تحاصر زائر مدينة “مرجعيون” الجنوبية، بعد مرور أكثر من عشرة أعوام على “التحرير”، أسئلة واستفهامات كثيرة، وتلاحقه علامات التعجب من حال الجمود المسيطرة عليها. فالمدينة التي نامت على وعود الإنماء والإنتماء، بعدما سلخها الإحتلال طيلة إثني وعشرين عاما عن سياقها الوطني وامتدادها الجغرافي، استفاقت على عزلة قسرية عن محيطها فرضتها لزوميات “التحرير” وسياساته. عزلة تطبق على كل مظاهر الحياة الإجتماعية والإقتصادية وحتى الوطنية. وفي الساحة التي أعادت تأهيلها ورصفها جمعية”مرسي كور” الأمريكية، غاب صخب الحياة وحل مكانه ترقب قاتم المعالم وتوجُّس من مستقبل مجهول. مدينة يقتصر سكانها على عدد من العجائز وبعض المزارعين، أما الشباب فقد غادروا لغياب فرص العمل و مصادر العيش اللائق وربما لانعدام الشعور بالأمن والأمان.
أهالي “مرجعيون”، الذين فقدوا تقنية التواصل مع من حولهم ،أصبحوا يتوجسون خيفة من كل قادم جديد ويلوذون بالصمت أمام أي سؤال!
تقول السيدة السبعينية، التي تمضي سحابة يومها في الجلوس إلى الشرفة، إن أبناءها الخمسة تفرقوا في أصقاع الدنيا، وماتت في نفوسهم جذوة الحنين إلى الوطن. هم لا يأتون إلى “مرجعيون” حتى في الإجازات. حال هذه السيدة تنسحب على من تبقى من سكان المدينة،التي كانت في ما مضى مأوىً للثوار ضد الإستبداد العثماني ومحط رحال القوافل القادمة من سوريا وفلسطين إلى كل الوطن، وكانت مدارسها قبلة المتعلمين والمتعلمات من مختلف مناطق الجنوب. كما بقيت على مدى أزمنة مثالا للعيش المشترك. فقد حضنت أرضها عدداً من الطوائف المسيحية، إضافة إلى عائلة “الحيادرة” من الطائفة السنية. وارتفعت فيها كنائس للروم الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة والإنجيليين، إلى جانب مسجد أبي بكر الصديق. وتذكر التواريخ أن بلدة “مرجعيون” شهدت ولادة أول جريدة أسبوعية في جبل عامل في العام 1909 على يد أحد متعلميها الدكتور أسعد أديب رحال.
تشير إحصاءات حزب الله أن 60 % من اللبنانيين الفارّين إلى إسرائيل هم من المسيحيين، ومن تبقى هم من الشيعة ثم الدروز. ولا شك أن من بينهم عددا من أبناء مدينة “مرجعيون”.
يقول (جورج ص): “العملاء حملوا ذنوبهم في أعناقهم وفروا، لكن تهمة العمالة ما زالت تلاحقنا”! ويدعي أبناء منطقتنا(“المسيَّسون”) أننا مستاؤون أو متضررون من انسحاب إسرائيل ونتمنى عودتها! نحن في نظرهم أناس مشكوك بوطنيتهم، ويتعاملون معنا بحذر بل بكيدية. مجتمعنا كله يرزح تحت نوع من الرقابة الفوقية، تجعلنا نشعر أننا جواسيس معرضون للإستجواب والتحقيق في أي لحظة!
ويرى (موسى ح) أن “التحرير” قد حوّل المنطقة إلى “محكمة” منعقدة دوماً، مضطرون معها إلى إثبات إنتمائنا ووطنيتنا بشكل يومي!
ويضيف (فؤاد ج): “خطوطنا الهاتفية مراقبة، كذلك أحاديثنا مع زوجاتنا وأولادنا وجيراننا. الأمنيون منتشرون في كل مكان، في الحارات والأزقة وبين البيوت، حتى ضيوفنا يخضعون للمراقبة والمساءلة”.
عجلة الحياة في “مرجعيون” لا تجد من يدفعها. فالمدينة فارغة خاوية على عروشها. وقد حاولت بعض الجمعيات المحلية والأجنبية، بمساعدة من البلديات المتعاقبة، إرساء نوعٍ من الحياة المدنية فيها. فتم تأهيل سوقها التاريخية، وترميم عدد لا بأس به من البيوت التراثية. لكن محاولاتها باءت بالفشل، ولم تفلح في مد جسور الأمان المفقودة بين أهالي المدينة والمنطقة.
الوضع الإقتصادي في “مرجعيون” منهار تماما. أغلب المحال والمؤسسات التجارية والمكتبات أغلقت أبوابها، واقتصرت حركة البيع والشراء فيها على بضع دكاكين صغيرة تؤمن الحاجيات اليومية المنزلية. ولولا “السراي” الحكومية التي استأنفت عملها بعد “التحرير”، والمستشفى الحكومي على مدخلها، لا تعرف المدينة أي جديد.
أهالي “مرجعيون” دفعوا ضريبة إنتمائهم للوطن مرتين. مرة للعدو ومرة أخرى لمن دحره! فالبحبوحة المادية التي كانوا ينعمون بها أيام الإحتلال كلفتهم أثمانا غالية وضغوطات، ليس أقلها الإنتساب إلى جيش لحد بعد تعذر فرص الرحيل لأسباب مادية. مع التحرير، التصقت بهم صفة “العمالة” كقدرٍ لا مهرب منه، فاتسعت دائرة الضغوط.
