” يسعى لتمريرها الرئيس نبيه بري بالاتفاق مع التيار العوني، للتصويت لرئيس يكون قريبا من محور الممانعة، قيل انه العميد المتقاعد “جورج خوري“.
في تلك اللحظة، وصل “يزيد بن فرحان” كممثّل لوزير الخارجية السعودي الى لبنان، ومن بعده المبعوث الاميركي اموس هوكشتاين الذي زار السعودية قبل وصوله الى لبنان. وسمع الجميع ان لا رئيس إلا قائد الجيش الذي يُحظى بثقة المجتمعين العربي والدولي، واذا قرر المجلس النيابي التصويت لسواه او الاستمرار في التعطيل، فليتحمل العواقب. وليس اقلها عقوبات اميركية فور استلام الرئيس ترامب مهامه الرئاسية، فضلا عن حجب اموال المساعدات عن الحكومة اللبنانية، وتاليا لا إعمار للمناطق المدمرة، ما يعني بقاء اكثر من 500 الف مواطن لبناني، من الشيعة في معظمهم، في العراء ومن دون منازل.
وقعُ الضغوطِ السعودية ـ الاميركية اسفر عن تَحَوُّل جعجع من التصويت بشروط لقائد الجيش الى التصويت غير المشروط بل والحصري ومن دون “مرشح ظل” بديل. وهنا، كان لا بد من “إخراجٍ” لارضاء الدكتور جعجع. فدعا نواب المعارضة الى مقر اقامته في “معراب“، واعلن المجتمعون، من “معراب“، تأييدهم الحصري لقائد الجيش.
وهذا ما سيستعمله “جعجع” لاحقا، للقول ان الرئيس خرج من “معراب“.
ولارضاء “الحكيم“، تم تسريب خبرٍ يقول ان قائد الجيش التقى به قبل انتخابه رئيسا! عَلماً انه تم تسريبُ خبر قبل اسبوع، على لسان النائب اشرف ريفي، وفيه ان لقاءا سيجمع قائد الجيش بالدكتور جعجع، في حين اعلن رئيس جهاز التواصل والاعلام في حزب القوات شارل جبور، “أن على قائد الجيش زيارة “معراب“، قبل ان تقرر القوات التصويت له“.
وحدُهُ رئيس الحزب الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، استبق كل محاولات الضغوط واعلن تأييده ترشيح قائد الجيش، قبل اكثر من شهر، فضمن مكانته في العهد الجديد بفعل قوة التمثيل الشعبي الذي يحظى به جنبلاط في صفوف طائفة الموحدين الدروز، من جهة، وبفعل موالاته للعهد من دون شروط، من جهة ثانية.
يبقى ان انتخاب العماد عون ارخى بثقله ارتياحا شعبيا في اوساط اللبنانيين التواقين الى ملء الشغور الرئاسي تمهيدا لاعادة بث الحياة في عروق الدولة ومؤسساتها.