حينما استولى برفيز مشرّف على السلطة في العام 1999، فقد حاصرته طلبات أميركية ملّحة بأن يضع حدّاً لدعم الجيش الباكستاني للطالبان في أفغانستان وبأن يساعد في إلقاء القبض على بن لادن.
وقبل يومين، حينما استعرض مشرّف الجنود الذين أدّوا له التحية لآخر مرة لمناسبة تخلّيه عن الرئاسة، فإن الحكومة التي ستليه ستجد نفسها، هي الأخرى، محاصرة بتهديدات الأميركيين وحلف الأطلسي: إما أن يساعد الجيش الباكستاني في إلقاء القبض على بن لادن وأن يفعل المزيد لوضع لحد للحملة العسكرية المزدوجة التي يشنّها الطالبان في أفغانستان وباكستان، أو أن تواجه مزيداً من القصف الأميركي داخل باكستان نفسها.
فخلال السنوات التسع التي قضاها مشرّف في السلطة، يبدو أن القليل قد تغيّر.. فحينما أطاح بحكومة نوّاز شريف المنتخبة، وعد مشرّف بإقامة “ديمقراطية حقيقية”، ولكن تركته تتلخّص في حكومة مدنية متعثّرة ومنقسمة نجح العسكر يون في إخضاعها، وشعب منقسم الولاءات وكثيف التسليح، وأزمة إقتصادية كارثية، يصل التضخّم فيها إلى 25 بالمئة، علاوة على “الطالبان الباكستانيين” الحديثي النشأة الذين باتوا الآن يدقّون على أبواب إسلام آباد.
في خطابه الأخير للأمة، حاول مشرّف أن يعرض كل الأمور الحسنة التي فعلها. ولكن معظم شعب باكستان يعتقد أن سنواته في السلطة جعلت الوضع السياسي أسوأ مما كان من قبل.
إن ثلاثة من العسكريين الأربعة الذين حكموا باكستان قد فقدوا السلطة بفعل تحرّكات شعبية، ولكن السياسيين الذين أعقبوهم كانوا دائماً يخفقون في الإستفادة من الرغبة في الديمقراطية وفي التنمية الإقتصادية وكانوا دائماً يُعزلون من جانب العسكر بحجّة الفساد وعدم الكفاءة. إن خطر العودة إلى هذا السيناريو المجرّب أقوى الآن مما كانت في أي وقت مصى.
إن قسماً كبيراً من المسؤولية عن هذا الوضع يعود إلى كره مشرّف للديمقراطية وإلى إخفاقه في الإٍستفادة إلى أقصى حد من الفرص التي وفّرها الغرب بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، حينما تلقّى دعماً مالياً كبيراً جدا (8،11 مليار دولار من واشنطن وحدها ) ودعماً سياسياً راسخاً.
لقد وصل مشرّف إلى السلطة على رأس موجة من الشعبية بعد أن كان السياسيون قد أثبتوا فشلهم مرة أخرى، ولكنه أخفق في تركيز النظام عبر إعادة بناء مؤسسات الدولة وعبر التخطيط لانتقال حقيقي ودائم نحو ديمقراطية قابلة للإستمرار.
ففي العام 2002، وبدعم أميركي وبريطاني كبير، قام مشرّف بتزوير الإستفتاء الذي أصبح بموجبه رئيساً لمدة خمس سنوات، ثم قام بتزوير الإنتخابات العامة عبر إبقاء قادة الأحزاب الرئيسية في المنفى وعبر تشكيل حكومة مؤلفة من سياسيين موالين للجيش. وفي العام الماضي، حينما نزل ملايين الباكستانيين إلى الشوارع مطالبين بحكم القانون وبالديمقراطية، وحينما تصاعد الضغط الغربي عليه للشروع بالإنتقال إلى الديمقراطية، فقد تلكّا وأخذ يماطل.
وفي شهر نوفمبر الماضي، أعاد فرض الأحكام العرفية لتدعيم شعبيته المتهافتة ومصداقيته. ولكن الإجراءات المتطرّفة التي فرضها- عزل قضاة المحكمة العليا، وفرض الرقابة على الصحف، واعتقال ألوف الناشطين- أثارت حنق الأمة وعبّأت سياسيي المعارضة.
وهكذا اضطر مشرّف للتراجع عن إجراءاته وللدعوة إلى انتخابات حرة ونزيهة في شهر فبراير. وأسفرت الإنتخابات عن سحق أنصاره وعن عودة خصومه إلى السلطة. ومنذ ذلك الحين، فقد سعى هؤلاء وأخفقوا في التعاون مع مشرّف، الذي ظلّ على اعتقاده بأن السلطة السياسية ينبغي أن تنحصر في يد الرئاسة.
في هذه الأثناء، لعب مشرّف والجيش لعبة مزدوجة في الحرب على الإرهاب. فقاموا بمطاردة قادة “القاعدة” الذين اختبأوا في المناطق القبلية المجاورة لأفغانستان، ولكنهم، سرّاً، سمحوا للطالبان الأفغان بإعادة تجميع قواهم وإعادة تنظيم أنفسهم فوق التراب الباكستاني. فبالنسبة لمشرّف، يمثّل الطالبان الأفغان ضمانة بأن الأميركيين لن يسحبوا قواتهم من أفغانستان، وضمانة ضد السياسيين الأفغان الذين يكرههم جيش باكستان، وضمانة ضد النفوذ الهندي المتزايد في أفغانستان.
