إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
آثر النائب “ابراهيم كنعان”، عضو تكتل نواب “العونيين”، ان يقوم بمبادرة لَم شمل النواب والكوادر المستقيلين والمصروفين من التيار، بدلاً من مغادرة “التيار”. وهو، بدوره، ينتظر قرار شطبه من”التيار”، بعد ان استعرت الحملة عليه، من رئيس”التيار”واعوانه، إثر إطلاقه المبادرة. فضلا عن الكلام الذي يبلغ مسامعه تباعا عن موقف الجنرال عون منه، والذي يزداد ضراوة يوما بعد يوم، تمهيدا لاستدعائه للمثول امام مجلس “حكماء التيار” برئاسة الجنرال، لتطويعه او طرده، علما ان “كنعان” قرّرَ أن لا يمثل امام المجلس المذكور، ما يعني أنه سيتم طرده عاجلا أم آجلا من”التيار”.
مثّلَ النائب “ابراهيم كنعان حالة مستقلة “مَتنية” (نسبة الى قضاء المتن)، داخل“التيار” العوني، منذ نشأته، واستطاع ان يجعل لنفسه حيثية منفصلة عن“التيار” بجهوده الشخصية ودعم عائلته، والعلاقة التي نسجها والده الراحل يوسف كنعان مع الصرح البطريركي، والكنيسة عموما.
بيت “كنعان” في قضاء المتن من انصار “حزب الكتلة الوطنية”. وعلى غرار الكثير من “الكتلويين”، أغرتهم شعارات الجنرال عون، في بداياته، التي لم تكن بعيدة عن طروحات العميد ريمون اده، لجهة الانتصار لمنطق الدولة على حساب الميليشيات والدويلات. فالتحق ابراهيم بالتيار العوني في بداياته ناشطا متقدما على رفاقه لشخصه وحيثية العائلة الكتلوية، فسبب إزعاجا ونقزة لزعيم المتن يومها النائب ميشال المر والرئيس اميل لحود، ما حملهما َعلى مضايقته عبر سلطات الوصاية السورية، وصولا الى تلقيه تهديدات مباشرة. فآثر الهرب الى لندن، حيث أسَس عملاَ حراً هناك، وكان مرجعا لشباب التيار العوني الهارب من. لبنان، يأويهم ويحتضنهم ويؤمن لهم اعمالا، إضافة الى نسجه علاقة مع الادارة البريطانية. فكان صلة وصل بينها وبين الجنرال، ثم عمل على تطوير هذه العلاقة، لتمتد من عون الى البطريرك الراحل مار نصرالله صفير، فكان ابراهيم، ناقلا للرسائل بين بكركي البطريرك صفير، والادارة البريطانية، وكان مكتبه في “الجديدة”، مَقرّاً للقاءات يعقدها قادة لقاء ما عرف بـ“قرنة شهوان“، في اعقاب إطلاق مجلس المطارنة الموارنة نداءهم الشهير الذي طالب بخروج الجيش السوري من لبنان عام 2001.
عاد ابراهيم الى لبنان، ناشطا مميزاً. فاستحق الترشُّح عن المقعد النيابي في قضاء المتن، وكان من المقربين للجنرال، الذي كان يوزع الادوار على الكوادر والمناصرين، قبل ان يصاهره جبران باسيل. وما زال كنعان على ولائه المطلق للجنرال، ولا يريد ان يجرح خاطره، بأي موقف يصدر عنه. إلا أن ملاحظاته على أداء “التيار” ورئيسه لا تختلف في جوهرها ومضمونها عن ملاحظات النواب والكوادر التي استقالت او طردت من التيار. الفرق هو أن كنعان كان يعمل بصمت وخلف الستائر، للحؤول دون تشرذم “التيار”، وكان يسعى لدى المعترضين وقيادة “التيار”، والجنرال خصوصاً، كي لا تصل الامور الى قرارات بالطرد او الاستقالة او الإقالة. إلا أنه لم يفلح بسبب التأثير المطلق لباسيل على عمه وتبادل الادوار بينهما للتخلص من كل القيادات والكوادر التي تقول “لا” داخل “التيار”.
بين باسيل وابراهيم كنعان، لا كيمياء ولا فيزياء! باسيل يريد ابراهيم كنعان “زقّيفا” خلفه، ينفذ قراراته دون اعتراض. حتى تظهرت مواقف باسيل وعون الساعية الى إقصاء ابراهيم من النيابة في الانتخابات الاخيرة، والانتخابات التي سبقتها، في العام 2018، حين اوعز باسيل الى انصار التيار العوني في المتن، بطلب من الجنرال عون، بعدم التصويت لابراهيم كنعان للتخلص منه. إلا أن النتائج خذلتهم، وفاز ابراهيم كنعان في الدورتين، خلافا لرغبة الجنرال وصهره، محققا نتيجة أثبتت انه حالة “متنية” خاصة بمعزل عن تصويت التيار العوني.
ومع ذلك، ومع علم “ابراهيم” والعائلة بموقف باسيل والجنرال منه في الانتخابات، فقد آثر عدم ترك التيار؟!
ومع الفراغ الرئاسي، واستحالة ترشيح باسيل لمنصب رئيس الجمهورية، لانه معاقَب اميركيا بتهمة الفساد، واستغلال السلطة، تم التداول في كتلة النواب العونيين بترشيح نائب عوني لمنصب الرئيس وكان هناك شبه اتفاق على ان “ابراهيم كنعان” قد يكون الاوفر حظا للاسباب التالية:
– هو عامل جمع داخل التيار ومُطلق مبادرات لاعادة لم شمل التياريين.
– بكركي تتبنى ترشيحه نظرا للعلاقة التاريخية التي تربط العائلة بالصرح البطريركي الممتدة من ايام البطريرك الراحل صفير.
– بامكان ابراهيم كنعان نسج اتفاق مع “القوات اللبنانية”، وهو الذي نسج معها ما يسمى “اتفاق معراب“، وكان صادقا في مفاوضاته مع زميله في الاتفاق ملحم رياشي موفد القوات، إلا أن باسيل والجنرال أخلا بشروط الاتفاق وهذه، بنظر كنعان، ليست مسؤوليته.
– العلاقة الجيدة التي تربطه بالادارة البريطانية والتي تؤمن له، في حال انتخابه رئيسا، بداية شبكة امان دولية له وللبنان.
– الدعم البديهي الذي يمكن ان يحصل عليه كنعان من كتلة نواب العونيين من جهة، والحلفاء من جهة ثانية.
هذه العوامل كانت كافية ليزداد احمرار أعين الجنرال عون وصهره باسيل من ابراهيم كنعان. فكان العمل على إقصائه انتخابيا، وفشلا فيه. فحان دور العمل على إقصائه من التيار العوني والكتلة النيابية، وتاليا تعريته من الانتماء الى كتلة نيابية وازنة مسيحيا، ليصبح نائبا مَتنياً مطرودا من التيار العوني، وتشليحِه اي فرصة ممكنة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية. بالتزامن مع إطلاق حملة تشويه تطال سمعة كنعان النيابية، ليس آخرها اتهامه مع النواب المصروفين بعرقلة ما يسمى “التدقيق الجنائي“، وتغطية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وارتكاباته المالية، بوصفه رئيسا للجنة المال النيابية، وتاليا تحميل كنعان مسؤولية إهدار اكثر من 72 مليار دولار من اموال المودعين.
ستتم دعوة كنعان للمثول امام مجلس “الحكماء” وسيتم طرده من التيار عاجلا ام آجلا، فماذا سيفعل؟
مسكر على جبران لازم يزيح.