هناك كانوا مستلبين ومهددين في حياتهم و كراماتهم وهنا أيضا! هذا ما دفع بالكثيرين إلى الهجرة والبحث عن أوطانٍ بديلة، بعد أن أصبح الوطن والوطنية حكرا على فئة معينة.
تقول (جين أ): “كأنه لا تكفينا هجرة أبنائنا، لتضاف إليها مسألة بيع الأراضي الممنهج. صرنا نخاف أن يأتي يوم نجد فيه بيوتنا التي نسكن فيها، قد تم بيعها دون علمنا! فأغلب الأراضي المحيطة بالمدينة بيعت إلى غرباء عن المنطقة. وهناك على التلة خلفنا، أنشأوا مدينة قائمة بذاتها: مساكن ومحال تجارية ومدرسة ومسجد وأسكنوا فيها أشخاصا لا يشبهوننا! ولا ندري متى تتسع دائرة هذه المدن لتقضم ما بقي من مدينتنا، فالزحف مستمر، والناس هنا صاروا يفضلون الهجرة في غياب مقومات البقاء الأساسية.
إضافة إلى مسألة “شراء الأراضي”، تبرز في “مرجعيون” وجوارها ظاهرة “احتلال البراري”حيث بات ممنوعا على الصيادين والمزارعين الذهاب إلى أراضيهم الزراعية البعيدة نسبيا، بحجة أنها “مناطق عسكرية”! فالسفوح والمنحدرات وممرات الجبال الوعرة أصبحت ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة ومخيمات تدريب.
الغريب في “مرجعيون”، رغم المساعدات المالية العربية والأجنبية التي تتدفق على المنطقة، أن أغلب بيوتها لم تعد صالحة للسكن. وقد هجرها أصحابها إلى غير رجعة. والشوارع مقفرة. ولولا بضعة أضواء تلوح خلف عدد ضئيل من النوافذ، لظن العابر أنه في مدينة أشباح.
وما يدعو للدهشة أن الوضع نفسه يتكرر في القرى المسيحية التي تحيط بالمدينة، بينما نجد نقيضه في القرى الشيعية! فيمتد الوجوم الجنائزي ليخيم على بلدات “القليعة” و”برج الملوك” و”دير ميماس” المسيحية، في حين تنقلب الصورة رأسا على عقب بعد أن تعبر السيارة تقاطع “تل النحاس” باتجاه بلدة “كفركلا” الملاصقة للشريط الشائك. بلدة رغم أنها وُصِفَت بعملائها الخطيرين من الدرجة الأولى، إلا أنها تعيش في سلام أبدي مع مكونات المنطقة، بعد أن شملها “العفو الحزبي”، إذ لم نقل “الطائفي” ومنحها صك البراءة!
نزولا صوب سهل “الخيام”، أو سهل “مرجعيون”، فأبناء المنطقة غير متفقين على التسمية! حيث ما زالت بلدة “الخيام” تلملم أضرار حرب تموز. من هناك تبدو المستعمرات الإسرائيلية أكثر وضوحا وأقرب جغرافية. فترى بأم العين جرّارات زراعية تعمل على شق الأراضي، وكروم تفاح وعنب وتين وزيتون في وسطها معامل لتعليب الفاكهة وتصديرها وبرك مياه صناعية، ومستوطنون ينعمون بالخير والأمان.
وفي جانبنا اللبناني أراضٍ زراعية قاحلة، وأشجار متهاوية، ويباس سيطَرَ على القلوب قبل الحقول.
“مرجعيون” في “ولاية الفقيه”: أمان مفقود وأراضي تُشترى خِلسة وبراري ممنوعة لأهلها! أيمن محمد قبل أي تصنيف أو تعريف لبلدة جديدة مرجعيون، على السادة القرّاء معرفة سيرة أهلها الكرام،،، فالعائلة الحيدرية على سبيل المثال التي تنتمي إلى الطائفة السنية الكريمة،قاتل شبابها العدو الصهيوني وعملائه، واجه اجتياحه وقدّمت هذه العائلة الشهداء أثناء تلك المواجهات وعندما طرد أهلها ودكت منازلهم أرضاً بعد سقوط البلدة تحت سيطرة العدو وعملائه،نزحت العائلة إلى العاصمة وتشتتت في أرجائها وأعادوا كرّتهم الأولى ولكن باتجاه الإستبداد السوري هذه المرةوأعادوا استقبالهم للعدو الصهيوني أثناء اجتياح 82 بفوهات البنادق ضمن فصائل المقاومة اللبنانية… والان من تهجير إلى تقصير بحق أبناء… قراءة المزيد ..
“مرجعيون” في “ولاية الفقيه”: أمان مفقود وأراضي تُشترى خِلسة وبراري ممنوعة لأهلها! Hanna Bayoud Marjeyoun Hello Michael – i am one of the admin of the site (http://en-gb.facebook.com/pages/Marjeyoun/50328312935?v=wall&viewas=0) and my name is Hanna Bayoud. Thank you for sharing this article on our fan page. I read it very carefully and i have to say it does not really give our beloved town Jdeida and its people what they deserve. I have to say it is very clever how this article is put together but it does not reflect the true essence of why we have problems in Marjeyoun and surely… قراءة المزيد ..