ولكن ردّ الفعل كان حتمياً. فقد اجتاح التطرّف قبائل “البشتون” الباكستانية التي وفّرت الحماية لبن لادن وللطالبان الأفغان حينما تراجعوا إلى باكستان في العام 2001. وأنشأ “البشتون” ميليشيات خاصة بهم، وبات هدفهم هو تحويل باكستان إلى دولة إسلامية على الطريقة الطالبانية.
لقد استولت هذه الميليشيات، التي تُطلَق عليها الآن تسمية “طالبان الباكستانية” على مناطق القبائل المتاخمة لأفغانستان وهي تروّع معظم مناطق شمال غرب باكستان. ولم ينمّ الجيش عن إستعداد كبير للقتال ضدهم. وبعد أن انضمّ إليهم مقاتلون من أنحاء العالم ومقاتلون عرب من العراق، بات “طالبان باكستان” قوة عسكرية يُحسَب لها حساب وشرعوا بشن هجمات إنتحارية ضد الجيش الباكستاني نفسه. وفي ديسمبر الماضي، قاموا باغتيال الشخص الوحيد الذي كان قادراً على توحيد البلاد: زعيمة حزب الشعب الباكستاني، بنازير بوتو.
إن رحيل مشرّف يمثل نصراً مؤكّداً للقوى الديمقراطية، ولكن ليس ضرورياً أن يوحّد باكستان. فحزب الشعب، الذي يترأسه الآن زوج بنازير، آصف زرداري، يحكم بواسطة حكومة إئتلافية تعيش حالة نزاع داخلي دائم.
والمنافس الرئيسي هو نوّاز شريف، رئيس الرابطة الإسلامية الباكستانية، الذي لا يوفّر فرصة لمحاولة إسقاط حزب الشعب. ويعتقد شريف أن شعبيّته مع المقاعد البرلمانية التي يسيطر عليها في مقاطعة البنجاب التي تمثّل أغلبية البلاد ستتيح له الوصول إلى رئاسة الحكومة. وبدلاً من إنتظار الإنتخابات المقبلة، فإنه يريد رئاسة الحكومة الآن. ويضاف إلى الصراع بين أطراف الإئتلاف عدمُ الثقة بين الجيش والحزبين.
خلال الأشهر الستة الماضية، أخفق الإئتلاف الحاكم في وضع إستراتيجية مشترك لمكافحة التطرّف. فالجيش يريد أن تتحمّل الحكومة المسؤولية السياسية عن ملاحقة المتطرفين، حتى لا تزداد النقمة على الجيش وهي كبيرة أصلاً. ويبقى على أحزاب الإئتلاف أن تضع إستراتيجية مشتركة في ما بينها، ولكن شريف يرفض ذلك لأن يستقي قسماً كبيراً من شعبيته من أوساط الملات في البنجاب.
إن رحيل مشرّف يمثل بالتأكيد نقطة فاصلة تضع حداً لفترة طويلة من الحكم العسكري الشخصي. ولكن الفوضى التي تركها خلفه ستظل تلاحق باكستان والعالم في الأشهر المقبلة وستجعل المجتمع الدولي حتى أكثر قلقاً من قبل بالنسبة لمستقبل باكستان مع تزايد قوة الأصوليين وجرأتهم.
مشرّف يترك باكستان منقسمة وخطر العودة إلى الحكم العسكري قائم
كل شيء في الدنيا قابل للتصديق حتى (الغول والعنقاء والخل الوفي)إلا نقطة واحدة لا يمكن تصديقها حتى لو أقسم أحدهم على الماء فتجمد الماء,إنها قصة عجز القوى الخفية التي تدير العالم عن الإمساك بشلة أسامة بن لادن وأسامة على رأسهم,يا عالم يا هوه(إذا حدث العاقل بما لا يليق وصدق فلا عقل له)هل كل الخليقة بدون عقل؟حتى بيار؟
مشرّف يترك باكستان منقسمة وخطر العودة إلى الحكم العسكري قائم
دمار باكستان والمنطقة بدا عندما جزء وقسم الهند الى اشلاء بعملية دموية قذرة ووسخة الى هند وباكستان وبنكلدش وكشمير من قبل الجهلة والمتخلفين والحمقاء والعنيفين وخاصة المسلمين ومع الاسف باسم الاسلام مع ان غاندي كان ينادي باللاعنف والديمقراطية ووحدة الهند ولكن استغلال الجهلة والمغفلين في المنطقة من قبل بريطانيا قسمت الهند مع الاسف تحولت باكستان الى ديكتاتوريات عسكرية متخلفة(حكم عسكري ديكتاتورية واستبداد وتقييد الحريات وخرق الدستور الخ…) وظهر التطرف والارهاب والحروب والاستعمار منها طالبان في افغانستان والاستعمار الروسي ثم الامريكي.